شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
بسم الله الرحمين الرحيم، لا أعلم.. زميلي ينسى أم أنا الذي أنسى، ففي كل أمسية يصفني "بصاحب الاثنينية"، وفي كل أمسية أقول إن الاثنينية هي اثنينية الجميع، وليست اثنينيتي يا أستاذ كتوعة، رحم الله والدك كان زميل عمل، نحن اليوم أو هذه السنة في العقد الثالث للاثنينية، فأرجو أن تتلطف عليَّ وعلى الإخوان برد حقهم إليهم، فالاثنينية منهم ولهم وبهم ومعهم وفيهم، وما أنا إلا مقتعد مقعدي عسى أن أستطيع لأقوم ببعض واجبي.
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخواني الأكارم..
الأساتذة الأفاضل..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. يسعدني أن نلتقي مجدداً ويلتئم شملنا بعد أن منَّ الله علينا بصيام وقيام شهر رمضان المعظم، وما تلاه من أيام فرح وسرور، وللأسف الشديد تكدرت فترة الراحة والاستجمام بفقد علم من أعلام وطننا الحبيب، معالي الوالد الشيخ عبد الله بلخير شاعر الأمة، وشاعر الملاحم العربية والإسلامية، وبوفاته تجرعت غُصص اليُتْم للمرة الثالثة بلا مراء، فقد كان رفيق درب والدي -رحمهم الله-، وصنوه في تأليف كتابهم المعروف "وحي الصحراء"، تغمدهم الله بواسع رحمته وجميل رضوانه، وبالرغم من تشرفي بمرافقة معاليه خلال جزء كبير من مسيرته العلمية والأدبية، إلا أنني لم أتمكن من تسجيل أو تدوين بعض أحاديثه الماتعة، فقد كان رجل مجالس ومحدثاً من طراز فريد، وأعلم أن غيري ممن اهتموا بمسيرة معاليه لم يتمكنوا كذلك من توثيق الكثير عنه، وبقيت شذرات وذكريات عالقة لدى بعض أخلص مورديه، وكم أكون شاكراً وممتناً تلطفهم بالمساهمة في إحياء اثنينية خاصة بذكراه العطرة، علَّنا نسجل من فيئها بعض ما تحفظه الذاكرة حتى لا يذهب مع الأيام في محاولة لتوثيقه، عسى أن تفيد منه الأجيال القادمة ويبقى شاهداً على عبقرية كان ملء السمع والبصر.. والدعوة مفتوحة لكل من لديه إضافة أو إضاءة يود تدوينها في هذا السياق.
الأحبة الأفاضل.. يسعدني أن نرحب ونحتفي في هذه الأمسية بالأستاذ الكبير الدكتور محمد سمير سرحان، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، الذي تفضل مشكوراً بتلبية دعوتكم، رغم ازدحام برنامجه، فهو في وسط معمعة الإعداد لمعرض الكتاب الذي سيقام قريباً في القاهرة، وسيتم افتتاحه بمشيئة الله يوم 20 يناير 2003م، ومسؤولية ضيفنا الكريم كما تعلمون لا تنحصر في الإشراف المباشر على كل صغيرة وكبيرة تتعلق بذلك الملتقى الكبير.. بل تتعدى ذلك لتشمل جميع ما ينبثق عنه من أحداث ثقافية متنوعة، واستضافة أكثر من ثلاثة آلاف ناشر عربي.. دولي.
ومع هذا التحدي المتجدد، تحامل أستاذنا الدكتور على نفسه ليشرفنا بهذا اللقاء الماتع وتلك من شيم الكبار الذين يتعبون أنفسهم ويضحون براحتهم من أجل خدمة القضايا التي يؤمنون بها ويذودون عن حياضها، وهل من قضية أكبر من الثقافة والفكر ووعائهما الأدبي "الكتاب" بكل ما يعترض طريقه تأليفاً.. ونشراً.. وتوزيعاً.. على امتداد الوطن العربي؟
إننا إذ نحتفي بضيفنا الكبير فلا بد أن نتطرق إلى ثلاثة محاور في مسيرته الثقافية المميزة، أولها: بداياته الإبداعية في مجال المسرح، ذلك القابع في أعماق أي حركة تنويرية ثقافية، بما يحمله من خط رفيع بين واقع الحياة بكل زخمه ومفرداته، التي تهم المتتبع لعطاءاته المتنوعة، والوهم الذي يغلف تلك الحياة فيخرجها من وتيرتها إلى فضاءات رحبة من الإبداع الثقافي والفكري، الذي يجمع خبرات المؤلف وكاتب السيناريو، والمخرج، وطاقم الصوت والإضاءة وغيرها من المؤثرات التي تشكل في مجملها عالماً خاصاً تعج به كواليس المسرح، ليمنح المتلقي في النهاية جرعة قد يتفق ويختلف معها، لكنها تبقى عاملاً مؤثراً في حياته الحقيقية التي يصطدم بها كل يوم.
وضيفنا الكبير له بصمات مشهودة في هذا المجال كمؤلف لعدة مسرحيات، صبغت المشهد المسرحي بأفكار ناضجة.. غير أن ذلك المد قد توقف لاعتبارات من أهمها تحول جانب كبير من المسرح المصري في حقبة ما بعد الستينيات عن خطه فاتجه إلى مجال مختلف، أعتقد أنه قلص من دوره الريادي في الحركة الثقافية، فحول ضيفنا الكبير طاقاته الفكرية إلى ما يمكن أن نسميه المحور الثاني في حياته، هذا المحور يتمثل في تفانيه غير المحدود في خدمة قضية الثقافة والفكر، عن طريق قناة "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، التي تجند كل طاقاتها سنوياً لإدارة وإنجاح معرض الكتاب الذي تفخر به مصر، ومعظم الدول الشقيقة والصديقة.. ولا شك أنها تظاهرة تحظى بمتابعة واهتمام بالغين من قبل كل المهتمين بالشأن الثقافي على امتداد الوطن العربي، وحتى الدول غير العربية تجد في معرض القاهرة للكتاب واحة تستطيع من خلالها رصد ومتابعة الحركة الثقافية في الوطن العربي، ومن خلالها تجتهد في دراسة الاتجاهات والأفكار السائدة في المجتمع وانعكاساتها على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي تصوري أن معرض الكتاب القاهري يحتاج إلى أذرع عديدة في كل العواصم العربية، بحيث يمكن نقله بعد انتهاء فعالياته بالقاهرة إلى بقية العواصم ليزدهر الكتاب ولو لأيام معدودات في كل بلد، لأن كثيراً من محبي الكتاب لا يستطيعون السفر إلى مقر المعرض الرئيسي وأحسب أن من حقهم أن تتاح لهم فرصة الاطلاع على جديد المطابع ودور النشر، وشراء ما يحتاجونه من نتاج حديث، صحيح أن هناك معارض للكتاب تقام في كل الدول العربية، لكنها وبمنتهى الصراحة تفتقر إلى كثير من مقومات النجاح، فإذا تضافرت الجهود المحلية في كل بلد لاستضافة معرض القاهرة، فإن النتيجة ستكون مبهرة بالتأكيد، لا سيما أن هناك تجارب ناجحة بشأن معارض متعددة للمنتجات الاستهلاكية.. فما أحرانا بتنظيم معارض للكتاب تكون نبراساً للتقدم العلمي والثقافي والفكري الذي هو أساس كل فلاح.
ويسعدني في هذا المقام أن أهنئ ضيفنا الكبير على الثقة التي نالها عن جدارة واقتدار بتجديد رئاسته (الهيئة المصرية العامة للكتاب) بعد أن بلغ سن التقاعد، ويسعدنا ويسرنا أنه ما زال في شرخ الشباب وأمامه إن شاء الله سنوات طويلة من العطاء المثمر، -أنا إن شاء الله عندما أنتهي من تعليقات الدكتور مناع التي إذا ابتدأت لا تنتهي-.
أما المحور الثالث فيتمثل في إدارة ضيفنا الكبير بكل نجاح وتفانيه الجاد لخدمة قضايا الأمة الكبرى لتنوير الشباب الذين هم نصف الحاضر وكل المستقبل، والشاهد على ذلك مشروع القراءة للجميع الذي أصبح مكان تقدير واعتزاز من قِبَل كثير من الدوائر المهتمة بالشأن الثقافي داخل وخارج مصر الشقيقة.
لقد أصبح الكتاب يواجه منافسة شرسة من وسائط متعددة على رأسها النشر الإلكتروني، فوجد كثير من الشباب وغيرهم من المثقفين ضالتهم عبر شبكة الإنترنت التي صارت متاحة لكل من يود التحليق في فضائها اللامحدود، كما يسّرت القفز فوق حواجز الرقابة التقليدية التي تحولت إلى إجراء لا معنى له في الوقت الراهن، وبالرغم من هذه المنافسة الكبيرة بين الكتاب الورقي والإلكتروني.. بالإضافة إلى عشرات الوسائل الأخرى التي تستحوذ على أوقات الناس، فإن الكتاب بورقه، وملمسه، ورائحة حبره، سيظل متربعاً على عرش الثقافة لوقت طويل، وبالتأكيد سيتم سحب البساط من تحت قدميه كل ما أمعن "الرقيب" في المنع والقطع، تاركاً المجال لزميله الإلكتروني الذي لا يعبأ البتة بمقص أو حجب.
إن التيارات العديدة التي تسيطر على المنطقة وتقلب الكثير من القيم والموازين، تحتاج إلى تعبئة نوعية تأخذ في الاعتبار الخطط التي تحاك في العلن والخفاء وصولاً إلى أهدافٍ محددة ضمن فسيفساء النظام العالمي الذي يفرض نفسه بكل قوة، وضيفنا الكبير الذي قد نتفق أو نختلف معه في بعض طروحاته، يمثل رأس رمح في حركة تنويرية شاملة لا يمكن التقليل من شأنها بأي حال من الأحوال وله رؤيته التي نحترمها. ونتحاور معه بشأنها، لأن الهدف السامي الذي يجمعنا يصب في قناة واحدة هي مصلحة أوطاننا مجتمعة في صعيد واحد ضد هجمات محددة نعلم جميعاً مستقرها ومستودعها.
ختاماً أذكر الأساتذة رواد "الاثنينية" أن الاحتفاء بضيوفنا الأفاضل سيظل المتكأ الرئيسي الذي نسعى من خلاله على إحياء هذا الواجب الاجتماعي والحضاري المهم، وبالتالي فإن الفرصة متاحة لكل متحدث، فقد آمل منه أن يتلطف بإشعار سكرتارية الاثنينية قبل وقت كاف أثناء الأسبوع حتى يتسنى لنا ترتيب فعاليات الحفل وفق الأولوية التي يتم بها التسجيل، وغني عن القول ضرورة اختصار الكلمة بحيث لا تتجاوز مدتها خمس دقائق، ولا تزيد عن صفحتي فولسكاب، آخذين في الاعتبار أن تُشكِّل الكلمة إضافة لما نعرفه عن المحتفى به ومؤكداً في ذات الوقت أنني شخصياً أحاول من خلال كلمتي أن أوضح بعض الحيثيات التي دفعت الاثنينية لتكريم المحتفى به وإلقاء الضوء على بعض إنجازاته التي شكلت عصب تواصلنا على طريق الكلمة.
وكما تعلمون فإن كل من سعدنا بتكريمه واقتعد مقعده في هذا المنتدى كان عن طريق صيت سبقه وعمل صالح دفع به إلى مقدمة الصفوف، فلا أنا ولا غيري يضعه في هذا الموضع غير عمله وحقه المكتسب تجاه المجتمع لكي ينصفه ويكرمه بما يستحق ويشد على يده مباركاً ما أنجز وداعياً لمزيد من العطاء الخيِّر لخدمة الأمة.
وفي هذا الإطار فإن "الاثنينية" سوف تسعد خلال هذا الموسم والمواسم القادمة بمشيئة الله.. بتوسيع فضاءات لقاءاتها لتشمل تكريم بعض المسؤولين عن الشأن العام، خاصة ما يُشكل هاجساً لا تخلو منه أسرة أو ينفك منه مواطن، بالإضافة إلى لقاءات مماثلة مع بعض ذوي الكفاءات المميزة، الذين أعطوا الكثير لوطنهم في مجالات لا يتطرق إليها الحديث، وقد ينأون بأنفسهم عن دائرة الضوء، فكان لزاماً علينا أن نسعى إليهم، ونشد على أياديهم، ونستزيد من فضلهم وعلمهم، ونبلغهم رسالة مجتمع نرجو ألا يكون دفّاناً كما أطلق عليه أستاذنا الكبير الراحل محمد حسين زيدان -رحمه الله-، بل مجتمع يمحض الحب والإخلاص لأبنائه الذين يضحون بوقتهم وجهدهم ويكرسون أموالهم وكل غالٍ ونفيس من أجل الأهداف السامية التي يسعون لترسيخها علماً وعملاً للصالح العام، فلهم جميعاً التحية والتقدير، وعلى أمل أن نلتقيهم واحداً تلو آخر في أمسياتنا القادمة دون أن يؤثر ذلك بطبيعة الحال على جوهر الاثنينية كملتقى أدبي له اهتماماته الثقافية والإبداعية، المتشعبة التي تهم معظم فئات المجتمع، وكما تعلمون فقد كانت لنا تجارب سابقة في هذا التوجه، منها على سبيل المثال: تكريم معالي الدكتور ناصر محمد السلوم، عندما كان وكيلاً لوزارة المواصلات، وذلك بمناسبة حصوله على جائزة "رجل الطرق".. وكرمنا الداعية الكبير الشيخ أحمد ديدات، والمهندس الاستشاري المعماري الدكتور زياد أحمد زيدان بمناسبة فوزه العالمي بتصميم معهد العالم العربي بباريس، والعميد طارق عبد الحكيم بمناسبة إعادة انتخابه للمرة الثانية رئيساً للمجمع الموسيقي العربي، وكذلك كرمنا الدكتورين مصطفى معمر وإبراهيم عالَم بمناسبة نجاح رحلتهم العلمية إلى مجاهل القطب الشمالي، والطالب عصام مرزا، احتفاءً بنبوغه الشعري الفكري.
وفي ذات السياق فإن اثنينيتكم وهي تدخل عقدها الثالث ستعمل على تخصيص لقاءات لإحياء تراث من رحل من رجالاتها إلى رحاب الله، تغمدهم الله بواسع رحمته، ويسعدني أن تحرص الاثنينية على طرق هذا الباب وتطعيم أمسياتها تطعيماً لا يخل بالتأصيل آملاً أن نبدأ بعد الإعداد المناسب بأول أمسية نطرح من خلالها مؤشرات إصدار مؤلف حول معالي الوالد الشيخ عبد الله بلخير -رحمه الله- يضم كل ما في صدور الرجال الذين أحبوه وعاصروه وأخذوا من علمه وفضله وأدبه وينطبق القول على أساتذتنا الكبار منهم: الأساتذة محمد حسين زيدان، وعزيز ضياء، وطاهر زمخشري، وحسين عرب، وغيرهم من ذوي الفضل الذين تركوا فراغاً عريضاً برحيلهم -رحمهم الله أجمعين- فما أجمل أن نفهم بعض حقوقهم بجمع ما تناثر من أقوالهم لتبقى مشاعل معرفة للأجيال القادمة بمشيئة الله.. ولا أنسى لمسة الوفاء التي عبق بها قلم الأستاذ أحمد سالم باعطب، عن معالي أستاذنا الكبير معالي الشيخ عبد العزيز الرفاعي -رحمه الله-، فقد ألف عنه كتابه الموسوم "عبد العزيز الرفاعي من المهد إلى اللحد" في جزأين، ونُشر تحت مظلة "كتاب الاثنينية" أثابه الله على جميل صنعه، وجعله في ميزان حسناته.
أرحب مرة أخرى بضيفنا الكبير متمنياً لكم وقتاً ممتعاً، وحواراً ثرياً تسبرون من خلاله كل تطلعاته وآماله وآلامه، متطلعاً أن نلتقي الأسبوع القادم مع الأديب والقاص المعروف الأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان، الذي ظل يحرث ويزرع لسنوات طوال، فجنينا ولله الحمد الكثير من ثمرات عطائه الأدبي الخير، فله في عنقنا كلمة شكر نجزيها له بكل الود والتقدير والاحترام. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا أعرف أن كلمتي كانت مطولة ولكن أرجو أن تعذروني لأنها هي عبارة عن ورقة لما ستكون عليه إن شاء الله الاثنينية بعد ذلك، وطبعاً سندعو بعض الأخوة من الأساتذة الكبار الذين دائماً يساندونا بآرائهم وأفكارهم، نتبادل الأفكار لنصل إن شاء الله إلى ما يحقق الأحسن وشكراً لكم جميعاً.
عريف الحفل: أيها السادة كما تعلمون فإنه بعد أن تُعطى الكلمات لأصحاب السعادة المتحدثين، تُعطى الكلمة لفارس الاثنينية ومن بعدها يتم فتح باب الحوار مع سعادته، نرجو تكرماً من أصحاب السعادة المتحدثين أن يختصروا كما أورد سعادة الشيخ عبد المقصود في كلمته، وألاٍّ تزيد الكلمة عن خمس دقائق، حتى نفتح باب الحوار مع ضيفنا الكبير.
الأستاذ محمد علي موزة سيلقي كلمة معالي المفكر الإسلامي الكبير ووزير الإعلام الأسبق الدكتور محمد عبده يماني.. فليتفضل.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1302  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 147
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.