شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة معالي الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم. أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك وأصلي وأسلم على سيدنا، وحبيبنا، وقدوتنا، محمد بن عبد الله، وعلى آل بيته الطاهرين، وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفضليات، الأساتذة الأكارم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
تحتفي اثنينيتكم بمسك خواتيم هذا الموسم، بمثقف ينتمي إلى جيل المثقفين الذين اضطلعوا بأدوار مهمة في صناعة الحالة الثقافية لوطنه بعد الاستقلال عام 1380هـ/1961م، وأبرز مؤسسي الحركة المسرحية الكويتية، وأحد أهم بواعث نهضتها الثقافية والفنية الحديثة، والذي قدّم الكثير للمشهد المسرحي بكتاباته وإسهاماته التي تعدت وطنه الأم لتشمل منطقة الخليج والعالم العربي. حصل على جائزة الدولة التقديرية ووسام الاستحقاق الثقافي من الجمهورية التونسية، الأمين العام لمؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري منذ دورتها الثانية في 1412هـ/1991م، والرئيس الفخري لمسرح الخليج العربي، بجانب تكريمه في عدة ملتقيات مرموقة مثل المهرجان المسرحي لدول مجلس التعاون الخليجي ومهرجان المسرح الأردني ومهرجان دمشق المسرحي، وعدد من المحافل الأكاديمية والفنية الأخرى.
تسعد ((الاثنينية)) باقتعاده مقعد التكريم عرفاناً بمساهماته في مسيرة تخطّت أكثر من نصف قرن، محققاً فيها بإرادته الطامحة فتوحات مهمة مهدت الطريق للآداب والفنون الخليجية للانطلاق عبر ما أنجزه خلال هذه الفترة من إنتاج نوعي لأعمال مسرحية، وبحوث أدبية، ودراسات نقدية متخصصة، متلمساً بهذا التراكم المقدر الجذور الفكرية لإبداعنا الخليجي، ومتحسساً مكامن هويتنا الثقافية، تاركاً أثراً واضحاً في طبقات فنوننا وآدابنا الخليجية، مستبطناً مكنوناتها الجمالية والمعرفية في بادرة خلاقة وغير مسبوقة.
ولعل من أسرار تميز جائزة البابطين للإبداع الشعري، المرموقة منذ انطلاقتها، هو ما انطبقت عليه المقولة بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فالدور المحوري الذي يقوم به الأستاذ السريّع بإشرافه على الأمانة العامة في هذه المؤسسة الرائدة، سبقت فيه أنامل المبدع، فرسمت له خارطة الطريق ليمسك بعدة ملفات متداخلة في قضايا متعلقة بالنشر والتحرير والمسائل الاستشارية.
وما لا شك فيه فالأستاذ عبد العزيز السريع من الرعيل الأول المؤسس للحركة المسرحية الكويتية والخليجية، وأحد بناة نهضتها الفنية، أضاء الخشبة بأعمال لم تغب عنها نبرته الفلسفية الجانحة للتأويل العقلاني، والمتجاوزة للوصفية في استبصارها لما وراء مشاهده المسرحية من نسيج ثقافي خاص، فإحالاته النقدية التي ظلت دائماً مشغولة بهواجس نقد الوعي، تمثل مراجعة للنص المسرحي وإعادة لإنتاج تأويلاته، فقدم عدداً من الأعمال التي أضافت إلى لمشهد المسرحي أنساقاً جديدة في فنون الكتابة، اعتُبرت الأساس لمسرح اجتماعي بملامح خليجية خالصة.
ألّف ضيفنا الكريم عدة مسرحيات، اعتبرها كثير من النقاد اتجاها جديداً في فن الكتابة ولبنة أولى للمسرح الاجتماعي الأصيل، إذ اعتمدت كتاباته على الأسس الفنية المسرحية، ما ساهم في رسم شخصية متفردة لمسرح الخليج العربي، فجاءت لوحاته مكتملة البناء الدرامي، موسومة بالبساطة الواضحة، متسمة بسلاسة الحوار ودفقه، متمرساً على الصنعة المسرحية التي أتاحت له القدرة على تبرير موضوعه تبريراً درامياً نفاذاً، قالبه الدرامي الخاص به، يستقطب ميله الشخصي وحساسيته الشديدة في تطوير الحالة الاجتماعية بنبض ما هي عليه من حياة وحركة، ضيفنا الكريم صاحب حضور ذاتي في نصوص قالبه الدرامي معافى من إسقاطات السياسة والأدلجة المباشرة والتعليمية التقريرية المعلبة، يترك الفرصة كاملة لأن يرتب حبكات درامية لم تنشغل بشيء قدر انشغالها بصقل ملامح الشخصية الكويتية والبحث في تجميع سماتها وقسماتها الذهنية والنفسية. وإن كاتباً مسرحياً يتصدى لمثل هذه المهمة، لحريّ به أن يكون في محك أصعب التحديات، وأجدرها تصدياً.
يرى ضيفنا الكريم أن أبرز خصوصيات الكتابة المسرحية هي الخبرة والموهبة الإبداعية، وارتباط الكاتب المسرحي الوثيق بالمجتمع من حوله، وتفاعله الحي معه، باعتبار أن رسالة المسرح الأساسية تركيز الضوء من خلال متعة فكرية وفنية على مواطن الخلل، بغية التبصير بها، وتحديد المشكلة. ويرى أن هناك اختلافاً كبيراً بين النقاد المسرحيين حول إن كان الكاتب المسرحي يطرح حلولاً، وإن كان لا بدّ من الرمزية واستثارة الذهنية الخيالية الفكرية. وقد يلجأ بعض الكتاب إلى المباشرة حين تستفحل المشاكل مع وجوب التصدي لها، ويرى أن من أهم أدوات الكاتب هي العلم بفنون الصورة المسرحية وأدوات تشكيلها، بما لها من أهمية في فتح آفاق أرحب للخيال.
يدرك كثيرون أهمية مسرح السريع الاجتماعي وريادته في وضع نقاط الضوء المسرحية على حروف الواقع من دون أن يخل بالشروط الفنية، وألا يقع في شراك المباشرة والتقريرية. وقد تجلى ذلك في جميع مسرحياته، سواء تلك التي كتبها بصورة منفردة مثل (فلوس ونفوس)، و(الجوع)، (وعنده شهادة)، و(لكم القرار الأخير)، و(الدرجة الرابعة)، و(ضاع الديك)، أو تلك التي كتبها بالاشتراك مع رفيق دربه الحياتي والفني الراحل صقر الرشود، وهي (شياطين ليلة الجمعة)، و(بحمدون المحطة).
يضم (حديث المسرح) صورة واضحة المعالم عن الحركة المسرحية في الكويت كما عايش حذافيرها وشارك في صناعتها وتأطيرها، وشاهدها من خلال رؤاه الحية، عن أبرز صناديد المسرح الكويتي، بالإضافة إلى رؤاه الفنية على الصعيد النقدي أحياناً وعلى الصعيد الجغرافي التاريخي التوثيقي أحياناً لكثير من مفردات المشهد المسرحي في الكويت، بل ويتعدى ذلك في لقطات مستنيرة إلى بعض نواحي المشهد المسرحي في الخليج العربي بعامة.
أما مسرحيته (لمن القرار الأخير) فهي عبارة عن لوحة اجتماعية كويتية البيئة المكانية والزمانية، وجميل أن تدور فكرتها حول أن التنكر للواقع يفسد على المجتمع الروابط الاجتماعية ويؤدي إلى التمزق والضياع على المستوى الفردي والجماعي. فعندما يتنكر الإنسان للحقيقة من حيث أسلوب حياته، وواقعه وتقاليد المجتمع الذي يعيشه، فإنه يفقد شخصيته ويزرع في قلوب الآخرين عدم الثقة وردود الفعل إزاء أي عمل يقوم به أي فرد في المجتمع. والتنكر للحقيقة ناتج عن المدنية الزائفة، ومن المظاهر التي يريد منها الإنسان أن يراه الناس على مستوى أعلى. لقد ظلت القصة القصيرة عنده تستمد واقعها الموضوعي من المقدرة الجيدة في التحليل النفسي لذبذبات العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، فخلقت - تلك المقدرة - نماذج لها حيويتها عبر تقنية أساسية هي مزجها بين الواقع والرمز مزجاً لا يضطرب، بنبض المشكلة أو الظاهرة، بل يعمقها ويستبطنها ويعتمل في سياقها بصورة تستنبط منها تفاصيل نفسية تلصقها بالمعنى الإنساني. وتكاد معظم قصصه تميل إلى تقنية مزج الواقع بالرمز.
إلى هنا أترككم في معية ضيفنا الكريم لقضاء وقت ممتع أرجوه لكم، على أمل أن تلتقي بكم ((الاثنينية)) في موسمها القادم ببرنامج حافل ومشوق أعددنا له العدة منذ وقت ليس بالقصير، كما يظل جهاز ((الاثنينية)) خلال هذه الفترة يعمل على طباعة وإصدار الجزء التاسع والعشرين من ((الاثنينية))، ومجلد توثيقي يحتوي على الكلمات التي ألقاها أخي معالي الدكتور محمد عبده يماني في ((الاثنينية))، منذ أن تأسست عام 1403هـ/1982م، وحتى وفاته رحمه الله رحمة الأبرار، وإصدار الجزءين الخامس والسادس لسعادة الكاتب والأديب الأكاديمي الأستاذ الدكتور عاصم حمدان.
وإلى ذلك الملتقي لكم كل المنى، ممتعين بالصحة والعافية.. وكل عام وأنتم بخير وعلى خير وفي خير. طبتم وطابت لكم الحياة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه على هذه الكلمة الضافية التي تحدث فيها عن ضيفنا المحتفى به في هذه الليلة، الأستاذ عبد العزيز السريّع. أيها الإخوة والأخوات، قبل أن نستمع إلى ضيفنا الأستاذ عبد العزيز هناك بعض الكلمات التي تتحدث عنه وعن أعماله، نبدأها بكلمة سعادة الأديب الأستاذ محمد علي قدس.
 
طباعة
 القراءات :354  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 157 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.