شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ثورة الظلام
لأنني لم أعبدِ النهارَ يا ابنتي
ولم أسرْ في ركبِهِ مُصفِّقا
أرقصُ هاتِفاً.. وغيرَ مؤمنٍ
بمجدهِ.. ولا مُسبحاً بحمدِه
كالآخرينْ..
لأنني ظللتُ عابِساً -مقطِّبَ
الجبينْ..
عندما تهلّل الذبابُ.. وارتمى
على موائدِ النهارْ..
لأنني وقفتُ صامتاً مرتفعَ الجبينْ
مسمّرَ العينينْ.. ناظراً إلى الفضاء
إلى فضاءٍ.. لا يرف في فراغِه جناحْ
لأنني وقفتُ جامداً.. كأنني تمثالْ
أو صخرةٌ تجترُ في سكونِها المريرْ
مأساةَ يومِها وأمسِها
ولا تلينْ..
لأنني لم أعبدِ النهارْ
لأنني كفرتُ بالنهارْ
ألْقَى بي النهارْ
في متاهةِ الظلامْ
حيثُ ترقدُ الجراحْ
خارجَ الزمانْ
وحيثُ يكتَفي الرجالُ والنساء
بالبقاءِ.. مجردِ البقاءْ..
على صراخِ ألفِ طفلْ
صارخٍ من الطوى..
لا يجد الطعامْ..
* * *
الليلُ يا ابنتي مخوف
ليل الذينَ يجهلونَ كُلّ ما
يعرفُ غيرُهم عنِ الطيوفْ
والليل يا ابنتي صبورْ
لكنه إذا اُستُفز صبرُه يثورْ
ويملأُ القبورَ بالضحايا
ويقذفُ الصخورَ في لَظى المنايا
الليلُ قائدٌ جسورْ
وحاكمٌ يقضِي ولا يجورْ
لكنه لا يغفرُ الخطايا
للكافرينَ بالقِيمْ
والوالغينَ من دمِ الثوارْ
والخانقينَ صرخةَ الشعارْ
وصانِعي القيودِ للأحرارْ
متى؟ تقولينَ متى يثورْ
سيؤذن الظلام بالنشورْ
لن يخلفَ الظلامُ يا ابنتي موعده
ولن يرَى النهار الليلْ..
لن يصدَّه
ستملأُ السواعدُ السمرْ
جوانبَ الطريقْ
ستشعلُ الأظافرُ الحمرْ
منابعَ الحريقْ..
ستختفي الأحزانُ يا ابنتي
وتشتَفي الصدورْ
وتسبَحُ الأكواخْ
في ضياءِ يومها الكبيرْ
سيشبع النساءُ والصغارْ
ويشرقُ الفجرُ الذي
يصنعُه الظلامْ
موفّرُ الطعام للجياعْ
صانعُ السلامْ
لأنني.. لم أعبدِ النهارْ
لأنني وقفت عابساً
أناضل التيارْ
لأنني آمنتُ بالشعارْ..
ليستْ له نهايةٌ يحسها الخيالْ
لقد سكتُ يائساً
من قدرتي على الكلامْ
قد جفتِ الألفاظُ في فمِي
ولم يعُد لها صدى
حتى الصدى الحزينْ
همسةً خافتةً
في خفقةِ الرياحْ
حبيبتي لو كان للدجى لسانْ
يروي لك الملهاةَ أو يعيدْ
ملهاتنَا في أمسِنا البعيدْ
مأساتنا في يومِنا الجديدْ
نعم! نعمْ!
لو كانَ للدجى لسانْ
أو كان للدجى بيانْ
لهَالكَ الذي يقصّه الدُّجى
فللدجى ضميرٌ.. كلُّه عيونْ
وكلُّه آذانْ..
هي السِّجلُ الحافلُ المثيرْ
وقد رآكَ ها هُنا..
فراشةً تخترقُ اللهيبْ
هاتفةً.. بالحبِ.. والحبيبْ..
لاهثةً تطوفُ.. ترتمي..
بجانبِ السريرِ.. تعبدُ السريرْ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :699  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 14 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأربعون

[( شعر ): 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج