شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( الحوار مع المحتفى به ))
عريف الحفل: الأسئلة التي وردت لفارس اثنينيتنا.. السؤال الأول من الأخ سعد سليمان، يقول:
بصفتكم أستاذ كرسي مادتي القانون الدستوري والنظم السياسية في العالم الثالث، ما تعريفكم العلمي المانع الجامع للإرهاب؟ في الوقت الذي لم يتوصل العالم إلى تعريف موحد حتى الآن حسب علمي.
الدكتور عبد الهادي بوطالب: التعريف كتبته.. سجلته في بعض كتبي ونشرته في بعض الجرائد، وآخر ما كتبته مقال صدر الأمس على الإنترنت في جريدة "الخليج" عندما قلت بأن البيت الأبيض ارتكب خطيئة أصلية، عندما خلط داخل مفهوم الإرهاب خلط الإرهاب مع الإسلام والمسلمين، ومن ثم جاءت جميع أخطائه إذ دخل أو تفجر أو فجر نفسه فالبيت الأبيض تعرض للعلاقات الدولية فنسفها نسفاً، وأصبح له من الأعداء ما لم يكن له قبل أن كان يشكو من الأعداء، وضيع الحلفاء وأفسد كل شيء في السياسة، من هذه الخطيئة الأصلية وأنا لا أسميها خطأً عن قصد، الخطيئة الأصلية وإن كنا نحن لا نقوم بالخطيئة الأصلية.. هذا تعبير مسيحي وليس بتعبير إسلامي مطلقاً، الله تعالى طهر آدم وقال: طالما طلب من أنفسنا فغفر لنا الله سبحانه وتعالى ونسب العصيان له، العصيان عصى أدم ربه، ولكنه برأه، الإسلام.. الإرهاب أولاً بالتعريف الأول الذي أعطيه.. الإسلام والإرهاب عدوان متشاكسان لا يلتقيان، هذا تعريف بالنفي.. أو سلبي، لكن التعريف الإيجابي.. الإرهاب هو: استعمال العنف بجميع أنواعه لعدوان غير مبرر على الآخر، شخصاً وجماعةً وديناً ومواثقةً ومذهباً وفكراً ورأياً، كل ذلك إرهاب، الإرهاب هو عدو المقاومة، المقاومة من أجل قضية عادلة، من أجل استرجاع الحق، الإسلام إنما رخص للحرب لرد العدوان وليس لشن العدوان، والقاعدة في الإسلام هي اللاحرب، والحرب في الإسلام سماه الله بالقتال.. المفاعلة ولم يسميها بالقتل، القتال يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ (التوبة, الآية: 111)، والنبي كان يستعرض الفريقين يوم التقى الجمعان يرى أحدهم الآخر ولا يأتي أحد على غفلة، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقد رجع إلى المدينة أرسل أو شكل خلية سرية لتقوم بالإرهاب، ولم يبعث إرهابياً إلى مكة ليشن حرباً أو ليفجر نفسه بين المشركين، هذا لم يقع ولذلك الإرهاب ليس بضاعتنا، هذه بضاعة رُدَّت إلينا اتهاماً باطلاً لا يُقبل، إنما عندما نفكر بأن ابتداءً من الخلط الذي وقع في مفهوم الإرهاب وسطت عليه إسرائيل سطواً وقالت للأمريكيين نوجد في وضعيتكم نحن في نفس مواقعكم نحارب من تحاربون، أنتم تحاربون القاعدة ونحن نحارب الفلسطينيين الإرهابيين، وسطا عليه الزعماء في روسيا وقالوا أنتم تحاربون القاعدة الإرهابية ونحن نحارب الشيشانيين الذين هم مسلمون، كل هذا أفسد العلاقات وغير المفاهيم، ودخل العالم في متاهة لم يعرفها قط في تاريخه الدبلوماسي.
أقول إن الإرهاب هو هذا وليس غيره، وفي كتاب لي أصدرته "من قضايا الإسلام المعاصر" وفيه خمسة قضايا ذكرها فضيلة الأستاذ العالِم الأديب مضيفنا الكريم الأخلاقي الكبير السيد عبد المقصود خوجه ذكّر بها، الكتاب المقبل سيتضمن خمس قضايا أخرى باسم جزء الكتاب الثاني "من قضايا الإسلام المعاصر" ومن القضايا "الإرهاب والعنف ليسا إسلاميين"، الله أكبر.. يقولون إن الإسلام هو الذي قام بالإرهاب.. القاعدة، من هؤلاء الموجودون في المساجين نلقاهم في جوانتنامو وكل مرة نسمع.. وكل أسبوع نسمع أن فوج منهم سيُسَلًّم إلى أهله، سيُسَلَّم الإنجليز إلى الإنجليز وسيسلم الإسبان إلى الإسبانيين، وسيسلم.. جنسيات مختلفة ليسوا مسلمين ومع ذلك بمقاربة تصريحية غبية، قيل: إن المسؤولبن عن الإرهاب هم القاعدة.. هم مسلمون، وأضافوا أكثر من ذلك فقالوا: هم سعوديون.. الله أكبر، السعوديون لم يكونوا إرهابيين، إلا هذه الشرذمة الضالة التي خرجت عن الجادة وتحارب النظام، وتحارب الحكم في السعودية.. وتقولون أنهم مسلمون، بدلاً من أن يقولوا هذا عمل قام به حفنة من المسلمين.. جماعة ضالة من المسلمين، أنا طالبت بأن الولايات المتحدة تقدم الاعتذار إلى العالم الإسلامي، عما صدر منها من هذه الخطيئة الأصلية وتقول إنها أخطأت وأن الإسلام برئ من هذا.
أود أن أختم هذه المداخلة بكلمة بسيطة، حضرت منذ سنة في اجتماع لعلكم سمعتم به، ندوة علمية للجواب على السؤال: لماذا يكره العالم الإسلامي الولايات المتحدة؟ حضرناها في قطر، وكنت أحد الثلاثين الذين حضروا من العرب المسلمين، وكلنا أجبنا على ألا أحد يكره شعب الولايات المتحدة، أنا شخصياً لا أكره شعب الولايات المتحدة الأمريكية، أنا أعرف الشعب الأمريكي، كنت سفيراً في البلاد، أعرف ما له من فضائل ومزايا ومن خلق ومن سمو في التفكير، لكن هذه السياسة لا تمثل الشعب.. السياسة الأمريكية الآن، أريد أن أقول: أحدهم منا من زمرتنا وكان وزيراً وكان حاضرا معنا وفد من إسرائيل جاء داخل الوفد الأمريكي وكان في الأصل الوفد الأمريكي هذا الذي كان سفيراً... الدولة المساعدة في وزارة الخارجية أيام بل كلنتون، وهو رئيس معهد الدراسات في واشنطن، قال وزير من وزرائنا العرب الله تبارك وتعالى أمرنا نحن بالإرهاب في كتابه، فقال: وأَعِدُّوا لَهُم ما اسْتَطَعتُم مِن قُوةٍ ومِنْ رِباطِ الخَيلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وعَدُوَّكُم (الأنفال, الآية: 60)، فلم أتمالك أن أتوقف وأقول له.. قاطعته وقلت له إنك لا تفهم القرآن يا سيدي هو وزيراً.. جرأت لأقول له الحقيقة، كيف يفهم ذلك قلت له الله يقول: تُرهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وعَدُوَّكُم (الأنفال, الآية: 60)، يخاف قوتكم فلا تدخلون معهم في حرب ولا يدخلون معكم في حرب، وكَفَى اللهُ المؤمنينَ القِتالَ (الأحزاب, الآية: 25)، ليس معناه أنكم ترهبون به عدو الله وأن تأخذوا قنبلة وتفجرونها في أنفسكم، يعني هنا في الواقع أننا يجب أن نقوم بحملة توعية لأجل أن نوضح براءة الإسلام من الإرهاب وهو في الحقيقة دين الرحمة، ودين السماحة، ودين تسامح، ديننا الإسلامي يقبل الآخر، والآخرون لا يقبلونه، نحن نعترف بهم، هم الذين لا يعترفون بنا، الإرهاب والإسلام عدوان متشاكسان لا صلة بينهما ولا وصال بينهما أبداً.
 
عريف الحفل: سؤال من الأخ محمد من الطائف مهاجر مغربي مقيم هنا منذ 28 سنة، يقول:
سؤال يخص الدستور المغربي باعتباركم أستاذ في القانون الدستوري أو ممن ساهم في كتابة الدستور المغربي، الدستور المغربي يمنح المهاجر المغربي الحق في المشاركة في التصويت بخصوص التعديلات التي قد تتم في الدستور، غير أنه لا يسمح له بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية ولا حتى المحلية في المجالس المحلية والإقليمية، بينما نرى الدول المتقدمة تمنح رعاياها أينما كانوا هذا الحق.
الأستاذ عبد الهادي بوطالب: يا سيدي هذا السؤال كله مجموعة أو أخطاء، أولاً الدستور لا ينظم انتخابات عندنا في المغرب، في الدستور قاعدة القانون الأسمى الذي ينظم الحكم بين المؤسسات الدستورية، وأنا أستاذ القانون الدستوري أقول ذلك عن علم، قانون الانتخاب شيء آخر، وليس صحيحاً أن قانون الانتخاب يمنع على المهاجرين المغاربة أن يصوتوا للبرلمان أو يصوتوا لمجالس البلدية، بل يصوتون لكنهم لا يقدمون ولا يرشحون في البرلمان، لأننا نطلب من النائب أن يقوم بالتزاماته داخل المدة النيابية، وإذا كان متغيباً خارج القطر يعيش في بلاد أجنبية فلا يمكن أن يجمع بين الوظيفتين، أن يكون مهاجراً غريباً عن بلده غير مقيم بها وأن يكون في الوقت نفسه نائباً في البرلمان، لكن له حق التصويت واختيار البرلمانيين والنواب والمجالس القروية.
عريف الحفل: الأستاذ عبد الحميد الدرهلي، يقول:
سرنا جداً قيام التكتل المغاربي وسائنا جداً فشله وانطوائه مثل انطواء التكتلات العربية، سؤالنا: لماذا فشل وانطوى التكتل العربي المغاربي؟ هل بسبب مشكلة البوليساريو المعقدة.. أم بسبب ازدواجية انتماء دول شمال أفريقيا لفرنسا وإسبانيا وأمريكا ودخلت ليبيا الآن الحلبة الأمريكية؟ وهي الدولة المارقة بنظر أمريكا سابقاً، ألا يجدر برؤساء هذه الدول تفعيل التضامن والتعاون المشترك بينهم من أجل تنمية شاملة مستدامة لبلادهم تنفع شعوبهم على المدى البعيد، وللحد من هجرة العقول المبدعة وغيرها لدول الغرب التي تناصب العرب والإسلام العداء وللمهاجرين العرب وللمسلمين الإذلال والكراهية؟ هل من صحوة عربية قريباً تنطلق منها الاستراتيجية المطلوبة لإطلاق الطاقات العقلية والإبداعية الخلاقة واستثمارها في خدمة الإنسان العربي والأوطان العربية وتطوريها؟ أو يرضون أن يستمر العالم العربي يزحف القهقرى ويضطر للخنوع للمستعمرين القدامى؟ الحقيقة السؤال طويل جداً.
عريف الحفل: هل من صحوة عربية قريباً تنطلق منها الاستراتيجية المطلوبة لإطلاق الطاقات العقلية والإبداعية الخلاقة واستثمارها في خدمة الإنسان العربي والأوطان العربية وتطوريها؟
الدكتور عبد الهادي بوطالب: طبعاً هذه الصحوة ضرورية ولازمة لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه.. تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، نحن محتاجون إلى مراجعة الذات سواء على الصعيد الإسلامي أو على الصعيد العربي، ونحن محتاجون إلى هذه الصحوة ولكن بالإعداد لها، الصحوة لا تنزل من السماء، وليست هي من باب المن الذي نزل على بني إسرائيل، نحن لا ننتظر من السماء أن تعطينا مناً من هذا النوع، يجب علينا أن نكون قادرين على صنع حاضرنا ومستقبلنا قادرين على أن نجمع قواتنا أما لمجرد التمني فلا يفيد التمني، يقيناً أننا نجتاز أزمة، أزمة خطيرة جداً، نحن الآن نلاحظ أن مستقبلنا يصنعه الغير ونحن نتفرج عليه سنتحمله بكل أسف، وفي نظري أن الأخطاء التي ارتكبناها وما نزال هي البدء في إصلاحها يبتدأ أو يشرع فيه من مراجعة الذات، والسؤال لماذا ارتكبنا هذه الأخطاء؟ وهل نحن قادرون على إصلاحها؟ المقال الذي كتبته منذ الأسبوع الماضي أيضاً على جريدة "الخليج" على الإنترنت، الجامعة العربية لا تجتاز أزمة تنظيم بل تجتاز أزمة وجود، أن تكون أو لا تكون، هذا هو الموضوع، ولا نزال نسمع أن الأمانة العامة تعد وثائق.. وتعد مبادرات وإلى آخره وأن تصوت القمة بالإجماع أو تصوت بالأغلبية، هذه أمور شكليات، العمق في الأساس هل ما نزال مؤمنين حقيقة بأننا ننتمي إلى العالم العربي من المحيط إلى الخليج ومن الخليج إلى المحيط أم لا؟ أخشى أن يكون الجواب.. الشك ينتابنا في أن هذا الانتماء ليس حقيقةً وليس واقعاً نعيش ما يمكن أن نعيشه، بكل أسف.
ولذلك أنا أعتقد بأننا محتاجون الآن إلى مراجعة الذات، الجامعة العربية محتاجة إلى أن تراجع أسباب الفشل الذي وقعت فيه، وهنا أفتح هلالين لأقول "لن يفشل" يا سيدي السائل الذي لم أرد على جوابه لم يفشل فقد فُتح المغرب العربي، أين هي المنظمة العربية أو الإسلامية الناجحة على الإطلاق؟
 
عريف الحفل: نشكر معالي ضيفنا على الاختصار على الإجابة حيث أن الأسئلة كثيرة بين أيدينا، ونتمنى أن يسعفكم الوقت، هذا سؤال من الأخ غياث عبد الباقي، يقول:
قضية الصحراء قضية شائكة وجراحات نازفة في المغرب العربي ما رأيكم في تلك القضية الهامة وهل سنرى إن شاء الله قريباً حلاً عادلاً؟
الدكتور عبد الهادي بوطالب: قضية الصحراء قضية مفتعلة، المغرب حرر الصحراء بالوسائل التي تحرر بها التراب المغتصب من الأجنبي، حرره أولاً بالمفاوضات مع أسبانيا، حرره بالزحف على الصحراء، ما يسمى بالمسيرة الخضراء، الذي لا يسع المستعمر بعدها إلا أن يدخل في حوار مع الملك الحسن الثاني - رحمه الله - ومع الرئيس الموريتاني لأجل أن تكون المعاهدة التي سلمت فيها أسبانيا صحراء المغرب سنة 1975 لكن هناك طرفاً، لست أسميه معروفاً هو الذي افتعل هذه القضية، دولتان افتعلتاها.. جارتان لنا، افتعلتا هذه القضية بعد أن أنهيت بالطرق العادية وأصبحت تتحدث عن وجود ما يسمى بجبهات البوليساريو وجماعة البوليساريو لم تكن موجودة وكلمة البوليساريو فيها الجبهة الصحراء الساقية ووادي الذهب للتحرير، لتحرير الصحراء، لم يشارك هذه الجبهة ولم تظهر أيام التحرير، لم تكن موجودة أبداً، الصحراء هنا أيضاً بخدش أيضاً.. يمس بها وبتطورها إلى الحل النهائي السلمي التوافقي، فكرة ما تزال عندنا عند بعض القادة في البلاد العربية، وهي أن توازن القوى، وتوازن ميزان القوة، وأنه من سيكون في اتحاد المغرب العربي الدولة القائدة والدولة الرائدة، ونقولها بكل صراحة أن تكون للجزائر أو للمغرب، إذ لا يوجد غيرهما له من الثقل ما لهاتين الدولتين في الميزان، والذين يراهنون على أن يكون هناك مشكلة الصحراء، وأن تقتطع الصحراء من المغرب يراهنون على إضعاف المغرب لأن يكونوا هم القوة الأولى في المجتمع المغاربي أو المجمع المغاربي، هذه فكرة قديمة.
نحن نقول الآن نحن ليس لنا مشكلة في الصحراء، نحن موجودون فيها بالقانون وبالوجود السياسي أهل الصحراء يعتبرون أنفسهم مغاربة، فرحون مبتهجون بأن مغربية الصحراء عادت إلى ما كانت إليه عبر التاريخ الطويل الذي أثبتته محكمة العدل الدولية عندما طرح عليها السؤال هل للصحراء علاقة بالمغرب؟ قالت نعم إن الصحراء في جميع عهودها كانت تنخرط في بيعة سلاطين المغرب منذ أقدم العصور، واستمرت في ذلك إلى أن جاء الاستعمار الإسباني، حتى عندما جاء الاستعمار الإسباني كانت تابعة للمنطقة الخليفية التي كان قوادها وباشواتها ومحافظوها يسموها بمرسوم ملكي من خليفة السلطان المغربي الموجود في تطوان، نحن هناك ولن نخرج من هناك، وسنبقى قاعدين في الصحراء، وسييئس المناهضون لتحرير الصحراء سييئسون وسينتهي الأمر إلى أنه لا يثبت إلا الثابت ولا يصح إلا الصحيح.
 
عريف الحفل: الدكتور عبد الوهاب أبو زنادة، يقول:
وأنتم رائد من رواد التشريع والثقافة ألا يحزنك أننا لا زلنا نعاني من الغربة في وطن الأدب فلا زال هناك أدب عربي مغاربي وأدب عربي مشرقي؟
الدكتور عبد الهادي بوطالب: يا سيدي حتى الآن الموجود لا يُفَرِّق، هل تقدمنا خطوة واحدة في هذا الباب؟ نحن بنينا نظام الجامعة العربية أو النظام العربي بصفة غير عقلانية ولا مُرشدة الأوروبيون يختارون بعدا اقتصاديا وبنوا عليه الاتحاد الأوروبي، نحن لم نختر أي بعد من الأبعاد، كل شيء تركناه على أساس أن كل دولة حريصة على نفسها تنكفئ على ذاتها والمهم.. حتى كلمة تضامن لم توجد، هل لو كان التضامن موجوداً في المغرب العربي هل يمكن أن يكون هناك خلل في العلاقات بين المغرب والجزائر؟ هل يمكن أين يكون لو كان التضامن موجودا في البلاد العربية؟ هل كان يمكن أن يكون كخلافات بين الأقطار العربية في الخليج وخارج الخليج؟ يعني هنا نحن لم نأخذ بأي شيء، لم نوحد الكتاب المدرسي، لا نقرأ في الكتب المدرسية حتى الآن في المغرب أي شيء إلا القليل عن البلاد العربية في المشرق العربي، ولا يقرأ إخواننا المشارقة في العالم العربي أي شيء أو الكثير عن جغرافية المغرب وتاريخ جغرافية الجزائر وتاريخها... لنبدأ من البداية، فكيف تقول إلى متى ؟ إلى متى؟ الجواب: إلى أن يتحرك الضمير العربي ويقول: أن عليه أن يبدأ من البداية لصنع التجمعات العربية والإسلامية.
 
عريف الحفل: الأخ أعراب أسباب، يقول:
بين السياسة كفعل والسياسة كتنظير في أي الوضعيتين وجدتم مبتغاكم لتحقيق ما تؤمنون به؟
الدكتور عبد الهادي بوطالب: في الحقيقة إن ما يريده المثقف وهو أن يلعب دوره السياسي، يجد نفسه أمام إشكالية أو معادلة صعبة الحل، التوفيق بين النظرية والواقع للحكم والنظام واقعه وللسياسة الأخلاقية واقعها، وقد يلتقيان ولكنه يقول من باب الازدواج المؤقت الذي لا يطول أو يحدد بأجل معين كما هو عندنا بالمذاهب، الواقع أنه يعني ماذا أستطيع أن أقول، أنا مؤمن بأنه يجب البدء من البداية، علينا أن نختار، علينا ألا نتسرع، علينا ألا نقول على الأقل نريد أن يقوم النظام العربي كما يقوم النظام الأوروبي، داخل القرن المقبل، ليس بعد يومين أو ثلاثة، أو نحلم به عند اجتماع القمة ونستفيق على أنه حلم مزعج في نهاية القمة، الله علمنا أن نتعامل مع الزمان، أقول لطلبتي في الجامعة في موضوع الزمن وأقتبس من القرآن الكريم، يقول الله تعالى قال في القرآن: إنَّما أمرُهُ إذا أرادَ شَيئاً أنْ يقولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (يس, الآية: 82)، ولكنه قال قي آية أخرى: خَلَقَ السمواتِ والأرضَ في سِتَّةِ أيَّامٍ (الأعراف, الآية: 54)، لماذا لم يقل كن فيكون؟ علمنا أن نراهن على الزمن، وعلى الصبر، وعلى التأسي بالله سبحانه وتعالى في عمله المتصف بالكمال الذي لا يعتريه النقص ولا الخلل، ومع ذلك مشى الأمور بآجالها، وكل شيء بأجله، وإذا جاء الأجل أيضاً يأتي في الوقت المحدد الذي نجهله ونبقى دائماً نعمل كما كنا دائمين، يعني أن نراهن على الزمان يجب أن نراهن على زمن نضربه موعداً لأجل أن ننجز به هذا المشروع العظيم الذي تعثر في خطواته لأنه لم تعد له الوسائل الكافية لإقامته، وأظن أن المراد كما يقال: الرجوع إلى الحق خير من التمادي فيه في الباطل.
 
عريف الحفل: الأخ أشرف السيد سالم، يقول:
عندما استهدفت أمتنا في أرضها وثرواتها كانت خسارتها فادحة ولكنها صمدت ولكنها الآن مستهدفة في هويتها التي تطحنها رحى الحرب الضروس، فهل ستصمد؟
الدكتور عبد الهادي بوطالب: لا.. أولاً ما يخص السعودية يخص العالم العربي كله، السعودية ليست وحدها منفردة بهذا، الذي يراد من العالم العربي اليوم هو أن يصمد، ويراد من العالم العربي أن ينصاع إلى الإرادة الوحيدة التي فيها تكيفه وتؤسسه لنظام قطب أحادي كبير لا يُعصى له أمر وينفذ ما يطلبون، لا أظن بأن الذي ينبغي المملكة العربية السعودية ولنا جميعاً في المغرب أيضاً في كل البلاد العربية الإسلامية هو أن ننفتح على العصر، أن نعيش عصرنا، كفانا أن نتقوقع في ماضينا، كفانا من أن نفخر بما كان لنا، علينا أن نعيد بناء الذات وبناء الحاضر، لنبدأ بالفخر بما أنجزناه، أما الآن عندما نفخر نفخر بما سلف، هذا ليس هو الحداثة الإسلامية، أنا كتبت كتاباً في الثمانينات بعنوان "السلفية استشراف المستقبل" هذا في الثمانينات.
فإذاً الآن المهم هو أن ننخرط في العصر، لا بد للسعودية أن تنخرط في العصر، وأن الإصلاحات التي يراد منها أن تفرض عليها تقوم بها المملكة العربية السعودية تلقائياً، بإرادتها دون أن يضغط عليها أحد وترفض أن يضغط عليها أحد، وتصلح نفسها بنفسها، وذاتها بذاتها، وهي محتاجة إلى هذا، ولا أقول أنها أكثر حاجة بل دولة من دول العرب المملكة العربية السعودية الحمد لله متقدمة في ميدان الثقافة في ميدان التعليم، اسمحوا لي أن أقول هذه العبارة: بعض الناس ينظرون إلى المثقفين وهم بعقالهم وببذلتهم التقليدية يقولون إن هؤلاء جامدون، لا علينا أن نسمع هؤلاء، أنا أنبهر بما أسمعه عن المثقفين السعوديين والخليجيين في القنوات ومشاركتهم في الندوات وما يأتون به من عطاء فكري قل أن يتوفر لغيرهم، هذا شيء مهم جداً في المملكة العربية السعودية أسست نهضة حديثة في عدة مجالات، ولكن هناك مجالات اجتماعية ما تزال مترددة في اقتحامها، هذه المجالات الاجتماعية يجب أن تقتحم برفق ودائماً بالتجديد الذي لا يتنافى مع ثوابت الإسلام وأصالة الإسلام وكما قلت: علينا أن نحدث الأصالة وأن نؤصل الحداثة في مجتمعاتنا.
 
عريف الحفل: الأخ عبد الرزاق صالح الغامدي، يقول:
قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى، كما تعلم وبما أنك كنت مستشاراً لجلالة ملك المغرب، فكيف ترى علاقة المغرب مع إسرائيل؟ وهل أنت راضٍ عن هذه العلاقات؟
الأستاذ عبد الهادي بوطالب: أود أن أقول أن جلالة الملك الحسن الثاني كان يقوم بمبادرات فيها ما أُعلن عنه وفيها ما بقي شيء لم يعلن عنه، ترمي إلى الوساطة بين العرب وإسرائيل لوضع حد للصراع العربي الإسرائيلي الذي يكاد يبلغ الآن قرنا أو أكثر من نصف قرن على الأقل، كان يقوم بهذه وكان يعلن عنها، الفرق بينه وبين بعض القيادات الأخرى أنها كانت تتصل بإسرائيل ولا تعلن عن اتصالاتها، أما هو فكان صريحا وواضحا في هذا.. عندما استقبل "شيمون بيريز" استقبله في التلفزيون المغربي وجلس وإياه في القصر الملكي يتحاوران أمام الناس وبعد ذلك أعطاه ندوة صحفية وقال لي بيريز وقلتُ له وقال لي وقلتُ له وأخيراً قلتُ له: أنا كنت أظن أنك ستأتي بفكر منفتح، أما وقد جئت بتفكير منغلق فلا علاقة بيني وبينك منذ الآن، هذا كلام واضح، إن البلاد العربية المغرب ليس له سياسة علنية وسياسة سرية، هناك اتصالات بين إسرائيل وبين كثير من الدول العربية اليوم، ومعروفون من يقومون بهذه الاتصالات هناك زيارات منذ قيام دولة إسرائيل من بعض الدول العربية ومنها المغرب ودول أخرى في المشرق العربي، هناك دول ارتبطت بالمعاهدة مع إسرائيل.. الأردن ومصر، كيف يُعاب على من يكون له بعض العلاقة مع إسرائيل علاقة تهدف إلى التفاهم.. إلى تصفية الأجواء.. إلى وجود حلول مؤثرة.. ولا يُعاب على من تقيد بمعاهدة.. اتفاقية فيها التطبيع الشامل الكامل ثقافياً وسياسياً وكل شيء، أظن أنه ليس هناك للمغرب ما يؤاخذ عليه، وأظن أن الضمير المغربي لا يوبخ أحداً من القادة المعلنين عما يفعلون.
 
عريف الحفل: الأخ عبد الله فراج الشريف يقول:
للمثقفين شكوى دائمة من رجال السياسة فبعضهم يرى أن الأزمة بين الطرفين استحكمت ومعاليكم خير من جمع بين السياسة والثقافة هلا حدثتنا كيف استقام لكم هذا الأمر ونجاحكم فيه مشهود؟
الدكتور عبد الهادي بوطالب: واقع الأمر أنا لم تكن مشادة بيني وبين جلالة الملك الحسن الثاني عندما كنت وزيره في عشر وزارات أو أكثر من عشرة ولا عندما كنت مستشاره ولي به علاقة حميمة ربطتنا منذ صغرنا وفي شبابنا، لم تكن لي مشادة معه ولا علاقة تناقض بيني وبينه.. كان يستمع لي، لكن كنت عندما أنقض نفسي وأطرحها على مشرحة التحليل والفهم لأفهمها كنت مؤمناً بأن دوري أن ألعب لدى الملك الحسن الثاني دور المثقف السياسي، وألا تعارض بين الدولة بينما في الغالب الذين ينقلون المثقفين ويدخلون السياسة ويتولون المناصب الحكومية يخلِّفون وراءهم دورهم الثقافي، وينسخوه بدور السياسي المحض الذي يتأقلم مع جميع السياسات، ومع جميع المبادرات، يقول دائما: آمنا وصدقنا، أنا متفق وليس لي أي اعتراض ولا أي شيء، هذه تتطلب من المثقف الذي يريد أن يوفق بين هذه المعادلة معاناة.. معاناة يومية معاناة كبيرة، أحياناً يتغلب فيها وأحياناً ينهزم فيها، لأن هذه قضية ذاتية ولكنها نقاش فكري ثقافي، لكل طرف جهته ومكانه، ولكل واحد منهم حد يقف عنده، المثقف عندما يكون مع الحكم لا يمكن أن يتجاسر إلى أن يقول للحاكم أنك مخطئ وأنا المصيب.. أنا أفهم أكثر مما فهمت، أنا أكثر منك فهماً وأكثر منك عقلاً وأكثر منك إدراكاً، حينئذٍ يقول له وداعاً، أنا لست صالحاً لك، عندما يستطيع المثقف أن يقوم بهذه الرياضة الفكرية، الرياضة اليومية، كيف يمكن أن يبلغ رسالته إلى الحاكم بالأسلوب الذي لا يسخطه ولا يغضبه ولا يؤلمه ويكون في الحقائق وحدها ما يبعث الحاكم على تغيير المفاهيم التي توجد عنده، وتغيير السياسات التي يتخذها إذاً المثقف يستطيع أن ينجح في التوثيق دون تكون معاناته لا تقبل التخفيف منها أو القضاء عليها.
 
عريف الحفل: فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني خادم الكتاب والسنة، يقول:
اللغة العربية روح الأمة وشرف عزها وبها نزل كتاب الله الجليل خاتمة الكتب السماوية، أما فَخِرَ العرب ولا عزوا إلا بعد أن شرفهم الله بنزول كتابه لقَدْ أنزَلنَا إليكُمْ كِتاباً فيهِ ذِكرُكُمْ أفَلاَ تَعقِلُونَ (الأنبياء, الآية: 10)، أي فيه شرفكم وعزكم وقدركم أفلا تعقلون قدر هذه النعمة؟ هل يرى معاليكم انفصام العروبة عن الإسلام أم أن القرآن روح العربية والعروبة جسد الإسلام ولا بد منهما لبقاء حياة الأمة العربية دون انفصال؟
الدكتور عبد الهادي بوطالب: أنا أقول بأن العروبة والإسلام ثنائياً لكن لا مغايرة ولا تناقض بينها وبين هذه الثنائية بين طرفيها، لكنني أفهم العروبة وأفهم الإسلام بفهمي الخاص، إذا كانت العروبة تقتضي التعصب العنصري والتفاخر بالعنصرية واعتبار أن العرب هم أسمى الخلق فأنا لا أنتمي لهذه العروبة، أنا أنتمي إلى العروبة كثقافة وكحضارة وليس كجنس متميز بالأفضلية على غيره، حتى إن ما ورد في القرآن عن وَ كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً (البقرة, الآية: 143) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (آل عمران, الآية: 110) لا يجب أن نفهمها نحن المسلمين كما يفهمها اليهود عندما يقولون إنهم العرق الأسمى الذي مَلَّكَه الله الأرض من فوق سبع سموات، وأنه الجنس المفضل على العالمين، الله فضل بعض الأجناس بإرسال الرسل إليهم من بينهم، هذا هو التفضيل الذي عندنا ولا يجب أن نؤوله أكثر من ذلك، نحن جنس كالأجناس الأخرى بشر كالبشر، كرَّم الله بني آدم ولم يقل العرب ولا المسلمين، كرَّم الله بني آدم، الله يكرِّم بني آدم أي من جاءوا من آدم وحواء منهم أقول وأجهر بهذا ولا أخشاه، ولو كانوا غير مسلمين كرمهم الله، الله كرَّم بني آدم لا يفرق بينهم وفي القرآن الكريم كُلاً نُمِّدُّ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رِبِّكَ مَحْظُوراً (الإسراء, الآية: 20) الكافرين وغير الكافرين، والآية صريحة في هذا فيجب أن نفهمها هكذا، فلا ينبغي أن يكون الانتماء للعروبة يوقعنا في شرك التفاخر بالأنساب والأعراق وهي نزعة من نزعات الجاهلية والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله نزع عنكم نزعة الجاهلية والتفاخر بالآباء والأجداد" يريد بالعرق.
 
عريف الحفل: الأستاذ عثمان محمد مليباري يقول:
الرجاء الحديث عن زعيم المغاربة علاّل الفاسي، ما هي ذكرياتكم مع هذا الزعيم؟
الدكتور عبد الهادي بوطالب: علال الفاسي هو الذي حضر امتحان الشهادة الابتدائية لي عندما كنت في مدرسة الفقيه محمد بن عبد الله التي كانت تسمى بالمدرسة الحرة، وأشرف على امتحاني مع بعض الأساتذة، وعلال الفاسي كان زعيماً لحزبٍ لم أنخرط فيه أنا انخرطت في حزب آخر كان يسبق الأحداث، ويتطلع إلى الحداثة وإلى الانخراط في منظومة العصر، سميناه حزب "الشورى والاستقلال" بينما كان الآخر حزب "الاستقلال" كنا نرى أنه يجب أن نتفق قبل الاستقلال على أن يكون نظامنا نظاماً تسود فيه الشورى الإسلامية أي ما يسمى بالديموقراطية، فأنا ألفت كتاباً بين الشورى والديموقراطية واستنتجت فيه أن جوامع الشورى والديموقراطية متعددة ولا حصر لها، يعني الإسلام جاء بمبدأ فكر الشورى.. فكر الشورى العام، بالأحكام العامة وهي مشاركة الشعب في الحكم، وهي استشارة الأمة وهي أخذ حاكم البيعة من القاعدة، كل هذا شورى كل هذا ديموقراطية والمشاركة مشاركة الأمة، وانتخاب أيضاً ذات البيعة من الرجال والنساء، النبي صلى الله عليه وسلم عقد بيعة النساء وبيعة الرجال، عدد الأمور التي نحن منساقين فيها مع الغرب في قضية الديموقراطية، لم تكن الديموقراطية تخوفنا لأن الشورى أعطتنا المفاهيم الأولى وجعلت لنا التصرف في التقنيات التي يمكن أن نعمل بها، كيف نجلس وننتخب على درجتين أو درجة واحدة، وهذه تقنيات فرعية، أما الأصل فهو أن يكون المجلس منتخباً وأن يكون الشعب راضيا عنه وأن يحكم الحاكم برضى القاعدة، ولا أن يكون حاكماً ضدها أو عليها، إذاً هنا علال الفاسي كان لي معه هذه الوشائج، ولكن عندما ذهب إلى الغابون منفياً كان يُدرِّس في جامعة القرويين كتاب "نور اليقين" وذكره قبل وجئت أخذت نفس الكتاب الذي كان يُدرِّسه علال الفاسي في نفس المكان الذي كان يجلس فيه في ساحة القرويين، وكانوا يقولون عني عندما كنت أقرأ الدرس هذا علال الفاسي الصغير، لأن بيني وبين هذا الرجل وشائج، وشائج فكرية وعلمية وثقافية ودينية وروحية، ولكن سياسياً كنت في حزب آخر.
 
عريف الحفل: الدكتور محمد سليمان الحقيقة يسأل سؤال أعتقد أجبتم على شق منه وهو تغيير مناهج التعليم ولكن يقول:
ما هي الضوابط التي ينبغي الالتزام بها في حال تغيير مناهج التعليم؟
الأستاذ عبد الهادي بوطالب: الإسلام.. نحن يجب أن ننفتح في تعليمنا على التعليم الغربي، أقولها بكل صراحة..، وأنا وضعت خطة من عشرة مقومات لإصلاح التعليم، وأتمنى أن يطلع عليها إخواننا في العالم، أقول لهم وبكل صراحة نحن في سنة 2004م، التلميذ الذي يدخل السنة الابتدائية في هذه السنة 2004م سيكون قد تعلم وحاز على الشهادة العليا النهائية في سنة 2025م وأكثر.. فلنتصور كيف سيكون العالم في سنة 2025؟ والعالم سيكون في سنة 2025م ستسود العولمة أكثر، ستؤثر على مناهجنا الفكرية.. على ثقافتنا، سيكون منشغلا بالتقنيات الإلكترونية أكثر من اليوم.. سيكون عالماً متواصلاً أكثر من اليوم، سيكون عالماً منفتحاً على توظيف جميع أفراد العالم في كل بلد من بلاد العالم، فلنعط لهذا المواطن السعودي أو المغربي أو التونسي أو القطري التعليم الذي سيكون هو التعليم الصالح لسنة 2025م، هنا هذا الكلام، ونطعِّمَهم بثقافتنا الدينية القرآنية التي يجب أن يتربى عليها التلميذ منذ دخوله السنة الإعدادية، وعندما يأتي التخصص ابتداءً من الرابعة الثانوي يتخصص، وعندئذ يذهب إلى المادة التي يتخصص بها ولكن هناك جذع مشترك بين التلاميذ في هذه الفترة، أقول كذلك بأنه الآن ثبت علمياً من خلال دراسات صدرت عن معهد التربية في واشنطن، بأن الأطفال يصبحون يتعلمون وهم في بطون أمهاتهم، وهذا مؤكد هذا موجود، يسمعون أولاً ثم ينزلون من بطون أمهاتهم، فيتعلمون كل يوم وكل دقيقة وكل ثانية ويبصرون ثم يسمعون ثم يتفقهون، وأقول هذا سر من أسرار الآية القرآنية التي رتبت الحواس على هذا الشكل في القرآن فقالت: وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ (النحل, الآية: 78) هكذا قدمت الآية السمع والبصر، أقرأ هذه الآية وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ (الملك, الآية: 23) فيتجمع له منذ أن ينزل من بطن أمه إلى أن يبلغ سن البلوغ حصيلة معلومات وثقافة لا يغفل إليها سن البلوغ ولو بلغ سن الثمانين كما بلغت أنا اليوم، لو وضعناها في ميزان لوجدنا أن ما تعلمه منذ أن كان في بطن أمه إلى أن أصبح في سن البلوغ يفوق بكثير الحصيلة التي تعلمها بدءًا من سن البلوغ وإلى سن الثمانين أو المائة، هذا طفل ينزل فيتعلم كيف يحبو حبواً، وينزل فيتعلم كيف يقف على رجليه، وتراه يمشي وهو يراقب خطواته ولا يتردى في حفرة إذا اقترب منها بل يرجع، لم يعلمه هذا أحد، لكن يتعلمه وهو يتكلم في اللغة، ويتعلمها الدارجة كل واحد بلهجته الدارجة، ويقول: أبي قال لي وأمي قالت لي وأخوايا قالا لي، بدون أن يقرأ من سيبويه، هذه القواعد يتعلمها صغيراً، ويمضي عليها، فعلينا أن نكدس في أذهان الأطفال في هذه السن المبكرة جميع المعلومات، يمكنك أن تعلم الطفل وهو صغير عشر لغات إن شئت فثق أنه سيهضمها وسيفهمها وسيشب عليها، وسينطق بها وسيكسبها دون أي مشقة ولا حرج، تعليمنا في حاجة إلى تغيير شامل كل ما يمكن أن أضيف أن هذا لا ينبغي أن نضيّع به ثقافتنا الدينية الأصلية التي يجب أن تكون جزءاً من الثقافة وليست الثقافة الوحيدة.
 
الشيخ عبد المقصود خوجه: يا سيدي أمتعتنا بكثير من المعلومات، وتفضلت علينا بكثير من التوجيهات، والتجربة الكبيرة في حياتكم بالإجابة على الأسئلة التي طرحت على معاليكم، هناك بقيت الكثير من الأسئلة.. فرأفةً بك وعفواً من الإخوان الكرام الذين لم نستطع أن نطرح أسئلتهم لضيق الوقت، حيث أصبحت الساعة الآن الثانية عشرة فمعذرة منهم، وشكراً لمعاليكم وعلى أمل إن شاء الله أن نلتقي بكم مرات عديدة وأنتم بخير حال وفي أحسن صحة وبألق دائم ولكم التحية من الجميع ومني شخصياً.
 
الدكتور عبد الهادي بوطالب: وأنا أود أن أجدد الشكر في نهاية هذا الحديث لأخينا المجاهد الأخلاقي الكبير سماحة الشيخ عبد المقصود خوجه، وأنوه بهذه النخبة التي تحلقت بجانبي هذه الليلة، وأنوه بالمداخلات، وأنوه بالأسئلة التي طرحت علي، وأنوه أكثر فأكثر بهذا الجهد الثقافي العلمي الفكري الذي تنشره مؤسسة الاثنينية التي أقول عنها أنها في آن واحد الجامعة العربية والرابطة الإسلامية، وشكراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :552  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 76 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج