شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رسائل إليهم
تميزت أساليب حمزة شحاتة بالانفراد في طرح الحقيقة التي يود الوصول إليها وذلك عبر عبارات درامية أقرب ما تكون للمواقف المأساوية في الأعمال اليونانية القديمة.
وعمق المأساة في رسائل حمزة شحاتة تنبع من فلسفته وطريقة عرضه لأبعاد هذه المأساة، وهي قدرات قلما تتوفر في أديب استطاع أن يرسم ابتسامة واهنة على ملامحه المتعبة من فعل الأيام والسنين.. فهو يقول في -رسالة لعبد الله خياط: (إننا لا نفعل ما يجب وينبغي.. لا لأننا لا نريد ولكن لأننا لا نستطيع).. ومهما يكن من قيود حاول حمزة شحاتة أن يسوق من خلالها عبارته ألاّ أن وضوحه في العبارة كان كاشفاً لأبعاد ما يرمي إليه دون أية مواربة.
وفيما يلي نص رسالة من رسائله إليهم:
أخي عبد الله خياط
لم أكن أتوقع أن تكتب إلي بهذه السرعة، ولم يكن يخطر لي أيضاً أن تنشر رسالتي إليك، لأن ما جاء بها أشبه بملابس لم تغسل بعد.
ألا تظن أن لحسن النية علاقة بالنشر.
الآن عرفت لماذا لا تأخذ المحاكم والقوانين بمبدأ حسن النية..
إن أخطر الأعمال والتصرفات يمكن أن تتخذ من حسن النية ستاراً أو تفسيراً.. أو عذراً من حسن الحظ -لا النية- إني لم أزل أذكر تحذيري إياك من نشر الرسالة أو الغسيل على الأصح.. وقد سميت لك هذا التحذير اختباراً لحسن نيتك.. وكنت شجاعاً. آثرت أن -تقذف بحسن نيتك إلى حيث يشاء لها سوء مصيرها أن تقع.. وكنت تعرف أنها لن تقع إلاّ على أم رأسي أو أبيها..
وبكل براءة جئت تخبرني بأنك قد نشرتها.. كأنك حققت طلبي..
لقد كنت ماهراً جداً إلى جانب أنك شجاع.. وبالقدر الذي يخلو من الحكمة. من يدري ربما كان العمل في الصحافة يقتضي أن يكون المشتغل بها، هكذا..
ليست المشكلة في هذا ولكن في أني لا أستطيع التخلص من سذاجتي المبرمة.
إننا لا نفعل ما يجب ويبتغي، لا لأننا لا نريد، ولكن لأننا لا نستطيع.. والمسألة الآن:
هل أستطيع أن أتخذ موقفاً يضمن السلامة مما يجر عليَّ حسن نيتك؟ وستكون المحاولات فاشلة.. ولكن طول التشبث بشيء يعيننا على تحقيق نسبة من النجاح.
إن ما أطمح إليه بسيط جداً.. مقدار من المرونة على التكيف وتغيير معدلات الحركة واتجاهها..
سأكون بحاجة إلى مزيد من الجهد، وهذا لا يسهم طالما ظلت لي قدرتي على التنفس بصعوبة أو بسهولة.. لا بد أن يكون هنا مخرج على نحو ما..
يبدو أنك لست مرهقاً إلى المدى الذي يحول بينك وبين القفز الدائم في ملكوت الله الواسع وهذه متعة لم تعد متاحة لي منذ عشرين عاماً، لم يبق لي الآن إلاّ أن أحدق في الفضاء، من نعمة الحضارة على الشباب في هذا العصر إنهم لا يجتازون هذه المرحلة، لقد تغيرت الدروب والمسالك.. منذ تبدلت وسائل الانتقال.. وهكذا دائماً تبرز الظروف الجديدة -إنساناً جديداً- مختلفاً تماماً عن الإنسان القديم.
ما يحدث الآن من التغيرات في عام، لم يكن يحدث في قرون، وبهذا غدا الإنسان أطول وأعرض وأعمق عمراً مما كان، وأكبر قدرة على التشكل والتكيف.. وبنفس معدلات السرعة سيتحول إلى مستودع المخلفات..
ألا ترى شباباً في مثل عمرك أو أكبر قليلاً، تحولوا إلى منطقة التحديق في الفضاء.
وبالمناسبة هل تحولت أبحر إلى شانزلزيه جدة؟ أن اسمها يتردد في الشعر.. والغناء والقصص.. إنه انقلاب خطير في مجرى الحياة ببلادنا.
شكراً لك على خطابك الرقيق.. لقد كان علامة وفاء، ودلالة حافلة بالشعور الذي يظن المتشائمون أن نفوس شبابنا خلت منه في ظروف الحياة الجديدة وشواغلها الكثيفة.
ستظل في نفسي دائماً بموضع التقدير، حبيباً وصديقاً حتى بحسن نيتك.
عدني بأن لا تخطئ مرة أخرى بنشر ما يدور بيننا.
إن القرّاء بحاجة إلى شيء غير ما يمكن أن تتضمنه الرسائل الخاصة على الأقل لكيلا يكون دليلاً على الجمود والنضوب.. فالحياة اليوم أحفل بالمعطيات.. كل القرّاء يعرفون ذلك..
تحيتي وتقديري وإلى اللقاء..
أخوك حمزة شحاتة
15 مارس 1970 -2 شارع همدان -بالجيزه -ج.ع.م.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :971  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 98 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثالث - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج