ما إن قبل الملك علي البيعة في جدة يوم 5 ربيع الأول حتى أرسل يبلغ السلطان ابن السعود ما وقع ويطلب وقف القتال ثم عاد إلى مكة في 7 منه فأقام بجوار والده حتى يوم 10 منه وفي يوم 10 غادر والده مكة قاصداً جدة فظل فيها أربعة أيام وفي يوم 14 منه غادرها بالباخرة الروضتين إلى العقبة(1) تصحبه عائلته وخدمه وأميرالاي عثمان بك التركي مدير الأمن العام بعدما طلب إلى نجله ترفيعه إلى رتبة أمير لواء ففعل(2).
((خريطة تبين موقع ميناء العقبة))
لا يستنجد بالإنجليز: وأعلن الحسين قبل سفره من جدة أنه لم يستنجد بالإنجليز ولم يطلب مساعدتهم في القتال الدائر بينه وبين ابن السعود، وقال إن كل ما في الأمر هو أنه كلف وكيله في لندن أن يلفت نظر ولاة الأمور البريطانيين إلى أعمال ابن السعود ليقابلوها بما كانوا يقترحونه عليه من عدم إزعاجه أو مبادأته بالعدوان(3).
المعروف أن العقبة كانت من أملاك الحجاز وقد رأى البريطانيون أن يستفيدوا من استراتيجيتها بعد الحرب العالمية الأولى فوضعوا فيها بعض قواتهم فاحتج الحسين على ذلك ولما تأسست إمارة شرقي الأردن تحت إدارة ابنه الأمير عبد الله رأوا أن يستغلوا الموقف فأوعزوا إلى ابنه أن يطلب إلى والده أن يتنازل عنها لشرقي الأردن فأبى الحسين ذلك بحجة أن شرقي الأردن لم تستقل به عن الإدارة البريطانية ولكن الأمر تمادى وظلت باقية تحت إشراف الأردن باسم المفاوضات حتى هوجم الحجاز وخرج منه الحسين ليستقر في العقبة ولينصرف بعدها إلى حشد المتطوعين وإرسالهم إلى جدة لمساعدة ابنه فيها مما جعل البريطانيين يشعرون بالحرج فطلبوا إليه أن ينتقل إلى قبرص بعيداً عن مواطن الإحراج فأبى وأصر على إبائه ولكنه ما لبث أن رجع وقبل الانتقال بعد أن أقام في العقبة خمسة أشهر. وقد عاش في قبرص نحو ست سنوات مرض بعدها مرضاً شديداً ثم زاد فأثقل عليه المرض فنقله ابنه الأمير عبد الله إلى عمان حيث توفي فيها ثم نقل جثمانه إلى بيت المقدس حيث دفن رحمه الله في مسجده وقبره معروف هناك.