شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تحريم دماء المسلمين والتحذير منه في خطبة الوداع
* في حجّة الوداع، وفي ثاني أيام النّحر خطب سيّد البشر وشفيع الأمم سيّدنا محمّد بن عبدالله عليه صلاة الله وسلامه، جموع المسلمين بما يفترض على الأمّة الإسلاميّة والعربيّة أن تهتدي به في مسيرتها، خصوصًا بعد أن فرّقتها النّعرات القبليّة الممقوتة، وشتّت كلمتها دعوات سوء الظّنّ في عقائد المؤمنين والموحّدين؛ حتّى أدّى ذلك كلّه إلى سفك المسلم لدم أخيه المسلم، وكان المستفيد الوحيد من ذلك كلّه أعداء الأمّة والمتربصون بها، ولن يصلح أمر هذه الأمّة إلا ما صلح به أوّلها.
* في تلك الخطبة النّبويّة والمؤثّرة والبليغة خاطب الرّؤوف الرّحيم أمّته وذكّرهم أنّهم سواسية أمام شرع الله وكأنه بذلك يعلن قطيعة بين ما كان يتنادى به العرب في جاهليتهم من فخر بالأنساب والأحساب، فقال عليه صلاة الله وسلامه أما بعد أيّها النّاس، ألا إنّ ربّكم واحد، ألا وإنّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا أسود على أحمر، ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم.. ألا هل بلّغت؟، قالوا بلّغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال صلّى الله عليه وسلّم–وكأنه يخاطب المسلمين في حاضرهم ومستقبلهم البعيد الذي نعيشه اليوم.. قال فليبلّغ الشّاهد الغائب، فربّ مُبلَّغٍ أوعى من سامع.
ثمّ وجّه الخطاب إليهم وإلى كلّ مسلم ومسلمة في كلّ عصر وزمان وبما يفرض على علماء الأمّة ووعّاظها، ودعاتها أن ينشروه ولا يطووه، ويفصلنّه ولا يحملونه، وتفتقده قلوبهم قبل ألسنتهم، قال صلّى الله عليه وسلّم في حرمة دم المسلم ما نصه: إنّ الله قد حرّم دماءكم وأموالكم وأعراضكم، كحرمة شهركم هذا، في بلدكم هذا، في يومكم هذا، إلى أن تلقوا ربكم.. ألا هل بلغت؟ قال النّاس: نعم، قال اللّهم اشهد. ثم قال إنّكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم.. ألا هل بلغت قال الناس نعم.
وزاد صلّى الله عليه وسلّم في تأكيد حرمة المسلم، ولعله من معجزاته صلّى الله عليه وسلّم أن يطلب من المسلم ألا يحلّ سفك دم أخيه المسلم وألا يظلمه ولا يعتدي على ماله وحرماته، فقال صلّى الله عليه وسلّم محذّرًا: ألا إن كلّ مسلم محرّم على كلّ مسلم، ثم قال: اسمعوا منّي تعيشوا ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، إنّه لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
ثم نبّههم أنّ الشيطان سوف يكون مدخله من جهة تفريق المسلمين عن طريق استحلال دمائهم وبما تقوم عليه الشّواهد في هذا العصر من نزعات تكفيرية وتفسيقية وتبديعية حتّى أتت على كلّ شيء، وأورثت النّاس خوفًا وهلعًا وفرقة وتشتتًا، فقال الحبيب صلّى الله عليه وسلّم موضحًا–وليت بني قومنا يسمعون: أيّها النّاس إنّ الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنّه قد رضي أن يطاع في ما سوى ذلك ممّا تحقّرونه، فقد رضي به، إنّ المسلم أخو المسلم، إنّما المسلمون أخوة، ولا يحلّ لامرئ مسلم دم أخيه ولا ماله إلا بطيب نفس منه، إنّما أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلا بحقّها، وحسابهم على الله لا تظلموا أنفسكم، لا ترجعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم رقاب بعض.
صدقت يا ابن عبدالله، عليك صلوات الله وسلامه-اللّهم أجزه عنّا خير الجزاء- وهدى الله أقوامًا ليس لهم من عمل إلا التفتيش في عقائد النّاس ورميهم زورًا وبهتانًا بما تضجّ منه السموات والأرضون، وكأنّ هذا مبلغ علمهم من هذا الدين العظيم.
 
طباعة
 القراءات :192  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 57 من 100
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج