شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > كلمات معالي الدكتور محمد عبده يماني في الاثنينية > في حفل تكريم صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل
 
((في حفل تكريم صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل)) (1)
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله الَّذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم (العلق: 4-5) وأصلي وأسلم على سيدنا محمد خير من تعلم وأصدق من أعلم بالله؛ وبعد:
فأنا أشعر بسعادة غامرة أن أحتفي الليلة بالأخ الكريم والزميل العزيز صاحب السموّ الدكتور محمد الفيصل؛ وهذا الرجل -على كثرة ما قيل فيه- لا شك أنه سليل عائلة كريمة، أبوه حمل مسؤولية هذه البلاد من صغر سنه وساهم في قيادتها وفي إيصالها إلى ما وصلت إليه، وحرك العالم الإِسلامي من حولنا يتضامن معنا ويمد يده إلينا ويتواصل معنا..، فهو نقطة مضيئة في تاريخ العالم الإِسلامي الحديث، وهذه البلاد العريقة؛ لكن محمد الفيصل -أيضاً- أكرمه الله بسيدة فاضلة والدته الكريمة التي كنا نتغنى -دائماً- أطال الله عمرها الملكة عفت؛ حملت لواء التعليم في هذه البلاد، وقليل من الناس -الَّذين لم يكونوا على اتصال بالحركة التعليمية- يعرفون مدى التضحية والصبر الَّذي أصرت عليه أن تستمر المسيرة التعليمية وتدافع عنها، وتحاول أن تقيها العثرات، لا شك أن الحركة التعليمية عندما تذكر في هذه البلاد تذكر هذه السيدة الفاضلة والسيدة لطيفة الخطيب (رحمة الله عليها).
فهو قد استفاد من أبوين كريمين: وكان أبوهما صالحاً والأمير محمد الفيصل ما أتاح له الفرصة في رأيي أن يواصل النجاح -الَّذي أرجو له مزيداً من التوفيق فيه- هو قدرته على الصبر، وقدرته على الحوار، واحترام الرأي الآخر، والخلق الطيب..، وهذا ما ساعده على أن يتألف الناس فأصبح ممن يألف ويؤلف، لأن المجالات التي خاضها تحديات كبيرة لا شك، وكانت تحتاج مع الصبر إلى عقل وإلى روية وإلى خطة، وإلى حكمة..، فوفقه الله في هذا المجال.
ولا شك أنه كان الوحيد الَّذي يستطيع أن يقول للناس اشربوا من البحر فيشربوا راضين، وما قام به في تجربة التحلية أمر لا شك تجربة مهمة، إنما أنا زاملته في قضايا التعليم على وجه الخصوص، ورأيت صبر هذا الرجل وتعاونه ورغبته في التضحية، بالقدر الَّذي يملكه في أن يثبت أن النظرية التعليمية الإِسلامية صحيحة، وأننا من الممكن أن نحقق كل ما نرجو من تقدم في ظل هذه التجربة، فبدأت مؤسسة الإيمان وما تلاها من المنارات، وغيرها.. وأثبتنا أن الروضة القرآنية ممكنة، وأن الأطفال يستطيعون أن يستمتعوا ببراءة بألعابهم في إطار جو إسلامي وخلق رفيع ولا بأس في ذلك، ولم نبتعد عن التجربة التعليمية الكاملة.. بالعكس هذبنا جوانب كثيرة منها؛ ثم عندما جاءت المسألة تنتقل إلى قضية التحدي الأكبر وهو قضية الاقتصاد الإِسلامي كانت هنا المعركة الفاصلة، لأن هذا نوع من الجهاد في سبيل الله (عزّ وجلّ) البعض يتصدى له ويقف ضده عن جهل لأنه لا يعرف النظرية، والبعض -بكل أسف- ركب الموجة واستفاد منها، والبعض يتعامل معها وكأنها مؤسسات خيرية فلقي الاقتصاد الإِسلامي تحديات كبيرة جداً.
كثير من الناس يأتي البنك الإِسلامي ويقترض منه، ويستغرب أن البنك يطالب بأرباح وينظر على أن أرباح البنوك الإِسلامية عالية وكأنه جاء إلى جمعية خيرية، لا يفرق في كثير من الأحيان بين الجمعية الخيرية وبين أن هذا له هدف إسلامي، ولكنه مركز ربح ولا بد أن يحقق للمساهمين أرباحاً؛ فهم النظرية متكاملة أوقع البنوك الإِسلامية في كثير من المشاكل، دخول مجموعة من المغامرين في هذا المجال؛ ولكن بالصبر والاستمرار استطاعت أن تثبت وجودها، هي تتحدى تجربة البنوك الربوية التي بدأت في القرن الثاني عشر الميلادي تقريباً، وهذه تجربة لم يمض عليها حتى نصف قرن من الزمان بعد، فكان لا بد من الصبر على هذه التجربة.
عندما عقدنا المؤتمر الأول للاقتصاد الإِسلامي -والدكتور محمد عمر الزبير موجود هنا- كثير من الناس وكأنها تسمع عن نظرية الاقتصاد الإِسلامي وكأنها ليست هناك نظرية اقتصاد إسلامي في هذا المجال، ولكن (الحمد لله) مع استمرار الصبر، مع استمرار التعاون، مع استمرار وضوح الهدف، استطاعت هذه البنوك أن تثبت وجودها -وكما ذكرت- إلى درجة أن عدداً من الدول الغربية فتح صدره لهذه التجربة، وآمن أنها ليست خطراً على الاقتصاد وأنه من الممكن أن تتم.
والحق أن من ينظر إلى تجربة الاقتصاد الإِسلامي والبنوك الإِسلامية، يدرك أن على كل مسلم - مهما كان شأنه -أن يحاول- ولو أن يحدث نفسه - بأنه سيترك الربا في يوم من الأيام، لأنه والله لو يعلم الإنسان فقط مقدار ما يقرأ من قرآن وما نسترجعه من أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم لوقف الإنسان -والله- في خجل أمام ربه، فإنه لن يحاول على الأقل؛ صحيح نحن نقول هذه الأمور لن تتم بين يوم وليلة، ولكن على كل إنسان قادر سواء اقتصادياً، أو علمياً، أو أدبياً، أن يفكر على الأقل في كلمة حق يقولها في هذا المجال، وليعلم أولاده، وليعلم أهله، وليعلم من حوله أنه من الممكن أن تحترم هذه النظرية وألا نقف منها موقف عداء، لأن من يعاديها إنما يتحدى الله ورسوله، صحيح أن هناك ظروفاً تستوجب الصبر تستوجب المثابرة، ولكن مع إيمان صادق بأنك تشهد الله بأنك تحرص في أي يوم من الأيام أنك ستغادر هذه التجربة إلى ما يرضي الله (عزّ وجلّ) ورسوله صلى الله عليه و سلم.
على أي الأحوال -الحقيقة- أنا أشعر بالسعادة كما ذكرت وأعرف ضيق الوقت، ولكني أود أن أشد على يدي أخي سموّ الأمير محمد الفيصل مهنئاً على ما وصل إليه، وداعياً الله (سبحانه وتعالى) أن يوفقه لمواصلة هذا المشوار، وأن يعيننا -جميعاً- أن نكون أسرة واحدة تعمل بما استطاعت أن تجاهد به في هذه المجالات؛ والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
 
طباعة
 القراءات :312  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 39 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج