شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ الكبير الأستاذ مشعل السديري ))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
صلى الله على نبي الهدى.. يسعدني أن أتكلم معكم أو أرد في البداية، أنا كتبت كلمة بسيطة ولكن فضحوا سري أصبحت حتى كلمتي ما لها معنى.. على أي حال يمكن ما يهم الناس كثيراً السيرة الذاتية لأي واحد، مثل ما قال قينان على ولادتي، ما أستطيع أن أقول إني مولود في المكان الفلاني.. لأن المكان الذي ولدت فيه غير معروف حتى عندما كنت أسأل خالي أنا أين ولدت يقول لي عند الحزم الفلاني بالشامات ما أدري وين في الوادي الفلاني الذي ماتت فيه أمك يوم ولدتك!! وين عاد، دبرها.. ولكن وجدت أقرب منطقة لها هي الجوف، ولهذا السبب أكتب أني مواليد الجوف وهذا أول تزوير في حياتي.
دخلت من البداية مدرسة داخلية إلى أن أنهيت الإعدادية في الطائف، بالنسبة للضرب الذي تحدث عنه الأخ عبد المقصود، أنا في حياتي ما ضربت أحد، ولا أحد ضربني، أنا ممكن أقتل أو أقتل، يعني يا قاتل يا مقتول، لكن أضرب أو أنضرب، لأ.. ما درست دراسات عليا لأني ما صدقت على الله أخلص دراستي وكلما صحيت كل يوم أحمد الله إنه ما في مدرسة ولا دراسة.. ما رسبت في حياتي، لكن ما كنت متفوقاً إطلاقاً.. كنت عادي.. وسط.. وما كنت أذاكر كما يجب، وما كنت لعوب في ذات الوقت، وهي معادلة غريبة لحد ما.
عموماً أدخل في الموضوع وأقول عندما طلبوا مني أن أعطيهم نبذة عن تاريخ حياتي وأعمالي فوجئت في الحقيقة بهذا الطلب رغم منطقيته لأي إنسان عاقل لا يعتريه أي خلل، غير أن الطلب بالنسبة لي شخصياً غير مفهوم ومع ذلك قدحت زنادي مثلما قدح أبو العلاء المعري زناده مع الفارق طبعاً، على أن أقع على أمر أستطيع أن افتخر وأتبختر به أمامكم، ولكنني كلما قلبت صفحة من تلك الأيام والسنين المتعاقبة كلما تصبب مني عرق الخيبة والكسوف وأخذت أمطر حالي بالتقريع المتواصل ولم أكن أتصور إن الحال وصل إلى هذه الدرجة من الفلتان إن صح التعبير، وتأكد لي تماماً إنني أوقعت نفسي بالشرك عندما قبلت أن أضع نفسي أمامكم هكذا بدون أي مجد أو سلاح، ولم يعد هناك أي مجال للتراجع، فقلت بيني وبين نفسي إذا لم يكن من الفضيحة بد فمن العار أن تكون كالأرنب وعلى هذا الأساس طلبت أن أقدم نفسي بنفسي، وبطريقة غير مسبوقة ولم يسبقني بها إلا الزباء عندما قالت بيدي لا بيد عمرو، وأنا أقول بيدي لا بيد الوجيه عبد المقصود خوجه، وليكن ما يكون واللي عقد رؤوس الحبال كلها يحلها.. وماذا أقول عن حياتي وجهادي ومبادئي وأعمالي، لا شيء أستطيع أن أقوله أكثر مما قاله المطرب المرحوم فوزي محسون عندما قال: صفحتي في الحب بيضاء.. لو صوتي جميل لغنيتها.. وأنا كذلك أتيت إلى هذه الدنيا مندهشاً ولا زالت الدهشة تحاصرني من كل جانب من هذا العالم بشمسه ونجومه وهوائه وناسه ونباته وجماده وولادته المتكررة وموته وصراعاته وعذاباته وضحكاته ودموعه وغرامه وانكسارات قلبه.. كنت ولا زلت مندهشاً وكلما قلت وعبرت عنه إنما هو رد فعل هذا الاندهاش ولهذا الاكتشاف بهذا العالم العجيب وإلى الآن لم أقل كلمتي بعد لأنني إلى الآن لا زلت محتاراً.. صدقوني إذا قلت لكم إنه لا تخطيط ولا ترتيب ولا هناك أي مشروع في حياتي فحياتي لا تختلف كثيراً عن مقولة ذلك البدوي الجلف الذي يقولك "كزها وابرك عليها"، إنها أشبه ما تكون بخبط عشواء، طبعاً هذا واقع لا يشرفني وأرجو من البعض ألا يعتبر هذا الاعتراف إنه نوع من الشجاعة أو النقد الذاتي أو جلد الذات كما يروق للبعض أن يسميه، لا ليس ذلك صحيحاً لأن للشجاعة مواصفاتها التي لم أشتريها، أما عن نقدي لذاتي أو جلدها فلم أصل بعد لهذا المستوى الرفيع من المكانة، فالذي يستحق النقد هو من كان له رصيد من العطاء، والذي يستحق الجلد هو من كان له ظهر قوي يتحمل الضربات، أما أنا فلا عطاء لي وإنما خواء ولا ظهر وإنما سلسلة فقرات من عظام متكلسة أتمنى أن تكون بحق وحقيقة تنتمي إلى سلالة بني آدم، والمشكلة التي أواجهها ولا أستطيع أن أهرب منها الليلة هي أن أقدم نفسي لكم، وأقول أنا ابن جلا وطلاع الثنايا.. متى أضع العمامة تعرفوني، ولست أدري من هو ذلك الجلا وطلاع الثنايا، كما أن على رأسي عقال وليس عمامة ومن الصعب أن أخلعه أمامكم الآن فليس بيني وبينكم معركة، وأنتم تعرفون أن العقال هو السلاح الرئيسي لأي إنسان سعودي إذا ما اقتضت الحاجة، والبعض منهم للأسف لا يستخدمه إلا داخل البيت، هذه ناحية، والناحية الأخرى إنني لن أخلعه لأن قيافتي بكل صراحة تهمني جداً.. هل قلت شيئاً عن نفسي؟ لا زلت أحوم حولها ولم أمسك رقبتها بعد، ولكن لا بد من القبض عليها حية أو ميتة أو بين بين، وأعتقد أن البين بين هي الأصوب، لأنني بكل تجرد لا زلت أتساءل: هل أنا حي فأرجى أو ميت فأنعى؟ لا شيء في جعبتي يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار، كانت دراستي في مجال الفن التشكيلي ولم أقم في حياتي غير معرض واحد في روما وصادف أن كان افتتاحه في 5 حزيران من عام 1967م. وفشل المعرض بالطبع فشلاً ذريعاً لأنه لم يحضره غيري وغير حارس الاتليه، وكان لزاماً علي والحال كذلك أن أجمع لوحاتي وأبعثرها على كل من هب ودب.. وكانت مصيبتي في أمتي أكبر من مصيبتي في لوحاتي، وهجرت الرسم واتجهت للكتابة على أساس أنها تستطيع أن تعبر عما يجيش في نفسي بطريقة أسرع وأبلغ ومثلما لم أحتفظ ولو بلوحة واحدة في حياتي كذلك لم أحتفظ بكلمة واحدة كتبتها في حياتي، لم أحاول أن أؤلف أو أجمع ما كتبت، فكل شيء أقوله أطلقه للريح تصنع ما تشاء.. أعرف أن هذه الفلسفة سلبية وشبه عبثية وعدمية ولكن كيف لي أن أكون منطقياً مع معطيات الحياة وأنا لم أفهمها أو اقتنع بها بعد؟ ومن سوء حظي الذي لا يستغرب أبدأ، أن يأتي دوري في هذا المكان بعد أسبوع واحد من لقاء الأستاذ أنيس منصور وهو المشهود له بالتنظيم والجهد الكبير، ولكنني دائماً أعزي نفسي بتفاوت قدرات بني البشر، كذلك لم أكن محترفاً في أي يوم من الأيام، لا في سلك وظيفي ولا سلك إبداعي، وأكاد أن أقول ولا سلك حياتي كذلك، وبما أنه لم يكن هناك قدوة في حياتي أستطيع أن أشير لها بكل اقتناع فإنني أجزم بأنني لا أنفع أن أكون قدوة صالحة لأي إنسان، لهذا فمن النادر جداً أن أقدم النصائح والإرشادات لمحتاجيها، حقاً إنني أكره الظلم وأنشد الحرية، غير إنني للأسف أدور حول نفسي في أغلب الأحيان كالمدوان، وأكذب لو قلت شيئاً غير ذلك، وما أسهل وأرخص الادعاءات ولو أردتم أن أصوغ وأبني لكم قصوراً من الأوهام والأمجاد لأشبعتكم منها وعافت نفسكم طعام الموائد بعد هذه الجلسة، وبما أنني أتيت لكم بسيرة الأكل والطعام، فلا شك أن البعض منكم بدأ ينظر إلى ساعته الآن، لهذا لن أطيل عليكم، وكل ما أستطيع أن أضيفه هو إنني بدأت أحن لعشقي الأول ألا وهو الرسم، وقررت أن أخاطر وأعمل معرضاً في هذه السنة، وكلما اقترب الموعد أقول بيني وبين نفسي: الله يستر، فإذا كان معرضي الأول قد جلب معه مصيبة 67م فماذا سوف يجلب معه معرضي القادم.. ومن الآن إلى أن أقيم المعرض أنصح كل واحد منكم أن يربي غراباً في منزله.
إنني وبكل اختصار إنسان أعيش ليومي فقط، لا أريد شيئاً من أحد، ولا يتوقع أحد أي شيء مني، وأعاشر الناس كما لو كنا جميعاً في قاعة الانتظار لإحدى المطارات، الرحلات تتوالى والمسافرون يتدافعون وأنا بينهم أضع يدي على قلبي وأتمنى أن أكون آخر من يسافر، والمشكلة إنها رحلة ذهاب بدون إياب، وليس فيها أي مضيفة تقدم التمر والقهوة.
وقبل أن أجيب على الأسئلة أشكر الدكتور محمد عبده يماني والأخ العزيز عبد المقصود خوجه وعبد الفتاح أبو مدين وسعيد السريحي وقينان الغامدي ومحمد عبد الواحد، كلهم ذكرتهم بدون ألقاب لأنهم أكبر بكثير من الألقاب، وكان المفروض أقول كالعادة إنهم أخجلوني ولكن في الواقع هم شرفوني بكلامهم، وشكراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :625  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 50 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.