شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور فهد السماري ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
الأخوات الزميلات.. الأخوة الزملاء..
يصعب على الإنسان أن يستمع إلى الآخرين يتحدثون عنه، وأنا بلا شك أعتقد جازماً أن الكثير بل ربما جُل من كُرِّموا في هذه الاثنينية يشعرون بهذا الشعور، ولكنني أُحوِّل هذا الحديث وأجيره إلى زملائي جميعاً وإلى كل من تعاونوا مع الدارة، في هذه الاثنينية وهي اثنينية الوفاء، ينقلنا أستاذنا الفاضل الأديب الوجيه الأستاذ عبد المقصود امتداداً عميقا لمأثرة من مآثر والده -رحمه الله- عندما بدأ بنقطة ومحطة مهمة في وحي الصحراء، واليوم وأنا شخصياً أشارك هذا الجمع الطيب والمبارك، أعتقد جازماً أن هذه الاثنينية هي وحي الوطن، هي الوحي الذي يترجم الوفاء، والذي يجمع الأوفياء، وهي المنطلق الذي يبث الثقافة في عمق واضح لا لبس فيه، وهي أيضاً تفتح الشفافية التي نحن بصددها في أيامنا هذه؛ لأن في الشفافية منطلق عظيم جداً لإصلاح أمور كثيرة، نحن لسنا بحاجة فقط إلى إصلاح سياسي، وإنما نحن بحاجة أيضاً إلى إصلاح ثقافي، وهذه الاثنينية تمثل بعداً مهماً في هذا الطريق.
أستاذي الفاضل.. الأخ عبد المقصود تحدث عن الدارة وتحدث عن هذه الجهود التي هي من توقيع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، والذي أعد أوراق هذا التوقيع هم زملائي من موظفي الدارة الذين يبلغ عددهم حوالي التسعين موظفاً، ولا شك أن ما تم من عمل كان بفضل الله عز وجل ثم بفضل هؤلاء الزملاء وفضل الزميلات والزملاء في الجامعات والمهتمين والمهتمات ممن ليسوا من حملة الدكتوراه.
وأشاطر أخي الكريم الذي أتحفنا بوقفات مضيئة الأستاذ عبد المقصود في قضية مهمة سأجعلها أساس حديثي القصير معكم في هذا.. ألا وهي المذكرات، والرديف لكلمة مذكرات هو التوثيق، وسأتحدث عن هذا في عجالة بسيطة لأننا نعاني من قضية التوثيق، مررنا بفترة سريعة في التطور وفي النماء وهذا بفضل الله عز وجل ثم بتوجيه حكومتنا الرشيدة، إلا أننا نسينا وغفلنا عن قضايانا.. قضايا التاريخ، إلى درجة أننا نشاهد أمامنا قصصا مروعة من زوال هذا التاريخ، سواء كان هذا الزوال بمآثر أثرية ماثلة أمام أشخاصنا أو كانت في أوراق أو كانت في الصدور، وانطلق هذا التناسي وهذه الغفلة إلى أن تمتد إلى كثير من جنبات تاريخ هذا الوطن، وعندما أسست الدارة كان هذا واحد من أبرز أهدافها، إلا أنها أيضاً عاشت مثل غيرها في هذا التناسي وهذه الغفلة ومنذ سبع سنوات وأركز على سبع سنوات هي المدة التي شهدت فيها الدارة التطور الجديد ، ولا يعني هذا أن سنواتها السابقة كانت سنوات سيئة على الإطلاق، ولكن أعتقد أنه من الطبيعي أن نقول أن المؤسسات هي مثل الأفراد ينامون ويصحون ومثل أي كائن حي، فمؤسسة الدارة أيضاً اتجهت إلى التطوير وإلى الانطلاق نحو أهدافها أكثر فأكثر.
التوثيق، لا يمكن أن يعقد مجلس أو لقاء إلا ونتحدث بحسرة عن أشخاص انتقلوا إلى رحمة الله تعالى وفي صدورهم الكثير، ولا يمكن أن نجلس مع بعضنا البعض إلا ونتحدث عن أوراق ذلك الرجل وذلك الشخص، وكانت لي تجربة متواضعة جداً، لأن في عام 1417هـ وبدايتي في الدارة وضعت الأساس والتوثيق، ولكن الرحلة شاقة وصعبة، لأن بعض الأشخاص ممن يحملون في ذاكرتهم الكثير لا يعطون هذا الأمر أهمية ليس لعدم قناعتهم به وإنما لخشيتهم بأن ما لديهم ليس مهماً، أو أن ما لديهم قد يزعج البعض أو الآخرين، فامتدت الدارة من خلال هذا التوثيق إلى عدد من الخطوات السريعة والعاجلة.. الإنعاشية للبحث عن المصادر، فبدأت بأول مشروع يعلم وينفذ في أنحاء المملكة، وهو مشروع مسح المصادر، وكانت هذه المرحلة من أصعب المراحل، لأنها تمثل الدخول إلى عالم الإنسان السعودي في كل مكان من أرجاء الوطن من أجل الحفاظ على تراث البلد، وكانت من الطرائف التي جاءت في هذا الأمر: أننا حاولنا أن نستقرأ.. قبل أن نبدأ بهذا المشروع ماذا سيقول الناس عندما نصل إليهم؟ عندما نريد وثيقة.. مخطوطة.. نريد أن نسجل معهم.. ماذا سيقولون؟ فكان من ضمن المفاتيح والأدوات التي قمنا بتحقيقها أنه عندما جهزنا السيارة التي ستقوم بزيارة هذه المناطق أيضاً وضعنا آلة تصوير وآلة تسجيل، فكان التأكيد على الزملاء بأنهم عندما يأتوا إلى الشخص في بيته أو في أي مكان أن يبدءوا بالمبادرة بما لديه، فعندما لا يقبل التسجيل فيتجه إلى ما لديه من أوراق، فعادة وغالب الأشخاص يقولون: سنصور لكم ونرسل لكم، ففجأة يجد بين يديه آلة تصوير ويُسأل خط الكهرباء مائة وعشرة.. مائتين وعشرين، فنشبك الآلة ونصور، بهذه الطريقة نكون فتحنا المجال أمام الأسئلة الصعبة والتحديات التي عند الناس، لأنه قد يقول سنصور لكم مجاملة، وإذا يريد أن يقدم شيئا لأمر من الأمور التي ربما نختلف أو نتفق معه فيها، إلا أن المواجهة وحقيقة المواجهة تضع هذا الإنسان أمام المحك ويقبل أو لا يقبل، وأحمد الله عز وجل أن هذه المهمة التي جابت أرجاء الوطن أنجزت جمع ما يزيد عن خمسة وعشرين ألف وثيقة ومخطوطة تاريخية مصورة وأصلية، وجمعت حوالي أربعمائة تسجيل شفوي من أنحاء المملكة، وكل أرجاء الوطن جُمع منها في بداية عام الثلاثمائة، واليوم مركز التاريخ الشفوي يزيد على ألف وخمسمائة تسجيل شفوي، ولدينا أيضاً قضية الوثائق الآن زادت عن المليوني وثيقة في عام 1416هـ ثلاثة آلاف وثيقة، فأنا أعتقد هذه القفزة الهائلة سيسأل سائل وماذا عن إتاحتها؟ وماذا عن إعطائها للناس؟ وهذا هو ما نحن بصدده الآن، وإن شاء الله ستستمعون إلى أخبار طيبة.
النقطة الأخرى التي أزعجتني في الواقع وهي في مكة المكرمة، عندما نسأل أسرة من الأُسر، ونسألها عن وثائقها ونجد أن الإجابة لا نعلم وليس لدينا شيء، ثم نأتي بهاتف من الهواتف من أحد العاملين في أسواق مكة في المزادات.. أي (الحراج) بالكلمة المعروفة، ويقول: هناك بيت سيُباع في مكة، وبطبيعة الحال يُزار هذا المكان من قِبَل المعنيين والراغبين في شراء هذا البيت أو أحد أدواته وأثاثه وما إلى ذلك ثم من يوم الغد سيكون هناك مزاد وحراج على محتويات البيت، فإذا بهذا الرجل المواطن المخلص الذي يعمل في هذا الحراج يقول: أثناء معاينتي لهذا المكان وجدت ثلاثة كراتين بها أوراق، أنتم تهتمون بالأوراق؟ قلت: نهتم بالأوراق، فأنت مفوض في الدخول في هذا الحراج فلا بد أن تشتريها، والشخص معروف لديكم جميعاً، فعندما جاءني الغد وكنت أنتظر مكالمة وإذا به يتصل بي وقال: أبشرك وجدناها وشحناها وهي الآن في الطريق لكم. هي جزء بسيط من أوراق محمد سرور الصبان، فأعتقد أن الدخول في عالم التوثيق ليس بالسهل ولكن أيضاً الإصرار عليه ومحاولة الوصول إليه أعتقد أنه مهم جداً.
قضية أيضاً التوثيق في جانب أمر مهم.. وهو: الامتداد بشريعة التوثيق إلى قضايا أخرى، نحن أمة في المملكة العربية السعودية عندما تسأل عن المملكة سوف يقف على رأس الأمور الحج، وسوف يقف أيضاً في قائمة هذه الأمور النفط، وسوف يقف أيضاً في قائمة الأمور المجتمع، تلتفت يميناً ويساراً لن تجد توثيقاً لهذه الأمور، دولة تعتبر من أوائل الدول في إنتاج النفط ليس لديها تاريخ النفط، ودولة تضم الحرمين الشريفين ليس لديها عمل يوضح هذه الأمور بامتدادها التاريخي، ليس فقط العهد الحاضر، وإنما الامتداد التاريخي أيضاً عن الحج والحرمين الشريفين ليس هناك..، سمعت أن هناك في الآونة الأخيرة أفكاراً جديدة وجهودا وهذا طيب لا يتعارض أبداً مع جهودنا أبداً كلنا نتكامل، وهذا مما جعل الدارة تتجه إلى هذه الخطوات، أولاً: العمل على توثيق الحج والحرمين الشريفين، قد يعتقد البعض من العصر الحاضر.. أبداً، كل معلومة عن الحج عبر التاريخ يجب أن توثق، صورة.. رسم.. رحلة.. كتاب.. حتى ما أنجز من أعمال لأي أمر من الأمور وفي أي عصر من العصور ينبغي أن يوثق، هو عمل كبير، طرق الحج.. أساليب الحج عند المسلمين.. كيف يستعدون للحج؟ ينبغي أن نعرفه وأن نتعرف عليه، فأدب الحج ينبغي أن يوثق، وينبغي أن يترك لهؤلاء في البلاد الإسلامية يكتبون هذا الأمر، أيضاً المجتمع، المجتمع السعودي أُهمل.. القضية الاجتماعية والتاريخ الاجتماعي، فكان لنا حظ وكان لنا شرف أن نرتبط مع الجمعية السعودية لعلم الاجتماع بأن نبدأ في مشروع لتوثيق أنماط الحياة الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، إذاً المجتمع مهم وينبغي أن يوثق.
قضية أخرى وهي قضية النفط، والآن بدأنا مع شركة "أرامكو"، لتوثيق تاريخ الزيت، أنا أعطيكم مثالاً: شخصية مثل شخصية خميس بن رمثان، بدوي في الصحراء ثم أصبح الساعد الأيمن لأحد كبار المستكشفين الجيولوجيين، فيكتبون عن هؤلاء كتابات رائعة جداً، ونحن نجهلها وحتى طلابنا يجهلونها من الخلق ومن الإسراع ومن كيفية تعلم الإنجليزية وهو لا يعرف العربية ولا يعرف يكتب ولا يقرأ، وأصبح يتكلم ويساعد ويتحدث ويفكر، فأعتقد نحن أمام مسؤولية كبيرة وجسيمة.
أستاذي الفاضل عبد المقصود تحدث عن شخصيات أيضاً هو يعرفها وكانت لهم علاقة بوالـده -رحمه الله-، وأُبشره بأننا عثرنا على أوراق الآتية أسماءهم: خالد القرقري، وصلت إلى الرياض، فؤاد حمزة، من ابنه الدكتور عمر، محمد أمين التميمي، خير الدين الزركلي، محمد سرور الصبان الذي ذكرت جزء منه، خير الدين الزركلي قضية طريفة جداً، وابنته اسمها طريفة، فهي كبيرة في السن، وعندما تم عن طريق زميلي الأخ الأستاذ عبد العزيز العلي الاتصال بها قالت: أنا سعودية وزوجي والده سعودي ولكن ليس هناك اهتمام بنا، لماذا؟ والمبلغ التقاعدي لم يصرف لنا، سئلت: فهل لديكم وثائق؟ قالت: لدينا.. ولكن إذا كان هناك اهتمام فقدموا مجاملة بدايةً حقيبة من الحقائب، فاتجهنا إلى وزارة الخارجية فوجدنا أن ملفه لم يغلق، لذلك لم يرسل إلى مصلحة المعاش والتقاعد، فكل شخص يتابع الأمر إلى أن يصرف له ، وبحمد الله تم صرف مبلغ يزيد عن مليون ريال ولله الحمد من حقوقهم وليس منا، مما أدى إلى دفع الأسرة أن تتجه بتسليمنا حقيبتين للحفظ في التاريخ. هنا نجد أن قضية التوثيق قضية ينبغي أن تكون قضية مصيرية لمجتمعنا السعودي، وينبغي أن نحاول أن نغطي القصور والتقصير في الماضي بأن نقوم بكل شيء.
كلمة أخيرة في التوثيق.. في المناطق، أنا شخصياً من الذين ينادون بأن كل مدينة في المملكة يجب أن يكون بها مركز حضاري توثيقي، لو كنت في جدة ولدي أسرة علمية ولديها مكتبة أتمنى أن تكون في جدة ولا تنقل إلى مكان آخر، من هنا بدأنا هذا المشروع ولعله إن شاء الله يصل إلى مراحل متقدمة، أنا كنت في الأحساء منذ أسابيع وتم أيضاً الحديث عن الموضوع، وفي جدة لدينا أيضاً مشروع مع أمانة مدينة جدة، مع معالي الأمين المهندس عبد الله، أيضاً هناك شيء سوف يعلن قريباً.. ، ولقد سعدت أيضاً في الأسبوع الماضي باتصال من سيدة غالية على نفسي لأنها وافقت على وقف مكتبة زوجها في هذا المكان، من هنا تنطلق هذه القضايا العلمية المضيئة لتكون في مكان في كل أرجاء الوطن لتكون أيضاً منظومة متكاملة تنتشر بالثقافة والعلم، وحتى نخرجها من دهاليز البيوت إلى أماكن يطلع عليها الجميع، والبدء في دراستها وفي الوصول إليها.
بقيت خطوة مهمة، ونحن مقصرون فيها، ودائماً لا نجد لأنفسنا العذر فيها، خدمة الباحثين، نبذل الجهد ونحاول لأن عندما يكون لديك كم من التراث كم من الوثائق وفي كل يوم تأتيك آلاف الوثائق ولا تجد الوقت الكافي ولا سيما الأمور الشخصية لهذه الأسر، تحتاج إلى من يتأكد أنها ليست قضايا خاصة ويجب أن تفرز فنبذل هذا الجهد، ونتمنى من الله عز وجل أن يساعد أيضاً الجميع في أن نصل إلى المرحلة القادمة وهي قريبة جداً.. مرحلة المعلومات الإلكترونية التي إن شاء الله سوف تفتح المجال في أي مكان ليس فقط في المملكة، وإنما حتى في خارجها، هذه الوثائق وهذا التراث وبالذات المخطوطات لم تجد الاهتمام.
في عجالة قصيرة استمعت إلى الزملاء على ذكرياتهم وأبدأ بأسمائهم الدكتور عبد الله عسكر، الشكر لله ثم الشيخ عبد المقصود أن نستمع إلى هذه الذكريات، ولكن هذه المناسبة أعطتني فرصة أن أستمع إلى بعض هؤلاء الأخوة وإن شاء الله أن أكون مثلما قالوا وقال الزملاء الآخرون، لأننا في الواقع نعمل كما قلت يداً واحدة، ينبغي أن يكون لدينا مصدر معلوماتي متكامل، الإنتاج العلمي لأعضاء التدريس.. الباحثين من غير أعضاء التدريس القضايا الاجتماعية.. القضايا الثقافية، هناك أناس يكتبون ويؤلفون من خارج المؤسسات فيجب توثيق هذه الأعمال إذ ليس هناك عمل معلوماتي متكامل، هذا ما كنت أنادي به ولا أزال أنادي به وأنا أتفق مع الأخت ابتهاج بأن التعاون لا ينبغي أن ينحصر على المؤسسات الحكومية وإنما هناك مؤسسات خاصة لها أيضاً قدرة ولها جهد ينبغي أن يستفاد منه، ولا شك أن وجود هذه المراكز قد تكون إن شاء الله خطوة إلى أن تثبت نفسها وجدارتها أمام النظرة الكاملة لمركز معلوماتي متكامل في البلاد إن شاء الله.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :538  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 123 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج