شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك سيدنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفضليات
الأساتذة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سعداء أن نلتقي الليلة احتفاء وتكريماً وتوثيقاً، بصوت شعري نسائي شق طريقه بثقة في دوحة الأدب العربي المعاصر، ضيفتنا الكريمة، الأستاذة روضة الحاج محمد عثمان القادمة من السودان خصيصاً تلبية لدعوة اثنينيتكم، فأهلاً وسهلاً ومرحباً.
من الملاحظ أن القصيدة عند ضيفتنا الكريمة قضية ورسالة، توظف لغة أنثوية، يفترض أن تسري نعومة ودلالاً بين الخدر وفتيت المسك، لكنها أبعد ما تكون نجيعة عن الزينة والمرايا والعطور. صحيح أنها لغة لا تخلو من بكاء ونصيف يسقط وإن لم ترد إسقاطه، وأنامل بين الخضاب والخواتم، ثم ماذا؟ إنها تشكو حالها، فبعض قصيدها تصوير لواقع يدمغه هلع وخوف:
"لقد خلعوا الأساور من يدها
أخذوا الخواتم والخلاخل والحجول
سكبوا على كلب صغير كان يتبعهم شذى عطرها
بل إنهم طلبوا المزيد
وفي هذا المعترك.. العقد ضاع
من لها بغير شرطي لينصفها؟
لكنه أخذ أقوالها في تبرم واضح".
وليس أمامها إلاَّ أن تختم بكائيتها:
"عجبي..
فكل المخفر العربي يعرف سارقي..
وضد مجهول بلاغي دوّنوه..
فأخبروني ما أقول؟؟".
وأحسب أن قصيدتيها "خطئي أنا" و "بلاغ امرأة عربية" مارسا طغياناً شعرياً على الساحة الأدبية بخطاب جديد، تميز باتكائه على جزالة المفردة الشعرية، فشعرُ فارستنا فخ تنصبه للمتلقي الذي يجد نفسه واقعاً في أسره. فشعرها يحمل العديد من الإشارات التي تدل بصمته الوراثية على أنها شاعرة تستطيع الوصول إلى عبارات موسيقية ذات سمات وخصائص مميزة، يتضافر فيها التشكيل الإيقاعي مع كيمياء النص، كما كرست الصوت والإلقاء وسيلة للاحتفاء بألق الشعر لجذب العقول قبل القلوب.
كما أعتقد أن المدن لدى شاعرتنا، تمثل ذاكرة المكان الذي لا ينفك عن أصول وجذور، ترفل فيها الروح، وتغذي الوجدان كلما هزمه الواقع المرير، وهو شعور ينتاب الكثيرين. ويبدو أن بعض الشعراء تمر بهم لحظات تطول أو تقصر، يتسامون فيها عن الألم بذكر الأماكن التي تعيش في ذاكرتهم، وتسعفهم في لحظات الضيق والأسى، هكذا تجد شاعرتنا نفسها منساقة إلى مسقط رأسها، تناجي مكوناته التي تحسبها لا تتغير أو تتبدل، لكنها تتماسك قسراً حينما لا تجد ما تتمنى.. (لكنني لم أجدها مثل ما عهدت أمًّا رؤوماً لفقدي قد تواسيني).
المتتبع للحوارات الصحافية التي أجريت مع ضيفتنا الكريمة، عن رؤيتها الخاصة لتجربتها الشعرية، يلحظ أن الشعر عندها قنديل حياة، يضيء عتمتها وينمقها، ويعبر عن مكنونات النفس البشرية، فيغسل أحزانها، ويهب أفراحها الآخرين باعتباره أداة توظيف، لحفز الهمم نحو القيم السامية، والترويح عن النفس، وتنقيتها من هموم الحياة ولأوائها.
كما شق قلمها الرشيق لذاته طريقاً في متردم الشعراء، فاستطاعت اقتحام درب كان قصراً على البارزين منهم، بتمردها على الموانع والحواجز المتعددة التي قد تحول دون انتشار الإنتاج الإبداعي لنون النسوة، مما جعل أصداء شاعريتها المحلقة فراشات يجتذبها نور قصي.
لم يقتصر النشاط الإبداعي لضيفتنا الكريمة على الكتابة الشعرية وحدها، إذ تعداه إلى الإعلام المرئي والمسموع، وشاركت في مهرجانات وملتقيات شعرية وثقافية خارج بلادها، ويتميز خطابها الشعري بملامسة قضايا كونية، لا يعترف الشعر فيها بالجغرافيا، فترجمت بعض قصائدها إلى الإنجليزية والفرنسية.
ومن خلال تتبعنا لدواوين شعر ضيفتنا الكريمة، نلمس ابتعادها عن لغة الإغراب والغموض، باتخاذ السهولة باباً ولجت منه إلى مدينة الشعر، فأثرت قاموسها الشعري بالكثير من الاقتباس من آي الذكر الحكيم، واستلهمت من كنوز التراث، رافداً خصيباً يطرّز مفرداتها برونق بهيج وجرس عذب، بما يتناسب والواقع المعاش. ومما يؤكد ذيوع شعرها وانتشاره، أنه لم تصبح من شروط الإبداع الشعري العربي دلالته على الهوية النوعية للمبدع، لا سيما أنه ومنذ تدفق نهر الشعر العربي، كانت ذكورية الإبداع الشعري، هي المظهر التعبيري عن الحالات الإنسانية بكل تقاطعاتها. وبالرغم من أن الأنثى شكلت اختراقات عديدة لهذه الظاهرة، وكسرت تراتبية الإيقاع الواحد في الشعر العربي، فقد ظلت هذه الاختراقات بكل خصوصياتها، تأتي بصورة متقطعة وغير مكتملة الحلقات.
قبل أن أترك لاقط الصوت، أذكركم بأن ضيف أمسيتنا القادمة سعادة الأستاذ الدكتور إبراهيم غلوم، الأكاديمي والكاتب والناقد الأدبي المعروف، أستاذ النقد الأدبي الحديث بقسم اللغة العربية، جامعة البحرين، والذي أسهم في إثراء المكتبة العربية بعدة مؤلفات منها: "القصة القصيرة في الخليج العربي"، و "ظواهر التجربة المسرحية في البحرين"، و "الثقافة وإنتاج الديمقراطية"، "مسرح إبراهيم العريض" غيرها.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم وبكل من يتعامل مع الكلمة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :767  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج