شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هل يصلح أدبنا للتصدير؟ (1)
أجل.. يصلح، ويصلح، وفي عين الحسود عود، وأرجو أن لا يكون الأستاذ صاحب المنهل هو الحسود، فإنه إذن لا يحسد إلا نفسه!
إن أدباءنا ينتظمون أوسع المجالات في إنشاء المقالات، وإنهم لأرباب القصائد الجيائد ذوات المعاني الفرائد، وإنهم يبحثون فيوغلون، ويكتبون فيبدعون. فلماذا لا يصلح هذا الأدب للتصدير؟
وإن الأستاذ نفسه صاحب المنهل ليعلم هذا -أو بعض هذا- تماماً، ولكنه يستمرئ مغالطة نفسه، وأحسب أنه بهذه المغالطة المبتكرة لا يريد أن يستزيد ويستفيد.
إذا كان زيدان وضياء وقنديل والعامودي والكتبي وتوفيق وشحاتة وعواد والفقي والآشي والكعكي والعطار والغزاوي والعريف والمغربي (2) .. إذا كان هؤلاء الجمهرة لا يستطيعون أن يصدّروا أدبهم المونق الجميل، فنصيحتي إليهم أن يحطموا أقلامهم، ويئدوا بنات أفكارهم، ويركنوا إلى الراحة ويخلدوا إلى الصمت! فذلك -لعمري- خير ما يمكن أن يفعلوه للتواري والانزواء.
إن الشعر والنثر والأقصوصة والرواية قد نضجت عندنا، وآتت أكلها أضعافاً مضاعفة، فما بغريب أن لا تجد الطريق إلى الظهور، أو تحتجب وأخواتها في تبرج وسفور؛ ذلك لأن الأدب العربي الحديث وجد الأداة والوسيلة والجو والتشجيع والتقدير في البلاد التي قدر لها أن تسبقنا في الطباعة والصحافة والتعليم؛ فانتشر أدبها طيبه ورديئه، وراج علمها خبيثه ومريئه، واشتهرت أقلام ما كانت لتشتهر، لولا الميادين الفسيحة والمطابع الفاخرة والصحافة الرفيعة، والإقبال الهائل، وشيوع التعليم بين طبقات الأمة مما [كاد] (3) يمحو الفوارق ويلغيها إلغاء تاماً، وصدِّر إلينا أدب العراق ومصر والشام؛ وحتى أدب السودان وأفريقيا والهند، فلو وجد أدبنا من التنظيم والحث والوسائل ما وجدته تلك الآداب -أو قل بعضها- لكان الأدب الطنان الرنان، ولكان له شأن أيما شأن.
وقد اجتهد بعض الأدباء أن يكتبوا لكبريات الصحف الأدبية بمصر كالهلال والثقافة والرسالة، ولكن الصحف المصرية -على تقديرنا لها- تنظر إلى الأسماء، فإن وجدتها رنانة كالذبابة طنانة كالنحلة، نشرت، وزادتها هي رنيناً وطنيناً، وإلا فهي ملقاة مع الأكوام. وقد اعتذرت الرسالة عن ذلك ونفته، ولكن نفي الأمر الواقع لا يزيده إلا وقوعاً وتأكيداً.
أفكل ما تنشره الرسالة والثقافة والهلال رفيع أو جيد أو بديع؟؟ إن الأدب جسم وروح، فأما الجسم فهو الأسلوب، وأما الروح فهو ما يحتويه ذلك الأسلوب من معان وآراء وأفكار.
أما الأسلوب في أدبنا فهو يختلف بين المتانة والسلاسة، ولا يهبط عن هذين إلا في أدب بعض الناشئين والشداة، على أنه في طريقه إلى القوة والتمكن، وأما الروح فهي تتفاوت بين اللطافة والعمق، وبين السداد في الرأي أو المقاربة إليه، وليس بحتم على الأديب أن يحتفظ -دائماً- بمستوى واحد لا يعدوه ولا يسف عنه. فطالما قرأنا لأعلام الأدباء كالمازني والعقاد وطه وغيرهم أشياء لولا تواقيعهم عليها لشككنا في أن ينزلوا بعد تحليق ويخطئوا بعد توفيق إلى ذلك الحد العجيب.
ارسموا للأدب نهجه، ووفروا وسائله، وشجعوه وصدروه بعد ذلك، فإن جاءكم نقد أو ملام فبادروني بالكلام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :304  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 171 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج