شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من أراد أن تطول لحيته..؟
أخي محمد عمر
عرفت أنك لم تكن مازحاً عندما فرغت من قراءة خطابك الأخير.. الذي كانت كلماته ترتعد وتتصبب عرقاً. أهذا هو انفعال أصحاب الفكر؟ إنك لم تنتفع بديل كارنيجي على ما يظهر.. لماذا لم يسعك أن تدع القلق وتبدأ الحياة؟ الأن مائة جنيه مصري كانت على كف عفريت؟ ألم يكن في وسعك أن تفرض للمشكلة أسوأ الفروض فتنام قرير العين عنها وعن كل المشتركين فيها؟..
وإذا كان لا بد من الكلام في الموضوع فإن القصة.. قصة المائة جنيه بدأت في الصيف الماضي.. كان هناك شيء يثير أعصابك إلى حد الهياج.. وهذا الشيء لا يزيد عن حرف من حروف الهجاء.. لعلّه صوت خافت من رجل يتجول بين الموائد.. وفي المماشي.. هادئاً لطيفاً.. لقد تذكرت.. إنه تكرار لا أكثر. لقد كنت تندفع إلى الشراء في كل دقيقتين تقريباً لتتخلص من إلحاح هذه الحركة المكهربة.. وقلت في نفسك وأنت تغلي.. أتراهم علماء نفس؟ كنت تعني هؤلاء الباعة.
ولقد كنت أتصور شعورك على حقيقته.. وفي الواقع أنه شيء مثير.. لكل مواطن الحساسية في باطن الإنسان.. وظاهره..
ورحت. وخطر لك أن تجرب هذه الطريقة على الورق.. كما طبقتها عليّ في تعاملنا اليومي.. وبدأت المشكلة في نفس الحرف مسبوقاً بأداة استفهام هي "هل.. س.. س.. س.. ـلمت المائة جنيه؟".. وعرفت من أول (رس.. س.. ـالة)، أنك تحاول أن تغيظني.. وفي الوقت ذاته.. عرفت أنك تنتهز فرصة تسديد المبلغ.. لتجعل من قصة حرصك على (تـ.. س.... س.. س.. ـديد المبلغ).. مظهراً بليغاً من مظاهر أمانتك.. وتقديرك لأمرها.. تقديراً يندر مثاله في هذا الزمن. مضيت تشكر في الاستلام، وتمعن في السؤال.. برغم أن الأمر انتهى بمجرد أن إبراهيم صرح بأن المبلغ عنده.. وبأنه حوّله إلى المهندس.. للصرف.. وبأنني استلمت.. وكتبت سنداً بالاستلام..
عد إلى رسالتي المطوية في مذكرات دوق وندسور.. تجد أن الأمر أوضح ولا يتقبل الشك.. لقد كنت في كل سطرين.. أقول لك.. فإني قد استلمت المبلغ.. ثم أعود فأقول.. ولا يفوتني أو أؤكد استلامي المبلغ.. وهكذا -على ما أذكر- حتى انتهت الرسالة وكانت مطولة.. لقد كانت هذه الطريقة نقداً لإلحاحك في (الا س.... تفهام.. عن الاسـ..تلام)..
وكنت لا أتوقع أن يأتيني جوابك.. (بنفس.. س.. السـ.. ـؤال). وهكذا كان.. وأعطيتني أنت طريقة أخرى.. للبحث في الموضوع.. طريقة التشكك.. والتشكيك.. (والوسْ.. س.. وسه).. فذهبت أغيظك ولم يكن يدور في خلدي أنك جاد.. فأسلوبك ليس (أس.. ـسلوب جد).. وأنت تعرف جيداً أن المزاح المكشوف.. لم يصبح الطريقة المثلى.. (ولا س.. ـسيما) عندما تزمن الصداقة بين رجلين.. فلا بد من سوقه.. مساحة الجد في التعبير.. أما المعنى.. فيظل مزاحاً.. أو مزاحاً أوضح..
كل شيء كنت مستعداً للتسليم باحتمال حدوثه.. إلاّ أن تكون جادّاً.. وحتى في رسالتك الأخيرة لم أتبيَّنه وأحكم بصحته.. إِلاّ بعد أن زارني الأخ محمود أبار.. وفتح باب البحث في الموضوع على مصراعيه.. مؤكداً باستعداده لدفع المبلغ.. وأريته خطابك.. وقرأه.. وضحكنا..
وبعد وجب الاعتذار إليك.. ووجب أن أردد لك كلمة صديقك "ديل" وأقول لك أترك القلق وأبدأ (التـ.. س.. س.. ـديد!)..
وبمناسبة "ديل".. أذكر أني قرأت كلمة تشبه كلمته من بعض الوجوه.. قالها الحجاج عندما كان يشرف على بيع بعض أسلاب فارسية ليودع ثمنها في بيت المال.. وتم عرض صندوق محكم.. ففتحوه.. فوجدوا فيه صندوقاً محكماً.. ففتحوه.. فوجدوا صندوقاً محكماً.. وهموا بفتحه.. فقال: لا.. وازداد -في المزاد- شعور الفضول لما في الصندوق، ورأى أن يباع مقفلاً.. وصعدت حرارة المزاد.. وبيع كذا.. وكذا.. وذهب الشاري يفتحه.. فيجد.. صندوقاً.. داخل صندوق.. فسأل الحجاج سائل.. ماذا يقدّر أن يكون فيه.. فقال.. حماقة من الحماقات.. فحين فتح آخر الصناديق.. وجدوا بداخله ورقة فيها هذه العبارة "من أراد أن تطول لحيته فليمشطها من أسفل"..
ألاّ ترى أن ديل قد حل المشكلة الإنسانية بنفس الأسلوب الذي حلت به مسألة "من أراد أن تطول لحيته؟".
بقي يا صديقي أن مشكلة المائة جنيه أخذت عليك كل السبيل.. أين أخبارك، وأخبار الوطن.. وأخبار عريف.. والبلاد السعودية.. والشركة ونكتة ترشيحي مراقباً عاماً للشركة التي أسفر غبارها عن انتخابي مراقباً في الدرجة الثانية؟ على أن ينسحب المنتخب الأول.. رافضاً..
وقد أخبرني المسؤول يوماً.. قبل سفره.. أن عزيز ضياء قد عاد إلى الداخلية وأنه سيدير قلم الإقامة.. أو مكتبها..
هناك خبر كنت أنتظره منك.. ولعلّك لم تفرض له الأهمية.. ولماذا لم تنتهز سفر الأبار لتبعث معه (جـ.. جـ.. راك؟) أم تدري من أمري أنني سأعود.. أم بدا لك رأي آخر؟ ثم ألم تجد أن ذلك بحق يحملك على طلب إجازة تقضي بها شهراً في القاهرة بحيث لا تدع في جيبك آخر مليم تملكه؟..
وتقبل تحياتي وإخلاصي،
أخوك حمزه شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :791  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.