شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور الشاعر بهاء عزّي ))
بسم الله الرحمن الرحيم.. عندما يُحتفَى بالشعراء الكبار يجول بفكرك على الفور مدى السمو الذي بلغوه في الشعر، ومدى تميز النهج الشعري الذي عُرفوا به، ومدى الهدف السامي الذي يجهدون أنفسهم وملكاتهم في سبيل الوصول إليه، وهم يسمعون شعرهم هذا ويترنمون به في الآفاق، بل ويملون أغراضه، يفعلون كل ذلك بفضل ما منحهم الله من موهبة فذة، وقدرة على التأثير، وما تميز به خيالهم من اتساع وقوة ورقة وجرأة، وبفضل ما توفر لديهم من الأدوات اللازمة للسبك السامق للشعر العربي الفصيح.
ولذلك، فإن الشاعر الذي له مثل هذه القدرات والأغراض والقضايا هو شاعر فذ. منذ وقت ليس بالبعيد، بدا لي أن أُنشئ قصيدة لهؤلاء الشعراء الكبار الأفذاذ، فتراءى لي هرم منهم، رأيت فيه المتنبي، ورأيت معه كثيراً من الشعراء الكبار، وكنت كلما تحدثت مع شاعر منهم أقول لنفسي هذا هو (الشاعر الفذ).
إن الشاعر الذي يحتفي به سعادة الشيخ الأديب الجليل الأستاذ عبد المقصود خوجه، ونحتفي جميعنا به معه في هذه الليلة، هو من أكبر هؤلاء الشعراء الكبار الأفذاذ وهو الشاعر الكبير الفذ قاسم حداد.
في مثل هذا الشاعر قلت:
حيِّ هذا الفذ واستوقد زناده
حيِّ فيه الشعرَ مزهوَّ الرياده
حيِه نهجاً بديعاً مُسمعاً
طبَّق الآفاق يمليها مراده
وغدا يسبُرُ أعماق النهى
جاهداً يجلو فما أَعيت جهاده
كلُّ أفق راده نوَّره
كل بحر خاضه زاد امتداده
فسنا كالفجر في إصباحه
من دياجير الْمدى شبَّ وِقَاده
فأتى الشعرُ الذي أبدعه
جوهراً يهديه للشعر قلاده
شع منه النور وَحْيَاً ملهماً
وخيالاً شاد للشعر عماده
فترى الشاعر سيفاً مرهفاً
وتراه الصَّبَّ يستجدي سُعادهَ
وترى الحكمةَ من إشعاعهِ
وسَنَاها لاح يجلو ما أراده
وترى كيف الذي شاد الدنى
شادها، أو كيف ذا فَلّتْ عتاده
وترى الشادي على قيثاره
موقدَ الإحساس من شعر الإشاده
تسمع الأوتارُ من وقدته
خفقانَ السيف أو همساً لِغاده
* * *
هكذا الشاعر في إبداعه
يُنْطِقُ الإحساس يستجلي اغتماده
فإذا النطق شجون سبكت
وتراً يشدو وسيفاً وجلاده
وحلوماً عظمت مبدعةً
وحبيباً يشتهي منه وداده
* * *
بهرته الغيدُ يوماً فرنا
قاصرات الطرف يغرين جياده
فدنا ينشد من شعر الهوى
ورخى الأرسان يغري بالقياده
فإذا هنَّ أسيرات هواه
.. وفي الأسر يقيِّدن فؤاده
فاستمع من شعره ذاك الصدى
كلما فر من القلب أعاده
جذوةً من خفقةٍ مضرمةٍ
تتوالى من هوى رام الزياده
فزكَتْ أفنانُه مزهرةً
حكمةَ الحس.. قصيداً وعِباده
فترى الشاعر مهديَّ الْهوى
وترى الغيد تعشقن الشهاده
* * *
يا قصيداً يقف الشاعر يلـ
ـقي فتهتز قلوب بِالإشاده
هل يسودُ الشعر إن لم تحكِه
ألسنُ الدهر براهينَ سياده؟
فأَجاب الدهر من غيرته
ولــه في رده صوتُ العماده
لا يغرنك ما خط الخوا
كله يفنى وإن أَغلى مداده
إنما الشعرُ الذي شاعره
أَبْدَعَ الْمَعْنى وأوْفاهُ احْتِشَادَه
عربياً قدُّ نظماً خافقاً
بجناح لا ترى الدنيا امتداده
وترى الناس لدى إطلاله
ناقداً يدري ومن يُزرِي انتقاده
كلهم قَاضٍ.. فهذا عادل
ينصف الشعر، وفي ذاك مراده
والورى يعتدُّ بِالشعر الذي
يَشْغلُ الدنيا ويستوحي رشاده
ولسانُ الناس في ترديده
يصطفي منه ويتلو مستجاده
وإذا الشعر تخطى سِفْرَه
لصدور أشربت حب العباده
كان شعراً يرنم الكون به
بين تقدير الرضا والإستزاده
* * *
 
عريف الحفل: وبعد أيها السادة.. الأخوة الحضور، لا بد أنكم مثلي تتوقون للاستماع إلى فارس اثنينية هذا الأسبوع فلنستمع إليه.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :708  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 72 من 145
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.