شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ليل (1)
ألا ما لهذا الليلِ تاهَ دليلُهُ
وأظلمَ داجِيهِ وطالَ سُدُولُهُ
بهيمٌ وأفكاري غرابيبُ مثْلُهُ
يَتِيهُ بها ذِهني، كَلَيْل أُجيلُهُ
فما بنجومٍ تلكَ آنَ غيابُها
ولا كان بدراً ذاك يُرْجَى أفولُهُ
سَرَى، والسحابُ الجَوْنُ بيني وبينه
كَوَجْهِ خليلٍ صدَّ عنه خليلُهُ
يجودُ بنورٍ -حين يَظْهَرُ- باهتٍ
ويَخْفَى فأنساهُ ولا أستَنيلُهُ
وما زال عنه ذلك الكَلَفُ الذي
غَشَاهُ! فهل يجلو الدّجى أو يزيلُهُ؟
وفي القلبِ تَبْريحُ وفي النفسِ حسرةٌ
هما كلُّ ما بي من مَتَاعٍ أَنيلُهُ (2)
فأمّا مُنَى نفسي وأمّا طِماحُها
فقد غالَها من فاتِكِ الدهرِ غَوْلُهُ
وأحمَدُ ربي أنَّني كنتُ ذا هدىً
فما صَحَّ من ذاك الهوى مُسْتَحِيلُهُ
جفاءٌ وإعراضٌ وإقلالُ راحةٍ
فأين اصْطباري؟ أين منه جميلُهُ؟
ولولا ادّكارٌ لاعْتَزَلْتُ عن الهوى
ألا ساءَ مثْواهُ وضلَّ سبيلُهُ
إلامَ يظَلُّ المرءُ يَكْدَحُ لاغِباً
وحتَّامَ لا يَثْنِيهِ ما يَسْتَمِيلُهُ
وكم مُنْيَةٍ أغْرَتْ فما كان بعدَها
سوى مَرِضٍ قد لَجَّ فيَّ دَخِيلُهُ
* * *
إذا الليلُ ليلُ الناس أم ليلُ مُهْجَةٍ
عميقٌ أساها ما يَريم ثقيلُهُ
تَمَطَّى بِصُلْب (لامرئ القيسِ) فانثنى
يُنَاجِيهِ حتى انْجابَ عنه طويلُهُ
أرى الصّبحَ وضَّاحاً فأرْتابُ حائراً
وأحْسَبُ أنّ الليلَ عَمَّ شُمُولُهُ
مَضَى ومَضَى شطرٌ من اليومِ بَعْدَهُ
وما زِلْتُ في هَمٍّ كثيرٍ قَلِيلُهُ
سوادٌ على عَيْنَيّ يَحْجِبُ عنهما
ضياءَ نهارٍ شَطَّ عَنِّي مَقِيلُهُ (3)
فيَا وَيْحَ قلبي كلّما قلتُ آنَسَتْ
نَوَافِرُهُ وارْتاحَ مني مَلُولُهُ
رماني بدَهْيَاءَ كأنَّ صَلِيلَها
جِرازٌ على الأعناقِ رَنَّ صَلِيلُهُ
يضيقُ بكلِّ الناس ذَرْعاً وبالدُّنا
وبالعيشِ فَهْوَ الدّهرُ سودٌ غُلُولُهُ (4)
تشاءمَ حتّى ما يَرَى لِتَفاؤُلٍ
مكاناً، ولو يَحْكي مَدَى الشِّبْرِ مِيلُهُ
* * *
فما كان "دي موسو" لِيُنْتِجَ في الهوى
"لَياليهِ" لولا أنْ رأى ما يَهُولُهُ (5)
رأى الليلَ دَيْجُوراً وفي القلبِ لَوْعَةٌ
ففاضَ شَجَاهُ واسْتَحَرَّ غَلِيلُهُ (6)
وجاء ببِدْعٍ من أغانٍ ومن رؤى
ومن نَغَمٍ قد عَزَّ فينا مَثِيلُهُ
معانٍ على مرِّ الزَّمانِ خَوَالِدٌ
وقد ماتَ مُوحِيها وأدْبَرَ جِيلُهُ
أفاضتْ على القلبِ العَصيِّ تُذِيبُهُ
وقامتْ على الدَّمعِ الحَرُونِ تُسيلُهُ (7)
فَلَوْ كان لَيْلي مثلما كان لَيْلُهُ
لقلتُ على ذكرِ الهوى ما يقولُهُ:
"رأيتُ حبيبي في السماءِ طلوعُهُ
قريبٌ ولكنْ أين منِّي نُزُولُهُ (8)
فكادَ يُحَيِّيني وكادَ يُنِيلُنِي
ويسمحُ لولا أنْ ثَنَاهُ عَذولُهُ"
 
طباعة

تعليق

 القراءات :447  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 212 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج