شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(25) ابنتي الحبيبة شيرين
ما رأيك بعد رحلة الوضع في رحلة مثيرة وغير باهظة التكاليف؟ رحلة إلى أحد الكواكب؟!
ولكن أتظنين أن الإقامة هناك ستعجبك؟! لن تكون أول دفعة على كل حال وبهذا تتوافر لدينا معلومات كافية عن كل شيء قبل التنفيذ.
إن رحلة كهذه تزيدنا حباً لعالمنا الأرضي لاعتبارات ليس من السهل حصرها.. أهمها الحضارة على كثرة مساوئها لا تتطلب جهداً جديداً لتحويل جهود الإنسان وحياته إلى تراكم تاريخي لا يوجد له مثيل في الغالب على الكواكب الأخرى..
ربما كان هذا مجرد احتمال وغرور بشري ولكنه له ما يبرره في الغالب.. كم تكون صدمة للإنسان أن يجد خسارة وقدرة على تحويل ما يراه حتى الآن مستحيلاً إلى ممكن..
ما أكثر ما لا نعرف وما أروعه!
إن مجهولات عالمنا الأرضي ما تزال تحتل أكبر مساحة فيه.. إن كل شيء يفقد قيمته وتأثيره في سرعة مذهلة.. وهذا دليل أن العلم يكشف في حركة تقدمه جهلاً أكبر مما يكتشف..
ما أفدح الثمن.. وما أضأل المحصول!
إلى متى تظل الحياة حافلة بالألغاز؟
لماذا نذهب ولماذا نجيء من أين وإلى أين؟.. لا نعرف سر الحياة والموت في هذا التتابع المخيف.. إنها رياضة شاقة أن يجرنا الكلام إلى هذا النحو..
ما عليك! إنه كلام نعبر به عن احتقان فكري أو نفسي.
أراهن أنك الآن بحاجة إلى الإغماء هرباً من هذه الثرثرة.. لا تسألي نفسك لماذا أتحدث إليك بهذه الطريقة.. ألست بحاجة إلى شيء يخلصك من سخف التحدث إلى أناس يعرفون كيف يسيرون على أقدامهم ولا يجربون مرة السير على عقولهم ولو لمجرد الرياضة..
لا تحاولي شيئاً ما غير أن تقرئي فقط.. عندما يحين الوقت سأطالبك بالإجابة. بدأت مشاكل الإنسان عندما استطاع الكلام.. وتعقدت هذه المشاكل عندما عرف كيف يكتب.. كم كان الإنسان سعيداً قبل أن تكون له لغة.. وكم كان سعيداً قبل أن يتعلم الطبخ.. ويرتدي الملابس!! تتراكم الأعباء كلما اتسعت المعرفة!! المرارة أن لا يكون في وسع الإنسان أن يتراجع من رحلة المعرفة..
إنه إذا عاش الآن بلا كلام ينفجر.. وبلا ملابس يشقى وبلا طبخ يمرض -وبلا تطور مستمر يسأم الحياة وبلا أولاد يتعذب- وإن كان بهم ينفجر..
هكذا تغدو الحياة صراعاً معقداً تنمو وتتراكم أسبابه بيد الإنسان وإرادته وسعيه..
لا تراجع -ولا نكوص- وإنما سير إلى الأمام على أي نحو.. إذن فليكن ما يكون.. والأيسر والأهون دائماً هو الأفضل لأنه أقل مشقة.. البساطة هي تحويل الأشق والأثقل إلى أخف وأسهل..
لقى غاندي أحد أصدقائه الكبار في انتظاره على المحطة وسأله بدهشة.. كيف ركبت الدرجة الثالثة بالقطار؟.. وأجابه غاندي مبتسماً في خجل: لأني لم أجد مكاناً في الرابعة.. كانت كاملة العدد. وكم أنا آسف لأني لم أستطع التأخير.. ليكن هذا وبغير منطق ختام الرسالة أيتها الحبيبة وإلى اللقاء.
بابا
حمزة شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :460  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 27 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.