شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( الحوار مع المحتفى به ))
عريف الحفل: السؤال الأول من الأستاذ عبد الله صالح الغامدي يقول:
يقولون كلنا في الهم شرق. ويؤسفنا أن جزءاً من بلاد المغرب العزيزة لا يزال يتبع لإدارة أسبانيا, باختصار ما الذي عملته المغرب من هذا الجزء المقتطع وأقصد هاتين البلدتين سبته ومليلية.
 
الأستاذ المهدي بنونة: يمكنني أن أؤكد للأخ السائل أن المغرب لم يفعل شيئاً في هذا الميدان ولا زال صامتاً والصمت مثير للدهشة - هناك مدينتان هامتان جداً وميناءان على البحر المتوسط هما سبته على بوغاز جبل طارق وهي مجاورة لمدينة تطوان ثم مليلية والتي تقع على الناحية الشرقية من المغرب وهي أيضاً على البحر المتوسط وهما ميناءان كبيران وهامان جداً وما زالا تحت الاستعمار الإسباني, بل وإن إسبانيا تعتبرهما جزءاً من أرضها. ولو أنها لا تتصل بهما براً أبداً. وهي تطالب بريطانيا بالخروج من جبل طارق وتسليمه لأسبانيا لأنه متصل بإسبانيا. ولا تفكر نفس التفكير بالنسبة (لسبته ومليلية) وتعتبرهما جزءاً لا يتجزأ من المملكة الإسبانية.
ومن المؤسف جداً أن المغرب الرسمي لا يقوم بعمل يذكر في هذا الباب, وأما الصحافة المغربية فإنها من حين إلى آخر تركز على سبيل الذكر فقط وتطالب بـ "سبته ومليلية" ولا نفعل سوى التمني وهذا ما يؤسفني كثيراً خاصة وإني بجوار هذه المدينة سبته.
وسبته هي مدينة أبي العباس السبتي الكاتب والعالم العربي الإسلامي الكبير, أقول الإسلامي الكبير. لأننا نحن في المغرب حينما يمر أمامنا شخص ويسأل أحدنا الآخر سواء أكان من عامة الشعب أم من مثقفيه فيقول هذا مسلم ودْيَالْنَا (أي منا) وهذا نصراني براني. نحن لا نقول عرباً بل نقول مسلماً. والنصراني هو المحتل جاء من الخارج هو براني - هذا شعور المغرب والمغاربة. ولذلك ربما أكثر الناس فهماً لنا هم أبناء هذه المملكة السعيدة لأنكم تبدأون أولاً بكونكم مسلمين قبل كل شيء وفي المغرب نحن مسلمون قبل أن نكون عرباً أو غير عرب.
عريف الحفل: سؤال من إحدى السيدات.
لماذا لم تكتب يا سيدي مذكراتك إلى الآن؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: بسم الله الرحمن الرحيم, مذكراتي كتبت قسماً منها. وهو القسم الذي نشره الأخ العزيز الأستاذ العربي المساري. ذلك يغطي فترة من حياتي، قد وعدته كثيراً أن أكتب بقية المذكرات ولكن ربما مع السن يأتي أيضاً الكسل. فلا مؤاخذة.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ غياث عبد الباقي يقول:
قضية الصحراء جراحات دامية. ونزيف مؤلم في قلب المغرب العربي الشقيق ولقد امتدت تلك المشكلة لسنوات طويلة, فهل هناك بادرة أمل لإيقاف ما يجري؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: لا أعتقد هناك بارقة أمل في الوقت الحالي أبداً لأن الجزائر ما زالت على موقفها والمغرب على موقفه, ولا أحد يتحرك قيد أنملة من الموقف الذي أخذه, فالمغرب يقول إن الصحراء مغربية وله بذلك شواهد التاريخ والعلاقات العائلية وغيرها. والجزائر تقول إن من ضمن الشعب الصحراوي الذي تستضيفه الجزائر على أرضها. في (تندوف) نقول إن هذا الشعب الصحراوي له الحق في تقرير مصيره. وهنا يأتون إلى القواعد التي وضعت في الأمم المتحدة لتقرير المصير.
والمغرب يرفض هذا الحل, ويقول لنتفاهم على الأمر, وإن كانت هناك ثروات أو غيرها، فنحن مستعدون أن نتقاسمها مع الجزائر ولكن الجزائر ترفض حتى الحديث في هذا الموضوع رفضاً قاطعاً باتاً.
الأستاذة فايزة نتو: السلام عليكم. أحب أن أسأل في العمل التطوعي.
حضرتك لكم مجال تاريخي في العمل التطوعي. أحب أن أعرف نصيحتك لمن يحبون العمل في التطوع. ما هي التجربة التي خضتها في هذا المجال؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: أنا تطوعت في الهلال الأحمر المغربي بمناسبة وقوع زلزال أغادير، في شهر فبراير 1960م، أي منذ 45 سنة. ولما دخلت جمعية الهلال الأحمر كمتطوع فيها وجدت أنني في حالة من المرح لم أشعر بها قبل ذلك لأنني وجدت نفسي أقدم خدمات للمستضعفين في الأرض, وذلك يعطيك نوعاً من الفرح الذي لا تستطيع أن تحصل عليه في أي نوع من أنواع العمل الآخر.
في الهلال الأحمر لسنا مهتمين بالحرب أو غير الحرب فالهلال الأحمر له عمل اجتماعي آخر يخص الطبقات المحتاجة في كل وقت ليس للحرب أو غير الحرب. ليس جمعية خيرية. ولكنه عمل يفتح الأبواب أمام المحتاجين من جميع الطبقات سواء أكانت الحاجات الصحية أم المادية أم العلمية أم غير ذلك.
فالهلال الأحمر يقوم بالعمل لسد البؤرة في النكبات التي تصيب الشعب سواء، كان شعبنا أو كان شعباً من الخارج. وقد ذهبت في تطوعي عدة مرات إلى أقطار أفريقية منها - السودان الحبيب ومنها غينيا. ومنها الكونغو كنشاسا, وقضيت فيها أوقاتاً وأذكر أنني عدت منها وبصحة جيدة ولله الحمد. لأن ذلك النوع من العمل يعطيك أيضاً مجالاً لتقوية جسمك وفكرك.
عريف الحفل: سؤال من عبد الحكيم خيران يقول:
يشعر المتتبع للمشهد الثقافي المغربي وكأن الساحة الثقافية في المغرب لم تستطع أن تفرز نتاجاً ثقافياً في مستوى النبوغ المغربي للراحل عبد الله كنون - فإلى ماذا يُعزى الأمر؟ هل إلى الوضع الثقافي أم إلى المثقف نفسه أم إلى تقصير وسائل الإعلام ودور النشر، أم ترى يُعزى إلى هذه العوامل وسواها. وأيًّا من الأسماء ترون لها حضوراً بارزاً على الساحة الثقافية المغربية.
 
الأستاذ المهدي بنونة: أعتقد أننا المغاربة ما زلنا مستعمرين ذهنياً ولغوياً فاللغة الفرنسية مسيطرة على المثقفين المغاربة وينشرون بذلك الكثير, أما باللغة العربية فقليل ما نرى من إنتاج أخواننا في بلادنا.
وأذكر من الكتاب الذين أعجب بهم عابد الجابري, وعبد الله العروي وهذا الأخير مختص في التاريخ وما يتصل به, وكذلك هناك كتّاب أمثال الأستاذ عبد الهادي أبو طالب الذين ينشرون كتاباتهم وأعمالهم في الجرائد المغربية.
الدكتورة طريفة الشويعر: بسم الله الرحمن الرحيم, سيدي المهدي بنونة.
حياك الله وأحيي الأخوة والأخوات. سأطرح عليك سؤالاً ربما يحتاج إلى رد نقتنع به. ونحن اليوم نلاحظ العديد من الخلافات بين الدول بعضها ببعض. قد تكون إحدى الدول العربية طرفاً فيها نحن نلاحظ في بلادنا العربية هنالك إشكالات بين المغرب والجزائر حول الصحراء الكبرى وبين المغرب وإسبانيا بشأن سبته ومليلية, وبين المشكلة الكبرى التي نعاني جميعاً منها والتي لم تجد حلاً وهي القضية الفلسطينية.
ترى برأيك هل هي إشكالية في نمط التفكير العربي أم عدم المعرفة الواعية لآليات التفاوض التي تمكننا من أن نبلغ أهدافنا ونصل إلى تحقيق غايتنا وحقوقنا بعيداً عن التفكير الانحيازي الانفعالي الذي يضيع علينا الكثير من الحقوق والدليل.
 
الأستاذ المهدي بنونة: أنا أعتقد يا سيدتي الدول العربية كل على انفراد مبتلاة بالأنانية. فنحن لا نفكر تفكيراً عاماً. بل نفكر في أنفسنا وفي مجال ضيق جداً وتفكر كل دولة على حدة. وأنا إذا قلت إننا نحن في المغرب نفتخر كوننا مسلمين قبل كل شيء فبلاد الإسلام وأرض الإسلام يجب أن تكون واحدة وأن نشتغل على هذا الأساس، لا على أساس الوطنيات الضيقة، وما دمنا نشتغل في الوطنيات الضيقة فلن نحل أية قضية لأننا لا نتفق على شكل الحلول.
عريف الحفل: الأستاذ سلمان عقيل يقول:
باعتباركم رائداً من رواد الصحافة فهل أنتم راضون عن ما وصلت إليه الصحافة في الوطن العربي؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: ذلك يختلف من بلد إلى آخر. وأعتقد أن بعض بلدان العربية ومنها المملكة السعودية خطت خطوات طيبة في هذا الميدان، أما في المغرب فإن الصحافة ما زالت متخلفة بالنسبة إلى الإمكانات التقنية والمادية المتيسرة. متخلفة من ناحية جلب الإعلانات لأن الإعلان هو الذي يمول الصحيفة، أما بيع الصحيفة فيكلف خسارة وليس فيه ربح.
الدكتورة عائشة نتو: قرأت أو سمعت أنك درست في مدرسة النجاح التي أصبحت جامعة فلسطين, من مدينة تطوان إلى جامعة فلسطين. كيف صارت هذه الرحلة؟
الأستاذ المهدي بنونة: أنا لم أدرس في جامعة في فلسطين, مدرسة النجاح مدرسة ثانوية ثم أصبحت جامعة. كنا نسافر في البحر من جبل ضارم ونقضي في البحر 14 يوماً. وننزل في حيفا ونركب السيارة إلى نابلس. هذه الفكرة كانت خطرت لوالدي رحمه الله فأرسلنا أربعة من أبنائه وعشرة من أبناء أصدقائه إلى نابلس لأنه كان على اتصال بكثير من زعماء المشرق العربي في ذلك الوقت أمثال: عمر الداعوق ورياض الصلح وشكيب أرسلان وأمين الحسيني, وغيرهم من أمثال زعماء ذلك الوقت. واتصل ببعض طلاب فلسطين, قابلهم صدفة في باريس وأعطوه فكرة عن مدرسة النجاح الوطنية وأعطوه عناوين المسؤولين فيها وكان من بينهم رجل فاضل من زعماء العرب والمسلمين، وقد كتب فيما كتب زيادة على التاريخ العربي كتب تفسيراً للقرآن الكريم، وهو الأستاذ محمد عزت دروزه. من نابلس وكان مديراً للمدرسة ومن مؤسسيها فاتصل بهم وأرسل أبناءه وجرى معه عشرة أبناء من أصدقائه ذهبوا جميعاً معنا. وكنا في نابلس نعيش مكرمين مبجلين، وحين يأتي رمضان يتسابق النابلسيون من العائلات الكبيرة على دعوتنا على الإفطار في بيوتهم فكنا نقسم أنفسنا ونذهب للإفطار في هذه البيوت الكريمة التي كانت تعتبر مجيء المغاربة إلى بلدهم فتحاً مبيناً في سبيل الوحدة الإسلامية.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ عبد المجيد الزهراء يقول:
تعلمون ضيفنا الكريم اهتمام خلفاء وحكام المسلمين عبر التاريخ بالعلم ومجالسه. وسمعنا عن الدروس الحسنية التي تقام في شهر رمضان في القصر الملكي في المغرب. فهل تُطبع هذه المجالس على غرار الاثنينية وأين تطبع؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: هذه الدروس تطبع في الديوان الملكي وهي موجودة للبيع وموجودة أيضاً للإهداء لمن يطلبها، وكذلك تسجل على أشرطة فيديو لمن يريد أن يسمع ويرى، وعلى أشرطة صوتية فقط للإذاعة. فهي موجودة وفي متناول الجميع لمن تكرم وكتب رسالة إلى الديوان الملكي وخاصة إلى السيد عباس الجراري المستشار الملكي المكلّف بهذه المهمة.
الأستاذة اعتدال عطيوى تقول: ما تفسيرك لصوت القومية مقابلة للإقليمية السائدة حالياً.
 
الأستاذ المهدي بنونة: أنا إذا سمعتم مني كلاماً سابقاً. أنا لم أتكلم لا عن القومية ولا عن الوطنية المحدودة تعلمت كمغربي نحن نؤمن بدار الإسلام وبالإسلام الذي يجمعنا وليس الجنس - العربية هي لغة القرآن.
عريف الحفل: الأخ أحمد الناشري الغامدي يقول:
ما هو السر في اهتمام الكتّاب في المغرب العربي بالفرنسية وإهمال اللغة العربية مما يجعل الاهتمام بهذه الكتب معدوماً في العالم العرب؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: الاستعمار الفرنسي غذى عقول المغاربة. ولذلك قبل أن يخرج ترك هذه المصيبة في المغرب. وأصبح له من يزكي العمل في ذلك وقد تكلمت مع أحد زعماء المغرب.. وكان يصدر جريدة بالفرنسية. وقلت له لماذا تفعل هذا. وأنا شخصياً مثلاً الآن إلى يومنا هذا تصدر عدة جرائد باللغة الفرنسية في المغرب ولا أشتريها, أشتري الجرائد التي تطبع بالعربية. وبينما أشتري جرائد فرنسية تأتي من فرنسا. شيء آخر. أما الجرائد التي تطبع بدون حياد باللغة الفرنسية لحزب من الأحزاب ويقول هذه لسان الحزب الفلاني فلا أشتريها؛ فالفرنسيون غزونا لغة وثقافة وأصبحوا مسيطرين والمسؤولين عن الحكومات المغربية المتعاقبة كلهم من المتفرنسين. ويشترط بالوظيفة. استمرار أن يعرف الإنسان العربية والفرنسية. وإذا كان لا يعرف اللغة الفرنسية فلا وظيفة له حتى ولو كان يعرف لغة أخرى أجنبية.
فايزة نتو: بالنسبة لكتاب "مغربنا" مكتوب هنا أنه كتب بالإنكليزية هل ترجم إلى العربية؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: لا لم يترجم، بل ترجم إلى الإسبانية ثم إلى الفرنسية وكتبته عام 1951م في شهر نوفمبر وكان المقصود به أن يطلع قراء الإنكليزية الإنجليز والأمريكان أو من هم في الأمم المتحدة أن يطلعوا على وضعية الحركة الوطنية من أجل الاستقلال، لم يترجم إلى اللغة العربية لأنه لم يكن مقصوداً به أن يذاع في المغرب، لم يأتِ بجديد بالنسبة للمغاربة، إنما هو محاولة لتسهيل فهم الحركة الوطنية في المغرب على قراء اللغة الإنكليزية ومكتوب أيضاً بعقلية يفهمها الإنكليز والأمريكان، فمثلاً حينما أذكر الأشخاص المسؤولين عن الحركة الوطنية، أذكر صفتهم واللغات التي يتكلمونها ومنهج حياتهم الشخصية وإن كانوا متزوجين وعندهم أطفال وشيء من هذا مهم بالنسبة للأجانب بالنسبة لنا لا تهمنا هذه التفصيلات.
عريف الحفل: سؤال من الأخ محمد ناصر عبد الهادي. يقول:
هل لكم مساهمة في جمع كلمة الأمة العربية وخاصة في عصر العولمة والعلمانية, وعصر حرب الفضائيات التي تهب من كل حدب وصوب بكل أنواع السلاح والحرب على العرب والإسلام؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: مع الأسف أقول لا ليست لي مساهمة في هذا الميدان أولاً لأنني لم أعد على اتصال بالصحافة كما كنت في السابق، ثم إن مشاغلي في جمعية الهلال الأحمر المغربي تأخذ مني الكثير من الوقت ولم يبق لي من الوقت إلا ما أخصصه لعائلتي الصغيرة.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ طلعت عطار يقول:
إن اللغة وضعف الترجمة من الفرنسية إلى العربية أصبحت حاجزاً للتواصل لماذا لا يقوم الضيف بترجمة كتابه "مغربنا" إلى اللغة العربية حتى نطلع على الأدب المغربي عن قرب؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: من غير الترجمة، ولكن أذكر على سبيل المثال فقط في يوم من الأيام كنت في حفل أقامه الملك الحسن رحمه الله للرئيس الحبيب بورقيبه رحمه الله؛ وحينما أرادا الخروج معاً كنت أقف في الطريق فأخذني بورقيبة وجرني إليه وقال (تعال يا مهدي). فسرت معهما، فقال للملك: المهدي كان في الولايات المتحدة يترجم علينا وكان هو الذي يتكلم بالإنكليزية بين جميع إخواننا. قال الملك: هذا شيء جيد. قال: يا جلالة الملك كان يترجم كما يريد! وقال له: ماذا تعني أنه كان يغش في الترجمة؟ قال: لا. نحن كنا عندما نتكلم عن المغرب نتكلم بعقلية مغربية وهو يترجم بعقلية أمريكية.
الكتاب أظن أنه لا يصلح بوضعه الحالي إلى الترجمة ولكن ممكن أن يُكتب شيء عنه. وهو كتاب صغير عبارة عن 80 صفحة ويمكن أن يكتب من جديد.
عريف الحفل: سعادة القنصل الكويتي علي إبراهيم محمد النخيلان يقول:
هل يستطيع أحد أن يستعمل عقلي رغماً عني!
 
الأستاذ المهدي بنونة: أنا لا أفهم السؤال بهذا الشكل. كيف يمكن لشخص أن يستعمل عقلي رغماً عني - لا أعرف ماذا يقصد.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ محمد الطائف - مغربي مقيم في جدة يقول:
هل يمكن اعتبار عبد الكريم الخطابي من الذين وقع عليهم الحيف وإعادة جثمانه إلى المغرب هو إنصاف له, علماً أن محمد الخامس رحمه الله, كان قابله بعد الاستقلال في القاهرة وعرض عليه العودة إلى المغرب, ولكنه أبى وفضل المنفى الطوعي في القاهرة.
 
الأستاذ المهدي بنونة: محمد بن عبد الكريم الخطابي؛ ونحن كنا نسميه "الأمير" عبد الكريم الخطابي، ما زلت في كتاباتي أسميه "الأمير" ولو أن هذه الإمارة هي إمارة حرب وليست إمارة نسب، فوالده رحمه الله كان قاضياً ولم يكن أميراً.
محمد عبد الكريم الخطابي، غُبن كثيراً داخل المغرب وخارج المغرب. وأنا لا أعتبر إذا دفن في مصر أو دفن في المغرب، لا تدري نفسٌ بأي أرض تموت.. أنا لا أعرف؟ النفس في أي أرض تموت, أحسن شيء أن يدفن في المكان الذي توفي فيه. وأما نقله بعد ذلك, هذا نوع من البدع، وأنا لست من محبي البدع، روحه صعدت إلى السماء لله تعالى, وجسمه إذا كان في مصر أو المغرب سيان، والخير هو أن نذكر فضله أنه مكافح مسلم، كان مسلماً حقاً، وأنا أذكر في يوم من الأيام دخلت عليه وكان السيد الحبيب بورقيبه ينتظره في الخارج وقال لي أنا لا أستقبل بورقيبه وقلت له لماذا؟ إنه رجل وطني، فقال إنه ملحد، والملحد لا يمكن أن يكون وطنياً في رأي عبد الكريم الخطابي، ويقصد (السيد الحبيب بورقيبه) وقتها, كان محمد عبد الكريم الخطابي يعبر كمغربي قح.
عريف الحفل: سؤال من الدكتور يوسف العارف يقول:
حفظنا في صغرنا وطفولتنا نشيد:
بلاد العرب أوطاني
من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمنٍ
إلى مصر فتطوان
 
ما الذي بقي من تطوان العروبة ثقافياً وأنت أحد أبنائها وما علاقتها بالخطاب الثقافي المعاصر؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: ما زالت تطوان معقلاً ثقافياً عربياً إسلامياً. وما زالت تفخر بجمعية أزمير. اسم وادي نهر (قريب من تطوان) وسميت عليه هذه الجمعية وهي تصدر كتباً كثيرة تؤلف في تطوان وتطبعها وتصدر نشرات بالعربية, ولا يوجد في تطوان منشورات بالفرنسية قطعاً, ولا بالإسبانية التي كانت إسبانيا تحكم الشمال وتحكم تطوان. في تطوان ولله الحمد ما زالت هناك نهضة عربية وإسلامية.
عريف الحفل: فضيلة الشيخ القاضي في ديوان المظالم. هاشم بن علي الشهري يقول:
الدعوة إلى الأمازيغية في بلاد المغرب العربي. وما تأثيرها على الثقافة العربية والإسلامية هناك؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: الدعوة إلى الأمازيغية، دعوة كان لا بد أن تأتي، وهي لا تؤثر على العربية ولا على ما يصدر باللغة العربية، إنما الأمازيغ في المغرب, وهم يتكلمون بلهجات ثلاث, اللهجة الأمازيغية يعني البربرية الصرفة ولهجة سوس, ولهجة الريف ثم تريفيت. وهو تعبير أمازيغي. حتى لما تستعمل كلمات عربية أحياناً تصرف تصريفاً بربرياً فمثلاً يقولون فلان هذا يدفع لي "تيهوديت" أي يستعمل وسائل يهودية للتأثير عليّ "تعبير بربري". كما تسمي الصناعات تسميات أمازيغية مثلاً نقول فلان حداد. ما هي صنعته "تاحدادت" وفلان بناي ما هي صنعته "تابنايت" و "تانجارت". هذه كلمات عربية تصرف بربرياً. وهذا دليل على أن اللغة الأمازيغية عميقة في تأثيرها في المغرب, ونرى اللغة العربية في المغرب لا يفهمها إخواننا في المشرق ولو كانت هي عربية. لأننا أخذنا أيضاً من الأماريغية أشياء أدخلناها في اللغة العربية، مثلاً هذه الكلمات الثلاثة البسيطة "الملح" العرب لا تبدأ بساكن. والمغاربة يبدؤون بساكن "مْلَحْ" مْلح. الفتحة على الميم أصبحت على اللام. والسكون على البداية.
الدعوة الأمازيغية ليست جديدة، هي دعوة قديمة وعميقة في حياة المغاربة سواء أرادوا أم لم يريدوا, أنا لم أتكلم بلهجتنا المحلية لا يمكن أن أقول ملح أقول مُلَحْ وقس على ذلك بْحَرْ.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ محمد بن سائد يقول:
من المحزن جداً ما نراه ونسمعه عن الهجرة السرية والمخاطر التي يلقاها الشباب المغربي، وذلك للوصول إلى أوروبا هل هناك خطط استراتيجية لإنهاء هذه المعاناة؟!
 
الأستاذ المهدي بنونة: هناك خطط تقوم بها الحكومة والإدارات التابعة لها واتفاقيات تمضي مع جيراننا في المغرب العربي، أو جيراننا القريبين منا في أوروبا، وهناك أيضاً حركة من الجمعيات المدنية المختلفة تحاول أن تحول دون ذلك (دون محاولة الهجرة السرية) ولكن وجود مجموعة من الناس قليلي الدين والذمة والذين يتعيشون من هؤلاء الشباب العربي يحاولون السفر فيعدونهم بتسهيل السفر وإعطائهم عقود عمل, وذلك كله من باب التمويه والكذب فيأخذون منهم أموالهم وأخيراً نراهم في شواطىء البحر إما أن يكونوا قريبين من الغرق أو قد غرقوا, فهذه مسألة موجودة في المغرب في الجزائر في تونس - وحتى في طرابلس وفي ليبيا. من المؤسف جداً أن الجهود التي بذلت في هذا البلد لم تكن نافعة، وطُلِبَ من الأوروبيين أن يساعدونا في هذه الدول لنخلق مجالات العمل لهؤلاء الشباب، وهذا هو الواقع، وإذا لم نخلق لهؤلاء الشباب مخرجاً من مأزقهم المادي, فهم سيحاولون باستمرار الذهاب مهما كلفهم ذلك حتى وإن كلفهم حياتهم.
عريف الحفل: سؤال من عبد المؤمن القين يقول:
جاء في سيرتكم الذاتية أنكم أصدرتم عام 70-72م. الصحيفة اليومية لاديبيس لمحاربة بعض الصحف التي كان يصدرها بعض الفرنسيين في حين قلتم في بعض إجاباتكم إنكم ضد الصحف الفرنسية التي يصدرها المغاربة بالفرنسية، فهل كانت ضمن أهدافكم لمحاربتها؟
 
الأستاذ المهدي بنونة: كان هناك شخص واحد وحوله مجموعة من الفرنسيين اسمه ايفاماس كان يصدر في المغرب عدداً من الصحف، ففي يناير سنة 1975 كان الملك الحسن رحمه الله في باريس فكلف وزير الإعلام أحمد السنوسي أن يتصل بي وأن أحضر إلى باريس، فذهبت إليه في فندقه، فقال لي: إني قد ضقت ذرعاً بالجرائد التي يصدرها إيفاماس وجماعته فهل لك من استطاعة أن تصدر جريدة باللغة الفرنسية, قلت له لماذا, قال: هنالك جرائد تصدر بالفرنسية تصدرها الأحزاب، والجرائد السياسية التي تصدرها الأحزاب اتخذت موقفاً ضد الحكومة وضدي، وأنا أريد جريدة بالفرنسية حرة لا تكون معي ولا تكون ضدي, فهل تستطيع إصدار هذه الجريدة فإذا أصدرتها وصمدت أمامها مدة سنة أنا سأوقف الفرنسية التي يصدرها ماس, فقلت له: نعم سيدي أنا أعدك بذلك, وأصدرت الجريدة يوم 3 مارس كان يوم عيد العرش في المغرب في ذلك الوقت واستمرت إلى فبراير من السنة التالية فتوقفت جرائد ماس فأوقفت جريدتي لأنني لم أكن أستطيع أن أمولها فأوقفتها، فأنا لا أوافق على إصدار جريدة بالأخص من حزب وطني ويكتب عليها لسان حال كذا، الحزب الاتحادي الوطني كان يصدر جريدة Liberation أي "التحرير" وهي لسان حال حزب, وحزب الاستقلال يصدر جريدة بالفرنسية ما زالت إلى اليوم L'opinion "الرأي" وأنا لا أشتري هذه الجرائد, وأنا أصدرت جريدة باللغة الفرنسية لأوقف جرائد "ماس" ونجحت في ذلك ولم آخذ على ذلك جزاءً ولا شكوراً.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1149  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 158 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.