شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((في حفل تكريم معالي الدكتور عبد الله بن بيه)) (1)
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين.. الَّذي علم بالقلم, علم الإنسان ما لم يعلم (العلق: 4-5).. وأصلي وأسلم على سيدنا محمد.. خير من تعلم وأصدق من أعلم لله عزّ وجل وبعد:
فنحمد الله على أن يجتمع الشمل مرةً أخرى - هذه الليلة- في هذه الدار الطيبة؛ وشكراً لأخي الأستاذ عبد المقصود خوجه على هذه الفرصة الطيبة التي يتيحها لنا بين وقت وآخر، لنلتقي بهذه الصفوة الكريمة من الأدباء والمثقفين، والعلماء؛ وشكراً لكم تشاركوننا هذه الأمسية للاحتفاء بهذا الرجل الفقيه المجاهد، العالم؛ الَّذي أسعدني جداً أن ألتقي به وأن أشاركه في كثير من لقاءات، لأتعلم منه الكثير.
ومن سمع حديث مقدم البرنامج الليلة، يظن أن الشيخ يدب دبيباً، ولكنه رجل يعاني الشيخوخة، ويصر على إبراز تلك الطاقة المتفجرة في نفسه بالخير والعطاء؛ وأنا سعيد جداً- الليلة- أن نكرم مثل هذا العالم الجليل، ويسرني أنكم -جميعاً- معنا، ولكن -بصورة خاصة- سعدت -الليلة- بأن يكون معنا الأخ الكريم الأديب الأستاذ: عبد الله نور، الَّذي جاء يحمل دفء الرياض إلينا؛ وسعدت أن يشاهد في هذه الأمسية بالذات، ويلتقي بهذا العالم الكريم والأديب الجليل أستاذنا الشيخ: عبد الله بن بيَّه.
لي مع معالي الشيخ بن بيَّه مناسبات ولقاءات، ولكن -الحقيقة- أننا كنا عندما نتحدث نحن في مجال العلوم -وبالذات في مجال تطور العلوم- نلتفت إلى ماضي العلم في طليطلة، في سمرقند، في بغداد وإلى المراصد العظيمة التي تمت هنا وهناك؛ فإذا ما تحدثنا عن المراكز التي حفظت اللغة، والأدب والشعر، والرواية، إلى غير ذلك..، التفتنا إلى شنقيط، إلى تمبكتو، إلى زنجبار، إلى هذه المناطق.. التي عندما زرتها أحسست -فعلاً- بعمق وعبق ذلك التاريخ المجيد، الَّذي شاء الله (سبحانه وتعالى) أن نتخلف، ونتأخر، ونضيع، ونفرط، ولكني عندما زرت شنقيط وزرت موريتانيا -بصورة عامة- أحسست أن هؤلاء الناس حفظوا بما حفظوا وحافظوا بما حفظوا؛ أما أنهم حافظوا بما حفظوا: فلقد كان حفظهم لتلك الروايات العديدة وإقبالهم على حفظ الحديث ورواياته، فرصة لحفظ أبنائهم أن يتخطفوا من حولهم؛ وقليل من يعرفون أن هناك هجمات تنصيرية خطيرة تجتاح موريتانيا، وبكل أسف تركز على كثير من المدن الإسلامية العريقة، حتى أنك لترتعد خوفاً وأنت ترى كثيراً من هؤلاء يتجولون في حرية داخل مناطق شنقيط، وغيرها..، طبعاً بدعوى العلم، وبدعوى أخذ العلم، وبدعوى الطب، وبدعوى الإعانة، إلى غير ذلك مما نعرف من أساليب.
ولكن شاء الله أن يحفظ هؤلاء الأبناء بما حفظوا من هذا التراث العظيم، وكذلك حافظوا هم خلال الأدب الَّذي تأدبوه من آداب السيرة النبوية وسير الصحابة؛ تجد أن الواحد منهم يروي آلاف الأبيات، حتى أنك تمشي بين شاعر وشاعر في موريتانيا، الكل يقرض الشعر، الكل يحب اللغة.. يقبل عليها، فتحس بأنك في تلك البيئة النظيفة الناس، التي تعيش على الفطرة - وإن أخذت في كثير من مراحل حياتها من آداب اللغة الفرنسية، وغيرها.. - لكنك تحس أنك تشاهد الفطرة بعينها، تلاحظ الصدق، تلاحظ القدرة على التعامل مع آداب اللغة ومع علوم الشريعة؛ فأسأل الله (سبحانه وتعالى) أن يحميهم ويحمي أبناءهم، وأن يحمي أبناءنا –جميعاً- وأن يجزي أمثال هذا العالم الجليل كل خير؛ فقد رسخ أيام عمله في وزارة التعليم -وكذلك في وزارة العدل- الكثير من المفاهيم التي ساهمت في تنبيه الناس إلى هذه المخاطر، وإدراك أن قضية التعليم قضية أساسية لحفظ هؤلاء الأبناء.
وأنا لا أخفي سراً أننا وإن كنا شاهدنا ما شاهدنا عندهم، وتألمنا لما يصيب موريتانيا؛ إلاَّ أننا - بكل أسف- أصبحت القضية في عقر دارنا، وأصبح الخليج مسرحاً لكثير من هجمات التنصير التي تجري بين ظهرانينا؛ وبكل أسف أمام أعيننا في شكل مدارس توسعوا بها، وفي شكل كنائس ما كانوا يحلمون بها؛ "ولكن كلنا في الهم شرق" (2) وإنما في الوقت الَّذي نلاحظ فيه هذه الملاحظات نشد على أمثال هؤلاء الرجال، الَّذين عندما أتتهم الفرصة رسخوا هذه القيم وعملوا من أجلها؛ كما أعتز بجهود معالي الشيخ عبد الله بن بيَّه، على ما حرص فيه من جمع الكلمة ووحدة الصف في كثير من اللقاءات التي قام بها، والتي شاهدتها بنفسي في قضايا الأفغان، وفي قضايا اتحاد الجمهوريات الإسلامية، وغيرها..، حرص الرجل المؤمن الَّذي يحرص على أن يجمع الكلمة، ويوحد الصف، ويعمل في صمت وصبر وصدق وإيمان؛ فجزاه الله خير الجزاء، وأسأل الله أن يجمعنا -دائماً- على موائد الخير؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة
 القراءات :280  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 33 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.