شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ عبد الله فراج الشريف))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي جعل العلماء نجوماً يهتدى بهم، ومنح منهم من شاء الوعي الذي يدرك ببصيرته ما تحتاجه أمته في زمانها المتغير هذا، فيبذل كل الجهد ليجتهد فيه، ويوضح معالمه لإخوانه، لتنهض الأمة من كبوتها، وأصلي وأسلم على سيد العلماء وإمامهم، سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد، فاحتفاؤنا هذه الليلة بعلم من هؤلاء العلماء، الذين وصفت، ووصفهم ربنا عز وجل على سبيل الحصر أنهم من يخشونه، فلا تأتي اجتهاداتهم إلا في سياق مرضاته.. وفضيلة الأستاذ الدكتور فاروق بن محمود حمادة، قد عرفته قبل أعوام، والتقيته في عدة بلدان، واشتركنا معاً في مشروع للسنة النبوية، أملنا أن ينفع الله به هذه الأمة، إنما حالت دون إتمامه ظروف خارجة عن إرادتنا، وفي اللحظة التي التقيته فيها أدركت أن الله قد حباني بمعرفته، ففيض علمه يبهرك بقدرته العلمية والفائقة، وعمق نظره، وتنوع معارفه في السنة والقرآن وعلومه، والفقه وأصوله، وفي السيرة ومصادرها، وتعددت الدرجات العلمية التي حصل عليها، وجاء نتاجه العلمي تبعاً لذلك متنوعاً.. فمن كتبه، ما هو من المراجع الملهمة للباحثين؛ فكتابه المنهج الإسلامي في الشرح والتعديل، لم يشابهه كتاب ألف في هذا الفن، ولن يأتي بعده من يفوقه علماً ومنهجاً، ولا أزال أردد النظر فيه، كلما دار حول السنة النبوية كمصدر للتشريع جدل في هذا العصر الذي يتصدى فيه الكثيرون لما يجهلون.. وكتابه مصادر السنة النبوية، يحتاج إليه كل باحث أراد أن يغوص في السنة وأسرارها، ولا يزال المصدر الأول في هذا المجال. وحينما كتب عن التواصل بين المذاهب الإسلامية، جاء كتابه في موضوعه غير مسبوق، يبشر بتواصل بين الأمة المسلمة، وإن اختلفت مذاهبها، ورؤى جماعاتها، وفق أسس لا يتحول معها الاختلاف إلى فرقة وتناحر، ولا يؤدي التقارب إلى ذوبان بعضها في البعض الآخر، ومن ثم إلغاء التنوع المثري لحضارتنا، وشغله الدائم حاضر الأمة، فتراه يتحدث في كتاب يؤلفه عن بنائها بين الإسلام والفكر المعاصر، يرسم الطريق للأمة للإفادة من كل ذكر يؤدي إلى الرقي، ومن دون أن يكون بينهم وبين دينها، تنافر أو تضاد. وجاء في سياق مؤلف آخر عنوانه "الورثة الصالحة للحضارة المعاصرة عبر دراسة قرآنية في الحضارة"، وتنوع إنتاجه يعيد إلى الأذهان سيرة علمائنا الموسوعيين الذين لم يتركوا علماً من علوم عصرهم إلا وضربوا فيه بسهم لهم يعلن عن تفوقهم، وشيخنا الجليل فاروق حمادة له مشاركاته المتنوعة؛ فبحوثه المقدمة للمؤتمرات العلمية والندوات، شاهدة على ذلك، وهذا بحثه الذي تحول إلى كتاب بعنوان "دراسات بيئية: تحليل لبعض المشكلات من وجهة نظر إسلامية"، دليل باهر على ذلك.. وتحقيق كتب التراث لجهابذة علماء الأمة له فيه قدم راسخة، بدأه بمنهج البحث في الدراسات الإسلامية تأليفاً وتحقيقاً، ثم أتبعه بمجموعة مختارة من كتب التراث في السنة، والسير والفقه، وعلوم القرآن، ومكارم الأخلاق، منها أخلاق العلماء، التي يمثلها سلوكاً عملياً في حياته، وما يزال تحقيقه لكتاب "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان محط إعجاب لم ينقطع، والحديث عنه بين الدارسين لا يزال موصولاً حتى اليوم، وقد جمع نفّع الله بعلمه، التحصيل العلمي بين المنهجين الأكاديمي والحديث، وأخذ العلم عن أهله في حلقات الدرس، وتحصيل الإجازات في العلوم المختلفة من علماء المشرق والمغرب، واشتغل بالتدريس العمر كله، وأشرف على الكثير من الرسائل الجامعية، وما أشرف على باحث إلا وتوطدت علاقته به على مر السنين، وتلاميذه منتشرون في شتى أرجاء عالمنا الإسلامي. وماذا أقول لشيخنا الجليل، وقد أفدت من علمه، ولهج لساني في غيابه بفضله، وجمعني به الحب في الله، وأسرني بحسن خلقه، ودماثة طبعه، فكنت أحس الطمأنينة إذا جالسته، وينشط ذهني في متابعة ما يحدثني به من علم في أدب جم.. إنه من بقية أولئك العلماء الذين كنا نتمنى لو أنا كنا لقيناهم وأفدنا من علمهم وفضلهم، والذين ظهروا في عصور ازدهار أمتنا العلمي، ولا أظن أني أفيه حقه، مهما تحدثت عنه، فليعذرني رعاه الله، فما أردت سوى أن أعلن من هذا المنبر عما حملته له من تقدير، لما قام به ويقوم لخدمة أمته المسلمة، أمد الله في عمره ومنحه القوة لمواصلة هذا الجهد المبارك، وأثابه على كل ذلك بأجزل الثواب، إنه سميع مجيب.
راعي الأمسية: شكراً جزيلاً الأستاذ عبد الله فراج الشريف.. والآن إلى ضيف الاثنينية ليحدثنا عن تجربته العلمية، مع الشكر والتقدير، وبعد ذلك تكون المداخلات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :479  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 81 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .