شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(32) ابنتي الحبيبة أم هاني
تلقيت رسالتك 27/3 وقد كان ما بها غريباً جملته وتفاصيله.. إن الأطفال في نشأتهم الأولى معرضون وباستمرار لتغير في درجات الحرارة وبعض المتاعب الجثمانية..
في كثير جداً من الأحوال يكون ما نظنه رعاية واهتماماً بهم ورعاية لهم، سبباً في ذلك، مثل الإسراف في إطعامهم، واختيار أطعمة غير طبيعية.. ولسبب عدم تنظيم مواعيدها ومواعيد الإخراج وملاحظة قبولهم أو رفضهم لما نفرضه عليهم من أشكالها وألوانها، وعدم تعوديهم على النوم الطويل وفي موعده وفي تعريضهم للضجة المنزلية والحركات التي تصحب تدليلنا لهم، واتخاذهم لعبة للتنطيط.
لا بد أن يتاح للطفل جو هادىء، ونوم طويل، وطعام لين هين، قوامه الأساسي الخضراوات السهلة الناضجة، والفواكه، والزبادي المخلاة من الدهن، وعصير الفواكه.. وهذا يبعد القبض وعسر الهضم وإثقال المعدة.. إلخ. والهواء النقي في رأس القائمة.. والملابس الخفيفة المريحة الخالية من أي ضغط..
أما شكواك فتزول بمقاطعة المواد الحريفة والتوابل كلها، وتنظيم مواعيد الأكل، وتناول الخضراوات الطازجة مطبوخة أقرب إلى السلق وغير مطبوخة خير محقق لانقياد الطبيعة، وكذلك الفواكه الخفيفة كالتفاح.
إن تفاحتين في الصباح وعصير قوطه أو حزمة خس خير فطار. كلي نصف ما تأكلين، قاطعي الأطعمة المركبة المعقدة وقاطعي النشويات خبزاً وأرزاً وحلويات.. اتركي الشاي والقهوة.. وكل المنبهات كالتدخين.. قاطعي الدهنيات وخاصة الحيوانية.
هذا التغيير يقضي على آثار الشكوى وفي ذات الوقت يحقق لك رشاقة ويوفر نشاطاً وحيوية.
كلما قلّت مقادير الطعام كانت الصحة أوفر.
الجسم آلة لا بد من دوام تعهدها بالرعاية.. وهي وسيلة انتقالنا في رحلة الحياة وتغيرها ليس ممكناً، ولكن المحافظة عليها ممكنة.. وإلا فستكون الرحلة شاقة وصعبة وخطرة..
إذا لم تحملي نفسك الآن على تكوين عادات سليمة منظمة، فمتى؟؟ أنت لا تسيئين استعمال السيارة.. والأثاث، لكي تضمني لها عمراً أطول وحالة أفضل، فعاملي جسدك هذه المعاملة.
هذا هو المبدأ وليست بحاجة إلى أمثلة وتفاصيل أكثر..
إنها نصيحة.. وفي نفس الوقت تحذير..
لست جاهلة.. أنت تقرئين أضعاف ما يمكن أن أقوله.. الواجب أن لا تكتفي بالمعرفة، بل أن تتخذيها دستوراً للتطبيق وللسلوك.
لم يبق لك في ذمتي شيء من الرسالة غير ملاحظتك عن غازي وعدم توجيه طلباتي إليه. إنها موجهة إليه بطريق غير مباشر.. فأنا لا أجهل أنه منفذها وممولها.. وحامل مشقاتها، ولكن أليس من التفاهة أن أكتب إليه كلمة عاطفية وأضمنها أو أنقلها بهذا السخف؟
ألا يقول في نفسه: خير إن شاء الله، عندما تقع عينه على رسالة مني؟ ألا أجشمه مشقة الرد على كل رسالة تتضمن طلباً.
أليس أقل سوءاً أن تكوني أنت المختصة بتنظيم العلاقة الخاصة بالطلبات. وعلى فكرة يحسن أن يكون البوتاجاز من أحسن نوع سويدي.. لا تنسي أن تستعمليه وأن تتركي عليه آثار الاستعمال واضحة حتى لا توجد صعوبة جمركية في قبوله أو وجود ترخيص استيراد له، ولا بد أن أعرف ثمنه وثمن أية طلبات على نية تسديدها.. مجرد نية.. فالشغل شغل والنبي عربي وخليكي معايا.. أنا كده.. انت ح تربيني على طبعك يا بنت ولا إيه؟ أما كلام فارغ! عاوزاني أحرم طلبات؟ اعقلي يا بنت وبلاش جنان؟ اقتني قاموساً عربياً كالمنجد على أسوأ تقدير وراجعي فيه كل كلمة تشكين فيها.. إنه يعلمك أيضاً غير الكلمات أبواباً واسعة من المعرفة والثقافة حتى عن طريق الصور.
لو كنت في موضعك لاتخذت من هوايتي للخياطة نشاطاً منزلياً أتابع به آخر صرخات الأزياء وتطوراتها عن طريق الاطلاع على ما ينشر والتجول في الأسواق إنه نشاط يفتح متجراً ويمتص كل سخافة أو تفاهة تسللت أو تتسلل إلى المنزل.
بعض ملكات أوروبا وفي عصور الترف والقصور كان الملكات والأميرات يفخرن ويعتززن باحتراف هذه الهواية.
من آلاف الرغبات التي اجتذبتني أن أكون خياطاً وصانع أحذية وطباخاً على مستوى الاحتراف وصاحب فرن.. وحلوانياً مودرن، وصاحب محل ألبان ومطعم.
أشياء لا حصر لها من الرغبات الجادة حالت بيني وبين تنفيذها التفاهة التي كانت وما تزال طابعاً مميزاً وتاريخياً أو مرضاً موروثاً لما يسمى خطأ بعائلتنا -مرضاً شديد العدوى ينتقل إلى كل الذين تربطنا بهم وتربطهم بنا علاقة عابرة أو ثابتة..
كم يكون من دواعي اعتزازي أن تصلي أنت ما انقطع من تيار رغباتي وتحققي وأنت جامعية شيئاً رائعاً، كذا يكون فتحاً جديداً في مجتمعنا المسترخي الذي يحبذ الجبن والكسل والتفاهة وعندما تبدئين مشروعاً كهذا فسأكون شريكاً لك فيه، ما رأيك؟
إذا لم يكن ردي على رسائل غازي قد وصل إليه حتى الآن فأنا على استعداد لتقبل الوهم في أني لم أكتب إليه.. وهذا لكي أترك لك شعورك بالانتصار عليّ لحساب زوجك.. ألست أباً طيباً؟! لقد بدأت التربية تؤتي ثمارها إذن وكفانا الله شر اللخبطة والنسيان.
قبلاتي أيتها الحبيبة.
والدك
 
طباعة

تعليق

 القراءات :483  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 34 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج