شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ))
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أولاً أسعد بهذه الدعوة الكريمة من الأخ الأكبر والشخص العزيز الشيخ عبد المقصود الذي له مكانة خاصة في نفسي، فهو صديق والدي قبل كل شيء، ثم صديق لي شخصي، وتعلمت منه في تجارب كثيرة لسنين طويلة، ثم أنه هذه المرة الثانية التي أُدعى إلى هذه الاثنينية وليست المرة الأولى، وفي كل مرة لا أفاجأ بأن أجد الحضور هم من أتمنى أن أراهم وأجتمع بهم في كل وقت، لذلك عندما قال لي الأخ عبد المقصود أنه "كلَّف علينا عناء السفر" فهو لم يكلف في الواقع بل أنه لو استطاع أن يجمع هذا الجمع كل يوم لتحملنا السفر كل يوم، ثم أنه خفف عنا البرد قليلاً عن برد الرياض، فلهذا الدفء اقترحت عليه المرة القادمة أن يكون اللقاء بلبس السباحة فقد يكون أكثر راحة قليلاً بدلا أن ألبس الثوب والبشت.
أولاً: أنا سعيد بأنه الاثنينية وقد أصبحت مناسبة ليست مناسبة مجاملات ولا مناسبة عشاء الحمد لله الخير والبركة في البلد وكل الناس في خير ونعمة ولا يأتي اليوم الناس للعشاء مثل ما كنا نعمل في السابق، أصبحوا يأتون ليتناقشوا ويتحاوروا ويستفيدوا ويفيدوا، كما أن الاثنينية أصبحت مؤسسة حقيقة، الأخ عبد المقصود جزاه الله خيرا، يتكفل بهذه الأمسية التي تكلفه الكثير ولكن هو رجل لم يتوان أبداً عن عمل ينفع بلاده وينفع وطنه وينفع المواطنين إذا لم يكن هناك فقط المال هو الذي يُبذل، لكنه يبذل من ماله ويبذل أيضاً من صحته، أنا أقول ذلك لأن لي تجارب مع الأخ عبد المقصود جزاه الله خيرا، تجارب علاقة شخصية وصداقة وهذه لها حديث آخر، ولكن أيضاً تجارب في عمل الخير الذي ذكره اليوم وقد أبدأ بذلك، أنا أتذكر مناسبة أو فرصة أنني أتيت للأخ عبد المقصود والله يشهد على ذلك أطلب منه المساهمة في عمل خيري إلا كان أول المساهمين والمبادرين، وحدث مرة واحدة فقط أن تكلمت معه عن موضوع يتعلق بمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، هذه مؤسسة جديدة لم يذكرها الأخ عبد المقصود اليوم وقد أتحدث عنها بعض الشيء، وقال لي السنة هذه أي العام الماضي عنده التزامات كثيرة لكنه يعتبر هذا في صميم التزامه الشخصي، ولكني فوجئت بعدها بأيام قليلة أن كلمني وكان هناك هاجس في باله لا يرتاح حتى يلبي طلبا في عمل خير، وقال لي: في الواقع أنا أستطيع أن أتدبر أموري بطريقة أو أخرى ولكني لا يمكن أن أرفض أو أن أتوانى في المشاركة في هذا العمل الطيب، لذلك الأخ عبد المقصود عندما يدعوني للحضور اليوم لا أعتبر هذا تكرماً وأعتبر هذا تكلفاً، لكن أعتبره الحقيقة أنه هو الذي تكرَّم عليَّ بأن أعطاني هذه الفرصة بأن ألتقي بهؤلاء الناس الكرام الكثير منهم أعرفهم طبعا،ً ووجدت من الناس القدماء الذين أعرفهم من المدرسين الأوائل ومن الأصدقاء الأحباء الذين في الواقع تفاجأت بوجودهم اليوم بيننا.
لو بدأنا اليوم بالعمل الخيري، الصورة التي بني عليها العمل الخيري في المملكة هي الصورة التي تعكس أصل هذا المجتمع أساساً، أنا اليوم أعتقد أن المملكة العربية السعودية كلها ليست فقط كدولة ولكن ككيان هي مؤسسة خيرية، وهذه المؤسسة الخيرية اليوم بلا شك تمر بمحك وخاصة فيما يتعلق بالقطاع الخيري، خيرية هذه البلاد هي التي أدت بأنها تتوسع في هذا العمل الخيري حتى وصل أصقاع الدنيا، لا يوجد اليوم بلد في العالم بالنسبة لحجم اقتصاده يساهم في العمل الخيري وفي نفع الناس في جميع أصقاع الدنيا مثل ما تساهم به السعودية، وفي معظم الأحيان تساهم هذه البلاد وأهل البلاد بدون مصلحة واضحة كما تقوم به بعض الدول الأخرى، فلذلك المملكة اليوم تجد أنها ككيان وكقيادة وكحكومة وكمواطنين اليوم أستطيع أن أتكلم مع أي إنسان وأؤكد له وأثبت له بالدليل القاطع أن كل واحد جالس اليوم هو مؤسسة خيرية متنقلة، كل مواطن سعودي اليوم جالس هنا مؤسسة خيرية؛ لذلك عندما يُناقش موضوع العمل الخيري للمملكة كما يناقش اليوم، وأحياناً يناقش نقاشا مغرضا، ليس نقاشا فيه مصلحة، يناقش وكأن هذا عمل له مصلحة سياسية أو عمل يؤدي إلى خراب، اليوم تقف في الشارع في جدة في الرياض في الباحة في الطائف في بلد صغير في قرية فقط تقف في الشارع تقول يا ناس أنا محتاج وسوف تجد كل إنسان يهب لمساعدتك، قد تأتي عند بيت أحد لا تعرفه وتطرق الباب وتقول أنا غريب عن هذه البلد تجده يفسح لك بيته وتنام عنده في البيت وترتاح وتأكل وتشرب ولا يقول لك متى سترحل.
العمل الخيري متأصل في هؤلاء الناس وفي هذه البلاد ولن تستطيع اليوم أي قوة من الخارج أو من الداخل أو أي تصور مستقبلي أن يفصل بين هذه الأريحية الخيرية للناس التي أصّلها الإسلام وأصّلتها أخلاق هذه البلاد، وبين ما يمكن أن يقوم فيه المستقبل، فأنا الواقع كشخص له علاقة بالعمل الخيري وجدت أن مهمتي ليست صعبة، الناس يقولون أن مهمتكم صعبة لأنه ليس هناك ضرائب أنكم تستطيعون أن تقولوا للناس أعطني هذه المبالغ حتى لا تدفعها ضرائب أو يكون هناك نوع من الضريبة، بل بالعكس هم لا يعرفون أن عندنا ما هو أفضل من الحافز الضريبي، وهو الحافز الإنساني، والحافز الشرعي، والحافز المتأصل في تربية كل واحد منا، اليوم كل واحد منكم يا أخوان يذهب إلى بيته، في الواقع تجد أن مدرستك الأولى في العمل الخيري هي والدتك، أم الإنسان هي دائماً مستقر الخير وتعمل الخير، ووالدك نفس الشيء، لذلك أنا وجدت أن مهمتي سهلة في البداية، المهمة الصعبة التي وجدتها لأن أريحية الناس وإقبالهم على الخير أحياناً لا تتوافق مع قدرتهم على رؤية الصورة بشكل أوسع، الصورة من بعيد.
اليوم نحن نواجه بلا شك ونتكلم عن مجال الإعاقة الذي لي شرف أني أنتمي إليه كقضية ولا أنتمي لجمعية، صحيح أنني أنتمي لجمعية الأطفال المعوقين لكنها جمعية تتوسع وجمعية لها نشاطات، وهي تعتبر قضية أنتمي إليها، وما قامت به جمعية الأطفال المعوقين وما وفقنا الله سبحانه وتعالى، وكان هناك تكريم الليلة ما أسميه تكريم حتى أسميه تشريفاً- أن الليلة سعدت أن أكون بينكم لي أنا تشريف وهو كذلك لناس كُثر، ومنهم موجودون هنا من الجنود المعروفين والجنود المجهولين، وكلهم يتساوون عند الله سبحانه وتعالى -إن شاء الله- أن الناس اليوم تُقبل على العمل الخيري ولا تنظر للقضايا بمنظورها الأوسع، قضية المعوقين مثلاً عندما أعتقد بدأنا في البداية من خمس عشرة سنة تقول إن هذا المجال لم يكن رغبة ولم يكن طموحا، كنت أعمل قدر الإمكان تربيت في منزل -الحمد لله- كأنه جمعية خيرية، في بيتنا كل يوم قرارات جمعيات خيرية، كل يوم قرارات سواء قرارات تبرع أو قرارات خير أو "فزعة" ليل نهار، فلم يكن عليَّ حاجة أن أذهب إلى البحث عن جمعية مؤسسية حتى أستطيع أن أمارس عملا خيريا، بل صدفة دعيت لعضوية جمعية الأطفال المعوقين وترشيح انتخابات الجمعية واعتذرت وكنت في تلك السنة لا زلت حديث الزواج في شهر العسل كما تسمونه، واعتذرت لأن المسئوليات كثيرة وعليَّ أعمال كثيرة، والآن لا أعرف عن هذه القضايا، فحصل أن والدي تكلم معي، أنا لا أذكر مناسبة في حياتي سواء استشرت والدي أو هو أشار إليّ أو شار عليّ، وقليلاً ما يشير إلا عند طلب المشورة -الله يسلمه- إلا وكان فيها التوفيق، فتحدث معي بالتلفون أظن حدثه الإخوان بالجمعية وطلبوا منه أن يقنعني وكذا، تكلم معي وقال إن مجلس إدارة الجمعية استقال وكان عندهم تغير في التوجهات وكذا، وأنه لم لا تشارك مع الإخوان وتُرشِح نفسك دع الذي ينتخب وأن تخدم فيها ثلاث أو أربع سنين تساعدهم وهذا عمل خير ومع غازي القصيبي تعاونوا في أن تنشأ الجمعية وكذا، وكانت تجربة والحمد لله مازالت غنية.
ما قامت به الجمعية أساساً هي أنها نظرت للصورة العامة، فاتخذنا قرارين أساسيين منذ البداية، الأول: هو أننا لا نصبح جمعية تلقّي المعاقين فقط ولكن نصبح جمعية لمواجهة الإعاقة، وعلى محورين:
المحور الأول: هو محور التوعية الاجتماعية العامة التي قامت بها الجمعية، وأنتم تعلمون أن قضية الإعاقة أصبحت قضية كل إنسان اليوم، قامت جمعيات على أساس هذا الطرح والدولة توجهت توجهات جديدة على أساس ما طرحته الجمعية، والمجتمع أصبح ينظر للمعوق وقضية المعاق قضية أساسية اليوم، هذا من فضل الله سبحانه وتعالى ثم من فضل ما قامت به الجمعية التي تمثل الآلاف من الأشخاص والكثير منهم موجودون اليوم، ويعملون معها.
المحور الثاني: هو محور البحث العلمي وكما قال الصديق الشيخ عبد المقصود أنني رجل البدايات الصعبة، كأنه كان قدرا من الله سبحانه وتعالى أن الإنسان دائماً يقع في قضايا تحتاج إلى بدايات صعبة، قضية البحث العلمي والمعوقين بشكل عام لكن قضية البحث العلمي ككلمة والسياحة تلتقيان في شيء واحد هم يقولون في اللغة الإنجليزية ويعتبرها الناس (dirty word).
نحن مجتمعنا أصلاً فكرياً غير مكيف على قضية البحث والنظرة المستقبلية بعيدة المدى، الناس أتت من ثقافة وحضارة، الحضارة القديمة فعلاً كانت تنظر للبعيد، والمجد الإسلامي بُنيَ على النظرة الاستراتيجية بعيدة المدى، ثم أتت حضارة الفقر وحضارة الإنسان يجد قوت يومه يأكل فقط اليوم وغداً "يحلها" الله، فلم يتعود الناس مؤسسياً ثقافياً على ثقافة النظرة البعيدة وثقافة النظرة المستقبلية للأمور، لذلك عندما يتكلم الإنسان عن البحث العلمي نقول اليوم يا أخي هناك قضايا تتعلق بالإعاقة بدأت تستفحل في المجتمع إذا ما نظرنا لها اليوم ووجدنا لها حلولا للمدى البعيد المصاريف ترتفع والناس تتبرع والإخوان مثل عبد المقصود كل يوم نطلب منهم فلوسا لمراكز جديدة وكذا، فلا يُعقل أننا نصبح نسابق فقط المشكلة ونوازي لا يمكن، اليوم الوضع الصحي مثلاً في بلادنا لا يمكن أن تنظر إليه كقضية ميزانية سنوية، كم مستشفى وكم طبيب وكم دواء تشتري لا يمكن! لأن هنالك توسعا سكانيا عاليا جداً،وتوجد أمراض جديدة بدأت تتفشى وما نعلم عنها بعضها بسبب الأكل والشرب الجديد ونوعية الحياة، اليوم هنالك استراتيجية طبية صحية وليست طبية لبلادنا ولأي بلاد أخرى أصبحت القضية محسومة، اليوم ظهرت أمراض مثل السكري والكوليسترول والضغط والسرطان، بالأمس كنت أقرأ في جريدة الوطن أو عكاظ أن سرطان الثدي استشرى بين النساء إلى آخره، كلها قضايا مستحدثة عندما تنظر إلى مرض اليوم مثل الكوليسترول هل السعودي يأكل أكثر من غيره؟، صحيح يمكن طبعاً عندما يرى اليوم الأكل عند الأخ عبد المقصود ولما أحد يعزم الناس يجد ما شاء الله الأكلات من جميع الأشكال والألوان فيأكل أكثر من غيره، لكن كثيرا من المواطنين السعوديين اليوم لا يأكلون أكثر من غيرهم، الذي حدث أن تعود الفرنسي مثلاً من آلاف السنين أن يأكل المأكولات الدسمة مثل اللحوم والمأكولات القوية فجسمه تكيف على هضمها، نحن اليوم لدينا جيل كامل أتى من عصر إلى عصر مختلف، في عصر الطفرة أصبحت أمامه منتجات ومأكولات وأشياء لم يتعود عليها جسمه فيحتاج لجيل جيلين حتى تبدأ الكبد والكلى تتعودان، اليوم عندما يفكر المجتمع في قضايا الإعاقة أو التوحد المستفحل عندنا أو الإعاقات وهي من أنواع الأمراض التي أصبحت تشغل بالنا اليوم، لماذا يزداد المرض في المملكة أكثر من غيرها، فرأينا أنه لا بد من إستراتيجية للتعامل مع هذه القضية بالبحث العلمي، فأُنشئ مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، وتسمعون قريباً إن شاء الله أن هذا المركز انضم إليه حتى الآن حوالي خمسة وستون مؤسسا منهم الشيخ عبد المقصود، وكل واحد من المؤسسين دفع على الأقل خمسة ملايين ريال لتأسيسه ويقوم على فكرة أن البحث العلمي، الوقف المخصص للبحث العلمي لأول مرة يُنظر فيه في بلادنا كمؤسسة من نوع جديد وكتجربة جديدة.
أنا مرة قرأت مقالة في Western Journal للدكتور فاروق الباز وهو صديق عزيز وكان يتكلم عن ما كان يقوم به الخلفاء وما يقوم به الأمراء وما يقوم به رجال المال ورجال العلم من قضية تمويل البحث العلمي، كما أنه تحدث وتتحدث الوثائق عن أنه كيف بُنيت المستشفيات في العصر الإسلامي وكيف بُنيت الطرق ووصلت المياه الخ، كانت كل هذه مركبة على وجود وقف من الأوقاف، أنا سعيد أني وجدت في معالي وزير الشؤون الإسلامية من الاستنارة ما يكفيه أن يقول هذا اليوم بأن وزارة الشؤون الإسلامية أساساً دخلت في مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة كعضو مؤسس من الوقف، وقال لي معالي وزير الشؤون الإسلامية بأننا نريد أن نخوض هذه التجربة كيف نوجه أموال الأوقاف الآن للبحث الذي يلامس وينفع الناس، كيف نستطيع أن نوجه أموال الأوقاف لأن تنقذ حياة الناس وتسعد الناس وتُثقف الناس وتعلم الناس، اليوم هذا العمل المؤسسي في البحث العلمي وفي الوقف أصبح هو منهج الجمعيات الخيرية.
كما أن جمعية الأطفال المعوقين انتهجت مناح جديدة، معالي الشيخ عبد المقصود قال نقطة حساسة منذ قليل، قال: أنني لا أخشى كشخص كفرد وصغير في هذا المجتمع لا أخشى شيئاً، وإني جريء أن هناك جراءة في التعامل مع القضايا، اليوم في العصر الذي نعيش فيه وفي خضم هذا التوتر والتشدد اللذين تمر بهما بلادنا إن لم يكن عندنا جرأة اليوم متى يكون عندنا جراءة؟ الآن نفكر خارج الصندوق مثل ما نسميه "out of the box" كلمة مستحدثة هذه متى نفكر خارج الصندوق؟ إن لم نجد الناس أصحاب العزم والحمد لله بلادنا فيها الكثير من الناس الذين لديهم عزم، اليوم أتحدث عن المملكة العربية السعودية وأتكلم عن الأعمال الخيرية مثلاً، والله يا إخوان وجدت من الناس الذين نستشيرهم ونتعاون معهم من عندهم من الفكر وعندهم من الاستنارة ولديهم من العزم ولديهم من المحبة والإخلاص والخيرية والأريحية ما لا يوجد في أي مكان في الدنيا، صحيح أن هذه البلد استثمرت في الطرق والزراعة والمستشفيات وكذا وبعضها نجح وبعضها أخفق، لكنها استثمرت استثماراً ناجحاً وهو الإنسان، هذه البلدة استثمرت في الإنسان ولو تأتي اليوم وتزورنا في جمعية المعوقين أو في هيئة السياحة أو تأتي وأعطيك قائمة بالناس الذين أشركناهم في العمل تجد أناس وكفاءات كثيرة، وقضية الشراكة بالنسبة لي قضية أساسية في كل شيء قمت به في حياتي، ولذلك أنا دائماً أتأسف عندما تنسب الناس النجاحات لي شخصياً وهي لا تعرف أنها لم تكن نجاحات شخصية بل كانت شراكة، النجاح هو توفيق من الله سبحانه وتعالى، بسبب أني كنت أصر دائماً على أني أستقطب الناس الذين أتأمل فيهم الخير، ونحفزهم على أن يعملوا وينتجوا ولم يكونوا موظفين كانوا أناساً متطوعين وبالمئات وبالآلاف، ووجدت أن هذا هو البترول الحقيقي لهذه البلاد، هم هؤلاء الناس، فلذلك اليوم عندما أتحدث عن العمل الخيري لجمعية الأطفال المعوقين التي خرجت "خارج الصندوق"out of the box أصبحنا نأتي بمبادرات جديدة ونجد بعدها بسنة.. أو سنتين أن الآخرين يبادرون نفس المبادرات، وهذا يسعدنا لأن الصندوق هذا ممكن تخرج منه فضاءً رحباً وواسعاً، وهناك أفكار كثيرة وجديدة فبدأت الجمعية تعمل بهذه الطريقة التي تحاكي العصر وتفكر مستقبليا،ً اليوم الشيخ عبد المقصود ذكر أن الجمعية رأت مواردها المالية مثلاً ضعفت بسبب الحصار والتنافس على التبرعات وكذا، فرأت أنها تستفرد ببعض الطرق الجديدة التي نجحت فيها والحمد لله.
الجمعية اليوم أطلقت ثمانية أوقاف خيرية جديدة، هناك ثلاثة منها تحت الإنشاء، الآن الجمعية خلال خمس سنوات -إن شاء الله- سوف تكون جمعية تحقق أكبر قدر من الدخل وأعتقد أن هنالك نسبة كبيرة جداً لدخلها عن طريق الإيراد الذاتي، الجمعية اليوم لم تتوان ولم تخجل لأن عامل الاعتزاز في النفس ألغيناه، ومشكلتنا نحن في كثير من الأحيان أننا عندما نحتاج أن نتراجع لا نتراجع لأن هناك نوع من الاعتزاز بالنفس، نوع من التخوف من الانتقاد، فعلى حساب المصلحة تجدنا اليوم ندخل في نفق ويقول لك يا أخي النفق مسدود تراجع.. تراجع.. ما تتراجع.. الجمعية دخلت في أنفاق ورأت أنها مسدودة وتراجعت ورأى الناس أنه شيء حميد، نحن رأينا مثلاً مركز جدة بُني والحمد لله بناء ممتاز وكذا لكن رأينا أن الزمن يسبقنا في عملية التشغيل، فوفقنا الله سبحانه وتعالى أننا أجرنا جزء من مركز جدة، وأنا أتاني بعض الناس قالوا لي سوف ُتنتقدون وأنت شخصياً سوف تنتقد، وأنت ستكون في المحك، قلت أُنتقد يا أخي خير إن شاء الله هنالك جمعية عمومية يمكن أن تقول هذا (أكرشوه) هذا مجنون هذا ورطكم لكني لن أقول لهم أنا ورطتكم وتغاضوا عن التوريط هذا، لكن تفاجأت عندما بدأنا في هذا البرنامج في جدة، أن جماعة الرياض طبقوه لنا وطبقناه في عدة مناطق، الآن أصبح مركز جدة يغطي لنا نصف الميزانية، وبالعكس المنطقة التي أخذناها في مركز جده الآن وطورنا فيها المركز يأتوني خبراء عندنا والدكاترة ربما يزورون يقولون يا أخي جزاك الله خيراً، والله هذه أحسن لنا من الأولى، لأن ذاك فيه تباعدا وكذا هذا أفضل لنا ولطريقتنا، ما في خجل الناس الذين تبرعوا للمشروع كلهم استشرناهم قالوا لي يا أخي الله يقويك، توكل على الله بعضهم كتب قال جزاك الله خيرا، إذا هذا شغلكم سنعطيكم نقودا زيادة.
اليوم هنالك تغيير تحتي في الثقافة نفسها ثقافة الصراحة والشفافية وخاصة في العمل الخيري لا يحتمل اليوم البطولات والمبارزات والتنافس، اليوم نحن أيضاً مثل ما قلت منذ قليل ثقافتنا الاستراتيجية ربما تحتاج إلى تعزيز، أيضاً لدينا نوع ثانٍ من الثقافة يحتاج إلى تعزيز وهي ثقافة الأهداف، لو كل واحد منكم يختبر نفسه اليوم في كل شيء يفعله في حياته أو كل شيء يطلب مثلاً من دولته أو يطلب من شركته يجد أنه دائماً يركز على الآليات والأدوات، وأن تركيزنا على الأهداف شبه منعدم، أنا رأيت كثيرا مما يُرفع من مقترحات أو ما يُقدم من مبادرات كلها تتركز على آليات وأدوات لكنها تفقد صلتها بالهدف، ما هو الهدف؟ هذه الثقافة أيضاً من نوع جديد حرصت مع الأخوان والزملاء والأخوات أننا ننميه في كل عمل يكون لنا علاقة فيه.
اليوم مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة ما فائدة مؤسسة مثل هذه؟ هذه مؤسسة بحث علمي جديدة من نوع جديد لم تألفوه أبداً، وعندما نعلن عنها إن شاء الله وترون فئة المؤسسين وإن شاء الله الموجودون هنا اليوم منهم من يستطيع أن يأتينا كمؤسس ويكلمني ويقول لي أعطني شرحا زيادة وآتيه بالطائرة أو السيارة واعمل له تقديم Presentation يرى أنه فكر جديد، هذا شيء جديد على مجتمعنا، المؤسسون بالنسبة لنا ليسوا نقودا ليسوا أصحاب رأس مال، المال الحمد لله متوفر في كل مكان، المؤسسون بالنسبة لنا هم مصير مؤسسة بحثية مثل هذه، سوف تنطلق في ثلاث جهات أساسية:
أولاً: سوف تحاكي فقط القضايا التي أصبحت اليوم خطرة وحرجة في مجتمعنا، سوف تنظر في القضايا التي أصبحت محرجة بالنسبة لمستقبلنا ومستقبل أبنائنا، اليوم كل واحد جالس يعتقد أن الإعاقة بعيدة عن بيته لا يعرف شيئا عن الإعاقة، أصبحت الإعاقة تصيب الناس الذين ليس لهم تاريخ في الإعاقة أكثر مما تصيب الناس الذين لديهم تاريخ في الإعاقة، الإنسان يخدم نفسه قبل كل شيء وعائلته وأبناءه قبل أن يخدم غيره.
سوف نبدأ الآن مع المؤسسين فيما نسميه بناء الجسور، المؤسسون هم عمال بناء بالنسبة لنا، إن البرنامج سوف يبدأ هذا العام إن شاء الله لمدة خمس سنين، كل مؤسس سوف يساعدنا ببناء جسور جديدة لبلادنا عن طريق هذا المركز مع كبريات المؤسسات العلمية والشركات التجارية العالمية ومؤسسات البحث العلمي، نحن في المملكة العربية السعودية نقدم كل سنة مئات الملايين للبحث العلمي للخارج ويشارك رجال أعمالنا وحكومتنا في مؤسسات علمية دولية ولا نستفيد من هذا الزخم العلمي أبداً.
أصبح العالم اليوم "غير" في البحث العلمي، أصبحت هناك قواعد معلومات لا نصل إليها، أصبحت هناك منح بحثية تمر فوق رؤوسنا بالطائرات للهند وللصين ولكل مكان ونحن جالسون نتفرج عليها، ليس عندنا الهيئات والهيكلية التنظيمية التي تساعد مؤسساتنا العلمية أن نستفيد منها، اليوم ارتباطنا مع المؤسسات العلمية الدولية شبه مفقود فقط ارتباط رسمي عبارة عن كتابة تقارير وكذا.. وليس ارتباطا علميا أصيلا، اليوم العالِم السعودي الرجال والنساء أصبحوا من أهم علماء الدنيا، نحن ننسى هذا الشيء، أصبح يبحث عنهم الناس في كل مكان، وأصبحت عندهم قدرات عالية جداً، أصبحت الطاقات التي أطلقتها مثلاً تقنيات الكمبيوتر، البحث العلمي استغرقت سنة واحدة أصبحت تستطيع عمله في أقل وقت ممكن، أو أن كثافة البحث نفسه وقوة البحث وعمق البحث أصبح شيئا هائلا، الإنترنت وتقنية المعلومات والدخول على قواعد المعلومات والحسابات الجديدة والعلوم الجديدة عبارة عن ثورة علمية، واليوم نحن مقبلون في العالم على ثورات علمية من نوع جديد، لا يعقل فالبلد هي عمق العالم الإسلامي، ولها أكبر اقتصاد في المنطقة، ولها هذا الموقع الجغرافي الذي تقاطعت فيه تاريخ وحضارات الدنيا كلها، يبقى يتعامل مع الجانب العلمي بالرسمية الموجودة الآن، لذلك هذه تجربة جديدة بالنسبة لنا، بناء هذه الجسور الضخمة جداً، سواء مع شركات تجارية أو مع مراكز البحث العلمي.
ثانياً: بناء جيل جديد من العلماء، اليوم العالِم إذا ما احتضنته، لا يكفي فقط تعطيه مرتبا ووظيفة ونقوداً وكذا.. في الواقع العاِلم اليوم يحتاج احتضان، نحن نريد أن نبني جيلا جديدا من العلماء المواطنين رجالاً ونساء، نحن اليوم مثلاً عيَّنا ثاني مسئول في مركز الأبحاث العلمي وتبقى منصب المدير التنفيذي، وهي أخت الدكتور عائض العسكري لتقود قطاع البحث العلمي عندنا في المركز، لا نستهين نحن الحمد لله في هذا البلد الذي استثمر النساء والرجال، فلذلك اليوم في هذا الجيل الجديد نتوقع خلال الخمس.. أو العشر سنوات القادمة سيكون لدينا جيل منتقى من العلماء المواطنين الذين يشاركون في أصقاع الدنيا ويدخلون في المنح البحثية.
مركز الأبحاث هذه السنة فقط يعمل على ثمانية عشر بحثا أصيلا، واحد منها مع ست جامعات دولية، ست جامعات وهم يشاركون في التمويل ونحن ندير التمويل نيابة عنهم، مركز الأبحاث اليوم قدّم مشروعا وصرف عليه هذه السنة مبلغ كبير، وهنالك مشروع تاريخي للمملكة وهو الفحص المبكر، الناس تتكلم دائماً عن الفحص قبل الزواج وفحص كذا وفحص كذا.. مركز الأبحاث الآن استلم المختبرات في المستشفى التخصصي، استلمها وجهزناه تجهيزا جديدا، ورفعنا عينات الفحص الأطفال يولدون في أول سبعة أيام من أيام الولادة التي هي أخطر الأيام وهم الذين يصابون بأمراض لها علاقة بزواج الأقارب، معدلات المملكة والباكستان في العالم هذا الذي نعيش فيه يعادل أربع مرات معدلات العالم المتحضر، واليوم يصاب الأطفال ويُعاق أطفال ويموت أطفال في أول سبعة أيام بعد الولادة ولا نعرف عنهم شيئا، هناك أُسر تضم سبعة معوقين بعد الله سبحانه وتعالى كان يجب ألا يكونوا معوقين لو اكتشف هذا في أول سبعة أيام في فحص تكلف قيمته أقل من ستين ريالا، هذا البرنامج جمعنا جميع الجهات الآن التي كانت بينها بعض المنافسات ست جهات حكومية كلها وقعت اليوم اتفاقيات نافذة للصحة، ورُفع هذا البرنامج وإن شاء الله يمول لأنه في خلال الخمس سنين القادمة نستطيع من خلال المركز الوطني للبحث للفحص المبكر أن نفحص خمسمائة ألف طفل جميع مواليد المملكة بدون استثناء، حتى مع مستشفيات القطاع الخاص، وأهم من ذلك أن يكون عندنا قاعدة معلومات للجينات وللمواليد حديثي الولادة، تخيل أنت الشباك تفتحه اليوم لما تفحص كل طفل بعينة دم، هي كلها عينة دم يضعونها في ورقة وترسل بالبريد السريع، وترسل للمختبر وتفحص في أقل من 12 ساعة ويبلغون بسرعة بما يحتاجه من علاج.. التدخل ليس شيئاً كبيرا قد يكون السبب هرمونا بسيطا أو يوقف عنه أو يطلب منه أن يأكل أكلة معينة أو أعطيه شيئا معينا، تخيل خمسمائة ألف طفل!! تخيل قاعة المعلومات والبحث العلمي، نحن سنسلم هذا المختبر لوزارة الصحة بعد خمس سنين يشتغل ويبني برنامجا وطنيا لكن تخيل البرنامج البحثي الذي يستمر عندنا كيف وكم عدد الأمراض التي تستطيع تعريفها، تحولات البشر عندنا تستكشفها مثلاً بعد عشر سنين نتوقع أن يكون الارتفاع بنسبة كذا، من فحص الأطفال ولادتهم، الوقف الذي سوف ينشأ في مركز الأبحاث من جراء تبرعات الإخوان والأخوات الذين يشاركون معنا والمؤسسون توقعوا أن يصل عددهم إن شاء الله مائة خلال السنتين القادمتين، قمنا نحن بدراسات أصيلة بالوقف الخيري، واستكشفنا كل برامج الجامعات العالمية والدول العربية كالكويت وغيرها، وكتبنا لهم ولدينا تصور عندما يُنتخب مجلس أمناء مركز الأمير سلمان سنبحث الإعاقة بعد الحج إن شاء الله، عندما يصدر النظام وينتخب المجلس، سيكون هنالك أيضاً انتخاب للجنة الوقف حتى الواقفين أنفسهم يستطيعون الإشراف على إدارة أوقافهم، ولكن لن تكون إدارة الوقف بالطريقة المعتادة، هي نوع جديد من أن الناس يشاركون في ضخ هذه الأموال لأوقاف تصب في المناحي التي تهم الناس وتلمس حياتهم بشكل مباشر.
هذه المنهجية انتقلت وأنا أقول أني استفدت من تجربة العمل الخيري وتجربة القطاع الخاص، فعندما أتيت وعدت مرة ثانية للدولة في قطاع السياحة، والسياحة كما تعرفون صناعة واعدة صناعة ضخمة جداً، لأن اليوم السياحة ليست مهرجانات، السياحة ليست فقاعات تأتي في العيد وتندثر، السياحة اليوم صناعة ضخمة جداً، كل واحد منكم يضع قائمة ما هي القطاعات التي تتقاطع معها السياحة؟ وسترى أنها تتقاطع مع الأمن مع الشريعة، مع البنية التحتية، والقضايا الاجتماعية، مع تنمية الموارد البشرية، مع التموين في الأكل في الشرب، مع الخدمات، مع الطرق في البنية التحتية في التحلية في التأثيرات.. فاليوم تنظر إلى هذه الصناعة كيف تنميها؟ كيف تطورها؟ هي مهمة ليست مستحيلة، أنا ابني الصغير عمره ثلاث سنوات ونصف تقريباً أخذ الجوال الخاص بي ووضع النغمة الخاصة بالجوال، ما أعرف كيف أعمل هذه النغمات وضع نغمة فيلم "Mission Impossible" أي "مهمة مستحيلة" لكن ليست مهمة مستحيلة المهمة واقعية جداً، لأنه اليوم بلادنا تحتاج لعناصر بناء جديد للاقتصاد الوطني، الاقتصاد الوطني الكل متعارف عليه لا يمكن أن يستمر - وارتفع الحمد لله البترول هذا العام والسنة القادمة إن شاء الله يرتفع أكثر- لكن هذا لا يعفي لا بد من مدخلات جديدة تساهم في بناء الاقتصاد الوطني.
المملكة العربية السعودية تملك أكبر اقتصاد في العالم العربي، وعندها إمكانيات اقتصادية لا يضاهيها أي بلد في أي مكان آخر، المملكة العربية السعودية فيها الحرمان الشريفان وهما محط نظر المسلمين ويسكنون إليها، وهناك نظرة خاصة للمملكة العربية السعودية، ثم المملكة تقع في هذا الموقع الجغرافي وتحت يدها هذه الثروات الكبيرة مثل ما ذكرت وأهمها الثروة البشرية، الذي يتكلم عن تزايد السكان وكأنه سرطان ينتشر أنا أقول هذا بالعكس تتكلم عنه كأنه فرصة يجب أن تستغل، اليوم يتكلم المواطن السعودي ويقول الموارد البشرية لا تنفع لأن السعودي يأتيك ولا يشتغل ولا يحضر ولا يداوم أقول له كلامك جزئياً صحيح، ونحن أغفلنا بعض الشيء خلال الطفرة والتنمية إذ لا بد للإنسان أن يرتخي في الطفرة ولو قليلاً، صراحة الإنسان في الطفرة يريد أن يرتخي، كل دول الدنيا مرت بهذه المرحلة لكن لا بد أن نتذكر الإنسان السعودي الذي كان يعمل كل عمله بنفسه، أنا أذكرها في حياتي، أنا عمري الآن 47 سنة كنت أرى من يعملون حولنا في البادية أو غيرها ونختلط مع الناس ما كنت أرى أجانب إلا قليلاً جداً، السعودي كان يقوم بكل شيء، كان يزرع ويحصد ويتاجر ويرفع على ظهره ويفتح دكانه ويقفل دكانه ويأكل رزقه ويأكل عيشه، في المواطن السعودي فطرة والله متأصلة وراثيا، أنا أقول يمكن هذا نقاش طبي لكني أقول متأصلة وراثيا، نحن شعوبنا متأصل فيها الكرم، متأصل فيها (الفزعة) متأصل فيها الأخلاق العالية، متأصل فيها حب الخير بشكل عام، لكن متأصل فيها أيضا حب العمل، مرت فترة الطفرة - خير إن شاء الله نأخذ هذا الجيل كله نرميه ونقول نبدأ من جديد هذا غير صحيح، الآن لدينا فرصة تحد كبير تحدي ممتاز ومشوق وأعتقد أن الدولة إن شاء الله مقبلة عليه في منظور جديد تسمعونه قريباً.
لذلك السياحة أول وأهم موظِّف في العالم أصبحت 12٪ من سكان العالم يعملون في قطاع السياحة، في الاستراتيجية الوطنية للسياحة نحن ننظر إلى خلق ما لا يقل عن مليون ونصف إلى مليونين وثلاثمائة ألف وظيفة في العشرين سنة القادمة هذه أرقام متحفظة، ماذا نعمل نجلس هنا نتفرج نقول إن شاء الله فقط، وإن شاء كلمة طيبة على كل حال، لكن فقط نجلس نقول دع الأمور تسير كما يجب أن تكون، اليوم هذه الصناعة ضخمة جداً، والصناعة تحتاج إلى بذل وتحتاج إلى منهج، لذلك عندما أقبلنا على النظرة المستقبلية للسياحة ورفعنا اسم السياحة العامة والاستراتيجية الوطنية الذي قرره مجلس الشورى، كلمني أحد أعضاء الشورى قال لي: جاءتني استراتيجية وأتوقع الاستراتيجية عبارة عن محاور عامة وخطوط عريضة والله يسهل إذا نفذت، فوجدناها استراتيجية تنفيذية، أنتم أعطيتمونا استراتيجية مرفق معها خطة خمسية مركزة واستراتيجية جاهزة للتنفيذ، بما في ذلك كل الصلاحيات وتنقلات الأنظمة وإعادة الهيكلة كلها نفضناها من الأول وقدمناها، الناس تقول هذه السياحة لماذا تأخرت سنتين وكذا؟ نحن الذي عملناه ليست استراتيجية لستة شهور عملناها بسرعة ستة شهور وقلنا الآن هي للقراءة ثم نبدأ نفاوض، نحن في الواقع بدأنا بالعكس بدأنا بشراكة كاملة، الاستراتيجية التي عمل فيها الدكتور خالد يمكن عمل فيها ألفان ومائة وتسعون شخصاً ومؤسسة منذ البداية بما في ذلك الرؤية، رؤية المملكة العربية السعودية بالنسبة للسياحة، جلسنا يومين متتالية، النساء جلسن والرجال جلسوا مع المقررين يومين متتاليين في قضية استراتيجية جمعنا في حلقة الرجال التي حضرتها 35 شخصية من هنا ومن كل مناطق المملكة منهم رجال الشريعة ورجال الاقتصاد، وأناس محافظون وأناس ليبراليون، وأناس من جميع الاتجاهات، كلهم أبناء البلد وجدنا في يومين متتالين من التاسعة صباحا مثل طلاب المدارس إلى الخامسة عصراً، ونحن في نقاش محتدم ولكن في النهاية اتفقنا على: ما هي النظرة ما الأهداف، فعندما قُدِّمت الاستراتيجية قُدِّمت استراتيجية شاملة بعد ما نخلنا كل الأشياء التحتية، كل المفاوضات والأنظمة والتغييرات، الآن مجلس الوزراء الموقر أمامه استراتيجية، وأمامه نظام الهيئة السياحة الجديد الذي بعدما صدر التنظيم كان له أربع سنين على أنه قدمنا تنظيما يعطينا صلاحيات تغيير الاستراتيجية، عندما يعطينا مجلس الوزراء الموقر الضوء الأخضر، في الواقع نكون نحن انتهينا من تنفيذ تسعين في المائة من الاستراتيجية، من تنفيذ البناء المؤسسي لقيام الاستراتيجية؛ لأن الوقت اليوم لا يحتمل التمنيات ولا يحتمل أن نرمي المشكلة على الشخص الآخر.
هيئة السياحة كان رأيها أساساً هو أننا نتوجه توجها مؤسسيا بهيكلة تحتية يجب أن تكون عميقة جداً، الناس عندنا لم تتعود على أنها تأخذ وقتها وتركز وتعطيك مشروعا package متكاملا، لم تتعود على ذلك الشيء، فلذلك جاءتنا بعض العلقات من المقالات الصحفية وجاءتنا انتقادات وكذا.. ونحن مرتاحون، سمو الأمير عبد الله وسمو الأمير سلطان بالحرف الواحد قالا لي: "في البداية عندما عرضنا موضوع الاستراتيجية وأننا نحتاج فترة تأسيسية حتى ندرس العمق والشيخ عبد المقصود قال نقطة مهمة أن هناك معوقات وهناك تداخلات وهناك تشابكات وهناك خطوط حُمر وخطوط زُرق وخطوط صُفر، واكتشفنا ألواناً جديدة ما سمعتم عنها، فقلنا كيف تعمل استراتيجية لبلد بهذا الثقل وهذا الوزن؟ الوزن الثقافي.. الوزن الاقتصادي.. الوزن البشري.. الوزن الديني، كيف تعمل استراتيجية وهناك صناعة اجتماعية؟ هذه ليست صناعة ماء أو صناعة كلينكس، أو صناعة أكل وشرب، هذه صناعة تمس حياة كل واحد منكم في الصميم، حقيقةً كيف نتوجه فيها بالعشوائية والاعتباطية؟ أنا موظف حكومة- الدولة يحفظها الله- كلفتني بمهمة، قالوا أنت عندك أربع سنين تفضل هذه المرتبة الفلانية.. هذه الوظيفة الفلانية، لا يمكن أتوجه في تمثيل شيء لبلدي لوطني لمستقبل وطني من منظور أنا أترقى أو لن أترقى، أو يجددوا لي تعييني أو لا.
أنا توجهت إلى ولاة الأمر، عندما تكلمت معهم قلت لهم أولاً أحتاج إلى فترة تأسيسية، لأنني أنا شخص جاهل بالقضية كلها، وأيضاً لا أريد أن أحيط نفسي بمجموعة جهلاء، أحتاج أن أُحضر أناس أدربهم.. أحضر أناس في اختصاصات مختلفة، لا يوجد أحد متخصص سياحة حقيقةً، ما هي السياحة؟ هي التسويق. صح هذا جزء من السياحة، هل هي الاقتصاد. هذا جزء آخر، هل هي الثقافة والتراث؟ هذا جزء ثاني، هل هي الموارد البشرية؟ حسناً أين يوجد الشخص الذي يعرف عن الدنيا كلها؟ أحتاج أن أحضِّر كادراً، ناس أنتقيهم بيدي، وأحتاج أن يعطوني فرصة أرى هذا المارد الجديد، ما هو محتواه؟ أين أتوجه به؟ ثم قلت أني أحتاج أيضاً شيئا آخر، تسلمت أنا مهمة فيها نظام الهيئة، يقول: تصبح السياحة قطاعا اقتصاديا منتجا، فقلت: أريد أن أعرف على أي شيء بُني هذا الكلام؟ بعد أربع سنين من الآن ما يصبح قطاع اقتصادياً منتجاً. أعود وأقول أن الذي كتب هذا الكلام لا يعرف هذا وأنا علمته باسمي، أنا قلت كان سمو الأمير سلطان من أكثر الناس فعلاً ما تفاجأت لأني أعرفه -سلمه الله- عملت معه سنين، لكني سعدت بأنه كان أكثر إنسان انتبه لهذه الفقرة، فقال لي: معك حق، قلت: أريد أن أعمل evaluation أريد أن أتحقق من هذا النظام الذي ظهر، مَنْ أثبت بأن السياحة ممكن أن تكون قطاعا اقتصاديا منتجا؟ على أي أساس بُني هذا الكلام؟ فعلاً بدأت أقرأ المحاضر .. الدراسات وكذا وكذا، واقتنعت بما وجدت في كثير منها، وجدت فيها رموزاً لأرقام .. اعتبارات مستقاة من أرقام غير صحيحة أحياناً.. وهنالك تكرار وهكذا، فقلت لهم: أعطوني فرصة، أتأكد من هذا التوجه الاقتصادي هل هو فعلاً صحيح؟ والدولة تستطيع أن تتوجه فيه توجها قويا وتسحب معها المجتمع، أم أن نضبط عملية التوجه في هذا القطاع، ربما لا نريد أن نتكلف فيه ولكن يكون مجرد بطولة.
ففعلاً توجهنا بهذا التوجه المنهجي الذي من أساسه.. مثلاً المعوقات التي ذكرها الشيخ عبد المقصود أنا تكلم معي الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي في هيئة الاستثمار، وذكر لي اجتماع لمجلس الاقتصاد الأعلى، اجتماع ممتاز يتعلق بكذا وأن فيه لجنة معينة لدراسة معوقات الاستثمار، تعرفون الأمر لا يحتاج إلى إفتاء ومالك في المدينة، أنتم كلكم وحدكم تقولون أنني أعطيكم الآن محاضرة، معوقات.. معوقات، فقال لي الأمير عبد الله -سلمه الله- وهو صديق وتعاونا على أشياء كثيرة وتعلمت منه أشياء كثيرة فهو مدرس لي، فقال لي أنا أريدك بعد أربعة شهور كقطاع تعطوني معوقات السياحة، معوقات الاستثمار السياحي، قلت له: أربعة شهور، قال: أربعة شهور، هذا الكلام قاله الساعة الثانية عشرة ليلاً، كنت أسير على قدمي في الليل أحياناً، صباح اليوم الثاني أتذكر الدكتور خالد دخيلي كان موجودا وهو مستشاري الاقتصادي في الحياة ومن الناس الذين أعتز بهم، أظن الساعة الحادية عشرة صباحاً بعث لهم كرتونا كاملاً جاهزاً من عندنا، كل معوقات الاستثمار السياحي موجودة في تقارير مرتبة منظمة، كلمني الأمير عبد الله قال لي: من أين أحضرتم هذه؟ قلنا: هذا تقرير استراتيجية الرقم 16، الاستراتيجية الآن موجودة على موقعنا الآن على الإنترنت ملامح عامة للاستراتيجية.
تقرير الاستراتيجية شمل خمسة عشر محوراً، وكل محور تحته ما لا يقل عن ثلاثين إلى أربعين دراسة، أساسية وبحث وإحصائية ومسح وإلى آخره، لا يتصور عقلك الكم العالي من المعلومات، مركز المعلومات في هيئة السياحة أسميه "ماس" بدأ الآن ينطلق في الإنترنت، وقريباً سترون ضخا من الدراسات التي مرينا عليها والتي قرأناها وكنا لا ننام الليل إلا ونمحصها، أنا في يوم من الأيام ربما أنشر ملفا أسميه ملف "التوثيق"، كل ملاحظاتي اليدوية وملاحظاتي لبعض الإخوان وبعضهم دكاترة في الجامعة، سأقول نكتة.. ربما طُرفة ولكن الدكتور علي وأيضاً الناس الذين أعتز بهم كمستشار الثقافة والتراث عندي في الهيئة ربما يغضب من هذه العبارة عندما أقول هذه ليست الجامعة، كانت هذه النقطة حساسة بالنسبة لهم. أنا أحضرت لوحة عندي في الهيئة صغيرة، كتبت عليها باللغة الإنجليزية (This is not the university) يعني هذه ليست الجامعة، فأنا أعتز بالجامعة وبدكاترة الجامعة، ولي تجربة ممتازة معهم؛ فلذلك استقطبت مجموعة طيبة منهم، بعضهم بقي وبعضهم عاد للجامعة.. بعد أن أدى مهمته.
ولكن يدخلون بعض الأحيان في نقاش جامعي أو نقاش نظري أخرج لهم اللوحة وأضعها أمام مكتبي، مكتوب عليها "هذه ليست الجامعة"، فتعودوا عليها طبعاً، وتعودوا علي وتعودت عليهم، وهم أحياناً "يعطوني على رأسي" فهم ليسوا "هينين" فلا تخافون من هذه الناحية، والمجال مفتوح لا يوجد عندنا نوع من الفوقية، فلذلك وجدنا أن الانطلاق في صناعة مثل هذه لا يأتي من فراغ بل يجب أن يأتي من عمق، عندما قُدمت الاستراتيجية وقُدِّمت خطة العناية المركزة اشتملت على أن هناك حاجة لهيكلة أساسية ليست لقطاع السياحة فقط ولكن قطاع السياحة كان كنموذج.
أنا اليوم في الطائرة كنت أراجع ورقة طلبتها، واشتغلت أنا والدكتور خالد على محاورها اسمها "مبادرات الهيئة العليا للسياحة"، وقريباً إن شاء الله سوف ننشرها؛ لأن فيها مبادرات أصيلة، مبادرات لا تنطبق على السياحة فقط، مبادرات قد تكون في أساسها مبادرات كوسيلة يكون فيها علاقة الحكومة أصلاً مع القطاع الخاص، سمو الأمير عبد الله بن سلطان عندما ذكرت لهم أننا نقوم بفترة تأسيسية وننظر للقضايا بعمق ونستكشفها ونتكلم ونأتي بالشركاء ونعمل في عملية شراكة حقيقية وقوية، نفس الكلام تكرر لي، ثم سمو الأمير عبد الله كان هذا بعد تعييني بحوالي أربعة أو خمسة شهور، عندما قدمت له عرضا -سلمه الله- مختصرا وكررت في الصيف الماضي أيضاً عرضا خاصا كان في بيته -سلمه الله-، قال: يا بُني إذا احتجت أن تأخذ عشرة سنين خذ عشر سنين، ولا ندخل الناس والمستثمرين والعالم في متاهات لا نستطيع أن نخرج منها (take your time)، وإذا أحد قال لك شيئاً حَوِّلها علي، طبعاً الصحفيون عندما يقولون شيئاً، لم يقولوا حَوِّلوها على الأمير عبد الله، لأنه هو تعبان معهم -سلمه الله-، ولكن فعلاً وجدنا أنها فترة مهمة أننا فعلاً وضعنا هذا التصور الشمولي، التصور الشمولي هو القضية المستقبلية اليوم في المملكة، لا يمكن ننطلق اليوم من باب التمنيات في هذا التوجه ونريد أن نتجه هنا ونريد أن نذهب شمالاً ونذهب يميناً.
فاليوم نحن مقبلون على عملية هيكلية أساسية عميقة جداً غير مسبوقة في المملكة، سواءً في التنظيم أو في النظام، أو في الهيكلة الأساسية للمؤسسات، أو في الإبداع في مؤسسات جديدة الآن تريد أن تخرج مع النظام، أو في الجمعيات التجارية المهنية، أو في بناء قدرات القطاع الحكومي والقطاع الخاص في المناطق، أو في بناء اللامركزية أساساً كمحور لتنمية السياحة الوطنية، نحن لا نتحدث عن المركزية إننا لا نريد مركزية ولكن ضع لي فروعا في كل مكان، هيئة السياحة ربما يكون لها فروع سوف تعمل على هذا الأساس هيئات جديدة في المناطق، مناصفة بين القطاع العام والقطاع الخاص، نحن نرى وأنا دائماً أقول: لا أريد أن يكون عندي ثلاثمائة موظف في هيئة السياحة، أريد أن يكون عندي ثلاثين ألف شريك في مناطق المملكة، في مناطق المملكة في القرى.. في المحافظات التي عندها سياحة قوية، ولكن الشريك لا ينفع أن يكون شريكا فقط وينطلق بمحض إرادته يجب أن يُدرَّب، اليوم مثلاً أنا كنت أضع اللمسات الأخيرة على التصور المتكامل عندنا للتدريب على جزء من الاتفاقيات التي وقَّعناها مع المناطق، واتفاقية إن شاء الله منطقة مكة المكرمة أعتقد ستكون في أول الشهر القادم مع سمو الأمير عبد المجيد إذ كان المفروض التوقيع عليها قبل كم يوم أو اليوم لكنها تأخرت عدة أيام فقط.
في ضمن اتفاقيات المناطق عندما نؤسس جهاز السياحة في المنطقة هيئة السياحة سوف تقوم على تأسيس جهاز مع المنطقة من أبناء المنطقة بدون مجاراة ومحاباة والله أنا أريد أن أضعه مديرا وأريد أن أضعه كذا.. لا يوجد شيء من ذلك، لكن جهاز سياحة من الطراز الأول، من الأجهزة التي يسعد أي مؤسسة تجارية وأي بنك في المملكة يأتي ويقول أنا أريد هؤلاء الموظفين عندي، هم فعلاً الآن بدءوا ينافسونا في البنوك وبعض الشركات الكبرى، ولكن الأهم من ذلك هو أن لا نرمي هذه الصناعة اليوم على منطقة ونتأمل المنطقة تتجاوب مع نمو هذه الصناعة وتعرف كيف تتعامل معها دون أن تكون مدربة عليها.
اليوم من إحدى مبادرات الهيئة الجديدة أظنها وصلت 12 مبادرة، أنا سأنشر شيئاً عن المبادرات التي هي نوع جديد من أسلوب العمل منها تدريب الحكومة في المناطق، وأنا سعيد أن أقول كل المناطق التي وقَّعنا معها، كل أمراء المناطق بداية بهم، وافقوا وبالعكس بادروا وقال لي كل واحد منهم: أنا أريد أن أكون أول المتدربين، سمو الأمير سلمان، سمو الأمير مقرن، محمد بن فهد وسمو الأمير عبد المحسن، وسمو أمير منطقة الباحة، بل العكس مثلاً سمو الأمير مقرن بن عبد العزيز قال لي: أنا لا يكفيني التدريب التابع لأمير المنطقة مثلاً التي أظنها كانت نصف أو أربعة أو خمسة أو نصف يوم، قال: أنا أريد أن أستلم البرنامج كل ثلاثة أيام، ماذا يعني تدريب مسئولي الحكومة؟ انظر إلى هذه الطريقة الأسلوب الجديد، وأن سمو الأمير متعب بن عبد العزيز لديه جرأة أكثر عند المؤسسة أن تقول لموظفي الحكومة أنا أريد أن أدربكم، ولكني سعدت الحقيقة عندما وجدت التجاوب كبيرا، سمو الأمير متعب بن عبد العزيز مثلاً كان أكثر حماساً مني، قال لي: والله ممتاز، قلت: -طال عمرك- موظفي البلدية اليوم أو رئيس البلدية هو الواقع مسؤول التنمية المحلية، ولا يعقل أن نحضر مسؤول بلدية آخذه من.. (لن أقول الجامعة لا أريد أن أثقل على أصحاب الجامعة) لكن آخذ مسؤول بلدية من أي مؤسسة وأرميه على بلده وأقول له أنت مسؤول، بعض مسئولي البلديات أفضل بكثير بلا شك، الدكتور المعلمي بجانبي استثنينا أنه صديق عزيز، من الإحسان من الإساءة ليس لي رأي في الموضوع غداً تهاجمني "الوطن" أو "عكاظ" مثلاً، لكن بعض مسئولي البلديات في مناطق فيها تراث عمراني هائل، كأنك تأتي في منطقة فيها بئر بترول وتقول والله أنا أحتاج أن يمر شارع من هنا يجب أن يمر الشارع فوق بئر البترول، وتغلق بئر البترول لن يستفيد منه أحدا، أو تأتي بمنطقة فيها شاطئ جميل وتقول والله أنا أحتاج بناء مصنع في هذا الشاطئ وتغلق المورد الاقتصادي لأهل البلد نفسه.
أتى بعض رؤساء البلديات أخذوا مثلاً ميناء من الموانئ الجميلة عندنا التاريخية وهدموه بالكامل وأجَّروه على المستثمر، التراث العمراني اليوم عانى الكثير من هذا التوجه، اليوم رئيس البلدية رجل في الحقيقة -أعانه الله- عليه ضغط من المحافظ وضغط من أمير المنطقة أنا أعرف رؤساء بلديات يدفعون من جيوبهم حقيقةً، من أجل مهرجانات.. حتى ينفذ ويعطي بدلات وكذا، أصبح مسئول البلدية مسئولاً عن المهرجان وعن النظافة وعن إدارة البشر وغيرها، اليوم رئيس البلدية إذا أخذته ودربته بالنسبة للسياحة فأنت تحتاج له كلاعب رئيسي، سمو الأمير متعب ربما أول مرة أقول هذا الكلام قلت له: أطال الله عمرك إذا ما استطعنا نحن كوزارة أن نوقع اتفاقية شراكه أنا أقترح أن تحضرني عندك وضعني وكيل وزارة لشؤون السياحة على أساس فقط يسير الموضوع يعمل، لأن اليوم خمسين بالمائة من السياحة ونشاط السياحة سيكون معتمداً على البلديات، ولا نريد أن يصبح فيها حالة توتر كل يوم مع كل الوزارات والتليفونات، الطاقة التي عندي محدودة، أنا آتي إلى مكتبي كل يوم الساعة الثامنة صباحاً فلدي طاقة محدودة، أريد ما أفعله على التليفونات أن يكون عبارة عن شغل وبناء وليس شغل فك اشتباكات وفك مشاكل، هذا نموذج جديد.
نحن سوف نبدأ - أعتقد في البداية - بالمدينة المنورة لأن برنامجها تقريباً جاهز، ببرنامج تدريبي لن يأخذ ستة أشهر شهادات ومقررات دراسية لكل مسئولي حكومة ورموز القطاع الخاص بما في ذلك ورشة workshop القطاع الخاص حتى يعرفوا هذه الصناعة الجديدة ويتعاملوا معها من جديد، هذا أسلوب جديد أنت ترغب أن يشاركك القطاع الخاص الحمد لله من مميزات الطفرة في المملكة أيضاً أن نشأ عندنا قطاع خاص قوي جداً، المستثمر السعودي يستطيع أن يجاري أي مستثمر في الدنيا، رجال الأعمال عندنا ونساء الأعمال يستطيعون الجلوس مع أكبر شركات في الدنيا وأكبر بنوك الدنيا، ويدورون حولهم بمعنى يتغدون في النهار ويتعشون في الليل، ثقافة عالية جداً اختلطوا مع تجارب ضخمة جداً فيما يتعلق بالاستثمار، وأصبح لدينا أناس يمتازون بالعمق والفكر ما يؤهلهم لنقل اقتصاد البلد من الوضع الحالي إلى الوضع الجديد في المستقبل، إذن ماذا يحتاج القطاع الخاص اليوم؟ يحتاج أن تكون الحكومة بالمقابل جاهزة أيضاً، لأن التنمية في القطاع الخاص تنطلق بنفس القوة وبنفس السرعة وبنفس الزخم الذي يستطيع القطاع العام أن ينطلق فيه.
 
فلذلك تجهيز الحكومة أمر مهم، وهذا في الواقع ما يسرني أن أقوله اليوم وأن هذا ما أعتقد وما أعرفه من جراء عملي ومن جراء اشتراكي في بعض اللجان الحكومية ومن جراء ما أسمح من قيادتي؛ بأن التوجه في الحكومة الآن هو إعادة تكوين الحكومة بما يضمن أن تكون عاملا إيجابيا بان يأخذ القطاع الخاص مجاله، فالحكومة تحتاج للقطاع لينمي الاقتصاد الحكومي، تحتاج إلى أن تكون هي القطاع الذي يزيل المعوقات عن القطاع الخاص الذي سينهض بالاقتصاد.
 
طبعاً الحديث طويل وكثير عن قضايا متشعبة، ولأن الوقت تأخر سأعطي فرصة مثلما قال الأخ عبد المقصود للحوار في مثل هذه القضايا إذا أحببتم أو أي نقاش أو أي شيء نستفيد منه، الأخ عبد المقصود نبهني قبل أن آتي والمقرر الكريم موجود بأن يكون هناك وقت زمني محدد جداً قصير، لأن كل واحد منا عنده كلام كثير يريد قوله وكل شخص يريد أن ينفع الناس ويفيد الناس، أترك الفرصة لأكبر قدر من الناس.. لأكبر عدد من الناس أن يأخذوا فرصتهم. شكراً.
 
الشيخ عبد المقصود خوجه: نشكر لسموكم الكريم ما تفضلتم به من شرح وافٍ لجميع المهام التي يشرف عليها سموكم، وفي الحقيقة ولو أنني من ألصق الناس بسموكم الليلة استفدت بكثير من المعلومات التي تفضلتم بها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1445  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج