شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > سلسلة الاثنينية > الجزء الثاني والعشرون (سلسلة الاثنينية) > حفل تكريم سعادة الدكتور أحمد بن عثمان التويجري (اثنينية - 287) > كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه يلقيها بالنيابة عنه معالي الأستاذ الدكتور محمود بن محمد سفر
 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه يلقيها بالنيابة عنه معالي الأستاذ الدكتور محمود بن محمد سفر ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ للَّهِ الذِي أنعَمَ علينَا بنعمةِ الحمدْ، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِنا محمدْ، وعلَى آلِ بيتهِ الكرامِ الطاهرينَ وأصحابهِ أجمعينْ.
الأستاذاتُ الفضلياتْ
الأساتذةُ الأكارمْ
السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهْ:
يسعِدُني أنْ أرحبَ بكمْ أجملَ ترحيبٍ في هذِه الأمسيةِ التي نشْرُفُ فيها بتكريمِ الدكتورِ أحمَدْ بِن عثمانَ التويجري، الذي عادَ إلَى حضْنِ الوطنِ بعدَ رحلةِ علاجٍ طويلةٍ خارجَ المملكةْ، وبالرّغْمِ منْ أنهُ ما زالَ في طورِ النقاهةِ، إلاَّ أنّهُ آثَرَ صحبَتَكم وقَدَّمَهَا علَى متطلباتِ راحتِهْ.. وتلكَ من شيَمِ الرجالِ الذين يُؤْثِرُونَ علَى أنفسِهمْ، ويرفَعُونَ حقَّ مواطنِيهِم فوقَ نوازِع الأنَا، ومتطلَّبَاتِ الذات.
إنَّ احتفاءَنا بضيفِنا الكبيرِ ينطلقُ من مكانتِه كشاعرٍ مبدِعٍ -رغمَ أنهُ مقِلٌّ- وفي ذاتِ الوقتِ كمفكِّرٍ إسلاميٍّ لهُ بصماتٌ في مَا عُرِفَ بالصحَوةِ الإسلاميَّةْ.. وتربويٍّ لهُ وَسْمٌ في أجيالٍ من أبناءِ هذَا البلدِ الكريمْ.. إنَّ شاعريتَه لاَ تحتاجُ إلَى دليلٍ، فهوَ من طبقةِ الشعراءِ الذين انتفَضُوا بعِزَّةٍ وكرامةٍ وكانَ لصوتِهمُ المجَلْجِلِ دَوِيٌّ في مختلِفِ المحافِلِ، جعلَ مِنْ واقعِ الأمةِ الإسلاميَّةِ ميداناً استقَى منه تباريحَه وهمومَه التي اختلجتْ بنفسِه وامتزجتْ بذَرَّاتِ كيانهْ.. وليسَ ذلكَ بغريبٍ علَى ربيبِ بيتِ علمٍ وفضلٍ، بيتٍ كانتْ لهُ مواقفُ إيجابيةٌ في كثيرٍ من منعطفاتِ حياتِنا المعاصرةْ.. ونَبَغَ مِنْ بينِ رجالاتِه عددٌ كبيرٌ صارُوا أعمدةً في مجالِ تخصصاتِهمُ المختلفةْ.
إن متَّكَأَ الشعرِ عندَ ضيفِنا الكبيرِ لا يعدُو أن يكونَ صوتاً جَهْورِيًّا استطاعَ من خلالِه أن يبعثَ رسائلَهُ الهادفةَ إلى المتلقِّي.. واستنهَضَ هِمَمَ الشبابِ للأخذِ بالأسبابِ وصولاً إلى ما أرادهُ الحقُّ سبحانهُ وتعالَى لهذهِ الأمَّةِ لتكونَ خيرَ أمَّةٍ أُخْرِجَتْ للناس.. لمْ تتثاقَلْ خطاهُ أو تضطرِبْ رؤاهُ رغمَ البلاءِ الذي حاقَ بالعالَمِ الإسلاميِّ في السنواتِ الأخيرةِ، بل مَدَّ نفسَه جسراً ليَعْبُرَ الآخرُونَ نحوَ آفاقٍ أرحبَ من العطاءِ والبذلِ والتضحياتْ.. فقد عُرِفَ ضيفُنا الكبيرُ شاعراً فذًّا، وصاحبَ غيرةٍ محمودةٍ تفاعلتْ مع مَا كانَ يمرُّ بالأمَّةِ العربيَّةِ منْ خطوبٍ ومنعرجاتٍ كبرى تركتْ أثَرها الواضحَ في نفسِه وألهبَتْ شاعريةَ قلمهْ، فكانَ أن تفتَّقَتْ قريحتُه عن قصائدَ تنجدلُ بفيوضٍ من المعانِي والومضاتِ، لَقِيَتْ حينَها صدًى طيِّباً وقوبِلَتْ بكثيرٍ من الحفاوةِ والتقديرِ والإعجابِ، وظلَّتْ في الذاكرةِ نابضةً بالحياةِ، أذكُرُ منها قصيدتَه المؤثرةَ التي سكبَ فيها عاطفَته الصادقةَ إزاءَ ما يطالُ المسلمينَ منْ تعسُّفٍ، وما يلحقُهم منْ ظلمٍ "دمُ المصلِّينَ في المحرابِ ينهمرُ"، وكذلكَ قصيدتَه التي مطلعُها "أَرِقْتُ وليلي مذ فُجِعْتُ طويلُ" التي كانتْ تعبيراً شفَّافاً عن خوالِجِ لبِّهِ وأشجانِ جوانحِه ونبضِ قلبِه ونجوى حسِّهِ الدفَّاقِ، على ضياعِ مجدٍ تليدٍ وحضارةٍ أندلسيَّةٍ زاهيةٍ، وغيرُها من القصائدِ ذاتِ البناءِ الشعريِّ البديعِ، مستلهماً فيهَا موروثَ الشعرِ العربيِّ صياغةً وخيالاً وصوراً شعريةً تَشِعُّ بالإبداعِ، وبوهجٍ متعددِ الرؤى والأبعادِ، فجاءتْ نسقاً شعريًّا مكتنزاً بالوضوحِ وسهولةِ المنالِ والهدفِ، دانيةَ القطوفِ شهيَّةَ الثمارِ برغمِ ما طبعَها من مرارةٍ تجَاهَ القضايَا التي عالجَتْهَا، وكمْ أتمنَّى أن نَرى قريباً ديوانَه ملءَ السمعِ والبصرِ في أيدِي المتلقينَ يلتقطونَ من نُوَّارِ هذِه الإبداعاتِ ما يشاءونَ، ويكلِّلُونَ بها هاماتِ الزمانِ كلَّما عصفَتْ على جبينِ الحياةِ مصائرُ تعرفُها البصائرُ وتتصدَّى لها بالقولِ والعملِ إن شاءَ اللهْ.
كمَا عَرَفَ القارئُ فارسَ أمسيتِنا الكريمَ منْ خلالِ زاويةِ كتاباتهِ حولَ قضايَا متنوعةٍ، يطالعُ قارئَه فيهَا بمواقفَ نقديةٍ واعيةٍ تنمُّ عن متابعتِه لمَا يستجدُّ على معترَكِ الساحةِ من منعطفاتٍ وتطوراتٍ، فضلاً عن حضورِه الفاعلِ والملحوظِ إلى جانبِ جملةٍ منَ الأسماءِ المميَّزَةِ على مستَوى العالِم العربيِّ، ضمنَ الهيئةِ الاستشاريَّةِ لمشروعِ "كتابٌ في جريدةْ" تحتَ إشرافِ الشاعرِ العراقيِّ المعروفِ شَوقي عَبد الأميرْ وتحتَ مظَلَّةِ اليونسْكُو، فكانَ هذَا المشروعُ أوَّلَ عملٍ ثقافيٍّ عربيٍّ موحَّدٍ بينَ أيدِي قرَّاءِ العربيّةِ، بمشاركةِ كبريَاتِ الصحفِ في الوطنِ العربيِّ تشجيعاً علَى القراءةِ، واستشرافاً للتصالحِ مع الكتَابِ باعتبارهِ يظلُّ بلاَ منازِعٍ أهمَّ روافِد الثقافةِ والمعرفةِ، وهوَ مشروعٌ أسهمَ بشكلٍ كبيرٍ في أن تعانقَ كثيرٌ منَ الإصداراتِ شرائحَ القرّاءِ حتَّى لا تبقَى حبيسةَ الرفوفِ وعرضةً لغبارِ النسيانْ.
وقد كرَّسَ ضيفُنا الكريمُ الكثيرَ من وقتِه وجهدِه للعملِ التربويِّ علَى المستَوى الجامعيِّ، وحقَّقَ نجاحاتٍ ملحوظةً أكاديميًّا وتربويًّا لتتخرَّجَ على يديْهِ أجيالٌ من الشبابِ كلٌّ فِي مجالِ تخصصِهِ وإبداعِهْ.. راجياً المولَى عزَّ وجلَّ أنْ يكونُوا معتصمينَ بحبلهِ المتينِ، مستمطرينَ بَرْدَ السلامِ والاطمئنانِ والعطاءِ المستدامِ على مسيرتِهم القاصدةِ لمَا فيهِ خيرُ الوطنِ والمواطنينْ.. ذلكَ أنَّ التربويَّ الذي يغرسُ في النَّشْءِ أسلوبَ التعامِل مع وقائِعِ الحياةِ بحثاً واستقصاءً وإعمالاً للفكرِ يشكِّلُ في الواقعِ ثروةً وطنيةً لا يستهانُ بِها في معتركِ الحياةِ ومستقبلِ الأمَّةْ.. فهوَ طرازٌ فريدٌ منَ الرجالِ الذين أتيحتْ لهمْ فرصةُ إعمارِ الأرضِ عن طريقِ صُنَّاعِ الحياةِ من جيلِ الشبابِ القادِر بإذنِ الله على تغذيةِ ماكينةِ الأملِ بِوَقُودِ الفكرِ الأصيلِ النابعِ من هَدْيِ الكتابِ والسنَّةْ.
وبجانبِ العملِ الأكاديميِّ استطاعَ ضيفُنا الكريمُ أنْ يحققَ إنجازاتٍ قيِّمةً في جانِب الاستشاراتِ القانونيةِ، خدمةً للعدالةِ، وعملاً مبروراً للمساهمةِ في النهوضِ بالجهودِ المشتركةِ التي تسعَى إلى مواكبةِ تحقيقِ أقصَى درجاتِ العدالةِ التي تكفُلُهَا الشريعةُ الغرَّاءْ.. مع إعطاءِ المحاماةِ دورَها الطبيعيَّ في الحركةِ القضائيَّةِ لصيانةِ الحقوقِ وحفظِها من بعضِ السَّلْبِيَّاتِ التي قد تُؤَثِّرُ في مسيرةِ العدالةْ.
وفي ذاتِ الوقتِ نجدُ أنَّ مشاركةَ فارسِ أمسيتِنا في عضويةِ لجنةِ الشؤونِ الثقافيَّةِ والإعلاميةِ والشبابِ بمجلسِ الشورَى يوم كان عضواً به أتاحت لهُ الوصولَ إلى جوانبَ من صنعِ القرارِ المتعلِّقِ بألوانِ طَيْفِ الثقافةِ والإعَلامِ والشبابِ، وهيَ شرائحُ ذاتُ صلةٍ مباشرةٍ بمستقبلِ بناءِ هذَا الوطنِ المعطاءْ.. بل تمسُّ محاورَ مهمَّةً من عصبِ التنميةِ بمعنَاها الشاملِ، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.. فكلُّ شؤونُ الحياةِ تكادُ تكونُ مرتبطةً بأحدِ أضلاعِ هذَا المثلَّثِ -أيِ الثقافةِ والإعلامِ والشبابِ- وأيُّ آليةٍ لا تعتمدُ عليهَا في تحقيقِ أهدافِها تُعْتَبَرُ منقوصةً وتحتاجُ إلى رأبِ صَدْعِها لتسْهِمَ مع غيرِها فِي رسمِ وتنفيذِ الاستراتيجياتِ اللازمةِ للنهضةِ الحضاريةِ المنشودةِ، بعيداً عن البيروقراطيةِ، ونمطيَّةِ الأداءِ التي تعيقُ الوصولَ إلى النتائجِ المنشودةْ.
إن ضيفَنا الكريمَ يمثِّلُ إلى حدٍّ مَا كتاباً مفتوحاً واضحَ القسماتِ لِمَنِ اقتربَ منهُ بما فيهِ الكفايةُ، ليدرِكَ تفاصيلَ مَا اشتملْت عليهِ العناوينُ والفصولُ الأساسيَّةُ، وإنِني على ثقةٍ أنَّ الحوارَ معهُ سيؤدِّي إلى الدخولِ لأدقِ السطورِ وما بينَها، لأنهُ تربويٌّ يتَّسِمُ بالشفافيةِ والمصداقيةِ قولاً وفعلاً.. وهذَا شأنهُ دائماً إن شاءَ الله.. متمنياً لكمْ أمسيةً ماتعةً في صَحبتهِ الماجدةِ..
واستأذنكم الانصراف لفترة لن تطول لنلتقي جمعكم الكريم على خير ما تحبون مع من تحبون وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة الدكتور عبد الله مناع المفكر والكاتب المعروف.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1067  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 190 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج