شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الحمد، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الكرام الطاهرين.
صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان آل سعود..
أصحاب الفضيلة والمعالي والسعادة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: قبل البدء بكلمتي أود أن أنوه بملاحظة صغيرة، وهي أنه إذا لم تسعكم جميعاً الطاولة الرئيسية فقلبي وصدري يتسعان لكم، كما أن القضية ليست قضية أولويات وإنما أتحنا الفرصة هذه المرة لبعض الإخوان الذين نعتز ونشرف بهم جميعاً والمرة الأخرى لطائفة تليها وهكذا..
نشرُفُ اليوم في هذه الاثنينية المميزة بالاحتفاء بصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، الذي استجاب مشكوراً لدعوتنا المتواضعة رُغم شواغله الجمة وارتباطاته العديدة، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بسموه وصحبه الكرام، بين نُخبة من مُحبيه وعارفي أفضاله.
كلنا يعلم أن سمو فارس هذه الأمسية من رجالات البدايات الصعبة، عرفته منذ نعومة أظافره، غير أني لا أقول أن شهادتي فيه مجروحة كما جرت العادة، لكنها شهادة حق بإذن الله، فقد شهدت له ساحة العمل الوطني والاجتماعي والإنساني بالريادة في كثير من ميادين العطاء، وما الهرم الذي يُمثله بواجهاته الثلاث إلا أنموذج لتلك المسيرة الخيِّرة، فواجهته الأولى: رعاية الأطفال المعاقين، والثانية: النهوض بالهيئة العليا للسياحة، والثالثة: المضي في إزالة غبار النسيان عن آثارنا ونفائس تاريخنا من خلال الهيئة العليا للآثار والمتاحف.
تلك هي ساحات التحدي، ليست الأولى والأخيرة ولكنها ساحاته اليوم، هذه الساحات هي روافد البذل وقناديل الفكر التي ينطلق منها سموه في أداء رسالته المميزة لتصب جميعها في صالح الوطن والمواطنين، عرفته صاحب طموحات كبيرة، لعله وجد نفسه منساقاً للتعبير عنها بمشاركته كأول رائد فضاء عربي مسلم في رحلة مكوك الفضاء "ديسكفري" الذي شرفتُ من ضمن من تشرف بانطلاقة ذلك الصاروخ في "كيب كندي بفلوريدا - أمريكا" والذي مكث سموه في هذه التجربة من 29/9/1405 إلى 6/10/1405هـ الموافق 17 - 24 يوليو 1985م، يومها لم يبلغ الثلاثين من عمره، وأحسب أنها تجربة أَثْرَتْ وأثَرَّت على مستقبل حياته، ومكنته من النظر بشمولية علمية لكثير من المهام التي أنيطت به، فكان خير من يؤديها على الوجه المرجو.
إن الطرح الذي قدمه سموه في مختلف الأعمال والمسئوليات التي تقلدها يتسم بالجرأة واتباع الأسلوب العلمي في التنفيذ والمتابعة، مما يؤكد منهجه في الحياة بصفة عامة، وقد أدى هذا النمط إلى بلوغ كثير من الأهداف المنشودة في أوقات قياسية، بالإضافة إلى تحقيق مزيد من الطموحات وإزالة العقبات التي تعترض مسار العمل، وكما تعلمون فإن هناك أكثر من جهة تُشارك في رعاية الأطفال المعاقين، وكلها ذات برامج تجد منّا كل التقدير والإعزاز، إلا أن الجمعية الخيرية لرعاية الأطفال المعاقين بفروعها المختلفة تمثل قطباً في العمل الإنساني الذي يُعنى بهذه الشريحة من أبنائنا الأعزاء، بعيداً عن النوازع التي تختزل النظرة إليهم في جانب الشفقة، بل تسعى إلى دمجهم في المجتمع على قدم المساواة مع غيرهم من الأسوياء ليُسهموا في مسيرة العمل والدورة الاقتصادية والتنموية، ومن حسن الحظ أن مشروع النظام الوطني الشامل للمعوقين قد نبع من أفكار سموه التي ما فتئت متعلقة بهذا العمل الإنساني الكبير، وبحمد الله جاء المشروع محدثاً للأنظمة واللوائح والقواعد المنظمة للعمل وسدِّ الثغرات، وشمل كافة النواحي الصحية والتعليمية والتدريبية، وكذلك مجالات الرعاية والتأهيل مع صرامة في التنفيذ وجزاءات تردع من يخالف أحكام النظام وقواعده، كما حرص سموه على تجديد التدفقات النقدية لمقابلة احتياجات الجمعية الخيرية مما يؤكد بُعدَ نظره بشأن تطوير آليات التمويل التي لا تعتمد على قناة واحدة فإذا ما جفت أو انحسر عطاؤها أصاب العمل كله شلل واضح، لذلك عمل على تأطير تعدد المداخيل بمبادرات مشكورة نأمل أن تؤتي ثمارها في القريب العاجل -إن شاء الله- فوق ما أعطت وقدمت.
أما السياحة والآثار فهما كنزان يكتنف الحديث عنهما الكثير من الأرقام والخطط والبرامج، وفارس أمسيتنا خير من يتناولهما بالبحث والتقصي -إن شاء الله- وإنني ومنذ تشرفي باختياري عضواً في المجلس الأعلى للآثار سعدتُ بمتابعة لصيقة لأعمال هذا الكيان المتخصص، والذي عقد ثلاثة وخمسين جلسة كانت آخرها بتاريخ 19/10/1424هـ الموافق 13/12/2003م، -أي الأسبوع الماضي- وقد تخللتها أعمال استكشافية كبيرة، ومطبوعات قيمة، وبحوث علمية، وترميم بعض المباني الأثرية للاستفادة منها كمظهر حضاري يربط الحاضر بالماضي بوشائج علمية وعملية، كما تضمنت النشاطات وضع استراتيجيات أسهمت في تحديد مسار ومستقبل العمل، وهناك بشارات كثيرة سوف تتحدث عن نفسها قريباً -إن شاء الله- وأحسب أن التوجهات التي أعلنها سموه عن المشروعات السياحية سوف تؤدي إلى تحقيق بعض النجاح الذي يحتاج دون شك إلى مزيد من التقديم والتقييم والتفاعل مع الجهات الأخرى ذات العلاقة حتى تؤتي ثمارها وتنطلق من إسار الماضي إلى آفاق المستقبل، وتتبلور في شكل قطاعات محددة سواء في مجال العمل الفندقي، أو النقل السياحي، أو المنتجعات العلاجية، وغيرها من أساليب الجذب السياحي التي تؤهل هذا القطاع المهم للحاق بالدول التي سبقتنا، وإحداث اختراق ملموس في هذا المضمار، وذلك وفق منظومة إعادة الهيكلة الشاملة التي وعد بها سموه في مجال السياحة لتنهض خلال الخمس سنوات القادمة وتضطلع من خلالها الهيئة العليا للسياحة بدور الشريك ثم تُفسح المجال تدريجياً للأجهزة السياحية والقطاع الخاص للقيام بهذه المهمة بعد أن يتحول دور الهيئة إلى شريك مساند، وهي كما ترون خطة طموحة سوف تخرج بالسياحة من عباءة العمل الروتيني إلى آفاق الإبداع الفردي والجماعي بما يخدم المصلحة العامة بمشيئة الله.
وفي الوقت الذي نتوسم الخير في مجالي الاستفادة من الانفتاح السياحي والنهوض بقطاع الآثار، إلا أننا ينبغي ألا نبالغ في التفاؤل ونُفرط في الأحلام، فهناك العديد من المحاذير والتداخلات والتعقيدات التي سوف تظهر على السطح وهناك المنافسة الحادة التي تفرض نفسها على سوق بضاعتها صناعة السياحة والخدمات المرتبطة بها، وهي منافسة شرسة تحتاج إلى دراسات متعمقة لإيجاد نسبة معقولة في (كعكة) السياحة الإقليمية والدولية، مع الأخذ في الاعتبار بأهمية الميزة التنافسية التي ننفرد بها كدولة تضم الحرمين الشريفين، ويؤمها ملايين المسلمين سنوياً لأداء شعائر الحج والعمرة، والصلاة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تصوري أن الأمر يحتاج إلى تنسيق الجهود لتجهيز شبكة الطرق اللازمة، وصحة البيئة، والاتصالات، وغيرها من الخدمات الضرورية وذلك للخروج بأفضل النتائج، والفوز بغنيمة هذا الفتح الاقتصادي الجديد، فنحن نتحدث عن مئات المواقع الأثرية المنتشرة في كثير من أصقاع مملكتنا الحبيبة، فالأمر يحتاج إلى إرادة ذوي العزم، وإنني على ثقة بأن سمو فارس أمسيتنا على رأسهم، وإنه لقادر بإذن الله ثم بدعم ولاة الأمر على تجسيد آمال مواطنيه في إيجاد قطاع يوظف الآثار لترقية السياحة ومن ثم الإسهام في تفعيل جانب حيوي من الاقتصاد، مما يؤدي إلى استيعاب أعداد كبيرة من الشباب في مجالات العمل المختلفة التي سوف تنشأ تلقائياً بحكم تبادل المنافع الناتج عن هذا النشاط.
مرة أخرى أرحب بسموه الذي أضاء مشكاة هذا الحفل، فهو الحبيب ابن الحبيب، نشأ في بيت صلاح وفلاح أشرقت جنباته بنور العلم والفضل، فجاء خِياراً من خِيار، عفيف القلب واليد واللسان، وله من المروءات ما يجعل تعلق القلوب به أمراً طبيعياً، وتعلق إرادة النجاح ما يوليه عنايته غاية نتطلع إليها باطمئنان كبير، متمنياً لكم أمسية ممتعة مع سموه الكريم وصحبه الأفاضل، وكم كان بودنا أن يشاركنا هذا الحفل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان لولا اعتذاره لارتباطات مسبقة يصعب التحلل منها، فله الشكر على هذه الإشارة، وكلنا يعلم مسئولياته الكبيرة التي زادت كثيراً بعد توليه رئاسة مجلس إدارة الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، ذات الإصدارات الناجحة والمتعددة، فسموه يبذل جهوداً مقدرة في سبيل ترقيتها واستمرارية تفوقها في عالم لا يعترف بالسكون، متمنين له دوام التوفيق والسداد للإسهام الفاعل في خدمة الكلمة، وانتشار مطبوعاته التي لا تتثاءب، ولنا -إن شاء الله- كما وعد أمسية من أمسيات اثنينياتنا إن لم تكن في هذه السنة ففي مطلع السنة القادمة -إن شاء الله-.
ويسعدني تذكيركم أن ضيف أمسيتنا القادم سعادة الدكتور عاصم حمدان علي، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز، والكاتب الإسلامي المعروف، فلكم الشكر سلفاً على تحيته والاحتفاء به والاستفادة من تجربته وعلمه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1577  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 20 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.