شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم. أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك أجمعين، حبيبك وصفيّك سيدنا محمد الأمين، وعلى آل بيته الطيبين، وصحابته الطاهرين.
الحفل الكريم، الأستاذات والأساتذة الأفاضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يساوره حنين طاغٍ للتجوال في سهول السرد، وهو صاعد في أعالي القصيد. فما انفكت المداورة بين سين السرد وشين الشعر تشحنه بهواجس عارمة، وهو يتحسس وجع الكتابة في مفاصل انفعالاته البكر، سبح في أبحر الشعر، وحين ناءت بحمل أوجاعه، أغرقته في غيابات السرد، ففاضت رؤاه من دلاء القصة القصيرة، فلما تكاثفت عليه الرؤى، طفق بحثاً عن إناء أوسع يستوعب عوالمه الفسيحة، فضربت قوافل أقلامه في براري الرواية، تتلذذ بفتوحات لغته الفطرية في فضاء التجريب.
نرحب في هذه ((الاثنينية)) بالروائي المصري المعروف الأستاذ فؤاد محمود قنديل الذي قدم لاثنينيتكم خصيصاً من قاهرة المعز، نرحب به بين أهله وعارفي فضله، وجدير بالذكر أن الأستاذ قنديل حاصل على عدد مقدر من الجوائز والشهادات الرفيعة، كجائزة نجيب محفوظ للرواية في الوطن العربي لعام 1994م، وجائزة الدولة للتفوق في الآداب في مصر في عام 2004م، وأخيراً جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي في جمهورية السودان في عام 2012م في فرع القصة، عن قصته "أجمل رجل قبيح في العالم" التي نُشرت ضمن مجموعاته القصصية.
استقبل النقاد بداياته باحتفاء يليق بموهبته فلم يتثاءب، بل عكف على صوغ مشروع سردي مطبوع بملامح جيله الستيني، وما اعتلق بحقبته من تداعيات حزيران التي ألقت بظلالها على صعيد الكتابة الإبداعية لهذا الجيل، متخطياً بأفقه العريض مراحل زمنية يصعب اختزالها من دون الاستواء على نار التجربة الهادئة، فلم يقع فريسة حالة الانهزام الذاتي التي وأدت كثيراً من التجارب التي ولدت وقتذاك. فخطابه السردي قد بدأ عميقاً، ومحتشداً بمواقف فلسفية، ربما هيأتها له دراسته للفلسفة، والتي أتاحت له فرصاً واسعة للإطلاع على أمهات عناوين المكتبة العالمية والمصرية لينهل من آثارها. فتتلمذ على مؤلفات شوقي، وطاغور، وشكسبير، وطه حسين، والمازني، وزكي نجيب محمود وغيرهم ممن كان لهم طيفٌ شفافٌ في تنوّع مصادر طاقاته السردية، والتي من أهمها -في نظري- نشأته البسيطة في بيئة مصرية أصيلة، اختزن المشاهد من حياة فلاحيها البسطاء، والتقط بحاسته التصويرية ما وراء مشاهداته من ثراء سردي كثيف.
تتقلب تجربته على نيران حلمه الدائم بالوصول لنسق جديد في الكتابة الروائية، مستصحباً بوعيه للتجارب السابقة، ومتجاوزاً لها بما تمليه ضرورات التطوير في حتميتها التاريخية، فمن تيارات تقليدية، إلى الأخذ بمنهجية المعالجة الرمزية، بتفرعاتها الرومانسية والواقعية، إلى بلوغ الرواية لتخوم البنيوية، وتجليات التفكيك والتحليل، وإلى ما بعدها، صيرورة لا نهائية في أفق التجريب المفتوح.
فبعد أن نسج خيوط الشعر، وغزلها بنول الأقاصيص، تلفح أخيراً عباءة الرواية في رؤية، سواء اتفقنا أو اختلفنا في بعض تفصيلاتها، يقر فيها بعلو كعب الرواية على مختلف الأجناس الإبداعية، فالشعر يتغلغل بحوافر الترميز في هوامش الفكرة بلغة تتعالى على الإغراق الوصفي الذي لا توفره عملياً إلا الرواية بتجلياتها المتحررة في فضاء التوصيف، وباستيعابها لمجمل التأويلات الفنية لبقية أنساق الكتابة الإنسانية الأخرى، وفي تقديري فإن المقاربة بين أنماط الفنون الأدبية المختلفة أدعى بالنزوع إليها، من فكرة المفاضلة بينها، والتي قد تعجل بزوال عوامل تداخل هذه الضروب، وتكرس عوامل التمايز بينها.
تُعدُّ حرية التعبير عنده إطاراً موضوعياً لبقاء المبدع داخل دوائر فعله الإبداعي، فالمبدع هو نقطة البداية لهذه الحرية اللازمة لاستيفاء شرطيه الزماني والمكاني لفتح آفاق تعينه في اقتحام عوالم المسكوت عنه، وطرح الأسئلة. فلا بد من أن يتوفر للكاتب ذلك الحس الذاتي بهذه المسؤولية عند أخذه بأسباب حرية التعبير، لتتحقق بها خاصيته الأصيلة التي تميزه كمُلهمٍ في مجتمعاته.
أضاف الأستاذ قنديل بغزارة إنتاجه الفني تراكماً أدبياً مهماً للمكتبة العربية بتنوع إسهاماته في حقول القصة القصيرة، وأدب الطفل، والترجمة، والدراسات الفكرية والنقدية، ففي حوالى خمسة عقود قدّم لقارئنا العربي ما يزيد عن ثلاث عشرة مجموعة قصصية، حتى مجموعته الأخيرة "فتاة الشمس والقمر"، بجانب عدة مجاميع أخرى، حظي بعضها بتراجم مختلفة في حوار مهم بين الثقافات الإنسانية، وخص مكتبة النشء العربي بعدد من الأقاصيص مضيفاً لطاقاته الحكائية مهارات حجائية. وأما في مضمار الرواية فقد ساهم بحوالى ثمانية عشر عملاً ملحمياً سبرت أغوار مجتمعاتنا، وشكلت ذائقة جمالية خاصة عند قراء الرواية العربية، معمقاً بها تيارات الواقعية الجديدة بتناوله لواقعنا الراهن بكثير من التجريد والتحليل الرصين المحتكم للشروط الفنية، والمستوعب لمفهوم التزام الكاتب تجاه قضاياه، بجانب بعض البحوث المنشغلة بقضايا أدبية معاصرة أخرى، كالسيرة وأدب الرحلات.
أكتفي بما مررت عليه من أبواب هذه الرواية التي تشع صفحاتها بألوان شتى من ضروب الكتابة الإبداعية والنقدية والترجمة، آملا أن يكمل الراوي بقية فصولها.
ينتظم محفلنا حفياً بكم في أمسية الاثنين المقبل احتفاء بعضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للبيئة ضيفتنا د. ماجدة أبو راس، عضو الفريق العلمي لوكالة ناسا الأمريكية في مجال البيئة والتنمية المستدامة، فأهلا بالجميع في تكريم الناشطة السعودية التي حصلت حديثاً، ولأول مرة، على جائزة القيادات العربية النسائية للبيئة لعام 2011م، ضمن أربع شخصيات نسائية على مستوى العالم العربي من قبل المنظمة العربية الأوروبية للبيئة.
أيها الأخوة لفّنا الحزن بوفاة أحد أبرز الأدباء والشعراء والنقاد، وهو الأديب الكبير الشاعر العراقي الدكتور يوسف عز الدين الذي كرمته "الاثنينية" بتاريخ 17/7/1406هـ، الموافق 27/3/1986م، والذي تجاوزت مؤلفاته 35 مؤلفاً. فقد كان رحمه الله على تواصل مع "الاثنينية" حتى قُبيل وفاته في بريطانيا، نسأل الله له المغفرة والرحمة ولآله الصبر وحسن العزاء، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
فإلى لقاء يتجدد، طبتم، وطابت لكم الحياة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
عريف الحفل: اسمحوا لي أن أشير إلى أنه بعد أن تُعطى الكلمة لفارس أمسيتنا، ستتم محاورته عبر الأسئلة التي آمل أن تتفضلوا بإلقائها مباشرة، راجين أن يكون سؤالاً واحداً لكل سائل وسائلة، وأن يعرّف السائل بنفسه ومهنته، ومن ثم يطرح السؤال مباشرة،وذلك حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد منكن ومنكم. وأما الكلمة الأولى في هذه الأمسية ذات الصلة، فلضيفنا الكريم سعادة الدكتور سعيد مصلح السريحي الصحافي والناقد المعروف، فليتفضل مشكوراً.
 
طباعة
 القراءات :372  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 122 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .