شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رحلة إلى القمر
أخي محمد عمر
ما رأيك في رحلة إلى القمر؟ رأيك فيها كمشروع يضاف بعد الانتهاء فيه لرأي مشترك، إلى آلاف المشاريع، مشاريعنا الجادّة، من قبل.
أعرف أنها رحلة باهظة التكاليف ولكن أليس من المحتمل أن نحصل عليها مجاناً كبروفة من البروفات الأولى التي تقدم لاختبارات الثبات لمقاييس الأمان من مخاطرها.
إذا كنت لم تفقد حتى الآن بساطتك في اختيار الرفقاء تحت وطأة كثير أو قليل من عوامل التحول التي تفرضها الحياة علينا راضين ومكرهين -فإنك لن تجد رفيقاً أكثر مني مرونة، واحتمالاً للمشقات في صورة الاستسلام والإذعان والرضوخ الأبدي لها.
لن أنتقل بك إلى مشاريعنا الأزلية التي غطت ربع مسافة الكرة الأرضية على أقرب تقدير إلى الصحة، وآخرها مشروع الأرض المشتركة أو الأرضين المتجاورتين في المدينة المنورة لنمارس فيها الحياة على طريقة برايل التي تتحسس بها المعرفة عن طريق الأصابع، تربية للدواجن وبعض الماشية وزراعة ما نقتات به إلى آخر القصة التي رسمها الخيال ومحتها الحقيقة، التي لا تخرج من حدود الواقع أبداً إلاّ عندما يتاح لها أن تنطلق من سجنها هاربة أو مدفوعة إلى الفراغ الذي يحيط بكل سجن من خارجه.
إنه كلام ليختلف عن أي هذيان من أي مجنون..
يشفع له عندك أنه الشيء الذي تنطلق الخوالد الراسبة المتوارية صادقة عارية غير متنكرة، أبسط ما يلقاك به أنك ما تزال من نفسي وذكريات ماضٍ في محلك القديم الذي لم يشغله حتى الآن غيرك.. وأين هذا الغير لو شئت أن تحرجني؟.. وأقول بمرارة.. أين؟ فالناس لا يقبلون عادةً على سكنى الخرائب لأنها كانت قصوراً، وإنما يهدمون القصور الباذخة لكي يلاحقوا ما جاء به الجديد في حركة تطور الحياة.
طالت المقدمة قليلاً عما فرضت على نفسي التزامه.. وأنها لبقية من عادة الاجترار التي كنا نمارسها معاً عندما كانت الحياة كلها فسحة من الوقت تعين على التأمل والتعمّق فيه استبطاناً واستظهاراً لما كنا نظنه حقائق الحياة وأسرارها.. غير آبهين لأن الناس من حولنا يأخذون الحياة. على أن ما يبدو منها هو هي. أو هو إياها على اختلاف النظريين الكوفيين والبصريين في هذا اللغز المحير..
نعم طالت كما اعتادت لحيتي أن تطول في هذه الأيام غير سائلة ولا مسؤولة عما يعني طولها في محيط يحلق أهله لحاهم بمتوسط مرتين في اليوم.
إن هاجساً في نفسك يسألك لماذا أكتب إليك؟ ولماذا أطيل؟..
وببساطتي القديمة أقول إنها ليست غاشية المودة، ولا رجفة الحنين هما اللتان دفعتاني إلى موقف أنشأته الرغبة المادية الخالصة في أن أسألك شيئاً صغيراً يعجزني أن أقوم به أو يقوم به غيرك ممن ضرب بيني وبينهم النسيان بما ضرب به الموت بين الأحياء والأموات..
هذا الشيء هو حاجتي القصوى إلى معرفة العنوان الكامل لعبد اللطيف جزار (البلد -والمحلة واسم الشارع ورقم محل السكن الذي تقطنه عائلته) وإن لم يكن هناك رقم للسكن فشهرته أو نسبته المالكة.
هذا هو الشيء كله وأضيف إليه علمي الخاص بأن محل السكن فيلا خاصة بالرياض وهو مقدار لا يجدي ولا يفيد.
حبذا لو أمكن أن يصلني الرد تلغرافياً وبدون ذكر اسم الجزار وبغير توقيع أو بتوقيع غير اسمك إن رأيت أن هذا ضروري.
إن كانت البرقية غير ممكنة فليكن الجواب بالطائرة مستعجلاً.
شكراً وإلى اللقاء.
أرجو أن لا يطول انتظاري وشكراً.
5 يناير 1969م
أخوك حمزة شحاتة
2 شارع همدان -الجيزة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :613  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 96 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالله بلخير

[شاعر الأصالة.. والملاحم العربية والإسلامية: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج