شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيّك سيدنا محمد المصطفى الأمين، وعلى آل بيته الطيبين، وصحابته الطاهرين.
الحفل الكريم، الأستاذات والأساتذة الأفاضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفاتيح الدهشة تتدلى من بين أصابعه ليفتح بها أبواب القدرة على الإحاطة بشعرية السرد، فيدلف عبر مداخل الرواية بذاكرة الشاعر، وتشرق أعلى تجليات هذه القدرة الفنية في إحالة الشاعرية المطلقة إلى دقة في البناء الروائي بأسلوب ينم عن مواقفه الفكرية العميقة.
تسعد مقاعد ((الاثنينية)) هذه الأمسية بتكريم الرواية السعودية الحديثة، احتفاء وترحيباً بالروائي المجدد الأستاذ يوسف المحيميد، المسكون بقلق أسئلته الحميمة التي ظللت أعماله الروائية بغلالة فلسفية شفافة، فهو مفرد بصيغة الجمع، ذلك كونه صاحب مشروع إبداعي أخذت ملامحه في الظهور في عشرينيات قرننا الجاري، وبواكير الثمانينيات الميلادية المنصرمة، عبر أنساق متعددة من أجناس الكتابة الإنسانية تصب مجتمعة باتساق فريد في محيط رؤيته الواسعة، بما يجعل من اختلافها فعلاً تكاملياً ملهماً، ومصدر إثراء ينعش ذاكرة الحكي لروائي يحلّق بأجنحة شاعر، وشاعر يمشي بالأقاصيص، وصاحب عين تحاور اللون في ظلال الصورة يبحث عن روحه، فيجدها قد اتكأت في كل زوايا التجريب، فالإبداع هو فعل حياته الضروري والمغامرة الشائقة التي يخوضها بوعي الكتابة لأن الكلمة المتأصلة بأغوار التجريب هي موقفه النهائي المتدثر بحرارة حلمه الإبداعي العريض.
وحري بنا في سياق الحديث عن تجربة المحيميد الروائية أن نتصفح بعضا من سفر الرواية السعودية المعاصرة التي مرت تاريخياً بعدة منعرجات من سن النضج، والذي يعتبر جيل المحيميد من بعض تجلياته. فالخمسينيات قد حفلت بالعديد من المبادرات لميلاد رواية سعودية، وتلك المحاولات ربما اعتبرت حجر الزاوية الذي بنيت عليه التجربة المعاصرة للرواية السعودية المصنفة. وقد اجتهد عدد من النقاد والمؤرخين حفراً في طبقات السرد السعودي، فقدموا إلينا أنصع ما أنجزه جيل الرواد من الأدباء المعاصرين من مجمل تراثنا النثري، خصوصاً إسهامهم في القصة والرواية، فقد لمعت عدة أنجم في سموات الرواية السعودية الحديثة لروائينا الأوائل من السابقين الذين قد لا يتسع المجال لذكرهم في هذه العجالة. فعديدة هي الأسماء التي وضعت اللبنات الأولى للبناء الروائي السعودي. وفي واقع الأمر، فإن تمدد المساحات المتاحة لنشر المنجز المتحصل للرواية السعودية، قد ساهم في تسريع وتيرة هذا النضج المهني لروائيينا اللاحقين، والذين اندفعت عجلة خطابهم السردي لتلامس بوعي المبدع، وببصيرته النافذة مواضع المسكوت عنه في مجتمعاتنا، وتكشف المستتر، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع بعض التجارب، طالما احتكم منهجها الفني للأطر الأخلاقية في الطرح.
وبالمرور على بعض مسارات مشروعه السردي في مجال الرواية والقصة القصيرة، نرى أن الأستاذ المحيميد قد أصاب بسهمه في تشكيل ملامح الاتجاه الواقعي الجديد لروايتنا السعودية المعاصرة، فنجد أن معظم تشخيصات أبطاله يستلهمها من عامة الناس، ويوقف مساحات التخييل عنده للبسطاء ليصنع من عوالمهم العادية مواضيع غير عادية، ومادة غنية للروي بمهارة مذهلة في التشخيص، وبتوظيف دقيق لتقنية التشويق السردي. فالرواية عند المحيميد طاقة ذهنية من التخيل بمنهج واقعي، يحتشد بحساسية التحليل النفسي، والذي يجعله لبوساً للعديد من مشاهد الكوميديا الذهنية الآسرة، منشغلاً بالانكباب على قاموس مغرق في المفردة ذات التكثيف الدلالي، ممسكاً بخيوط وقائعه السردية بشاعرية تفاجئ المتلقي بسيل عرم من الانفعالات الفطرية التي تشع بوميض جمالي أخاذ في موهبته الساطعة التي وسمت آثاره ببريقها.
قدم للذائقة النقدية مادة فنية غنية للبحث خلال ما يقترب من ربع قرن من الزمان. تنوعت مؤلفاته فيها ما بين المجموعات القصصية، وأدب الأطفال، والملاحم الروائية التي تربو على العشرة عناوين ازدهت بها أرفف مكتبتنا الأدبية بكل ما هو عالٍ في قيمته الفنية، طرح أولى مجموعاته "ظهيرة لا مشاة لها" في بداية قرننا هذا نهاية الثمانينيات الميلادية، فتواترت بعدها مجاميع قصصه التي أفرزت حراكاً محموماً في المنابر النقدية السعودية، أنتجته موهبته الفذة بسجال متصل في أوساط المهتمين، وقد أضفى على موهبته بشيء من التأملات الوجدانية والفلسفية التي يرن صداها ببداهة طاقاته التعبيرية، وبقوة إيجاز مفردته الإيحائية، وبنبرة السخرية الساحقة التي تتسلل في العديد من مواضع مخزونه السردي الغزير، والتي اتسمت بها رواياته الناضجة حينما أطلق روايته الأولى "لغط موتي" التي أعقبها بعدد من الروايات، والتي استقبلت بكثير من الحفاوة على اتساع المشهد النقدي العربي،لافتاً إلى قيمة الرواية السعودية الحديثة لتأخذ موقعها المتقدم في الخارطة العربية فتوجته لجنة جائزة أبي القاسم الشابي في تونس الخضراء 1431هـ/ 2011م بالمرتبة الأولى بفرع الرواية عن ملحمته "الحمام لا يطير في بريدة" في جائزة ذات ثقل إقليمي تمنح تخليدا لذكرى شاعر إرادة الحياة. وقد قدم المحيميد من الروايات ما يعد علامات فارقة بتاريخ السرد السعودي المعاصر، تم نقل معظمها إلى بعض اللغات الحية.
المحاور تتداخل في سيرة الراوي، فأكتفي بما تيسر لي، تاركاً للراوي ما تبقى من فصول روايته ليستمتع بصفحاتها المفتوحة معكم، فإلى جديد الملتقى في اثنينيتكم القادمة. كونوا على الموعد لنكرم رجل الدين والدولة شيخنا الفقيه، والمؤرخ، والأديب، المفكر الإسلامي أ. د. عبد الوهاب أبو سليمان، عضو هيئة كبار العلماء، عضو المجمع الفقهي العالمي برابطة العالم الإسلامي، وعميد كلية الشريعة بجامعة أم القرى.
فإلى لقاء يتجدد، طبتم وطابت لكم الحياة،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه مؤسس ((الاثنينية)) على كلمته الترحيبية. أيها السادة والسيدات هناك أيضاً بعض الكلمات والحديث عن ضيفنا المحتفى به وأعماله الأدبية نبدؤها بكلمة لسعادة الدكتور عبد الله مناع الأديب والكاتب المعروف.
 
طباعة
 القراءات :396  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 77 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.