شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الدكتور خالد العواد))
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله.
شكراً معالي الوزير وشكراً لمضيفنا الأستاذ عبد المقصود على هذه الأمسية الجميلة التي نسعد بها كثيراً ونعدها واحدة من البرامج التطويرية التي نتطلع إليها في كل لقاء، فعندما نجلس مع إخواننا من كافة مستويات المجتمع نعد ذلك رافداً من روافد عمل التطوير التربوي، وهو منهج اختطته وزارة المعارف بتوجيه من معالي الوزير للاستماع إلى كل صوت بل والبحث عنه في مكانه. أول عمل قام به معاليه عند تسلمه حقيبة المعارف هو دراسة استطلاعية لآراء شريحة كبيرة جداً من المهتمين والمختصين بالتربية والمثقفين والأعيان ورجال الأعمال والعلماء. وقد يكون بيننا في هذا اللقاء ممن كان في هذه العينة وهي دراسة أخذت وقتاً مناسباً وكان الهدف منها ترتيب أولويات عمل التطوير في وزارة المعارف.
حقيقة لا أود التطويل في الحديث عن التطوير التربوي ومشاريعه إذ يحتاج ذلك في ظني إلى وقت طويل وأعلم أنه مطلوب مني الاختصار لأتيح الفرصة لغيري وأرى الأنسب أن نكون مستمعين لإخواننا أكثر من متحدثين.. لكن لعلّي أركز حديثي في الإجابة عن التساؤل الذي طرح حول المشروع الذي نحن بصدده هذين اليومين في جدة وهو مشروع تطوير التعليم الثانوي. وتطوير التعليم الثانوي يخضع للدراسة منذ أكثر من سنة ونصف. وقد يتساءل البعض ولماذا نبدأ بالتعليم الثانوي؟ والمنطق أن نبدأ من القاعدة ونصلحها ثم الذي يليها حتى نهاية السلم. وهذا حق ولكن أمام أزمة كبرى ومعضلة عظيمة ونزيف كبير جداً يتعرض له طلابنا في التعليم الثانوي هو الذي استدعى هذا الإجراء. ولا يعني هذا أن الوزارة قد تجاهلت المرحلة الابتدائية والمتوسطة. بل كل مرحلة أخذت حقها من الدراسة والبحث والإسراع في حل مشكلة التعليم الثانوي دعانا أن نجري هذه الدراسة المعمقة حتى نخرج منها بأسلوب جيد.
مشكلة تطوير التعليم الثانوي كما تبدت لنا في المملكة تبدأ أولاً بمشروع التطوير التربوي بشكل عام الذي يسير في اتجاهين متزامنين للإصلاح، فلدينا مشروع شامل للتطوير وأظن الجميع يتفق معي أن عامل الزمن مهم جداً فيه وهو البناء الذي يبدأ من القاعدة وينطلق وتعالج كل القضايا في نسيج واحد وهو ما نسميه بالتطوير الشامل الذي يتعلق بقرار مجلس الوزراء الموقر في الموافقة على التقويم الشامل للتعليم في المملكة ولعلّ بوادره تخرج إن شاء الله هذه الأيام ويشكل فريق ويبدأ العمل جنباً إلى جنب مع المؤسسات التعليمية.
الجانب الآخر من التطوير التربوي هو التدخل السريع لإصلاح ما يمكن إصلاحه، فهناك محاولة لإصلاح محتوى المقررات الدراسية، ومحاولات لترتيب أولوياتنا، وهناك مجهود لمحاولة تطوير الإشراف التربوي. والمعلم والوسيلة التعليمية وغير ذلك.
أعود لموضوع التعليم الثانوي وما دعانا لمعالجته وطرح موضوعه للبحث وهي مشكلات عديدة أولاها أن مخرجات التعليم الثانوي ليست مرضية لنا ولا لرجال الأعمال ولا الجامعات.
تقول الجامعة تستغرب أن يكون هذا مستوى خريج الثانوية، ويقول القطاع الخاص لا نستطيع أن نستقبل خريج الثانوية لأنه يفتقد الكثير من المهارات والمعارف التي نريدها في مجال عملنا.. ويقول أولياء الأمور كان ابني في مرحلة نضج أقل بكثير من أن يكون في هذا السن رغم أنه تعلم اثني عشر عاماً، هناك خلل في المخرجات في مهارات الطلاب ومعارفهم وأيضاً في قيمهم ومبادئهم، بدأ ظهور بعض الخلل. ومشكلات أخرى الرسوب ونسبته العالية في المقاييس العالمية وهذه مخيفة جداً وما يترتب عليها من آثار كالتسرب وإمكانية الانحراف.. مشكلات أخرى في الزخم الكبير جداً في عدد المواد ومحتواها أهو مناسب أو غير مناسب.. لقد وجدنا أن هناك أشياء ليس الطالب بحاجة إليها. وأشياء غير مقررة الطالب بحاجة إليها يجب أن تدخل. والتغييرات التي حدثت عندما نوقش هذا الموضوع. أولاً نوقش في ندوة عقدت العام الماضي للتعليم الثانوي وشارك فيها جمع كبير من المختصين وكانت مغلقة ومكثفة جداً نوقشت فيها مجموعة من الدراسات تلاها مناشط مختلفة حتى اجتمعنا في هذا المكان المبارك جدة وتنادى فيه الكثير من المختصين وشاركنا من القطاع الخاص ومن المثقفين ومن المهتمين ومن الميدان كان من بيننا معلمون ومشرفون ومديرو مدارس.
ومشكلة التعليم الثانوي في - تقديري على الأقل - وكما لمسته من معايشتي لها مشكلة أصبحت عالمية. ولمسنا أن كثيراً من الدول إن لم يكن كل الدول يعاني منها. ولقد حضر كثير من الزملاء مؤتمرات دولية تناقش التعليم الثانوي وعلاقته بالقرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين. ويبدو لي أن المشكلة من نتاج التغيرات التي حدثت في العالم. ثورة المعلومات.. التقدم التقني.. ثورة الاتصالات.. مشروع التجارة الدولية.. أمور كثيرة جداً تسارعت في نهاية هذا القرن وبالتحديد في التسعينات.. ونحن الآن في السنة السابعة بل لنقل الثامنة منها.. ولو رجعنا قليلاً ثلاث أو أربع سنوات لوجدناها مختلفة، لهذا الإيقاع والتحولات والتغييرات في الحياة بشكل عام في الأشياء سريع جداً. ومؤسساتنا التعليمية بطبيعتها ليست سريعة ويصعب عليها أن تكون كذلك. وكما تعلمون، الآن الأشياء تتبدل، وحجم المعلومات يتضاعف بسرعة كبيرة وتقنية متطورة، وعلى سبيل المثال الحاسب الآلي أو أي تقنية أخرى تتبدل خلال أشهر ووجد المختصون في التربية أن هذه مشكلة فما المخرج؟ المخرج الذي ينظرون إليه ونحن معهم نشاركهم الرؤية يكمن في العودة إلى مفهوم التعلم نفسه. كيف نجعل الطالب مهما تغيرت الحياة قادراً على أن يتكيف يعطي ويتأقلم مع الواقع وذلك بالتركيز على المهارات بالدرجة الأولى، لأن الحشو أو كثرة المعلومات ليست هي الأهم وإنما قدرة الطالب على أن يعرف أدوات التعليم وكيف يحصل على المعلومة في مكانها وكيف يتعامل معها ويوظفها وكيف يسترجعها وكيف يفيد نفسه وأسرته ومجتمعه والعالم كله. هناك أيضاً أبعاد أخرى مهمة جداً وأنا جاهل بأمور الاقتصاد ولكن عندما يحدث خلل في بنك من البنوك كيف يرتبك العالم كله، سعر الأسهم، سعر الذهب، كلها تؤثر على حياتنا باستمرار.
إن التركيز على مهارات التعلم: كالتفكير الناقد، والتعلم الذاتي، والتعلم من خلال مجموعة، واستخدام التقنية، الانفتاح على المعلومات وإن مصدر المعلومات ليس فقط هو المدرسة وحدها ولا الكتاب وحده وإنما العالم كله. جلستي هذه مصدر معلومات وتعلم. الطالب، نحاول أن نعرضه إلى أكبر عدد ممكن من مصادر التعلم، نعتبر أن كل حدث يمر في حياته ويراه ويسمع عنه مصدر تعلم. يجب أن توجد لديه أدوات في التفكير والتحليل والاستنباط واستنتاج النتائج ثم توظيفها لحياته وهذه أيضاً من الأمور المهمة.
أردنا ونعمل بعون الله على أن نجعل تعليمنا الثانوي إن شاء الله بهذه الصورة بالإضافة إلى المحافظة على خصوصيات معينة خاصة بعقيدتنا وتراثنا وتاريخنا. إننا نحاول أن نبتعد عن التلقين ونجعل الطالب هو الذي يفكر ويبحث عن المعلومة وألا يكون مستقبلاً لها فقط، بل مستقبلاً وناقداً.
وبطبيعة الحال هذا يقتضي منا إعادة ترتيب كافة أوراقنا في المرحلة الثانوية حيث العمل واحتياجاته، الجامعات التي لا يمكن أن تستوعب كل خريجي الثانوية حيث يتوقع خلال السنوات الخمس القادمة تخرج 100 ألف طالب فقد تخرج في العام الماضي 70 ألف يزداد العدد كل عام بنسبة 10٪ وهذا يشكل ضغطاً على الجامعات وليست ملزمة بقبول كل الخريجين والمعدل العالمي للقبول في الجامعات من خريجي الثانوية هو 35٪ أما الباقي فينبغي أن ينخرطوا في سوق العمل.
وسوق العمل فيه إشكالية أيضاً.. إذ يجب أن يحدد ما هويته.. أين هو.. ماذا يريد. نسمع كثيراً عن احتياج سوق العمل والقطاع الخاص، جلسنا مع رجال الأعمال.. ماذا يريدون؟ والقوى العاملة ماذا يريدون؟ إن سوق العمل حقيقة غير واضح.. فالكلام عن الاحتياج كثير ولكن لا شيء عملي جديّ أو محدد.
نحن في الوزارة مطالبون أن نعد الطالب لهذا السوق.. لهذا تركز على معايير معينة، مقاييس ومواصفات يجب أن تتواجد في هذا الطالب، مثلاً: نحن نحاول أن نرسم مجموعة من المهارات والمعارف والقيم لخريج المرحلة الثانوية كأي منتج من المنتجات مع تكريمنا للإنسان.
 
فمثلاً مهارة الحاسب الآلي، الكتابة، التحدث، التفكير، وغير ذلك من المهارات التي يجب أن تكون لديه.. إن سوق العمل لم يتغير ولعلّه لا يدري ما يريد.. ونحن كما يردد معالي الوزير كثيراً نعلم الطالب في التعليم العام ما لا يسعه الجهل به لا نخرج متخصصاً في الشريعة أو الاقتصاد أو الكيمياء أو الفيزياء والرياضيات. إنما نحن نعده مزوداً بمهارات معينة ومجموعة من المعلومات والمعارف تمكنه من الدخول والانخراط في أي مجال من المجالات التي يرى أنها تناسبه. قد نستهدف شريحة معينة إذا كان سوق العمل يحتاج بدرجة كبيرة من الخريجين ليكونوا مؤهلين للعمل مباشرة بعد التخرج.
 
هذا وصف موجز لمشروع التعليم الثانوي. ولا أريد أن أطيل، أما التصور النهائي فسيكون بإذن الله أفضل. أرجو المعذرة عن الإطالة أو التقصير.
 
الأستاذ عبد المقصود خوجه: يسعدنا أن نبدأ الحوار ونسمع الطرف الآخر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :960  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 113 من 147
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.