| (44) ابنتي الحبيبة أم هاني |
| في ذهني كل عبارة من عبارات خطابك الأخير وهو ليس الأخير بالنسبة إلى ما قبله.. لقد كانت فجوة زمنية واسعة وعميقة ابتدأت منذ كنت مزمعة الانتقال إلى بيروت لتأدية الامتحانات.. |
| كنت منقبضاً لصمتك.. وشعرت بالقلق بعد وصول خطابك.. وبدأت أحس إحساساً غريباً بأنك تتعرضين لأزمة واتجهت إلى أنها ستكون عثرة في الدراسة ولأن الإنسان دائماً يميل وبأوتوماتيكية غريزية إلى أن يضع حداً لقلقه.. فقد درت في جمود حول نقطة عثرة الدراسة. |
| وتغير الأمر عندما امتد الصمت.. وعندما تمت العودة في صمت أيضاً.. وبقيت أنتظر.. حتى خطر لك أن تبددي الصمت بهذه الصرخة المكتومة. التفاصيل ليست ضرورية.. إنك تصرخين وحسب.. فلا بد أن تكون هناك مفاجآت مؤلمة.. إن النضج لا يعني غير الصبر.. ماذا نتعلم من الحياة إن لم نتعلم الصبر؟ |
| إن الفشل في عملية الصبر يعني التوقف.. العجز عن الحركة.. السقوط وليس هو غاية من غايات النفس ولا العقل.. حتى إذا كانت الحياة كلها عبارة عن مواصلة السير إلى غير غاية معينة لا بد من الصبر فيها وعليها.. |
| وحتى عندما يتجرد السير من كل معنى.. فهو خير من السقوط في صورة العجز عن الحركة، والحركة كما نعرف جميعاً هي التي تحدد الفارق بين الحياة والموت.. هذا كله أبجديات لا نحتاج إلى الإشارة إليها.. ولكن ينبغي أن لا يسقطها النسيان من حسابنا إلى الأبد. |
| إن الصراع الدرامي الذي يعيش فيه الإنسان مع نفسه ومع ظروفه هو الذي يلون صخرة الروشة بالألوان الرومانسية.. |
| ألا تسألين نفسك.. ألا يسألك عقلك: إذا كان الإنسان يسير بخطى حثيثة نحو الموت وهو يحيا.. فأي شيء يمكن أن ينقص من استعداده للحياة وتوقع واستقبال أروع مؤثراتها وأعنفها.. الإنسان لا يقف في مواجهة الموت.. وإنما يسير نحوه.. ويتعلم، يحلم ويستقبل الموت فيزحف إليه.. ولا يقف لينتظره.. |
| ما الذي ينقصه إذن من مزايا الصبر والشجاعة؟ |
| ما الذي اكتشفته إذن؟! إن الحياة تعني الموت.. والشبع أولاً هو الجوع ثانياً.. ما دام كل شيء يتغير ليتحقق بهذا التغير أنه حي.. علينا دائماً أن نتوقع التغيير لا الثبات.. الحب.. الوفاء.. الصداقة.. القيم.. الفكر.. الظن.. الشعور.. |
| ما الذي يمكن أن لا يتغير في الخلق كله؟ الخالق وحده ولا شريك له.. |
| إن الحياة لا تمتلىء بشيء غير الممكنات.. أسوأ الممكنات واحد منها، وأقلها سوءاً واحد منها، وأيضاً ولا شيء غير ذلك.. |
| إن عليك واجب الصبر والثبات والاحتمال لتكوني ابنتي التي أعتز بها الجديرة بأن تملأ مكاناً ممتازاً.. قبلاتي.. وتقديري لموقفك.. |
| حاولي أن لا تتحركي وتتخذي قرارات إلا بعد زوال غضبك تماماً.. أليس هذا ممكناً يا أم هاني؟! |
| إلى اللقاء العاجل ولو تلغرافياً.. وقبلاتي وتقديري مرة أخرى. |
| يا أم هاني |
| ممكنات (2) |
| 2 + 2 |
| 2 - 2 |
| 2 × 2 |
| 2 ÷ 2 |
| أجدّد التحية. |
|
|
|
|
شارع عبد المقصود خوجة
00966-12-6982222 - تحويلة 250
