شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أقسم بالقلم في قوله عز من قائل: ن، والقلم وما يسطرون (القلم, الآية: 1).. واللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك.
سعادة أخي الكريم الرائد الإعلامي، والدبلوماسي، والقانوني.. الأستاذ عباس فائق غزاوي.
سعادة أخي الكريم رئيسنا وأستاذنا الكبير.. عبد الفتاح أبو مدين.
الأخوات والأخوة الأفاضل..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدني أن نلتقي اليوم في بهجة مزدوجة يعود الفضل فيها لأخي الصديق الأستاذ عباس غزاوي، فهو لصيق الروح، حيث نشأنا معاً على ثرى مكة المكرمة ونمت صداقتنا قبل مراحل الشباب اليافع، فكانت رحلة عمر.. بالرغم من أنني أكبر منه سناً وهو أكبر مني قدراً.. كما تزاملنا في المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر.. وقد بعث مشكوراً من بين ركام الماضي تقليداً عريقاً طالما نعمنا به وهو أسلوب البيت الواحد الذي يضم مناسبات الفرح وكل العلاقات الإنسانية بكل عفوية وبساطة تنساب مثل جدول رقراق.. فكان التنسيق الذي جمع شملنا اليوم بكل الحب والود والإخاء.. من أجل هدف واحد هو ترسيخ لُحمة التواصل بين الأخوة الإعلاميين، وفي ذات الوقت الاحتفاء بالأخوات والأخوة أعضاء ملتقى قراءة النص، فالجميع يربط بينهم نسب الكلمة والثقافة والأدب والفكر.. فهنيئاً لنا هذا التوافق والتلاحم والعفوية ذات الجذور المتأصلة في ثقافتنا وعُرفِنا الاجتماعي.
إن "بابا عباس" غني عن التعريف، كيف ولم تعرف مملكتنا الحبيبة "بابا" إلا شخصين، أولهما: بابا طاهر الشاعر الكبير -رحمه الله- وهو أول بابا لبرنامج الأطفال، تلاه بابا عباس، وبه خُتم هذا الباب بختم المد الحضـاري.. وقـد شرفت "الاثنينيـة" بتكريـمه بتاريخ 14/11/1422هـ الموافـق 18/1/2002م، فهو من الرعيل الأول الذي أسهم بمنهجية علمية وأسلوب حضاري في تأسيس حركتنا الإعلامية، فجمع في إهابه رجل الإعلام، ورجل القانون، ورجل الدبلوماسية، ورجل الأدب والقلم.. وأستاذنا الكبير بشهادة الكثيرين من أفضل الخبراء في مجالات عطائه المتعدد المواهب، ورغم شواغله الجمة لم يبخل قط بعلم أو تجربة أو خبرة اكتسبها عبر السنين ليمنحها كل من تتلمذ على يديه، فلم يكتم علماً قط لأنه جُبِلَ على الكرم وسخاء النفس وحب الناس.. غرس فضلاً وجنى وفاءً وتوقيراً واحتراماً، فهو أهل لكل ذلك وأكثر.. وما هذا المظهر الحضاري الذي تحيطونه به إلا دليل على نبل مشاعركم، وصدق عواطفكم، ووفاء أنتم له موئل، وهو به جدير.
أيها الأحبة:
لا أضيف جديداً بقولي إن الإعلام الذي تحملون رايته من أخطر الأسلحة التي أنتجتها البشرية على امتداد تأريخها، وهو سلاح على درجة عالية من قابلية التطور، ومظلته تحوي الكثير من المنجزات العلمية التي تم تطويعها لخدمة الآلة الإعلامية، مع استخلاص كثير من تجارب علم النفس، والسلوك الاجتماعي، وكثير من العلوم التطبيقية وصولاً إلى قاعدة إعلامية بدأت منذ قوبلز، وزير إعلام هتلر، واستمرت بوتيرة عالية إلى يومنا هذا، فكيف نتعامل مع هذا المارد الجبار الذي جعل العالم ليس قرية كونية كما كنا نقول قبل عدة أعوام، بل غرفة واحدة، بل بدقة أكبر، جهازاً تحت أطراف أصابعك، حيث تتحرك الشبكة العنكبوتية ببحرها اللجي وأمواجها المتلاطمة، فقد أضحت هذه الشبكة مقرونة مع الفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام المسموع والمقروء تشكل تحدياً حقيقياً لكل الأمم.. النامي منها والمتقدم.. ولكن من زوايا مختلفة.. وأحسب أن السبيل الوحيد لمجابهة هذا الواقع العمل على فهمه بطريقة عملية وصحيحة، والتعامل معه بشفافية تضمن الاستفادة القصوى من إيجابياته وتفادي سلبياته، فكل منجز حضاري لا يخلو من هذين الحدين.. وفي تصوري لا يتم ذلك إلا بتحصين أنفسنا، ونبدأ بتحصين الطفل الذي هو أمل مستقبل كل أمة، وبطبيعة الحال لا يمكن حجب ضوء الشمس بالغربال، ولكن علينا كمجتمع وكمسؤولين اتخاذ التدابير اللازمة للعمل بعقلانية تتيح للفرد حرية الاختيار بين المطروح على الساحة، ولن يتم ذلك إلا بالتعليم، فالشخص المتعلم هو الذي يستطيع أن يفرق بين الخير والشر، فيأخذ من الخير كل ما يسهم في إضاءة شمعة على طريق التقدم والازدهار، ويتقلص الشر إلى ركن قصي.
إن نوازع الخير إذا سادت كان ذلك محط القصد والطلب.. فإذا كان التعليم صحيحاً معافى من ناحية المدرسة الجيدة، والمعلم الكُفء، والمناهج التي تلبي احتياجات الحاضر والمستقبل، والأجهزة المتطورة التي تساعد على التعلم، وربط ذلك بالتربية الأسرية المستقيمة.. أمكن بالتالي إيجاد جيل صالح قادر على الأخذ بأفضل ما تفرزه الآلة الإعلامية التي أضحت بلا حدود أو رقابة، إلا رقابة النفس، وحصن العلم والدين الذي حضنا على التزود بالعلم، فعز من قائل: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (الزمر, الآية: 9)، والجدير بالذكر أن باب المبادرات مفتوح على مصراعيه في هذا الإطار، وفن الاختيار مع سلوك طريق الحرية المؤطرة بالكتاب والسنة المطهرة، والأخذ بالطيب من العادات والتقاليد المتوارثة، كفيل بأن ينسج الحماية والتحصين الذي نسعى إليه في مواجهة الأخطار المحدقة بنا من كل صوب، ويمكننا من التعامل مع الآخر بغير فوقية أو دونية، بل من موقع الند للند، وحامل فكر حضاري تجاه حضارات أخرى نكن لها كل التقدير والاحترام، ولكنا لا نفقد هويتنا خلال التعامل معها.. ونعمل ما بوسعنا لاستخلاص المفيد منها وحقنه في دائرة اهتمامنا وصولاً إلى أرقى ما ينتجه تلاقح العقول والأفكار ومراكز البحث العلمي..
وفي ذات الوقت نشطب من قاموسنا الإعلامي عبارات مثل: "الدخيلة على مجتمعنا" و "الغريبة عن عاداتنا وتقاليدنا"، ذلك أن مجتمعنا جزء من المنظومة العالمية، ولا يستطيع أي كائن أن يتصور الظلال التي سوف تُلقى على بعض السلوكيات خلال عام أو عامين.. ففي الماضي كانت عملية التغيير تتم عبر اللقاءات الميدانية والتجول عبر المدن والأقطار، أما الآن فإن الإعلام بكافة أشكاله قد ألغى هذا الدور البطيء وأبدله بديناميكية الحركة الإلكترونية، فتماهت الحدود وتعطلت الرقابة، إلا الذاتية منها والتي تعتمد على التحصين الذي أشرت إليه آنفاً.
كما يسعدني أن أشيد بالجهود الخيرة التي بذلها نادينا الثقافي الأدبي بجدة لإقامة ملتقى قراءة النص، الذي أسهم ويسهم في إثراء الحركة الأدبية من خلال لقاءاته المتعددة، والذي يأتي مواكبا لجهود النادي التي تُذكر فتُشكر في مجالات الدراسات والإصدارات التي أصبحت تُشكِّل مراجع مهمة لذوي الاختصاص والمهتمين داخل وخارج المملكة.. وهو عمل كبير لا يدرك أبعاده إلا من اكتوى بنار مماثلة:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابـة إلا مـن يعانيهـا
 
ونحن إذ نقف أمام هذه الإصدارات بكل تقدير واحترام، نتساءل في ذات الوقت عن المردود الذي يشفع لهذا الزخم الكبير، فالأمة أكثرها ابتعدت للأسف عن القراءة، ويبدو أن أكثرها من أحفاد ابن كَيْسَان، فهو رجل قال عنه الجاحظ: "ابن كَيْسَان هذا رجل أعمى الله قلبه، يسمع غير ما يقال، ويكتب غير ما يسمع، ويقرأ غير ما يكتب، ويفهم غير ما يقرأ، ويقول غير ما فهم، ويجيب بغير ما سئل".. وأضيف من عندي: وإذا فهم لا يعمل بما فهم.
ويعلم جمعكم الكريم أننا أمام مفترق طريق مع النشر الإلكتروني، الأمر الذي يتطلب من نادينا العريق إيجاد آلية للاستفادة من هذه التقنية التي أصبحت في متناول يد الكثيرين، ويسعى لنشر الإصدارات السابقة واللاحقة على أسطوانات مدمجة، لعل وعسى ذلك يخرجنا من عباءة ابن كَيْسان، ويردنا إلى مرافئ العلم والعمل به.. فكل كتاب أو إصدار بدون قراءة، ثم فهم، ثم علم، ثم عمل، يصبح كأن لم يكن.. متطلعاً إلى اليوم الذي نرى فيه هذا الغرس قد أثمر وأينع، وحان قطافه، بالرغم من إدراكي معاناة أستاذنا الكبير، والتي تصل أحياناً إلى مرحلة الإحباط، إلا أن قوة عزمه، ومضاء شكيمته، تحرضانه على المضي قدماً في تحديه للصعاب.. وإنه لقادر إن شاء الله، مع إخوانه الكرام في مجلس الإدارة، ومحبي النادي على تجاوز كافة العقبات وصولاً إلى الغايات النبيلة التي نسعى إليها جميعاً كلٌّ حسب موقعه.
وأحسب أن هذه الاجتماعات الخيرة والتوافق الجميل الذي يسودها يجب أن يربطها برابط العمل المثمر البناء، فبالجهود المشتركة يكون العمل أكثر إيجابية وطرحاً وتفعيلاً.. فهل لي أن أطرح على جمعكم الكريم وأنتم من ذؤابات مثقفي هذه الأمة، وأنتم مجتمعون اجتماعاتكم الخيرة منها هذا الاجتماع، أن يكون لكم طرح نرى ثماره قد أينعت وحان قطافها، بمشروع "النشر الإلكتروني" كما قلت، وليكن تحدياً نتحدى به، لنرى من اهتدى ومن ضل عن سبيله، ليتأكد لنا بالعزيمة الصادقة التي لا تنقصكم وبمؤازرة القامة التي لا تنقصنا لتتم متزامنة بمباركة الطرف الحكومي الذي لا أخاله يبخل في مثل مركز الدائرة لنشاط هام في حياة أمتنا ونحن جزء من الأمم التي تعيش واقعها بما يتفق ومتطلبات عصرها وحضارتها.
أرحب بجمعكم الكريم رجال الأدب والثقافة والإعلام، وبالجميع أخوات وإخوان، متطلعاً لأرى اليوم الذي تحتل فيه المرأة النصف المضيء الحاني الباعث على الاطمئنان وهي واسطة العقد، ومكانتها العلية الجديرة بها في جميع المجالات فهن شقائق الرجال اللاتي أثبتن عبر القرون وبالذات في صدر الإسلام أهمية الأدوار التي كانت تبعث في النفوس طمأنينتها النفسية والاجتماعية والأسرية التي أرادها لها المولى عز وجل بقوله: وَمَنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَرُونَ (الروم, الآية: 21)، فهي تشكل التكامل الحقيقي لدور الرجل متفوقة عليه في بعض المواقف.. ولم تكن قط عائقاً ولا معوقاً بل كانت المتدفقة عطاءً وإيثاراً وكان كل ذلك ضمن الضوابط الشرعية، ولا أظننا نستطيع أن نقارن بيننا وبين الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم، فأين نحن من تلك القامات السامقات؟ كل ما نود أن نكون من التابعين لهم بإحسان، ومن أهم الحسنات أن يستيقظ الشعور مستمداً من تلك الرؤى طرحه بجرأته وعفويته وتلقائيته لنخطو خطواتنا المباركة بإذن الله إلى الأمام في منظومة متكاملة، وسيكون فضل الله علينا عظيماً.
وبالمناسبة، فإن صاحب السمو الملكي الأمير عمرو محمد الفيصل سيقيم في الساعة العاشرة من مساء يوم الأحد القادم 23 محرم 1425هـ الموافق 14 مارس 2004م، حفل عشاء بمناسبة تدشين كتاب (الأمير محمد الفيصل يتذكر) الذي يحوي حديث ذكريات سموه في حوار أجراه معه الأخ الصحفي القدير الدكتور خالد باطرفي، وذلك بالصالة الخاصة بمنتزه النخيل، وقد شرفني سموه لأنوب عنه بدعوة الأساتذة الأفاضل الصحفيين والإعلاميين والكتّاب والمثقفين لحضور هذا الحفل.
لكم مني جميعاًً كل التجلة والتقدير، وكثيراً من التأهيل والترحيب، متمنياً لكم أطيب التمنيات، وعلى أن نلتقي دائماً على خير ما تحبون لمن تحبون.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
عريف الحفل: السادة والسيدات الكلمة الآن لسعادة الداعي لملتقى الإعلاميين السعوديين سعادة الإعلامي الكبير ورائد من رواد الإعلام وسفير خادم الحرمين الشريفين السابق في ألمانيا الأستاذ عباس فائق غزاوي.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :951  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 80 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.