شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > كلمات معالي الدكتور محمد عبده يماني في الاثنينية > في حفل تكريم فضيلة الدكتور محمد بن الهادي أبو الأجفان
 
في حفل تكريم فضيلة الدكتور محمد بن الهادي أبو الأجفان (1)
يلقيها نيابة عنه فضيلة الشيخ محمد بدر الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله نحمده ونستعينه، ونصلي ونسلم على خاتم أنبيائه ورسله، ونستفتح بالذي هو خير، ربَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (الممتحنة: 4).
أيها الأحباب سعدت بهذه التقدمة العجيبة العميقة التي قدم بها هذا الرجل الذي نذر نفسه بهذه الأمسية وهذه الاثنينية ليكرم أعلام الأمة، هذه المقدمة التي تكاد تكون رصداً موضوعياً مفصلاً لمشكلات الفكر الإسلامي المعاصر، قد نتفق في معظم ما فيها وما نختلف فيه إلا في بعض الوسائل، وأحب أن يجعل كل واحد منا في عقله جزءاً للبحث في هذه القضية لأنها قضية مستقبل الأمة، ونحن مفرطون إن لم نُعنَى بها.
أيها الأحباب، هذا التكريم الذي نقوم به اليوم هو جزء من التطبيق العملي لهذه التقدمة، لأن الذي ينسى أمسه يضيع يومه ولا يجد الطريق إلى غده، والأمس ليس الزمن، وإنما الأمس هو الناس الذين عاشوا الزمن والذين قوَّموه وقام بهم الزمن، الزمن الذي لا يُعرف إلا بالرجال، نحن نتكلم عن نزول آدم، عن نبوة إدريس، عن رسالة نوح، عن عاد ونبيهم هود، نعرف التاريخ والأزمنة بهذه القمم الإنسانية الشاهقة التي قادت الزمن وأهل الزمن، واليوم إذ نُكرم رجلاً كالدكتور أبو الأجفان، إنما نحن نعيش الزمن الواقع وننظر إلى الأمس القريب ونترقب المستقبل القريب والبعيد، ونمد أعناقنا وأبصارنا وبصائرنا إلى الماضي البعيد، لأن أبا الأجفان وأمثال أبي الأجفان وشيوخ أبي الأجفان وتلاميذ أبي الأجفان جميعاً هم نتاج ذلك الزمن البعيد، وقطع الصلة بيننا وبين هذا الزمن البعيد البعيد ورجاله هو انتحار، والذين يدعون إلى هجر التراث إما بدعوى التعصير أو التضليل الذي يسمونه التنوير، وإما بدعوى الجمود عند بعض المراحل فيه، إنما هم قوم يعيشون بلا عقول، ولذلك نحن نحترم العقول التي تنظر إلى الماضي فتحققه وتنظر إلى الحاضر فترفق به إذ تحاول أن تسير به بحنانٍ وحبٍ وودٍ إلى سواء الصراط المستقيم.
عندما نكرم الدكتور أبا الأجفان فإنما نكرم كل عالم في تاريخ أمتنا قام ليقول كلمة.. أو ليخط سطراً.. أو ليعلم جيلاً.. فكثير من الناس عاشوا حياتهم يُعلِّمون ولم يتركوا إرثاً مكتوباً، الليث بن سعد لا نكاد نعرفه له كتاباً وكان عالماً من أعظم علماء الأمة والصحابة لم يتركوا لنا كتاباً، بل مرويات ودروساً علموها للتابعين وهكذا، نحن نحترم الذي يمشي في تيار العلم والمعرفة، أياً ما كان نتاجه وأثره، وأياً ما كان دوره، لأننا ننظر إلى نتيجة ذلك في الجيل الذي عاشه والأجيال التي بعده، ونحن نؤمن بتواصل الأجيال، لأننا بذلك نكرم هؤلاء العلماء الذين علمونا معنى الحب والصدق والوفاء والصبر، الحب لله ورسوله ولأمته، فعاشوا لها وبها وفيها ولم يعيشوا في أبراج عاجية، وحاولوا لها كل ما يستطيعون من الخير حتى وإن أخطأوا فلهم ثواب المجتهد، عاشوا هذا الحب ورأيناه في لطفهم ورفقهم بتلاميذهم، أبو حنيفة كان يعول تلاميذه ويكسوهم ويطعمهم ويزودهم ويمونهم ويُموِّلهم، عرفنا الحب في نفوس هؤلاء الأعلام صورة عملية لا شقشقة كلامية، عرفنا مالك إذ يحتضن تلميذه الشافعي فيقيمه معه في بيته ويعلمه في حلقته ويكرمه إذا قال قولاً ولو خالفه فيه، ثم يقول له يوماً ما وقد خالفه في الفتوى يا ابن إدريس أذنتك بالفُتيا ويقبل ما بين عينيه، اختلفوا وما تخالفوا وتناظروا ولكن لم يتنصل بعضهم من بعض، وعاشوا محبين لله، محبين لكل من قال لا إله إلا الله، ذلك هو الحب، والصدق، الصدق في النية، والصدق في العمل، والصدق في السعي لأجل صلاح الأمة، والصبر على مشاق التحصيل، ومشاق التعديل، ومشاق النظر والبحث والاجتهاد، ومشقة العطاء، كل هذا نظروا فيه ثم بعد ذلك أعطوا الأمة وفاءً منهم لها.
بهذه الكلمات أحب الدكتور يماني أن يكرم ذلك الرائد الموجود بيننا ويعرِّف الناس بأنه واحد من ذلك الرعيل العظيم الذي امتد من أول حلقة جلس فيها حبيبنا صلى الله عليه و سلم إلى آخر حلقة تكون بالأمس جلس فيها عالم يعلم تلاميذه بوفاء وصبر وصدق وحب، غفر الله لي ولكم، وجمعنا إلى الخير أبداً وشكر الله لصاحب الاثنينية أن جعلنا نجلس في مجلس فيه بعض الأعلام، وأن يتيح لنا الفرصة لنكرمهم بما نطيق والله يتولى ذلك بالثواب الجزيل والعطاء الغزير والمعونة لهم، حتى يتمموا ما بدأوه من جهد وخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة
 القراءات :190  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 86 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.