شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
نازك الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين. أصحاب المعالي، أصحاب الفضيلة، أصحاب السعادة، الإخوة والأخوات الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ضيفنا الليلة حاز على العديد من الجوائز المحلية والإقليمية والعالمية، وصاحب أطروحات جريئة تختص بقضايا الفكر الإسلامي وهموم الإنسان التاريخية، إنه سعادة الكاتب الإسلامي الأستاذ الدكتور عزالدين عمر موسى أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الملك سعود بالرياض والمختص في الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والحاصل على وسام السودان الذهبي للعلوم والآداب وعضو رابطة الأدب الإسلامي. نرحب بسعادته وبكريمته الدكتورة رندة عز الدين موسى أخصائية جهاز هضمي وتناظير في مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض فمرحباً بهما في "اثنينية" الشيخ عبد المقصود خوجه كريماً ومكرماً، ونبدأ من طرفنا بطرح الأسئلة من القسم النسائي، والسؤال الأول من المهندسة ميسون عبد الغني حاووط مهندسة تقنية معلومات وحاسوب.
سعادة الدكتور عزالدين، أنت تقول يجب على المؤرخ ألاّ يذكر فقط أين ومتى وقع الحدث ولكن على المؤرخ أن يحلّل لماذا حصل الحدث، لكن يا دكتور هذا المؤرخ قد يكون مخطئاً بتحليله فيكون كمن يوجه الناس لقراءة الأحداث حسب وجهة نظره الشخصية، ألا ترى أن من الأفضل أن يكون المؤرخ راوياً وألاّ يتدخّل في التفسير والتحليل؟ وشكراً.
دكتور عز الدين موسى: شكراً لأختي ميسون على هذا التساؤل وهو مدار حياتي كلها، وأحسب أن المؤرخ جماع الروايات يستطيع أن يكون ببغاء فلنستبدله بآلات التسجيل الحديثة، أما المؤرخ الحق فهو الذي ينفذ إلى الأسئلة التعليلية والسببية والكيفية والمابعدية حتى يستطيع أن يعرف وأن يبصّر الأمة بمثالبها وإيجابياتها فتصاحب الأصالة المعاصرة بحيث أننا ننتج الجديد ومن رأيي دائماً وأبداً أن نبدأ من حيث انتهى الناس لا أن نبدأ من حيث بدؤوا.
عريف الحفل: السؤال للدكتور الباقر أحمد عبد الله ناشر صحيفة الخرطوم.
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله أكرم من طلعت عليه الشمس وأظلته السماء صلوات لله أداء ولمحمد جزاء ورضاء وبعد.. شيخنا الجليل الشيخ عبد المقصود من لا يشكر الناس لا يشكر الله، لهذا دعني أبدأ بالشكر على هذا التكريم الذي شرفتنا به نحن في السودان في المقام الأول، ثم شرفت به رمزاً من رموز الفكر والأدب والثقافة هو أخي وصديقي وتوأمي البروفيسور عزالدين عمر موسى، إذاً فقط قبل أن أسأل أقول شيئاً بسيط الجانب لم يذكر وقد مر به البروفيسور عادل، وهو أن هذا الرجل شخصية متنوعة وأعتقد أنه من الناس النادرين جداً الذين تنزّلوا بالثقافة إلى الشارع؛ فهو رئيس الجالية السودانية، ورئيس المنتدى الثقافي السوداني وهو رئيس رابطة الرياضيين في المملكة العربية السعودية، وهو كاتب وصاحب عمود شرفنا به في الخرطوم لفترة طويلة جداً وهو مؤلف هذا الرجل في رأيي أنا. وقبل أن أطرح سؤالي، لا بد من الإشارة إلى هذا المنتدى الذي قام بتكريم 450 شخصية طوال 32 سنة، هذا هو السبب الذي يدفعني إلى تقديم سؤالي والسؤال لا أوجهه إلى البروفيسور عز الدين وإنما أوجهه إلى الشيخ عبد المقصود وإلى سفير السودان الذي يشرفنا الآن بحضوره. لماذا لا يحدث نوع من التوأمة -بما أن الحديث كله يدور الآن عن سلة الغذاء العالمي والزراعة - نحن نريد يا سيدي إثراء هذه المنتديات الرائعة الموجودة في المملكة فنشبع ثقافياً، لماذا سيدي السفير وسيدي الشيخ لا يكون هناك نوع من التوأمة مع هذا المنتدى وتحديداً ((الاثنينية)) ورصيفاته وهم كثر في السودان، هذا السؤال اسمح لي أن أوجهه لسعادة السفير ولسيادتك الشيخ عبد المقصود وشكراً جزيلاً.
سعادة سفير جمهورية السودان الأستاذ عبد الحافظ إبراهيم: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. لا بد في هذا الموقف أن أعبّر باسمي وباسم سفارة جمهورية السودان في الرياض وباسم القنصلية العامة في جدة وباسم جميع منسوبي الجالية في المملكة العربية السعودية عن فائق شكرنا وتقديرنا وامتناننا لسماحة الشيخ عبد المقصود خوجه وللقائمين على أمر تنظيم هذا الاحتفال لاهتمامهم بإقامة هذه الاحتفالية أولاً تكريماً لعلم من علماء السودان، وفي تقديري يأتي هذا التكريم امتداداً لاحتفاليات سابقة كما سمعنا من أحاديث الذين سبقونا، وهذا النهج الذي اختطه الشيخ عبد المقصود والذي تمثّل في تكريم العلم والعلماء المبدعين سعوديين وعرب وغيرهم حتى تجاوز العدد الأربعمئة وخمسين شخصاً فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن هذا الشعب السعودي أصبح رائداً في مجال العلم والثقافة، ومن حسن الطالع أن يأتي هذا التكريم والأخ دكتور عز الدين ما زال على قيد الحياة وما زال على رأس العمل حيث يشكل هذا التكريم دافعاً وحافزاً له لبذل المزيد من العطاء، ونحن نتطلع لأن نرى المزيد من هذا العطاء إن شاء الله، فالأخ الدكتور عز الدين يستحق حتماً هذا التكريم في تقديري لما بذل من جهود مقدرة في مسيرة حياته الحافلة بالإنجازات حيث تخرج على يديه عدد كبير من السعوديين والسودانيين الذين أسهموا بلا شك في تنمية بلادهم. وأعود وأقول إن هذا التكريم قد صادف أهله فعلاً فالشكر والتقدير والعرفان لشيخنا عبد المقصود خوجه ونأمل إن شاء الله أن نقابل هذا التكريم وهذا الوفاء بتكريم آخر له في السودان بإذن الله، وهذا يقودني لأن أكون أميناً معكم وأنقل ما دار في هذه الليلة إلى قيادتنا في السودان لكي نوصي بأن يلقى هذا الرجل التكريم الذي يليق به ولما قام به فعلاً من اهتمام بالعلم والعلماء، ولعلها ستكون فرصة لكي نطرح ونتفاكر في مسألة هذه التوأمة عندما يأتي إلينا في السودان ويلتقي مع منتديات نظيرة لهذه ((الاثنينية)) في السودان بإذن الله تعالى وليس ذلك على الله ببعيد، ونأمل أن يكون هذا الأمر في أقرب فرصة ممكنة. لقد كنت قبل يومين في الشرقية وطرحت على صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف مسألة التوأمة فإذا بها تأتي الآن، وطرحت أيضاً مسألة التوأمة على أمير الرياض كما طرحتها على أمير المدينة المنورة، هذه توأمة بين الخرطوم والرياض وبين مدينة أخرى والدمام.. نحن الآن نسعد بأن نسمع هذا المقترح الجميل من صديقي دكتور الباقر ونعده بأننا سنسعى ونبذل كل ما في وسعنا لأن يتحقق هذا الحلم بإذن الله تعالى، وأنا في الحقيقة سعيد بأنني التقيتكم على الرغم من أنني وصلت بصعوبة ولا أخفي عليكم بأنه لم يهدأ لي بال قط طوال الرحلة من الرياض إلى جدة، وكنت أتمنى أن ألحق بكم ولكن لظروف خارجة عن الإرادة تأخرت الطائرة وواجهتنا مطبات هوائية جعلتني أقول في نفسي لعلني أسعد بما عانيت من مشقة الرحلة والحمد لله أنني وصلت إليكم، وإن لم أكن لأشهد هذه الليلة لكنت قلت لقد فاتني الكثير. فالشكر الجزيل للأخ الشيخ عبد المقصود خوجه وأشكركم أنتم على الحضور وشكراً جزيلاً والسلام عليكم ورحمة الله.
سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه: مع شكري لسعادة السفير والإخوان جميعاً، أحب أن أقول إن ((الاثنينية)) قد حظيت فقط بتوأمة مع النادي الجراري في المغرب بمباركة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ولا تفجعوا إذا ما قلت لكم إن ((الاثنينية)) قد سعت كثيراً مع كثير من الدول العربية ومع الأسف لم يكن حظنا سيئاً فحسب وإنما لم نلق شيئاً من الاهتمام. وأودّ أن أعرج على نقطة صغيرة، وهي أننا نرجو كل الرجاء من السفراء ومن القناصل ومن وزارات الخارجية في كثير من الدول العربية وغير العربية -وقد اتصلنا بها - لرفدنا بالعلماء والأفاضل لنحظى بتكريمهم، إذ إن ((الاثنينية)) خرجت عن الطوق وشبّت عنه، فبعد أن ابتدأت بالسعودية ثم بالخليج العربي ثم بالدول العربية ها هي قد وصلت اليوم إلى روسيا والأرجنتين وأمريكا وكثير من الدول الأوروبية.. سعينا ورجونا ولا نزال مع الأسف ما من سميع ولا مجيب، والأربعمئة وخمسين شخصية هذه كانت جل الرجال الذين استطاعوا أن يكرمونا بفيض علمهم وأدبهم وفضلهم، وأكاد أقول إن المنبع قد جف ولكن مصيبتي ليست من المثقفين واعذروني على ذلك وكل من لديه جديد فليتفضل و((الاثنينية)) تمد يدها، بل يديها الاثنتين للمصافحة والقبول والرضا.
دكتور عز الدين موسى: أنا أحب التعليقات التلغرافية لكي نعطي فرصة أكبر لنسمع من الناس. التعليق الأول حول التنوع الذي ذكره الأخ الباقر وقد ذكرت ذلك وأعترف أمامكم الآن لقد شقيت به وأشقيت أسرتي معي به، حتى أنني ذكرت في احتفال جائزة الملك فيصل أن أسرتي شقيت بي، وشقيت مني، لأنني مصروف عنهم طوال الوقت، لذلك قلت إن زوجتي تعتبر من أهل الجنة لأنها صبرت على رجل مثلي. المسألة الثانية هي قضية التوأمة التي تقودنا إلى قضية أكبر وهي قضية منظمات المجتمع المدني. نحن في العلوم الاستراتيجية نقول إن منظمات المجتمع المدني الآن دورها أهم من دور الدولة وهي الضلع الثالث اليوم في التنمية، ومنظمات المجتمع المدني ليست سياسية فقط كما يُظن وإنما هي ثقافية واقتصادية واجتماعية، لذلك فإن مثل هذه الدعوة إلى التوأمة هي دعوة لإنشاء شبكة تواصل بين هذه المنظمات تقود الأمة العربية إلى النهضة. المسألة الأخيرة التي أود أن أشير إليها في عجالة ولعلي أغفلتها في الرد على السؤال الأول، أنني من الذين يؤمنون -كما ذكر لكم الدكتور الشيخ عبد المقصود- بأن الفكر الإسلامي لا بد لنا فيه من أن نميز بين الثابت والمتغير، والثابت هو الحقيقة الموحاة أي القرآن الكتاب والسنّة، أما فهم هذا فهو متغير: تطبيقه متغير وفهمه أيضاً، وتطبيقه بشري يتغير بتغير الزمان والمكان لكننا نخلط كثيراً عندما نجعل كل الفكر الإسلامي وكل التطبيقات السابقة جزءاً من الإسلام فنثقل كواهلنا بقضايا ليست من قضايانا وبفكر لا يواجه مشاكلنا، وما أجمل قول مالك: "كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر"، شكراً جزيلاً.
عريف الحفل: نرجو المعذرة من الأخوات في قسم السيدات استأثرنا بالحديث قليلاً وأخذنا حصة أكبر.
سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه: لي رجاء أن نكتفي بعد الآن فقط بالأسئلة لأن الوقت قد حان وسنعطي زيادة عن الوقت المحدد خمس عشرة دقيقة ولكن فقط للأسئلة دون أية مداخلة، فأرجو أن تعينوني على ذلك.
عريف الحفل: قبل أن أنقل الميكروفون للأخوات أود أن أرحب بالقنصل العام للسفارة السودانية بجدة الذي وصل للتو سعادة السفير خالد الترس فأهلاً به. أيضاً نرحب بسعادة المهندس الوليد عز الدين عمر موسى الذي قدم الآن أيضاً من الخرطوم خصيصاً لحضور هذه الأمسية فمرحباً بهما وبالجميع. الميكروفون معك أخت نازك تفضلي بإلقاء السؤال.
نازك الإمام: السؤال الآن من سعادة الدكتورة زينب السحيمي أستاذ مشارك بجامعة الملك عبد العزيز.
بسم الله الرحمن الرحيم، في ضوء ما سمعته في سيرتكم الذاتية بارك الله في جهودكم، أقول إن المناهج الدراسية في مجال الإدارة في أغلب جامعاتنا تعتمد إلى حد كبير على العلوم المعاصرة وتفتقر إلى الربط بين منهجنا الإسلامي والمناهج العلمية المعاصرة، خصوصاً وأنه لا توجد كتب معتمدة تعتمد الأصول الإسلامية كمصدر أولي للمعلومات، السؤال هو: بماذا تنصحنا في ظل معوقات ثلاثية العوامل: العامل الأول هو عدم وجود كتب معتمدة في هذا المجال، والشيء الثاني في ظل ضعف التأهيل الكافي لأعضاء هيئة التدريس، والثالث لا توجد إلا مادة واحدة فقط في مجال الإدارة هي مادة أخلاقيات العمل؟ شكراً لكم.
دكتور عز الدين موسى: أحيل السؤال إلى معالي الدكتور رضا عبيد فهو أفضل مني وهذا مجاله وليس مجالي أنا، فمجالي ليس في الإدارة وليس في المناهج والتعليم، لكني عموماً أقول شيئاً واحداً وهو أننا لا نستطيع أن نواكب العصر إذا لم نستبن الرؤية الإسلامية ونصاحب من العصر ما يخدمها، فالأمة التي تجعل من النوابغ أطباء ومهندسين لن تكون أمة متقدمة، والأمة التي تجعل من الذين لا ينجحون في الشهادات الثانوية هم حملة الفقه والدين -وهنا تكمن الرؤية- ليست بأمة جديرة بالحياة، وشكراً.
عريف الحفل: سؤال للدكتور حسن بلخي.
سعادة الدكتور عز الدين، سؤالي هو كيف عالج التاريخ الإسلامي ثلاثية التنمية، الصحة ثم التعليم ثم الإنتاج؟ شكراً جزيلاً.
دكتور عز الدين موسى: التاريخ الإسلامي لا يعالج، المسلمون الذين يعالجون ينجحون ويخفقون؛ فالتاريخ قراءة وليس حقيقة كما ذكرت الأخت الأولى عندما أثارت هذه القضية. القضية ليست إعادة كتابة تاريخ إنما إعادة قراءة التاريخ لنتبين أين كانت المنجزات ونستصحبها، وأين كانت الإخفاقات ونتجنّبها؛ أليس بعجيب أن تكون هذه الأمة بتاريخها المجيد تنتج في الطب مدارس، وفي الفقه مدارس، وفي الأدب مدارس، وفي النحو مدارس، وأن يكون إنتاجها إنتاج أفراد في الفيزياء والعلوم والجبر؟ فكيف يمكن إذاً لأمة أن تنهض من غير أن تكون العلوم البحتة قد نشأت فيها وتطورت؟ هذه قضية مركزية أحسب أننا لم نواجهها بعد، وأحسب أنني ذكرت ذلك في مؤتمر في دمشق سنة 2000م وقلت إننا نمجد ماضينا دون استبصار النتائج التي أفضت إلى تخلّفنا، فلننظر إلى ماضينا نستصحب إشراقاته ونتجنّب تبعاته، شكراً جزيلاً.
نازك الإمام: سؤال من الطالبة صفاء عبد المجيد زهراء بكلية علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز.
الضيف الكريم، قرأت رأياً لبعض الباحثين وهو أن هجرة المسلمين الأولى التي كانت إلى الحبشة حسبما ورد في السيرة النبوية الشريفة كانت في الحقيقة إلى بلاد السودان التي كانت تسمى آنذاك بلاد الحبشة. سؤالي: هل فعلاً كانت هجرة المسلمين الأولى في الزمن النبوي إلى الحبشة أم إلى السودان، وشكراً.
دكتور عز الدين موسى: يشرّفني أن تكون الهجرة إلى السودان لكن التمني شيء والحقائق شيء آخر. أختي الكريمة، أذكر أن شيخنا الدكتور عبد الله الطيب قد كتب بحثاً في مؤتمر الجزيرة العربية الثالث لعله عن الهجرة إلى الحبشة، فسألني عن رأيي فقلت له: أنت جعلتها في السودان وفي السودان في دامر المجذوب، وفي دامر المجذوب جعلتها في بيت الطيب، وفي بيت الطيب في الغرفة التي ولدت فيها. فطلب الشيخ الحمد منا أنا وصديقي سلامي الموجود معنا الآن هنا، أن نكتب حول هذه القضية لأننا لا نؤمن بها لخمسة أسباب ليس هذا مجال شرحها، لكنني للمرة الأولى أخاف ومعروف عني أنني لا أخاف وجسور، لكني في هذه الحالة جبنت وقلت للشيخ: اصبر فإذا توفي عبد الله الطيب من قبلي سأكتب، أما وهو حي فلن أكتب. فاستغرب فحكيت له نكتة من طبقات الشيخ ود ضيف الله عن تاريخ الأولياء والصالحين في السودان، فالشيخ ولعله الشيخ فرح ولد تكتوك ذهب يزور سلطان سنار فقال له: يا شيخنا أنت تدرّس الناس القرآن خذ جملي وعلّمه القرآن، وإن لم تعلمه سترى ما سيحصل لك. فقبل الشيخ بالجمل تلميذاً عنده ووعد بتعليمه القرآن في ثلاث سنوات، فيما أشفق الحواريون عليه فقال لهم: يا جماعة، في هذه السنوات الثلاث إما يموت الجمل أو يموت الملك أو أموت أنا، وأنا قلت للشيخ الحمد هذا الكلام، لكن أعدك يا أختي مع أخي سلامي أن نكتب في هذا الموضوع وليس الأمر بالتمني فالهجرة إن كانت لسوداننا الراهن شيء وإن كانت للحبشة شيء آخر، وما الفرق بين أن تكون إلى السودان أو إلى الحبشة، لعل الحبشة أوفق وأحسن وأجمل من أن تكون إلى السودان والسودان قبلة إسلامية، والحبشة تؤلف قلوبهم خصوصاً إذا كان الحق معهم وشكراً جزيلاً.
عريف الحفل: الإخوة والأخوات كما ذكر الشيخ عبد المقصود وقت الأمسية المخصص انتهى منذ فترة ومددت لمدة ربع ساعة حتى الحادية عشرة والنصف إن شاء الله، لذا نرجو الاختصار في الأسئلة وأيضاً حتى في الإجابات.
السؤال من الدكتور محمد عبد الفتاح عطوي أستاذ بجامعة الملك عبد العزيز.
أحمد الله جل جلاله ونصلي ونسلم معكم على النبي وآله. سعادة أستاذنا العزيز الدكتور عز الدين موسى شرفنا بك في هذه الليلة الغراء من اليوم المبارك الاثنين وهو اليوم الذي يحبه الله كما قال أبو بكر رضي الله عنه، وأسأل الله أن يبارك في الوالد الشيخ النجيب عبد المقصود خوجه وأسأل الله أن يخلف عليه في دينه وبدنه وماله. أستاذنا العزيز، لا يغيب عن سعادتكم أن إثيوبيا الآن تشرع في بناء سد النهضة على نيلنا الحبيب ناقل الحياة في بلدنا، هذا السد ما هي آثاره إن بني وما هي آثاره إن هدم، وشكراً.
دكتور عز الدين موسى: أنا أؤمن بالتخصص فهذا متروك لأهل الاختصاص من علماء العمران والمياه والري وإنّا لهم تُبّع. شكراً.
نازك الإمام: السؤال الأخير من قسم السيدات ونيابة عن المجموعة ألقي السؤال للدكتور: هناك قضايا كثيرة تحدثت عنها وشغلت بالك منها، كيف تقيّمون توجه العولمة التي انتشرت كثيراً خلال الأعوام الماضية في العالم، في ظل وجود مغريات ساهمت في انتشارها بعيداً عن الرقابة الدولية لها، وشكراً.
دكتور عز الدين موسى: كفاني الإجابة الدكتور الشيخ عبد المقصود عندما أشار إلى بعض أفكاري عن موضوع العولمة. أنا من الذين يؤمنون بأن العولمة لن تعيش إلا وهي تنتج نقيضها، لذلك فإن العالم لن يكون متحداً لا تحت ظل الغرب ولا غير الغرب وهذا منهج رباني، ربنا سبحانه وتعالى قال إن الناس مختلفين وسيظلون مختلفين ولذلك خلقهم وطلب منهم التعايش: خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا (الحجرات: 13) وهذا هو التعايش. شكراً.
عريف الحفل: سؤال لمعالي الدكتور مدني عبد القادر علاقي وزير الدولة السابق.
بسم الله الرحمن الرحيم، سعادة الأستاذ الدكتور عز الدين شكراً على هذا الإثراء الطيب. أرى أمامي كتاباً لسعادتكم عن النشاط الاقتصادي في المغرب الإسلامي، سؤالي هو: لقد برز في العالم الإسلامي مؤرخون في مجالات متعددة في الأدب والشعر والتاريخ والجغرافيا، لكننا لم نشاهد أو نقرأ لمؤرخين اقتصاديين، وبما أنك تكتب الآن في مجال النشاط الاقتصادي في المغرب الإسلامي، فكيف كان النشاط الاقتصادي الإسلامي في دول المغرب الإسلامي وعلى الخصوص في الأندلس ما بين القرن الثاني والقرن التاسع الذي انتهت فيه الدولة الإسلامية في الأندلس. شكراً.
الدكتور عز الدين موسى: شكراً جزيلاً. لقد ألمحت قليلاً إلى هذا الأمر في العرض الذي قدمته وما ذكره الشيخ عبد المقصود قبل هذا.. كنت أظن أن الفكر هو المحرك لكنني وجدت أن دولة الموحدين التي حركها الفكر لم تدم مع أن الفكر كان موجوداً لكن الفكر تغير فما الذي يجعل الفكر يتغير؟ لقد وجدت أن الفكر هو إنتاج البيئة الاجتماعية الاقتصادية لذلك نظرت في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمغرب الكبير بما فيه الأندلس وخلافه ووجدت أن التغيرات الاقتصادية كان لها دور كبير جداً في ما أصاب الفكر من ضمور؛ فالفكر الباعث وهذه نظرية ابن خلدون في تعاقب الأجيال ثلاثة أجيال صحيح أم غير صحيح؟ ولماذا تتعاقب؟ لم يقف ابن خلدون عند هذا السؤال بأن تغير الحياة يستوجب تغير الأفكار، فإذاً الفكر على إطلاقه لن يكون باعثاً، وهذه نظرية "هيغل" قد نقضها ماركس صحيح أم غير صحيح؟ ونظرية ماركس قد نقضها الواقع. إذاً فإن تعدد الظواهر يمثل الاقتصاد جانباً منها، أما موضوع الدراسات الاقتصادية فإني أشير إلى شيء هام هو أن الدراسات الاقتصادية الآن في الجامعات العربية وغير العربية أصبحت كثيرة ومتمددة ولكن لا يزال ينقصها النضج والاهتمام بالفكرة الباعثة والفكرة الناظمة لتاريخ المسلمين، أقول هذا وأنا أشير إلى شيء أشار إليه أخي يحيى وأقف عنده، وهو أننا في هذا العمل قد أضفنا مصادر جديدة إلى التاريخ هي الفقه الإحصاء، لذلك انتهجت هذا الأسلوب الإحصائي البياني وكشفنا أشياء كثيرة، وفي كل الدراسات التي قمت بها نجد هذا الجانب يملأ أقطار نفسه. يقولون إن بني أمية ضد الموالي، فحللت ولاة بني أمية في المغرب وجدت أن ثلثهم كان من الموالي إذاً هذه مقولة فيها نظر، وإذا ما طبقنا الوسائل الحديثة وخصوصاً التاريخ الكمي كما ذكر شيخنا قبل قليل في تحليله لأفكاري، فإن فكرنا الإسلامي سيتغير تغيراً كبيراً.
عريف الحفل: الإخوة والأخوات هنالك الكثير من الأسئلة التي لا يتسع الوقت لطرحها، فأرجو المعذرة لانتهاء وقت ((الاثنينية)) بعد أن مددنا الوقت المخصص ((للاثنينية)) حوالى نصف الساعة. أرجو المعذرة مرة أخرى هناك أسئلة كثيرة لا نستطيع أن نتيح الفرصة لها وما زالت تصلنا حتى قبل قليل، وهذا دليل على أن الموضوع ثري جداً والضيف غنيّ بمادته أيضاً نشكر له هذا الحديث الشيق.
في نهاية هذه الأمسية للأستاذ الدكتور عز الدين عمر أحمد موسى عميد كلية العلوم الاستراتيجية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، أتوجه بالشكر لكم يا سيدي لتفضلكم بهذا الحديث الشيق لأمسيتنا ولضيوفك الذين حضروا خصيصاً لأجلك هذه الليلة.
الدكتور عز الدين موسى: أولاً أنا سعيد بهذا اللقاء وسعيد بالمداخلات التي تمت فيه لكنني غير سعيد بما قاله زملائي عني لأنهم قصموا ظهري، فإن كان حقاً فإنني أخشى منه وأبرأ من أن أكون كما قالوا لأنني أعلم وأدرى بعيوب نفسي. وفي الختام فإن هذا الحشد بهذه الصورة وبهذا التنوع هو الذي يشجعنا على مزيد من الإبداع ومزيد من الإنتاج، ونشكر شيخنا أن هيأ لنا مثل هذه الفرصة الطيبة وهذا التكريم الذي ينبغي أن يكون حافزاً وليس مثبطاً، وفي النهاية لك الشكر يا شيخنا مثنى وثلاث ورباع ولك الدعوات الصالحات ونكتفي بذلك وأقول لكم جميعاً شكراً لكم فأنا أقل من أن تكرموني هذا التكريم بحضوركم أجمعين وأصغر من ذلك بكثير، فإن أردتم فكرمتموني وأنا صغير فأسأل الله أن يجعلني كبيراً.
عريف الحفل: بارك الله فيك وفي علمك.
 
طباعة
 القراءات :256  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 143 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج