شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الشاعر طاهر زمخشري ))
ثم طلب الكلمة الشاعر الكبير طاهر زمخشري، فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم، لقد قلت منذ سنوات هذين البيتين:
حسبي من الحب أني بالوفاء له
أمشي وأحمل جرحاً ليس يلتئم
ومـا شكـوت بـأني قـد ظلمـت فكم
قبلي مــن الناس فـي شرع الهوى ظُلموا
- أنا سعيد جداً هذه الليلة والتمست أن تكون لي فيها كلمة أقدمها. لقد عشت العمر كله وأنا أردد هذا البيت:
خلقت عيوفاً لا أرى لابن حرة
عليَّ يداً أُغْضي لها حين يغضب
- ولكن يد عبد المقصود جارت عليَّ، فأغضيت لها راضياً لأنه غمرني بأشياء كثيرة لا جزاء لها إلاَّ أن أحمل له الحب، وأبوح به.
- ولقد حملتني الحياة ديوناً كثيرة منذ نعومة أظفاري، ومشيت بها حتى كهولتي، لكن هذه الديون أخذت تتكاثر، فما وجدت سداداً لها إلاَّ الاعتراف بها لمسديها والشكر والتقدير لهم والاعتراف بفضلهم وجميلهم.
- ومن أجمل أرصدة هذه الديون ما يخص الأستاذ محمود عارف، لقد عرفت الأستاذ الشاعر محمود عارف منذ أن كان للشعر في الحجاز معسكران: أحدهما معسكر محمد حسن عواد، والآخر معسكر حمزة شحاته.وكان الأستاذ محمود عارف من أبرز أنصار محمد حسن عوّاد يصول ويجول ويدافع دون أن يسيء إلى أحد، وكانت خصوماته مشرقة.
- وأحب أن أقولها بصراحة: نحن الآن نفاخر بجدة عروس البحر الأحمر، نفاخر بالمعطيات الطيبة التي نعيش في ظلالها، فهل تعلمون من هو شاعر عروس البحر الأحمر؟ إنه الأستاذ محمود عارف، ولكن أتدرون لماذا؟ لأننا كلنا من مكة، أو من المدينة، أو من الطائف، وينفرد شاعرنا الكبير الأستاذ محمود عارف بأنه الابن البار لعروس البحر الأحمر، الأستاذ محمود عارف الإِنسان، الشاعر الاجتماعي الذي تجده في مركاز العمدة، وفي قلم المرور، وفي المحكمة وفي الشرطة، وفي كل مكان يدافع عن الناس وقضايا الناس، ويقضي العُمر والوقت كله في هذا العمل، بجانب ما أعطى وأنتج، فله مني التحية.
- وهذه هديتي لصديقي وحبيبي الشاعر الإِنسان الشاعر الاجتماعي، الشاعر حبيب الجميع في ليلة تكريمه:
"ترانيم"
يا هاتف السعد ماذا أنت حامله
على الأثير؟ وفي خيط من النور
أسرى بـه السحر مـن أنفاس شاعــرةٍ
عبر الجوار إلى أعماق مصدور
أصوتُ ورقاءَ أم نأيٌ له نغم
والرجْع منه شفيف الوقع كالنور
فيه المقاطع ألفاظٌ مجنحة
يهذي بها كل نشوان ومخمور
هزَّ الشعور وأذكى حرَّ لاهبةٍ
من لاعج في حنايا النفس مستور
قد علمتني الهوى بـل أسرفـت ودمـت
بنا بفتنتها في جوف تنور
نار الهوى فيه ألفاظ مفردة
دوت بأصدائها في كهف ديجور
فيا أعز الهوى أحلامنا رقصت
لما شدوت بدُرٍّ غير منثور
والحسن سطوته أن يستبي رشداً
بما يرقرق من فيض التباشير
يسير فينا الجوى رجع له ألقٌ
زاكي العبير كأنفاس الأزاهير
قد أسكرتنا برجـع الصـوت وانطلقـت
منا أحاسيس مأخوذٍ ومبهور
فيه القلائد أطياف قد انتظمت
عِقـْداً يفـوق عقـود الأُنَّـس الـحور
جاءت قلائدُه منظومة عجباً
وقد تناثر من أنفاس شحرور
وراح رجع الصدى يسبـي العقـول بنـا
فكل مُستمع في شبه مسحور
يضيء دنيا الهوى لكن يُغلِّفه
بما ينير النُّهى وسْط الدياجير
فما أرق حديث الحي يحمله
إلى الجوانح في رجع المزامير
فيا أعز المنى جودي بأغنية
كيما أغردَ في حفل المشاهير
أصفيت لكن عمري لا تزال به
بقية أرهفتْ حسي وتفكيري
إن الخريف الذي عانيتُ وطأته
له الرواء مزيج من عقاقير
يهفو به الداء لكن ليس يذهبه
لذا أعيش بدائي غير موتور
أمشي علـى الدرب لا ركضـاً ولا خَبَبـاً
ولست أكبو لأن الحب دستوري
قد أثقلتني ديون الحب فانحبست
فيَّ المشاعر من إحساس تقصير
أنتِ العليمة كم للحب من نِعَم
وخير نعمائه آيات تقديري
لعارف بفنون الشعر ينظُمها
من فتنة الغيد أو من أعين الحُور
الشعر في نفسه الإِنسان ألبسه
سمتاً رؤاه تفوق كل تصوير
لها الشمائل أوصاف منمقة
تنسَّقت كبنات الدين في الدير
يزهو بها طرباً والفكر معزفه
به يناغي ترانيم الشحارير
وكل قافية قد آمنت سلفاً
وأذعنتْ رهَباً إذعان مغمور
ولا يزال بها يعطي ويمنحنا
طوراً نثيراً وطوراً غير منثور
وإن أحلى هدايا الاحتفاء به
سُؤلٌ إلى الله وهَّاب المعاذير
بأن يعيش وفي إنتاجه قبس
يضيء درب النُّهى بالنَّوْر والنُّور
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
وقد قوبلت هذه القصيدة بالتصفيق من قبل الحضور لما حملته من معانٍ كريمة سامية فيها الوفاء وفيها الحب وفيها الاعتراف بالجميل.
* * *
ثم يعود السيد عبد المقصود خوجه للحديث مرة أخرى قائلاً:
- بيننا الشاعر الكبير الأستاذ نور الدين صمود من تونس الشقيقة، البلد الحبيب، أرحِّب به باسمي وباسمكم جميعاً، وقد كان محاضراً بالنادي الأدبي البارحة، وقد شرَّفنا هذه الليلة، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به، راجين أن يشاركنا الاحتفاء بكلمة منه، قد تكون تعقيبية بعد أن نستمع إلى المحتفى به الأستاذ الكبير محمود عارف.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1220  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 126
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.