شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة فضيلة الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان))
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي جعل البيت مثابةً للناس وأمناً، اللهم صلِّ على سيّدنا محمد أكرم الأسلاف، القائم بالعدل والإنصاف، المنتخب من أصلاب الأشراف، والبطون الظراف، المصفى من مُصاص عبد المطلب بن عبد مناف الذي هديت به من الخلاف، وبينت له العفاف، وبعد:
فإن المكتبات عنوان حضارات الأمم، ومقياس تقدمها.
والمكتبات في مكة المكرمة هي من أقدم المؤسسات الحضارية في تاريخ العالم الإسلامي. وقد استمر تأسيس هذه المنارات الفكرية، وتطورها على مدى تاريخ الإسلام. وينتظم تأسيس مكتبة مكة المكرمة في العهد السعودي في تلك السلسلة التاريخية المشرقة، حتى أصبحت بموقعها التاريخي، ومحتواها المعرفي أحد المعالم البارزة بالبلد الأمين. وقد شهد المكان الذي شُيّدت عليه أركانها أعظم حدث في تاريخ الانسانية، فهي مكان ولادة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يقيناً، وقد سجّلت هذه الولادة الشريفة منعطفاً جديداً في تاريخ البشرية. كما اهتمت بهذا المكان، بل بالأحرى بهذا المقام الأمة الإسلامية، خلفاءُ، وملوكُ، وولاةُ عبر التاريخ الإسلامي المجيد.
يشاء المولى جل وعلا في أعقاب الزمن أن يكون هذا المكان الشريف خزانة للمعارف الإسلامية، فهو في موقعه رمز يحكي البداية المباركة للأمة الإسلامية، وهو بمحتواه المعرفي الحاضر سِجل صادق يحكي حضارة هذه الأمة، متدرجة عبر القرون في بناء العلوم والمعارف.
وعلى تراب هذا المكان الطاهر يتعانق المجد والتاريخ، ويتآخى الجهاد والفكر، في تاريخ طويل على مدى أربعة عشر قرناً من السنين.
ويقدم العرض نبذة مختصرة، وخطوطاً عريضة للتعريف بهذه المكتبة (مكتبة مكة المكرمة) في الماضي، حيث المكان المبارك الذي شهد ولادة سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، فقد كان مصدر نور ويقظة للأمة.
كما أصبح المكان، في الحاضر معلماً حضارياً، ثقافياً من معالم هذه البلاد الطاهرة، ومملكتنا العزيزة، يمكن للقارئ أن يتعرف من خلالها على ذخائرها النفيسة من كتب مطبوعة ومخطوطة.
كما سيكتشف هذا العرض قائمتين من الأسماء: قائمة المسهمين فيها مادياً، من أبناء مكة المكرمة، ورجالاتها الكرام، وأخرى بأسماء المسهمين في تكوينها مباشرةً، أو عن طريق أبنائهم، وورثتهم، رموز من الأسماء العلمية الكبيرة في هذه البلاد المقدسة، ملأت الساحة العلمية، وأَثرَتها فكراً وتأليفاً حقبة من الزمن ليست بالبعيدة.
أيها السادة والسيدات
لقد نبتت بيننا نابتة تذكر مكان ولادة النبي صلى الله عليه و سلم، لم يكن لها سابق عهد في تاريخنا. ولا يخفى علينا الخلفية التي تحملهم على هذا، لكنهم لم يدركوا أبعاد هذا الإنكار.
وإنّها لسبة تاريخية عظيمة، ووصمة، وعار أن تجهل الأمة مكان ولادة رسولها الأعظم الذي أخرج الله به الأمة من الظلمات إلى النور، أو تشكك فيه بعد هذا القرون الطويلة.
إن أبعاد هذا التشكيك خطيرة جداً، وجناية تاريخية، وحكم قاسٍ على أجيال غابرة، وقد آن الأوان لدحض تلك الشكوك والشبهات.
إن أول ما يعتني به البحث تحقيق هذا الموضوع علمياً، لا عاطفياً، وذلك لإزالة هذه السبة عن الأمة أولاً، ولتعريف القاصي والداني باهتمام الأمة الإسلامية بمكان ولادة رسول الله صلى الله عليه و سلم، بحسب المقاييس والمعايير العلمية في العصر الحاضر ثانياً.
أيها السادة والسيدات
لقد تدثرت هذه المكتبة بمجد الماضي، وعزّ الحاضر، فحري بأبناء هذه البلاد، وبولاة أمرها إقامة هذه المكتبة كأحسن ما تكون بناء، ومعلماً حضارياً إسلامياً، لا منافس له عالمياً، يدحض دعوى الحاقدين، وما يعقل هذا إلا العالمون.
أيها السادة والسيدات
لا يفوتني أن أتقدم بالشكر والثناء، وخالص الدعاء إلى راعي هذه الأمسية، سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه حفظه الله، وأمده الله بالصحة والعافية، وكافة معاونيه، وللجمع الحضور. وأكرر لهم الشكر وعظيم التقدير لاهتبال هذه المناسبة للمشاركة في الاحتفالية العالمية (المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية)، فلنا النسب الكبير والعلاقة القوية بهذه المناسبة.
وما ذلك إلا إسهام متواضع من أبناء هذا الجزء من مملكتنا العزيزة أدام الله عزها، وأيد ولاة الأمر فيها بما يحقق عموم المصلحة الإسلامية، والوطنية في كل شيء، وفيما يتصل بهذا المجد العظيم الذي منحها المولى إياه.
والشكر خالصاً لكل المسهمين في هذه المكتبة مادياً وفكرياً للنهوض بها لأداء رسالتها، الأحياء منهم والأموات، والله خير مسؤول أن يجعل عملهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، إنه سميع مجيب.
أما المقترحات التي تتلخص في تطوير المكتبة
لقد عشت تجربة هذه المكتبة بحمد الله وفضله مستفيداً ومراقباً لما يدور بداخلها أكثر من عقدين من السنين، وخرجت بالأفكار التالية: نصحاً لله، ولأئمة المسلمين وعامتهم:
من أجل أن تؤدي هذه المكتبة رسالتها كاملة، ويكوِّن العلماء، والمفكرون في الداخل والخارج الانطباع الصحيح حضارياً، وثقافياً عن المملكة العربية السعودية، وإشباع تطلعات الزائرين، ينبغي أن يتضمن أي اقتراح لهذه المكتبة على الأمور التالية:
1- المحافظة على الأثر التاريخي؛ احتراماً لمقام النبوة، وتقديراً لها.
2- المحافظة على المكان من الممارسات الجاهلية التي يمارسها بعض الحجاج، والمعتمرين، ممّا تنبذه العقيدة الإسلامية الصحيحة.
3- المحافظة على عرض الدولة السعودية والبعد بسمعتها عما يتحدث به الحاقدون والحاسدون.
فمن الأساليب الخاطئة المتبعة على كافة المستويات للتخلص من الممارسات الجاهلية التي يقوم بعض الحجاج والمعتمرين إنكار ثبوت المولد النبوي الشريف في هذا المكان، وقد أثبتت الدراسة العلمية عكس ذلك.
أيها السادة والسيدات.
إن لمكتبة مكة المكرمة مكانتها بين المسلمين عامة، فهي رمز إسلامي لبداية بدايات نبي الإسلام صلوات الله وسلامه عليه.
وتمثّل مكتبة مكة المكرمة عند العلماء والمفكرين من الحجاج، والمعتمرين، وكافة المسلمين واجهة علمية وفكرية خاصة. ولكي أن تؤدي هذه المكتبة رسالتها كاملة يستحسن اتخاذ الخطوات التالية:
أولاً: إعادة بناء المكتبة بشكل يحقّق كافة الرغبات الشرعية والعلمية، وكذلك الاحتفاظ بمكانتها التاريخية ومركزها الفكري، بحسب التخطيط التالي:
1- إقامة المبنى على أعمدة متينة كأروقة الحرم الشريف ليس بينها حواجز، على طراز البناء بالمسجد الحرام، بحيث يسهم في استغلال مكانها على سطح الأرض في التوسعة للمصلين بالحرم الشريف، وتسمح للزائرين بمشاهدة المكان على طبيعته من دون زحمة أو مضايقة.
2- يبنى في الأدوار العليا قاعات للمحاضرات والباحثين، بحيث تُخصّص قاعة كبيرة، تتسع للآلاف لإقامة ندوات علمية إسلامية خلال شهر رمضان وموسم الحج.
3- يُخصّص على مدار العام دروس علمية، وأخرى في السيرة النبوية بشكل منتظم، يُعيَّن لها صفوة العلماء المنتخبين.
4- يُخصص مكان يكون في بعض أدواره مركز للبحوث الإسلامية والدراسات المتخصصة في السيرة النبوية، حتى تنسجم مع مكانتها التاريخية في نفوس المسلمين..
5- يُخصَّص للمكتبة أدوار عليا تتسع لما يرد إليها من مكتبات خاصة، لتصبح داراً للكتب الوطنية في مكة المكرمة، تستقبل المهم من مكتبات العلماء، وطلاب العلم.
بهذا العمل تتحقق مصالح عديدة، فيُحافَظ على المكان تاريخاً، ويظل متاحاً للزائرين من دون زحمة وارتباك. وفي الوقت نفسه يكون هذا المكان المبارك قد وُظِّف توظيفاً علمياً وعقلانياً، بتأثيث قاعات للمحاضرات، وقاعات للباحثين، ولتصبح بمثابة المكتبة الوطنية في مكة المكرمة.
فإذا ما تحقق هذا المشروع الحضاري في هذا العهد الزاهر، فسوف تدرأ المملكة العربية السعودية قول المعادين من عدم اهتمامها بالأماكن الإسلامية المأثورة في الحرمين الشريفين.
المهم أن يتناسب تطوير المبنى من ناحية البناء والمحتوى والثقل المادي، والمعنوي عالمياً، وإسلامياً للمملكة العربية السعودية؛ لتبدو أنها مكتبة ذات قيمة علمية عالمية، وفكرية رفيعة؛ يجعل منها واجهة حضارية مشرفة للمملكة العربية السعودية في توظيف الآثار الإسلامية توظيفاً عقلانياً؛ ويكون تزكية للفكر الإسلامي المعاصر في هذه البلاد.
ثانياً: التوسع في مساحة المكتبة خصوصاً، فحولها ساحات واسعة شاغرة هي ملك للدولة، ولا تزال تحتفظ المكتبة بحرم لها من جهاتها الأربع.
ثالثاً: من الضروري تطوير المكتبة هندسياً، وفنياً، وإدارياً؛ ذلك أن مجموعاتها تزداد عاماً بعد عام، فهي في الوقت الحاضر تضم أهم مكتبات علماء مكة المكرمة، ويُتوقع أن يَرِد إليها أعدادٌ أخرى من المكتبات الخاصة.
إن الفرصة سانحة أن تتطور (مكتبة مكة المكرمة) بما يحقق الأهداف السليمة، فتصبح صورة حية للنشاط الفكري للمملكة العربية السعودية، وتقدّم مثالاً حياً لفكر مستنير للعهد السعودي في حاضره، بحيث يتم التعامل الصحيح مع الأماكن المأثورة التي للمسلمين بها تعلق تاريخي، فيكون ذلك امتداداً لما قام به الملك عبد العزيز، مؤسس هذه المملكة العربية السعودية رحمه الله تعالى، تجاه هذا المكان الذي يعيش تاريخه في عقل كل مسلم وقلبه.
رابعاً: إيجاد قاعة خاصة بالسيدات الباحثات، فقد أصبح منهن عالمات، وباحثات، ودارسات دراسات عليا، من حقّهن على المجتمع أن يحقق طموحاتهن، ورغباتهن العلمية، خصوصاً وقد أصبح لهن إسهامات مشكورة في المجتمع المعرفي.
وليس هذا بالأمر الصعب، فهن جزء من المجتمع المعرفي، ويتمتعن بحقوق وواجبات. وقد ألحت المكتبة على هذا الطلب، ونرى أنه من السهل تحقيقه.
خامساً: المبنى منذ القدم خال من دورات المياه؛ احتراماً وتقديراً لهذه البقعة المباركة التي وُلد على تربتها الطاهرة أشرف الخلق المصطفى صلى الله عليه و سلم؛ ولذا بنيت دورات المياه في مبنى منفصل في الطرف الثاني من الزقاق الجانبي في الجهة الشمالية للمكتبة قديماً.
وأخيراً أسأل الله أن يتحقق هذا في أقرب وقت، وأن يجعله من الأعمال الصالحة، الخالصة المقبولة، وأن يحقق الآمال المنوطة بولاة أمر هذه البلاد فيما يخص هذا المرفق الإسلامي المعرفي، إنه سميع مجيب، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
خاتمة كتاب مكتبة مكة المكرمة قديماً وحديثاً في طبعته الثانية:
الحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات، والصلاة والسلام على الهادي البشير سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فقد تم عرض تاريخ مكتبة مكة المكرمة قديماً وحديثاً، واتضح من خلال العرض النقاط التالية:
1- موقع مكتبة مكة المكرمة، مكان ولادته صلى الله عليه و سلم يقيناً، هو مكان تاريخي مهم جداً لتاريخ الأمة الإسلامية، ينبغي المحافظة عليه، فقد ثبت بالقرائن الثابتة، والنقل المتواتر الصحيح أنه مكان ولادة سيد البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
2- مكتبة مكة المكرمة مركز إسلامي، إعلامي مهم، جدير بكل العناية؛ ليكون مظهراً مشرفاً لنهضة البلاد في هذا العصر الزاهر، يعيشه المسلمون واقعاً، وليعودوا بانطباعات صحيحة عن المملكة العربية السعودية، وقياداتها السياسية، والفكرية، والاجتماعية، فهي محطّ أنظار المسلمين في جميع بقاع الدنيا، ومطمح أنظار القادمين للحج، والعمرة من المسلمين على اختلاف طبقاتهم، ومستوياتهم الثقافية.
3- أول ما عُمِّر مسجداً يعبد الله فيه منذ القرن الثاني الهجري، عصر تابعي التابعين دون اعتراض من كبار الأئمة في ذلك العصر الفاضل، والعصور بعده، وفي الوقت نفسه استخدم استخداماً شرعياً، علمياً، تُلقى فيه الدروس العلمية من كبار المحدثين، والفقهاء المكيين، وقف عليه الخلفاء، والسلاطين أوقافاً عديدة، ورتبوا له مؤذناً، وخادماً، وإماماً.وقد قام بالتدريس فيه كبار المحدثين، أمثال العلامة المحدث المسند الشيخ عبدالله بن سالم البصري.
4- المظهر الصحيح للأماكن الإسلامية المأثورة، واستخدامها استخداماً عقلانياً يمنع الممارسات الخاطئة، ويحول بين أصحاب الضلالات، وبين ما يُحَسِّنونه من شعوذة لا تتلاءم وشريعة الإسلام.
5- استغلال هذا المكان وتوظيفه علمياً، وتجديد مبناه مكتبة شامخة على الطراز الحديث فيه القضاء على الممارسات المخالفة التي يقوم بها بعض الجهال ممّا لا يمكن أن ينسب للإسلام، وعقيدته الصحيحة.
6- قرب مكتبة مكة المكرمة من المسجد الحرام بعبقها التاريخي له دلالته الحقيقية على الدعوة الإسلامية التي تجمع بين الدين والعلم.
7- لا ينسى التاريخ دور المرأة المكية المسلمة التاريخي تمثله السيدة فاطمة بنت الشيخ يوسف قطان رحمها الله تعالى التي بذلت من خالص مالها ما تبني به مكة المكرمة مكان ولادة رسول الله صلى الله عليه و سلم، وكذلك الجهود المخلصة التي قام بها أخوها الشيخ عباس قطان أمين، العاصمة آنذاك.
8- تحتوي مكتبة مكة المكرمة على نفائس المطبوعات، والمخطوطات، وهي فرصة الباحثين والدارسين للاطلاع عليها، والاستفادة منها؛ فهي تضم عدداً من مكتبات علماء مكة المكرمة، وفقهائها البارزين، ونخبة من مكتبات الأدباء، والمثقفين.
9- إعطاء مكتبة مكة المكرمة وضعها الصحيح باعتبارها مكاناً تاريخياً له أهميته، وتميزه، ومكتبةً تحوي وعاءً معرفياً مهماً من شأنه أن يحقق أهداف المسلمين جميعاً، وفي مقدمتهم مؤسس هذه المملكة العربية السعودية جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى، فهي مأثرة من مآثره الخالدة التي يقدر التاريخ له إحياء هذا المكان المبارك، وتوظيفه بطريقة عقلانية غير مسبوقة.
10- عدم الاهتمام بهذه المكتبة، وإبقاؤها على وضعها الحالي، يطلق أصوات الحاقدين والمناوئين ويقوّي صوتهم، ومقولاتهم في إطلاق إشاعات كاذبة ضد هذه البلاد، وولاة أمرها.
11- ليس من الحكمة إزالة مكان ولادة النبي صلى الله عليه و سلم (مكتبة مكة المكرمة)، فإزالته إزالة لأعظم شواهد التاريخ الإسلامي، وجرح لمشاعر المسلمين قاطبة، وإثارة بلبلة فكرية بين جموع المسلمين، وسيكون لهذا العمل, آثاره السيئة حاضراً وسبة تاريخية تتناقلها الأجيال، ورحم الله القائل: (صديقك من صَدَقَكَ لا من صَدَّقك).
12- إن الآمال معقودة في الله عز وجل، ثم في غيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وحكومته الرشيدة أن تنال هذه المكتبة في عهده الزاهر عناية خاصة، يشعر منها المسلمون في جميع بقاع الدنيا الرغبة الحقيقة في الحفاظ على تراث الأمة، وصيانته من الضياع، ولتجعل من هذه المكتبة معلماً، إسلامياً، حضارياً يتناسب ومكانتها التاريخية العظيمة، في أجمل صورة، وأفضل واقع بما ينسجم مع رصيفاتها في العصر الحاضر، فيكون هذا العمل امتداداً، وتخليداً لمأثرة من مآثر الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى في تقديره، ومحافظته على مكتسبات الأمة.
والله من وراء القصد، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.
 
عريف الحفل: شكراً لكم فضيلة الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، ولا يخفى على الجميع بأنه للمرة الأولى قد يكون في تاريخ ((الاثنينية)) أن نصل إلى نهاية، بل نتجاوز الوقت المحدد ((للاثنينية)) حديثاً وأسئلة. لقد انقضى الوقت وأخذنا الوقت دون أن ندري، وذلك لعظم وأهمية الحديث والمحدث والموضوع حقيقة. لكن نزولاً عند هذه الحالة الاستثنائية فلنستميحكم عذراً بحجب الأسئلة في هذه الأمسية ولتمنحونا عذركم. فقد استفدنا حقيقة كما ذكر الإخوان، فهناك كثير من الردّ من خلال حديث فضيلة الدكتور عبد الوهاب على كثير من التساؤلات التي قد تُطرح.
بارك الله فيكم جميعاً، وأنقل المايكرفون الآن إلى قسم السيدات وأرجو الاختصار إذا كان هناك من ترحيب وكلمة موجزة جداً، نظراً إلى انتهاء الوقت المحدد للأمسية، بل لقد تعدّينا وتخطّينا الوقت المخصص.
نازك الإمام: شكراً أخ محسن، بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصحاب المعالي، أصحاب الفضيلة، أصحاب السعادة، الإخوة والأخوات الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقبّوه بالسيرة العطرة والعلم الشامل والفكر المتّزن، فضيف أمسيتنا الليلة من العلماء الأخيار، فهو العالم الجليل والفقيه الأصولي والمؤرخ والأديب والمرجعية العلمية، وهو من يعتبره كثيرون من خلال سيرته العلمية المتميزة وحرصه على تقديم ما يثري تاريخ مكة المكرمة والمسجد الحرام، بأنه نموذج العالم الوسطي الذي جمع الأصالة والمعاصرة في علمه ومنهجه، وهو الذي يرى الفقه باعتباره صناعة وابتكاراً وإبداعاً لا يقف عند الجمود على منقولات فقط، إذ أشار إلى أن كفاءة الفقيه ترجع إلى مدى إلمامه بالدراسات اللغوية والبلاغية وإجادته لعلم أصول الفقه وقواعده، والأخذ بنصيب من العلوم التطبيقية.. إنه فضيلة الدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان أحد شخصيات الجنادرية المكرمة الذي أثرى الوطن علماً وثقافة، والذي طالما عمل بصمت وجد ومثابرة في دراساته وأبحاثه الشرعية بعيداً عن الأضواء، وفي منأى عن وسائل الإعلام، والذي رد على من قال بأن الاجتهاد في هذا العصر قد توقف، بأنّ الاجتهاد لو توقف لتوقفت الحياة، معلناً بذلك إن الفقه صورة حية لما يدور في المجتمع، وإن مات المجتمع مات الفقه، وإذا بقي المجتمع متحركاً بقي الفقه حياً، فمرحباً بفضيلته وبضيوفنا الكرام، وطبعاً ليس لدينا أي أسئلة. نحن لدينا العديد من الأسئلة، ولكن كما ذكرتم بأن الأسئلة حُجبت فشكراً لكم، وشكراً لضيفنا الكريم.
 
طباعة
 القراءات :253  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 91 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.