شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
السرحان يبحث عن حب جديد (1)
الأستاذ حسين سرحان يحتفظ بالمظاهر الشرقية في كل شيء حتى في كلامه، ولكنه يمزجها بالروتين الغربي أو الإنجليزي على الأصح، في خصلة واحدة، وهي الميعاد بالدقيقة.. لقد ارتبطنا معه بموعد لزيارته في منزله في يوم من الأيام مع نخبة من الزملاء.. وعند الموعد المحدد تأخرنا للضرورة، وتوجهنا إلى منزله بعد الموعد بقليل ولكننا لم نجده في البيت.. ثم قابلناه في اليوم التالي وهو يشخط بيديه من الغضب وقال: لقد خالفتم الموعد المحدد، ولهذا أنتم المخطئون.. وعرفنا بعد ذلك أن الأستاذ السرحان إنكليزي الموعد شرقي الكرم والشهامة.. والحقيقة أنها فرصة مؤاتية لو وجدنا السرحان لنرى كيف يعيش هذه الأيام، وكيف يفكر.. ولكن الفرصة ذهبت يومها، ولكنني شخصياً [أصررت] (2) على مقابلته في اليوم التالي مهما كان السفر فوجدته يجلس مع بعض أصدقائه في سوق الليل في دكان الشيخ أبو منصور الريس.. والريس هذا شخصية ظريفة جداً، ومهنته صنع أدوات مختلفة للمواشي مثل برادع الحمير وغيرها.. ولا ضير عليه في ذلك، فليس عيباً إلاّ أن نعيب العمل أياً كان نوعه.. فبدأ السرحان الكلام وقال: هل ترى أن أحداً يعيب علي القعود هنا؟ قلت له: ربما.. فتبسم، وانتهزت الفرصة وقلت له: ألا ترى أن الجلوس هنا يقلل من قدرك كأديب كبير..؟
فأجاب عليَّ وهو يشير إلى برادع الحمير وقال: أنا أحب دائماً أن أجلس بجانب هذه البرادع؛ لأنها صنعت للحمير.. وأنا أرغب إلى الاحتكاك بهذا اللون من الحيوانات، وبنوع خاص أحب أفكار الحمير.. وقد يكون في محبة الحمير ما يعوضني عن محبة الآدميين البشر فهل فهمت؟
وبعد ذلك سألت الأستاذ السرحان عن الشعر. قلت له: هل هجرت الشعر في هذه الأيام.. لأنني لم أقرأ لك شيئاً يذكر؟
فسكت الأستاذ السرحان برهة وقال:
اسمع قول شاعر عربي قديم:
قالوا هجرت الشعرَ قلت ضرورة
بابُ البواعثِ والدواعي مغلقُ
فسد الزمانُ فلا كريمٌ يرتجى
منه النوالُ، ولا مليحُ يعشقُ (3)
أكتفي بهذين البيتين جواباً على سؤالك.
ثم قلت له: وهل معنى ذلك أنك مستعد للحب من جديد؟
فقال: لا مانع عندي من ذلك، ولا مانع أيضاً من أن أجد كريماً يعطيني بالإضافة إلى الحب لأستطيع أن أعيش وأنتج إنتاجاً يستفاد منه.. ثم قلت له: من هو الكريم في نظرك؟
فقال: أنا لا أقصد شخصاً معيناً، ولا أقصد أيضاً كثير الدراهم.. وإنما أعني أن يكون وراء الشاعر ربوة أو غابة أو جبل يستند إليه عند الملمات، لأن الفنان لا يستطيع الإنتاج وهو في دوامة من الفقر وبؤس الحياة..
وعلى أثر ذكر التفرغ للأدب وذكر الإنتاج قلت للأستاذ السرحان: يقولون إنك إلى الآن لم تهتم بالتأليف ولا حتى طبعت ديوانك الأول، فكيف ترد على هؤلاء؟
فقال: إذا كانت القيمة بالمؤلفات فتعال بأستاذ الجيل لطفي السيد وضعه أمام عبد المنعم خفاجي.. فلطفي السيد لم يظهر له مؤلف واحد اللَّهم إلاّ كتاب الأخلاق لأرسطو قام بترجمته.. والفرق واضح بين الاثنين.. وبعض مقالات ضمنها في بعض كتب صغيرة، فمؤلفات الخفاجي تزيد عن العشرين مؤلفاً، فهل ترى أن الخفاجي وصل إلى ما وصل إليه لطفي السيد..؟ المسألة ليست مسألة تأليف.. المسألة مسألة تفكير ودراية.
ثم تشعب بنا الحديث إلى ذكر الأستاذ محمد حسن عواد وقلت للسرحان: ما رأيك في العواد؟
فقال: العواد كالعقاد في منهجه التفكيري.. يخاطب العقل قبل العاطفة.. وبتعبير أصح لا يدخل العاطفة في أي تفكير يقوم به.. وأنا أرى أن اشتراك العاطفة مع العقل أمر ضروري، لأنها كالأبازير تضفي على الإنتاج شيئاً من الملح والطرائف.. ليستسيغ القارئ ذلك الإنتاج.
وقدمت للأستاذ السرحان السؤال الأخير فقلت له: ما رأيك في أدب الشباب؟
فقال: لعلّك تريد أن تثير معركة جديدة بمناسبة السنة الجديدة.. فأرجو أن تؤجل هذا السؤال..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :327  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 140 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج