شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة معالي الأستاذ أسامة جعفر فقيه ))
- الكلمة الآن لمعالي الاستاذ أسامة جعفر فقيه وزير التجارة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ألف بين قلوب عباده المؤمنين وجعل بينهم مودةً ورحمةً، والصلاة والسلام على سيد المرسلين النبي القدوة والأسوة الحسنة.
صاحب المعالي الأستاذ محمد أبا الخيل.
أصحاب المعالي والسعادة.
سعادة الأخ عبد المقصود خوجه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
كم يسعدني في هذه الأمسية الفياضة بقيم الوفاء، أن نلتقي في كنف المحبة التي تعبق بها هذه الأجواء، لتكريم رجل من رجالات الدولة الذين تميزوا في خدمة هذا الوطن العزيز، المشهود لهم بكفاءة الأداء وبعد النظر ونكران الذات. نلتقي الليلة للاحتفاء بفارس من فرسان التنمية لا على الصعيد الوطني، بل وفي المحافل العربية والإسلامية والدولية.
إنها والله لسنة حسنة تدل على علو الهمة ونبل القصد في الارتقاء بمفهوم الحس الوطني الأصيل، فهنيئاً لك يا أخي - عبد المقصود - سبق الإهتمام بهذا الجانب المضيء من قيم تراثنا وأسرار لُحمتنا. وإنها لمنة من الله تعالى عليك أن تتيح فرصاً طيبةً كهذه للتعريف بسير المبرزين في عصرك ورصد ما حققوه لأوطانهم، واستنهاض همم الأجيال لترسم خطاهم والسير على نهجهم، ولمثل هذا فليعمل العاملون.
إخواني الكرام:
إن من مقتضيات قيم الإعتراف بالفضل لأهله أن يسجل المرء بعضاً مما عرف عن أولئك الرجال، ممن أتيحت له فرصة صحبتهم، والعمل معهم والإفادة من توجيههم والاقتباس من خبراتهم. وعندما يكون المكرم إبناً باراً من أبناء هذا الوطن المعطاء، كمعالي الأستاذ محمد أبا الخيل؛ فلا بد لمثلي أن يتردد كثيراً في التصدي لمهمة الحديث عن مناقبه. فهو أشهر من أن يعرف. إنه عَلَمْ من أبناء المملكة العربية السعودية بكل ما يعتز به مواطنوها من شرف الإنتماء وصدق الولاء.
كانت بداية معرفتي بمعاليه قبل نحو عشرين عاماً وبالتحديد في منتصف عام 1394هـ، وكانت المناسبة الاحتفال بتأسيس البنك الإسلامي للتنمية، وكان حينها وزير دولة للشئون المالية والاقتصادية وكنت محاضراً بجامعة الرياض ومتعاوناً مع الصندوق السعودي للتنمية.
فلمست بعضاً من حميد خصاله، والتي قلَّ أن تجتمع لشخص..، أدب جم، ذكاء وقاد، وفاء أصيل، دأب وجدية وغيرة وطنية جامحة.
انتهت فترة إعارتي بنهاية العطلة الصيفية وعدت لجامعتي إستعداداً لمواصلة رحلتي الدراسية، فإذا به يهاتفني ويطلب مني السفر إلى الكويت لإنجاز مهمة..
وكان الحرج شديداً أمام عميد الكلية، الذي سمح لي بذلك على مضض، إذ كنت مكلفاً بإحدى لجان الامتحانات، وبعد العودة؛ إذا برسالة خطية من سمو وزير المالية والاقتصاد الوطني آنذاك إلى معالي وزير المعارف - الرئيس الأعلى للجامعات تغمدهما الله بواسع رحمته تقول: (نأمل اعتماد نقل خدمات أسامة فقيه للعمل بالصندوق السعودي للتنمية) كانت تلك مفاجأة حقيقةً أوقفت خطة رحلتي الدراسية وغيرت اتجاه مسيرتي، لأنني لم اطلب النقل ولم أستشر فيه.
وأمام هذا الواقع لم أجد بداً من الاستجابة لنداء الواجب، وبدأت رحلة العمل مع معالي الأستاذ محمد أبا الخيل عام 1395هـ في حقل التعاون الاقتصادي والإنمائي، وهو العام نفسه الذي تولى فيه منصب وزير المالية والاقتصاد الوطني.
وإن المتتبع لسيرة معاليه، وتاريخه في ميدان العمل الوطني، ليجده حافلاً بالعطاء المتميز والإنجازات المرموقة، فقد بدأ حياته العملية عام 1376هـ، مديراً مساعداً لمكتب سمو وزير المواصلات، ثم مديراً عاماً ومؤسساً لمعهد الإدارة العامة عام 1381هـ؛ فأتاح له موقعه هذا فرصة التعرف عن كثب وفي مرحلة مبكرة إلى المعوقات الإدارية للتنمية، والإسهام في تحديد احتياجاتها من الكفاءات البشرية المؤهلة، والمشاركة في وضع برامج تطويرها إيماناً منه بأن الإنسان هو محور التنمية ووسيلتها وغايتها.
وفي عام 1384هـ عين وكيلاً لوزارة المالية والاقتصاد الوطني، مع البدايات الأولى لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة إذ لم تتجاوز ميزانية الدولة حينها ثلاثة آلاف مليون ريال.
وواصل معاليه التقدم في مدارج الرقي نائباً لوزير المالية عام 1390هـ، ثم وزير دولة للشئون المالية والاقتصادية عام 1391هـ، ثم وزيراً للمالية والاقتصاد الوطني عام 1395هـ، ولقد أتاحت هذه المناصب الرفيعة بعداً آخر لخبراته العملية، إذ مكنته من المساهمة في تحديد احتياجات التنمية وتشخيص معوقاتها ومن ثم الإسهام الفاعل في معالجتها.
ومع تولي معالي الأستاذ محمد أبا الخيل لمنصب وزير المالية والاقتصاد الوطني عام 1395هـ كانت المملكة قد دخلت لتوها مرحلةً اقتصاديةً جديدةً، فبعد تصحيح أسعار البترول خلال السبعينات تراكمت لدى الدولة فوائض مالية ضخمة. وكانت إدارة الاقتصاد الوطني تواجه تحديات من نوع لم تألفه أية دولة من قبل. فاحتياجات البلاد من مرافق البنية الاساسية تتجاوز كثيراً قُدرَةَ الاقتصاد الوطني، على استيعاب إنفاق يوازي ذلك الحجم الضخم من الفوائض المالية المتراكمة.
وكانت توجيهات القيادة الرشيدة لهذا البلد الأمين لصالح الإسراع في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، والحرص على بلوغ مستويات عالية في مدارج النمو والتطور. فكانت إسهامات معاليه في تلك الجهود بارزة ومقدرة.
لقد أدار معاليه دفة وزارة المال والاقتصاد بحكمة واقتدار في سنوات الوفرة، وواصل قيادتها بعزم وثقة وحسن تدبر، في مرحلة الندرة. مستمداً في ذلك كله العون من الله جلت قدرته، ثم من دعم القيادة الرشيدة وثقتها وكريم رعايتها.
 
فقد وهبه الله تعالى من الخصال الحميدة وصفات القيادة والقدرة على التخطيط ودقة التنفيذ ما يغبطه عليها الكثيرون، كان له نهجه المتميز في التفكير العلمي الأصيل وأسلوبه الخاص في معالجة الأمور بحنكة ودراية. فكان معاليه بحق مدرسةً تخرج فيها العديد من الرجال. لم يكن رئيساً لموظفين بل أباً ناصحاً، وأخاً صادقاً، وزميلاً وفياً، كان قدوةً في العمل الدؤوب والشعور بالمسؤولية.
صاحبته في العديد من رحلات العمل والمؤتمرات، فوجدته خير سفير لبلده يوظف علمه ورصيد خبراته وسعة إطلاعه في خدمة وطنه والدفاع عن مصالح أمته. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
لم يكن عطاؤه مقصوراً على الوطن فحسب بل امتد إلى آفاق العمل والتعاون العربي والإسلامي.
فكان أحد الرواد الذين أدركوا بثاقب نظرهم ونفاذ بصيرتهم أن لا سبيل لتحقيق طموحات أمتنا الخالدة وتطلعاتها، إلا من خلال التعاون الصادق والعمل المخلص، الدؤوب، لحشد الطاقات وتسخير الإمكانيات التي أفاء بها الله تعالى على شعوب هذه الأمة لبلوغ الأهداف السامية وتحقيق الغايات المنشودة.
فقدم معاليه المبادرة تلو المبادرة، باسم المملكة العربية السعودية، مترجماً بذلك صدق توجه القيادة الرشيدة لهذا البلد الأمين، وعمق إيمانها بضرورة لم الشمل ومد جسور التعاون البناء بين دول الأمتين العربية والإسلامية وشعوبها. فكان من ثمار ذلك منظومةً متكاملةً من مؤسسات العمل الاقتصادي العربي والإسلامي المشترك، لا تتوفر لأي مجموعة إقليمية أخرى في عالم اليوم.
ولم تتوقف مبادراته وإسهاماته عند هذا الحد بل عبرت المنطقة إلى النظام الاقتصادي العالمي، بكل حقوله ومؤسساته. ولهذا لم يكن إختياره من قبل مجلة "إنستتيوشنال انفستر" عام 1978 ثم في عام 1984 ليكون من بين أفضل خمسة وزراء مالية في العالم محض صدفة أو نابعاً من فراغ.
كان شعلةً من النشاط والعمل الدؤوب ينسى نفسه وصحته في سبيل أداء الواجب وتحمل المسؤولية، سوف يذكر له كل من عمل معه أو زامله صفات قل أن تجتمع في إنسان، ولسوف يسجل له المنصفون ذلك في سجل الشرف والعطاء المخلص المتميز.
فهنيئاً لك أبا علي ما أنعم به عليك العزيز الوهاب. وهنيئاً لك ما حظيت به من ثقة ولاة الأمر وتقدير محبيك، وهنيئاً لك ما حققته لوطنك وأمتك من منجزات يرنو لها أولو العزم من الرجال.
ودعاؤنا لك من الأعماق بأن يديم الله عليك نعمة التوفيق وأن يمتعك بموفور الصحة والسعادة، لتواصل مسيرة العطاء وتجسد قيم الوفاء. متمثلاً قول الباري عز وجل: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :825  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 132 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.