شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأوقاف السلطانية
وتولى الحكم في غيابه أثناء حرب اليمن حسيب باشا الوالي التركي فعني بأمور الشرع كثيراً واستعان في أحكامه بمجلس يضم رجال الإفتاء من المذاهب الأربعة إلاّ أنه ما لبث أن اختلف معهم فقد أراد الوالي انتزاع الأوقاف السلطانية من أيدي الناس الذين استولوا عليها بالفراغات الشرعية فلم يمكنه العلماء من ذلك (1) وأصرّ مفتي مكة السيد عبد الله الميرغني على مخالفته فعزله وولى منصبه السيد محمد الكتبي فلم يوافقه فيما أراد وتطور الخلاف بينه وبين العلماء ثم انتهى إلى بحث دار بالصفا كان قد بناها عبد الله بن عقيل شقيق السيد إسحاق بن عقيل في فراغ من الأوقاف السلطانية، فلما شعر عبد الله بخطورة المسألة استكتب العلماء والأعيان مضبطة ضد الوالي وفرّ من ليلته إلى تركيا حيث اتصل بالخليفة وقدم شكواه فأمر الخليفة بعقد مجلس من العلماء فأفتوا بعدم جواز انتزاعه فصدر أمر الخليفة بمنع الوالي من انتزاع الأوقاف كما صدر أمر شيخ الإسلام بإعادة المفتي المعزول في مكة، وقد حمل عبد الله بن عقيل الأوامر إلى مكة فامتثل الوالي لها ثم ما لبث أن عزل من وظيفته في أواخر عام 1266 وتولى مكانه عبد العزيز باشا الملقب ((آقة باشا)) (2) .
وفي منتصف عام 1267 تلقى ((آقة باشا)) أمراً من دار السلطنة بترحيل محمد بن عون وأبنائه إلى تركيا فبلغهم ذلك فامتثلوا للأوامر وغادروا مكة متوجهين إلى تركيا، وبذلك انتهت إمارة محمد بن عون للمرة الأولى بعد أن أقام 24 سنة.
وأقام ((آقة باشا)) الشريف منصور بن يحيى من ذوي زيد وكيلاً للإمارة إلى أن يصدر أمر الخليفة في ذلك ثم رأى أن يرشحه لدى السلطنة فكتب بذلك إلى الخليفة وأرفقه بمضبطة موقعة من الأشراف والعلماء، إلاّ أن دار السلطنة لم توافق على ترشيح منصور بن يحيى واختارت لإمارة مكة عبد المطلب بن غالب (3) .
والغريب أن مؤرخي مكة لم يتعرضوا لذكر السبب الذي من أجله عزل محمد بن عون من إمارة مكة بعد خدماته الطويلة للعثمانيين وبعد الذي تجلى من رضائهم عنه في منح أبنائه أوسام الشرف وألقاب الوزارة، والذي أظنه أن عبد المطلب الذي أبت عثمانيا توليته قبل محمد بن عون إرضاء لمحمد علي باشا صاحب مصر استطاع بعد أن عادت الحجاز إلى عثمانيا أن يسدد مساعيه في دار السلطنة حتى ظفر بعزل محمد بن عون وتوجيه الإمارة إليه.
وفي أثناء إقامة أولاد محمد بن عون بالآستانة ولد للشريف علي بن محمد بن عون ولد في عام 1270 أسموه ((الحسين)) وهو ملك الحجاز فيما بعد وصاحب النهضة العربية كما سيأتينا (4) .
عبد المطلب بن غالب للمرة الثانية: وانتهى عبد المطلب إلى مكة في ذي القعدة من عام 1267 فباشر أعمال إمارته للمرة الثانية على أثر نزوله في داره بالقرارة (5) . وعندما أهلّ عام 1268 توجه لتأديب بعض العصاة في ديار حرب فأطاعوه وتركوه يبني في ديارهم بعض التحصينات وهي قلعة بدر وقلعة الحمراء وقلعة الخيف وقلعة بئر عباس، وقد أقام بعض العساكر فيها لحماية تلك الجهات (6) .
وما لبث أن اختلف مع عبد المطلب ((آقة باشا)) الوالي العثماني فاستطاع أن يثبت أخطاء آقة باشا ويرسل بها إلى السلطنة ويستصدر أمرها بعزله وتولية أحمد عزت باشا أمير الحج الشامي وكان من أصدقاء عبد المطلب وذلك في أواخر عام 1269 وأحمد عزت هو أول من بنى داراً في الزاهر بجوار شهداء فخ وجعله منتزهاً له، ثم ما لبث عبد المطلب أن اختلف مع أحمد عزت فاستصدر أمراً من الآستانة بعزله وقد تولى مكانه كامل باشا في رجب سنة 1270 (7) .
ويذكر الدحلان (8) أن من أهم أسباب الخلاف بين عبد المطلب وولاة الأتراك أن الولاة كانوا يتصلون بشيخ السادة إسحاق العلوي ويستشيرونه في أمورهم بمقتضى توصيات خاصة تصلهم من كبار رجال السلطنة في تركيا وأن شيخ السادة المذكور كان صديقاً حميماً للشريف محمد بن عون فكان يسعى في دار السلطنة بالتوصية على شيخ السادة وضرورة استشارته فلما شعر عبد المطلب بذلك اشتد عداؤه لشيخ السادة وقد عزله من منصبه ثم ما لبث أن أمر بالقبض عليه في بستانه بالهجلة وإرساله إلى الطائف فلما علم الوالي التركي كامل باشا ندب بعض الخيالة لإدراكه في طريق الطائف فلم يستطيعوا إلى أن يقول وقد عزر شيخ السادة على أثر وصوله ثم سجن في القلعة بالمثناة يومين ثم توفي فجأة فاتهم عبد المطلب بوفاته فزعزع ذلك من مكانته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :802  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 190 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.