شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه
يلقيها نيابة عنه معالي الدكتور مدني علاقي))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك حبيبك وصفيك سيدنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفضليات
الأساتذة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
ما أمتع اللقاء في باحات لغتنا الجميلة، بعذوبتها ونقائها، وبحضور بهي مع أحد أساتذتها الأفاضل، الأستاذ الدكتور حمزة قبلان المزيني، الذي نرحب به ونثمن تواصله وكريم استجابته لدعوة اثنينيتكم، من أوائل الأكاديميين الذين أتيحت لهم فرصة الدراسات العليا بالولايات المتحدة الأمريكية، ليعود بعدها مساهماً كتربوي وأستاذ في الجامعات السعودية، وظل مؤدياً لرسالته السامية إلى أن تقاعد، وإن كان التقاعد لا يناسب الأستاذ الجامعي في تصوري، لأن عطاءه يزداد، وبريقه يزهو، وعلمه يرسخ، كلما تقدمت به السنون وارتقى في ميادين الخبرة والتعامل مع طلابه بمختلف مستوياتهم، وإن اقتصر على طلاب الدراسات العليا فإنه لا ينبغي التفريط في الأستاذ الجامعي تحت ذريعة التقاعد، إلا نزولاً عند رغبة ذاتية.
ولعل اللغة هي المشروع الذي عكف عليه ضيفنا الكريم في تخصصه الدقيق بعلم اللسانيات، وهو العلم الذي يهتم بدراسة اللغات الإنسانية، ودراسة خصائصها وتراكيبها، ودرجات التشابه والتباين فيما بينها، بدراسة العلاقة بين الأشياء والأفعال وأسمائها للتعرف على القواعد التي تحكم اللغة، ويتعلق هذا المبحث الحيوي بالعديد من العلوم الأخرى، مثل علوم الاجتماع، وعلم النفس، وغيرها، فاللغة، كما تعلمون، هي البرزخ الجامع لجدل العقل والكون.
لضيفنا الكبير إسهاماته الرصينة في فن المقالة، التي اتسمت -وهو من تنزه عميقاً في أقاليم اللغة- بعمق معرفي، أبعدها عن كثير مما يشوب المقالات الصحفية من عيوب بنيوية ومفاهيمية، وعصمت مقالاته -ما حازه من دربة طويلة في الدرس والاستقصاء- عن الوقوع في فخاخ التشنج لرأيه، وفجاجة التناول لموضوعاته، التي انتخبها بموضوعية واضحة، مست العصب المركزي للكثير من معضلات الراهن الاجتماعي والثقافي في بلاده، وشكلت صدى جدلياً، اتسم في كثير من منعرجاته بالحدة، وهذا من شأن الكتابة العميقة: قدرتها على تفخيخ المسكوت عنه، وتفجير الأسئلة، ومن هنا تتطلب كتاباته قارئاً نشطاً متحرراً من قوالب الأفكار الجاهزة والنمطية.
لا يسعنا الوقت ولا المقام التعرض الدقيق لمقالاته، إذ أنه مقام احتفاء لا مقام درس ونقد، ولكن تدليلاً على جسارة موضوعات مقالاته، نشير إلى تناوله لبعض الظواهر، مثل: منهجية الفقهاء في استنباط الأحكام الفقهية التي رأى فيها تعارضاً بين النظرية والتطبيق، كما انبرى في العديد من المقالات لفحص الجدل العلمي في سياقات أكاديمية متعددة، حاول فيها معالجة ما يشوه الكتابة العلمية في بعض الأحيان من خلل منهجي وتصورات مفاهيمية خاطئة، وشكلت موضوعة الإرهاب وثقافة الموت -كما يسميها ضيفنا الكريم- مداراً جاذباً دارت حوله العديد من مقالاته، وملاك الأمر عنده، أن المواجهة الأمنية للتطرف، على أهميتها، لا تكفي وحدها لاجتثاث هذا التيار من جذوره، إذا لم تواكبها مواجهة ثقافية وإعلامية منظمة تسعى إلى تتبع جذور هذا الفكر والعمل على اقتلاعها ومنعها من إفراز الفكر التكفيري المسلح، وذلك عبر نشر ثقافة القبول بالآخر وتأسيس مبدأ الحوار المنهجي العقلاني، ولعله يبين لنا شيئاً من ذلك فيما يرد من سياحته المعرفية بنا حول قارة الحرف.
لم تكن قضايا الخطاب الجمالي الشائكة هي المدار المركزي لكتابات ضيفنا الكريم، تلك الكتابات التي تسعى إلى المران الذهني في محاورة الجميل والمدهش لتنميق وزخرفة الوجود الجمعي، وإسكات الخطاب النقدي لأسئلة المعاش واليومي، بقدر ما حاول عبر الكتابة معالجة العديد من الأدواء الغائرة في النسيج الاجتماعي والأكاديمي.
وشأن كل كتابة مفارقة لليقين الجمعي، بمحاكماتها النقدية الرصينة للراسخ من مقولات هذا اليقين، شكلت كتاباته صدى واسعاً، اتخذ في كثير من الأحيان شكلاً تصادمياً حاداً من سدنة السائد، لم ينصرف في جملته إلى محاورة أفكاره، التي يحاول فيها التأسيس لثقافة مغايرة ذات سمت حداثي، بقدر ما أخفى طي شراسته البائنة ذعراً مركزياً من جرأة المساس باليقين الجمعي.
في مضمار الكتابة العلمية الرصينة قدم ضيفنا الكريم العديد من الأبحاث والمؤلفات والتراجم إذ يعتبر أحد أهم الأكاديميين الذين ساهموا في التأسيس لمشروع درس اللغة، كعلامة للخطاب وكشفرة معرفية، ذات دلالات عميقة، وذلك في كتاباته وترجماته العديدة في هذا الحقل لكتابات أشهر علماء الألسنية المعاصرة مثل (نعوم تشومسكي.. جاك دريدا) وغيرهم كثر، فأتاح للقارئ العربي برهة التواصل مع هذا المنجز العلمي المهم، بأسلوبية سلسة ابتعدت عن التخصصية الجافة، بقدر ابتعادها عن السطحية المخلة التي وسمت كثيراً من الترجمات عن علماء الألسنية المعاصرين.
هذا وسوف تحتجب "الاثنينية" الأسبوع القادم، على أن تستأنف نشاطها المعتاد الأسبوع الذي يليه، آملاً أن نلتقي على خير وفي خير.
طبتم وطابت لكم الحياة.
والسلام عليكم ورحمة الله،،،
عريف الحفل: شكراً لمعالي الدكتور مدني علاقي، الذي ألقى مشكوراً كلمة سعادة مؤسس الاثنينية ألقاها نيابة عن سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، أيها الإخوة والأخوات قبل أن نستمع إلى ضيفنا المحتفى به هذه الليلة، هنالك بعض الكلمات الترحيبية، التي سنستمع إليها للتعريف بضيفنا ومسيرته العلمية، والتحدث عنه وعن بعض منجزاته، نبدأ في إعطاء الكلمة لسعادة الأستاذ الدكتور محمد مريسي الحارثي، الأديب والباحث الأكاديمي المعروف.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :808  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 107 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.