شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة لفضيلة المفكر الإسلامي المعروف
الشيخ محمد علي الصابوني ))
- بسم الله الرحمن الرحيم، نحمده تعالى ونصلي ونسلم على صفوة خلقه نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
 
أرى من واجب الوفاء علي في هذه الليلة أن أتحدّث عن فضيلة الأخ المحتفى به الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي وإن كنت قبل أيام سأعتذر عن الحضور لأنه جاءتني زائرة ثقيلة الظل هي التي زارت المتنبي وبقيت معه أياماً وأنشد فيه أشعاراً:
وزائـرتي كأن بهـا حـياء
فليس تـزور إلا في الـظلام
فرشت لها المطارف والحشايا
فعافتها وباتت في عظامي
أراقب وقـتها من غير شوق
مراقـبة المشـوق المـستهام
ويصدق وعدها والصدق شر
إذا ألقاك في الكرب العظام
 
أصابتني قريب منها هي أنف العنس التي تسمونها الأنفلونزا، وطحنتني طحناً، ولكن جاءني الخبر من أخينا المحتفي الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجة بأن المحتفى به هذا الأسبوع فضيلة الدكتور، فقلت سأذهب ولو حبواً على الأقدام أو على الرجلين.
 
الأخ الكريم الذي نحتفي به اليوم رجل من نوابغ الرجال وعلم من الأعلام البارزين الذين تتطلع إليهم الأمة كلما أحاط وخيم عليها الظلام، تترقب انبثاق النور، وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر، إنه رجل علم وفقه وفلسفة وأدب نال أرفع المراتب العلمية وأعلاها بجهده وجهاده، وتجشمه المصاعب والمتاعب دون كلل ولا ملل، تحدوه عزيمة صادقة تتمثل بين عينيه حكمة القائلة وما أبدعها من حكمة "ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر" لم يكن فضيلته ليحصل درر العلم ونفائسه لو أن نفسه اكتفت بهذه الوريقات التي تمنحها المعاهد والجامعات التي تسمى بالشهادات فيكون الإنسان معه الشهادة الورقة، والعلم عند الله، ولكنه رجل مكافح ومناضل، أخذ علومه من المنابع الصافية تلقاها على أيدي شيوخ أجلاء، نهل من بحر علومهم ما يشفي غليله، كان الواحد منهم موسوعة في شتى العلوم والمعارف، وقد أدركنا من هذه الطبقة رجالاً نفتقدهم اليوم، إنه رجل عصامي بكل معنى الكلمة، نفاخر به ونفخر، رجل علم وخلق وأدب، إذا تحدث في العلوم الشرعية والحكم، خلته حجة الإسلام الغزالي، وإذا تكلم في الأدب حسبته المنفلوطي أو الرافعي، وإذا استمعت إليه في الفلسفة خيل إليك أنه أرسطو أو أفلاطون، وباختصار وإيجاز بيان أنه عالم فنان، إذا كتب أبدع، وإذا تحدث أقنع، وإذا ضرب أوجع، لا أقصد أنه ملاكم مثل محمد علي كلاي، وإنما يضرب بالحجة رأس الباطل فيشدخه، (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق).
 
وأكتفي بهذا القدر، كنت أحب أن أسمعكم بعض كلمات عن أدبه في هذا الكتاب (منهج الحاضرة الإنسانية في القرآن) و لكن لضيق الوقت أقتصر بهذا وأذكر لكم الفارق بين الحضارة الأوروبية الغربية، وبين الحضارة الإسلامية في هذه الأبيات التي قالها صديق له وأخ معه كان في الدراسة الشيخ محمد حموي رحمه الله، قال قصيدة جاء في ضمنها هذه الأبيات الروائع:
قالوا الـدين في الصميم فقالوا
الدين شيء والحكم شيء ثاني
لو يكون التشريع حـكم غواني
هتف الكل عاش حكم الغـواني
أو رأوا ديـننا يـلبي هـواهم
لمشـوا نحـوه عـلى الأجفان
من ترى أخرج العوالم لما
أوصلتها الفوضى لكل هوان
إيه عصر العشرين ظنوك عصراً
نير الوجه مسعد الإنسان
لست نوراً، بل أنت نار وظلم
مذ جعلت الإنسان كالحيوان
 
هذا الفارق بين حضارة الإسلام التي ذكرها هنا وكأنه أديب من الطراز الأول، جزاه الله خيراً، حقيقة في كتابته يبدع، وفي حجته يقنع، فجزاه الله كل خير وشكر مسعاه وجزاكم الله خيراً على تكريمه ونسأل الله أن يجعل في هذه الأمة من أمثال هذا العالم الفاضل من نرفع رؤوسنا بهم إنه سميع مجيب الدعاء، والحمد لله رب العالمين.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :745  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 139
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ديوان زكي قنصل

[الاعمال الشعرية الكاملة: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج