شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير من تعلم وأعلم بالله عزّ وجلّ.
الأخوات الفاضلات..
الأخوة الكرام..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
تشرف هذه الأمسية المباركة باستضافة علم من روّاد الأدب الحديث في ربوع منطقتنا العربية، الذي طالما زرع الساحة الثقافية نماء أدب، وتفاعل فكر، وإبداع كلمة، بكل ما يعتمل في مخيلته ولبه من رؤى وأفكار، سعادة الأستاذ الدكتور عمر بن قينة الذي لبى دعوة الاثنينية مشكوراً، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبصحبه الكرام، سعداء بالالتفاف حول فارس هذا الأسبوع، متطلعين إلى الارتواء من فيض علمه، وثاقب فكره، وثراء أدبه، وسابغ فضله، فلنا معه محطات رئيسية أربع:
أولها: إن ضيف أمسيتنا أيها الأحبة من أدباء الرعيل الثاني الذين عاصروا وصارعوا بقلمهم وفكرهم الحقبة الاستعمارية البغيضة، بمختلف ممارساتها وصنوف فرنستها للشعوب التي أبت ألا تتوشح إلا بثوب نشأتها وعز مهدها، فلم يستكن لواقع مفروض مرفوض، بل تشرب بماضي بلاده الحضاري الموروث كابراً عن كابر، وبعنفوان تراثها الثائر، وبثراء موروثها الفكري والحضاري، فكان من الطبيعي ألا يستسيغ فارسنا وسطاً دخيلاً لم يكن في يوم من الأيام مقتاداً أو مقيداً تحت عباءته، ولكنه أعمل حصافته، ومارس خبرته، وأزكى حنكته الأدبية والاجتماعية، في التصدي لتلك الإرهاصات الاستعمارية التي ما زال أوارها يستعر فينة بعد أخرى في محاولات يائسات، لتحقيق ما غربت عنه شمسها، وخبا في الأفق سراجها، فجاء تشبعه بإيجابيات تلك الحقبة التي ساهمت ضمن ما ساهمت به في تميّز مكوّناته الشخصية، فغدا بكل جراءة واقتدار، وطنياً غيوراً، وحادباً حامياً لتراث طالما رواه أسلافه بمهجهم، وعظيم ثباتهم، وقوة شكيمتهم، من أجل مستقبل واعد وغد وارف.
وثانيها: إن أديبنا الذي تربّع على عرش بلاط صاحبة الجلالة، وفُتن وافتنّ بمعاناة الحروف المعبرة عن مكنونات النفس الشفافة، جاءته مفرداتها سهلة ميسورة، مذللة ذليلة، طائعة مختارة، خاضعة منقادة إليه فعبّر بها، وعبر بها إقليمية الحيّز، متجاوزاً حدوداً خطها الأغراب لتعانق رصيفاتها الخليجيات والأوروبيات على حد سواء، حاملاً مشارب القضايا الأدبية والثقافية فوق الأحداق، محلقاً بها في كل محفل وموقع، مساهماً بذلك في ازدهار ونمو الحراك الثقافي، فجاءت مشاركاته الجادة، وإبداعاته الفاعلة، إضافة حقيقية وقيّمة في دفتر الثقافة العربية، وقنطرة ممتدة بين مشارق الأدب الحديث، ومغارب الفكر المستنير، بين أدب الشرق الزاهي، وفكر المغرب الراقي، مؤثراً ومتأثراً، فكان الانسجام بينهما بيّناً جليًّا، بعد عناء انفصام مديد، فعمّق بذلك حضوراً مغربياً في أروقة الصحافة المشرقية.
إن المخزون الثقافي الذي ظل يتنامى ويتعاظم لدى فارس أمسية الليلة عبر سنين المدارسة الحيوية، والتفاعل الإيجابي المؤطر، والحضور الذهني المنفتح، والعمق الفكري المترابط، والتنوّع البيئي الآسر، كل تلك الإيجابيات وغيرها كثر، ألحت على ضيفنا الكبير ليطرق باب الرواية بثقة واقتدار، وجرأة واختيار، مهتماً بكل ما يتطلبه هذا الفن الذي لا يطرقه إلا من يتمتع بعناية فائقة في سرد التفاصيل ودقائق الأحداث والأنماط، وما تحتاجه من شخوص متنافرة لكنها مترابطة في نسيج الرواية، ووقائع تستحوذ الألباب، وتفرض نفسها كمتعة فنية لا غنى عنها، وأزمنة محددة وأمكنة متعددة، فسكب فيها عصارة تجاربه الثرة، وتأملاته البديعة، وقراءاته المنتظمة، ليرسم لنا بقلمه المتمكّن أحداثاً مستقاة من الواقع المعاش بكل حيثياته وخطوطه، بكل حواراته ونقاشاته، بكل تناقضاته ومكنوناته، فخرجت للمتلقي كما أرادها المبدع، وكأنها وقائع ماثلة أمامه في صورة بهية، ومعنى غزير، ومبنى رائع ورائق.
وثالثها: نلاحظ من خلال السيرة الذاتية لضيفنا الكبير نشاطه الدؤوب في محافل العلم والثقافة ومعايشة المجتمع قلباً وقالباً، فليس لفارسنا وقت متصل يتسع للراحة والدعة، والهزج والتسلية، والاستجمام على شواطئ اللامبالاة، والوقوف مترهلاً على رصيف الوطن، والمكث حيياً على هامش الحياة، فله في الإذاعات صولات وجولات، وفي ميادين الصحافة مقالات وكلمات، ونجده في الجامعات تنويراً وتطويراً، وبين طلابه على موائد الأدب والتحصيل، رائداً ومريداً، فكأنه أراد بكل تلك الجهود والمجهودات أن يضرب مثلاً عملياً، وواقعاً حياً، ونموذجاً فريداً، في أهمية تنظيم الوقت وتفعيله واستثماره، ورسالة صامتة لكل من يهدرون أوقاتهم سدى في غير منفعة، أو يستثمرون جلّه في انصرافيات فضول القول، أو يمارسون اللاوعي، والغياب الطوعي عن محافل ومنارات الفكر والأدب، فيخلب لبهم ترف غربي مهيض، ومضمون طبلي أجوف، وتستحوذ عليهم حبائل الغرب البارعة مكراً وزعافاً، طمساً يرين على مقدراتهم وقدراتهم، فيُعزلون وهم مذبذبون بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
ورابعها: أن ضيفنا ظل ممسكاً بتلابيب فن المقالة التي كرَّس لها حيزاً مقدراً في المساحة الخضراء لاهتماماته الأدبية، فتنوّعت إبداعاته فيها بقدر ما يتطلبه هذا الفن من ذوق وتذوق، وإيجاز واقتضاب، وفكرة محددة الأركان، مقصورة البيان، ومفردات منتقاة بعناية وابتكار، وثقافة متنوّعة المشارب، موزّعة بين الاجتماع والسياسة، وبين التأمل، والمعايشة، وبين الذاتية والموضوعية، فيطوف بنا في حدائق ذات بهجة، نقتطف منها ثماراً يانعة، ورؤى مبتكرة تزيدنا رواء وغذاء، فنرشف منها عذباً فراتاً.
وأخيراً لا شك أن لفارسنا الكثير والكثير مما تجيش به نفسه، مما لم تتح لنا فرصة التعرف عليه من أي مصدر آخر، وله من المحطات والوقفات التي سيتحفنا بها بكل أريحية وشفافية، ما يجعلنا نتطلع إلى المزيد، ومما يوشي هذه الأمسية ألقاً وتألقاً، ويزينها إثراء وثراء، أن ما ستثيرونه من أسئلة موضوعية، واستفسارات جادة، ستعمل على معرفة الجوانب الأخرى من مكوّنات شخصيته الفذة، وتلقي الضوء تلو الضوء تجاه ما خاضه من تجارب وخبرات.
سعداء أن نلتقي الأمسية القادمة بفارس آخر، له من الإبداعات والمؤلفات ما يجعلنا نبكر في الالتفاف حوله، نسامره بما لدينا من أفكار، ليسامرنا بحديث الذكريات، هو سعادة البروفيسور الروسي ألكسي فاسيليف، صاحب الكتاب المشهور "تاريخ المملكة العربية السعودية" ورئيس مركز الدراسات الشرقية والشرق أوسطية قادم إليكم من روسيا.. تلك البلاد البعيدة مسافة، القريبة لقلوبنا.. فأهلاً وسهلاً به وبكم وإلى لقاء يتجدد وأنتم بموفور الصحة والسعادة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عريف الحفل: في برنامج احتفاء الاثنينية بضيفها وفارسها الليلة كلمات لعدد من الأدباء الذين يشاركوننا في هذا الاحتفاء وسنترك المجال للضيف لكي يتحدث فيما بعد، ومن ثمَّ سنترك لكم الأسئلة والمداخلات. الكلمة الآن لسعادة الدكتور عبد الله المعطاني الذي اشتاقت إلى كلماته منابرنا.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :945  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 111 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.