شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وآله وصحابته أجمعين.
الأستاذات والأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون ليلتنا هذه نورانية، يتجلى فيها العلم بأسطع إشعاعه السماوي على أفئدة متعطشة لقطراته وابلاً وطلاً.. سعداء أن نستضيف فضيلة الأستاذ الدكتور فاروق محمود حمادة، المستشار الديني بديوان سمو ولي عهد أبو ظبي، والأكاديمي، والداعية، والمربي الفاضل، وصاحب المصنفات والمؤلفات التي طبقت شهرتها الآفاق.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً به بين مريديه وعارفي فضله.
عاش ضيفنا الكريم حياته متعلماً، وعالماً، ومعلماً.. ضبط إيقاع خطواته في هذا الإطار، فظلت سيرته تتقلب في بهائها ونقائها، مقرونة بالعلم والعمل به.. ملتمساً المدد من المولى عز وجل الذي وفقه لإنجاز كثير من المؤلفات التي تربو عن أربعين كتاباً في شتى ميادين العلم.. ولعل كتابه القيم "مصادر السيرة النبوية وتقويمها" يعد من المراجع التي اعتمد عليها كثير من الدارسين في هذا الباب.. وهو من الكتب القليلة التي جمعت فأوعت عن السيرة النبوية العطرة، ومما جعله متفرداً في مقدمة الركب أنه دافع عن السيرة النبوية مبيناً مصادرها التي لا يصلها الباطل من بين يديها أو من خلفها وأهمها:
أولاً: القرآن الكريم.
ثانياً: كتب الحديث (الصحاح -السنن -المسانيد).
ثالثاً: كتب الشمائل ودلائل النبوّة.
رابعاً: كتب المغازي والسير.
خامساً: كتب الأدب.
وكم هو جميل أن يسود هذا المنهج ويظهر بقوة في وقت تكاثرت فيه السهام المغرضة على سيد الخلق وأشرف المرسلين، ضمن محاولات مستمرة لتشويه السيرة والانتقاص من مكانتها السامية في نفوس المسلمين، حتى يتسنى لهم تمهيد الطريق للنيل من الإسلام بأي وسيلة ممكنة.. الأمر الذي تصدى له ضيفنا الكريم بأسلوب علمي رصين، واضعاً المنهج المبين لمن أراد التعريف بسيرة الرسول الطاهر الأمين، ليس في جزئية منها فحسب، بل في مجملها منذ ما قبل ميلاده إلى أن اختاره المولى عز وجل إلى جواره.. وما حوته تلك السيرة الفريدة من شفافية ألقت الضوء على كل شاردة وواردة في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم فظلت المشكاة التي تنير دروب السالكين في محبته واتباع نهجه.
ولو أن فارس أمسيتنا اكتفى بما قدم في هذا المضمار، لكان وشاحاً يزين صدره مدى الحياة، ويداً بيضاء يمدها بكل أريحية للأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.. إلا أنه ساهم بجهود مقدرة في مختلف شؤون الحياة العصرية، مبدياً آراءه التي قد نتفق أو نختلف معه بشأنها، فتلك سماحة الإسلام الذي لا يقسر أحداً على أمر سوى الأصول، أما الفروع فهي مكان أخذ ورد، إلا ما قاله صاحب قبر الروضة الشريفة.
ومن أهم ما تناوله ضيفنا الكريم في تصوري ما كتبه عن الإنسان وعلاقته بالبيئة، ذلك أن المسلم مكلف شرعاً بالحفاظ على البيئة بكل مقوماتها: نظافة، وسهولة مسلك، وطيب رائحة، ونقاء من السموم والملوثات المختلفة.. وندرك أهمية ذلك عندما نرى اليوم أن معظم مشاكل الكرة الأرضية نابعة من سوء استخدام البشر للبيئة، وما المؤتمرات الدولية، والاتفاقات التي تبرم وتنقض بين أمم الأرض إلا نتاج هذا التعامل غير المسؤول مع البيئة التي خلقها الحق سبحانه وتعالى صالحة للبشر والحيوان والنبات على حد سواء منذ بدء الخليقة.. وجاء الإسلام يحض على الحفاظ عليها بكثير من الحرص والوعد بالثواب وخيرَي الدنيا والآخرة.. وللأسف فإن معظم المسلمين في هذا العصر يجعلون البيئة آخر اهتماماتهم، ولو أنهم تعمقوا قليلاً في هذا الدين العظيم لكانوا أهم دعاة حماية البيئة والحفاظ عليها براً وبحراً وجواً.. ولأصبحوا سادة العالم وقدوتهم في هذا المضمار.
ومن المسائل المهمة التي أولاها ضيفنا الكريم عنايته، إسهامه في بحث قيم المجتمع من خلال دراسة أموال الزكاة وأثرها في النفس والفكر والمجتمع.. (مؤكداً أثر الزكاة في البعدين الاجتماعي والإنساني من نواح عديدة في الفرد والمجتمع، مشيراً إلى أن الزكاة ليست فريضة غائبة كما يظن البعض وإنما حاضرة، لكنها غُيبت لأن الناس توجهوا إلى المال بشرهٍ، وظنوا أنه إذا ما منعوا الزكاة اغتنوا وزادت أموالهم، لكن بعد كل هذه السنوات ثبت أن العكس هو الصواب). فالحياة العصرية بكل ما يكتنفها من اختناقات اقتصادية ذات أبعاد عالمية وانعكاسات محلية، أدت إلى تعميق خط الفقر، ولو كانت ثقافة أداء الزكاة راسخة في المجتمعات الإسلامية لاختلف الوضع بصورة جذرية، والشاهد على ذلك أن بنوك الفقراء التي انتشرت في بعض مناطق آسيا وأفريقيا وقادها الدكتور المصرفي محمد يونس بالتركيز على القروض المتناهية الصغر، قد حققت نجاحاً منقطع النظير، وهي في معناها ومبناها لا تختلف عن فلسفة الزكاة، بل تتفوق عليها الزكاة لأنها حق شرعي لمستحقيها وليست قرضاً واجب الأداء وفق ضوابط مصرفية معروفة.
هذا غيض من فيض علم وإسهامات ضيفنا الكريم، والاثنينية إذ تكرمه إنما تحيي جهوده المبرورة التي تذكر فتشكر في ميادين العطاء والعلم الشرعي.. سعداء أن يرعى هذه الأمسية فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، عضو هيئة كبار العلماء، والأكاديمي المعروف.
آملاً أن نلتقي الأسبوع القادم لنحتفي بالأستاذة ليلى العثمان، الأديبة والقاصة الكويتية المعروفة، التي صدر لها أكثر من عشر مجموعات قصصية وروائية، بالإضافة إلى إسهاماتها في البرامج التلفازية ومشاركاتها الصحفية.
فإلى لقاء يتجدد وأنتم على خير ما أحب لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله...
 
طباعة

تعليق

 القراءات :602  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 79 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

التوازن معيار جمالي

[تنظير وتطبيق على الآداب الإجتماعية في البيان النبوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج