شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
استئناف القتال في نجد
واستأنف محمد علي باشا زحفه على النجديين على أثر فراغه من الحج عام 1228 فحدثت مناوشات عظيمة بين الجيشين كان النصر فيها سجالاً.
وأهلّ عام 1229 والقتال لا يزال مستمراً بين الجيشين في الجنوب نحو القنفذة والشرق نحو الطائف وما حولها.
وفاة الإمام: وتوفي الإمام سعود في هذه الأثناء في جمادى الأولى عام 1229 فتولى الأمر بعده ابنه عبد الله بن سعود وكانت المناوشات لا تزال مستمرة بين الطرفين (1) .
وظل محمد علي باشا على رأس جنده في هذه الحرب طوال عام 1229 وظلت الإمدادات تتواتر عليه من مصر طول مدة الحرب وقد عانت مكة أثناء ذلك كثيراً من الشدائد والضيق وقلة الأرزاق ثم فتح للتجار باب الاستيراد من مصر على مصراعيه فاستورد التجار أصناف الغلال وعاد الرخاء إلى ما كان.
وأهلَّ عام 1230 والقتال على أشده في عدة مواقع من بلاد العرب بقيادة محمد علي باشا. وفي شهر جمادى الثانية عاد محمد علي من ميادينه إلى مكة فنظر في بعض ترتيباتها وأعاد المرتبات من الغلال التي كانت تصرف لفقراء مكة بعد أن أجرى تعديلات كثيرة في دفاترها ثم بلغه خبر بعض القلاقل في مصر فرأى ضرورة سفره إليها فترك ابنه طوسون على قيادة الجيوش المحاربة وعاد إلى مصر.
واستمر طوسون يحارب إلى شهر شعبان ثم تنادى الفريقان للصلح واجتمع مندوبوهما لوضع شروطه وبذلك عاد طوسون باشا إلى مصر في ذي القعدة من العام 1231 (2) .
ويقول ابن بشر صاحب عنوان المجد أن فكرة الصلح كانت صادرة من محمد علي باشا إلى طوسون وأن السعوديين لم يعارضوا في قبولها (3) .
القتال مرة أخرى: وفي عام 1232 بدأ الخلاف يستأنف سيرته بين محمد علي باشا والسعوديين. ويذكر صاحب عنوان المجد في أسباب ذلك أن رجالاً من أهل القصيم والبوادي ركبوا إلى مصر وزخرفوا القول لصاحبها فتلقى قولهم بالقبول (4) وشرع يجهز عساكره إلى نجد بقيادة ابنه إبراهيم باشا وكان طوسون قد توفي على أثر عودته من مكة.
وسار إبراهيم باشا في جيوشه إلى المدينة فنزلها ثم تقدم إلى الحناكية (5) فاجتمع إليه الكثير من قبائل حرب ومطير وعتيبة وغيرهم.
التسليم وقتل الإمام: وهكذا استأنف سيره ثم ما لبث أن استنفر عبد الله بن سعود قبائله في الدرعية وسار بها في جمادى الأولى عام 1232 نحو الحناكية ولما اتصل القتال بين الجيشين كاد عبد الله بن سعود أن يظفر إلاّ أن الترك ثبتوا واستطاعوا أن ينتزعوا النصر لأنفسهم فهزم السعوديون واختلطت جموعهم فتعقبهم الترك من بلد إلى آخر حتى احتلوا عنيزة ثم الوشم ثم شقراء حتى انتهوا إلى ضرمى حيث اشتد فيها الحصار وعمّ الكرب وقد دخلها الغزاة عنوة.

إبراهيم باشا

يقول ابن بشر: ((ومع هذا قتلوا أهلها في الأسواق، وكانوا يأتون إلى أهل البيت والعصابة المجتمعة فيعلنونهم الأمان ثم يجردونهم من سلاحهم ويقتلونهم وينهبون جميع ما عندهم ثم سار الغزاة إلى الدرعية فوصلوها في أوائل جمادى الأولى سنة 1233 وبدأوا يحاصرونها)).
يقول ابن بشر (6) ((إن أناساً من أهالي نجد ورؤساء البوادي ممن نبتت لحومهم وأقاربهم من عطايا آل سعود ساعدوا الترك في غزوهم على أمل أن ينالوا منهم مثل ما كانوا ينالون من آل سعود)).
ويصف ابن بشر بعض المواقع في الدرعية فيقول: ((إن بعض من حضر قال له لو حلفت بالطلاق أني لم أطأ من الموضع الفلاني إلى الموضع الفلاني -في الدرعية- إلاّ على رجل مقتول لم أحنث)) (7) . ولما اشتد الأمر على الدرعية خرج بعض الأعيان وعلى رأسهم عبد الله بن عبد العزيز بن محمد بن سعود وكبير آل الشيخ علي بن محمد بن عبد الوهاب يطلبون الصلح فأبوا أن يصالحوهم إلاّ على أهل السيف أو يحضر الإمام عبد الله بن سعود وكان الإمام قد انحاز للقصر ونصب المدافع استعداداً للقتال ووزع كثيراً من الأموال لكن أنصاره ما لبثوا أن تفرقوا عنه هاربين بما أخذوا منه فتقدم بطلب الأمان فأمروه بالخروج فخرج إليهم وبذلك سلمت الدرعية ونقل الإمام إلى حيث رحلوه إلى تركيا وقد قتل فيها (8) وبتسليم الدرعية كثرت وشايات الأهالي في علمائهم وقضاتهم وأعيانهم عند قائد الجيش فاستمر القتل فيهم فقضى على بعضهم وهم وقوف أمام المدافع والبنادق وعزَّر القاضي أحمد بن رشيد بالضرب والعذاب ثم قلعت جميع أسنانه (9) .
وجاءت الأوامر من مصر بهدم الدرعية وحرقها فأخذوا السكان منها وأضرموا فيها النار حتى أصبحت في خبر كان (10) .
وهكذا يقسو المسلمون على بعضهم باسم الدين ولا ترحم طوائفهم الطوائف الأخرى التي تخالفهم أو تعاديهم أو تضعف لهم ولو فقهوا تعاليم دينهم الصحيحة لعلموا أنه أرحب أفقاً مما يظنون.
وقبض إبراهيم باشا على كثير من آل السعود وآل الشيخ فرحلهم بعائلاتهم إلى مصر حيث ظلوا مدة طويلة رهن الحراسة.
وظل إبراهيم باشا حول الدرعية عدة أشهر لتوطيد الأحوال ثم انتقل إلى الحجاز حيث ظل فيها إلى نهاية عام 1234 ثم عاد إلى مصر وبذلك عاد أمر الحجاز ونجد إلى العثمانيين ومنح محمد علي باشا حق الإشراف عليهما كما منح إبراهيم باشا لقب والي مكة وهي ولاية شرف فيما نعلم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :429  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 179 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .