شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور سعيد السريحي ))
أسعد الله أوقاتكم، أردت في كلمتي هذه أن تكون من باب الاحتفاء بالاحتفاء وذلك بوضع هذه الأمسية في سياق ثقافتنا العامة وواقعنا الذي نعاني منه، إنه احتفاء بالكلمة المغنّاة لشاعر مكيّ حيث لا تنفصل قداسة المكان عن مكانة الفن العظيم.
تساءلتُ عما يعنيه احتفاؤنا بالخفاجي ونحن نعبر حقل الأشواك هذه الأيام، عما يعنيه احتفاؤنا بالكلمة العذبة في مجتمع يعاني من إرهابٍ يسعى إلى أن يجتثّ ماضيه ويدمّر حاضره ويمحو مستقبله، تساءلت عن ذلك وأخذتني ريبة من يظنّ ذلك فراراً من المواجهة أو يحتسبها زفرة البحّار الأخيرة.. غير أني ما لبثت أن انتهيت إلى طمأنينة تؤكّد لي أنه ما من مقاومة للإرهاب هي أكثر صدقاً وتجذراً مما نحن بصدده، ذلك أننا حين نحتفي بالكلمة العذبة واللحن الجميل والصوت الدافئ فإننا بذلك نُفْشِل المشروع النهائي للإرهاب وما يرتكس إليه من فكر متطرف، وهو المشروع الذي يسعى إلى انتزاع كل إحساس بدهشة الكلمة وجمال اللحن وعذوبة الصوت.
إن احتفاءنا هذا هو تأكيد على أننا أمة لا تزال تحيا وتدرك معنى أنها أمة تحيا، رغم ما تعرّضت له من مخطط منظم على مدى عقود، سعى إلى تجريف أحاسيسها، وتجفيف منابع الحب بين جوانحها، وتحويلها إلى حقل من الألغام لا يعرف غير القتل والتدمير ولا تربطه بالعالم غير روابط الحقد والكراهية..
نحن أمة تعرضت إلى مخطط يحاول إعادة كتابة التاريخ، ليمحو به المستقبل فلا يتبدّى من ماضيه غير دمٍ، ولا يسفر حاضره عن غير الدم، ولا تتبدى من مستقبله إلا عظمتان وجمجمة.
نحتفي اليوم بالكلمة العذبة لنعلن أننا أمة تحتفي بالحياة والحب والجمال في سياق عالم يعدّ الحياة والحب والجمال ثالوثاً مدنساً يسعى لإعلان البراءة منه.
غير أن احتفاءنا بالخفاجي يأخذ بعداً آخر، حين يكون احتفاؤنا به هو احتفاء بحقبة مزدهرة من تاريخ الفن في بلادنا، يوم أن كان الفن رسالة راقية لم تبتذلها القنوات ولم يتاجر بها سماسرة شركات الإنتاج، ولم تتخذ هذه الرسالة الأجساد الفاتنة مطية سهلة لها تخادع بها ذائقة المتلقي فتنتهي به جسداً تقوده الرغائب وقد غادرته الروح.
والخفاجي هو نتاج حقبة فنية متميزة في تاريخ الفن لدينا، يوم أن كان الفن إعلاناً عن تفتح أمة على العالم. وكان حسبُ مغنٍ مكي أن يلتقط كلمات عذبة لشاعرٍ مهجري لينعقد مجلساً يتدفأ من وقدة الوقت باللحن الجميل..
يومها كان المغنون يغنون من مقام الرصد فأصبحوا يغنون من مقام الرصيد وشتان بين المقامين..
كان الحجاز آنذاك يستعيد تاريخه الفني، ذلك التاريخ الذي يحدثنا عن أكبر مدرستين لتعليم الغناء في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو تاريخ يخفت صوته في حقب غير أنه لا ينقطع، تتوارثه أجيال عن أجيال وتشترك في صياغته المدارس العربية المختلفة ويصبح معه الصوت الحجازي قاسماً مشتركاً يتمايز عن الصوت العراقي الذي مازجته أصوات فارس والصوت الشامي، والمصري الذي تتجاوب في أصدائه أصوات المغنين في اسطنبول، وبقي الفن الحجازي فناً متميزاً مثل كلمات الشاعر الجميل الذي نحتفي به اليوم الأستاذ الخفاجي .. شكراً جزيلاً لكم.
 
عريف الحفل: وردت لسكرتارية الاثنينية كلمة للكاتب الرقيق المعروف الكبير الأستاذ السيد عبد الله الجفري مشاركة من سعادته في هذه المناسبة وسيتكرم الشيخ عبد المقصود خوجه بقراءتها.
الشيخ عبد المقصود خوجه: اتصل بي سيدنا الجفري معتذراً عن الحضور لسفره إلى بيروت طالباً مني أن ألقي كلمته:
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1424  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 6 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.