شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تضاريس مكة
تقع مكة على 21 درجة ونصف درجة تقريباً عرضاً شمالياً وعلى نحو 40 درجة طولاً وترتفع عن سطح البحر بنحو 280 متراً.
وتقع في واد تحيط به الجبال وتنحدر سيولها فيه (1) ، وإذا عصفت الرياح في مرتفعات الجبال اندفعت إلى بطن الوادي فيما يشبه الدوامات وتعذر تعيين ملتقى الرياح إلاّ في بعض الحالات.
وجوها حار جاف تختلف حرارته بين 18 درجة في شهور الشتاء و 30 درجة في شهور الصيف، وقد ترتفع الحرارة في بعض السنوات إلى ما يزيد على 40 درجة.
أسماء مكة
وقد سماها القرآن مكة كما سماها بكة وأم القرى والبلد الأمين (2) .
ويذكر بعض علماء الإِسلام أنها سميت مكة لقلّة مائها، وهم يقولون أمتك الفصيل ضرع أمه إذا امتصه، ويقول بعضهم سميت مكة لأنها تمك الذنوب أي تذهب بها أو لأنها تمك الفاجر أي تخرجه منها، كما قيل أنها سميت بكة لأن الناس فيها يبك بعضهم بعضاً أي يدفع.
ونقل عن بطليموس (3) أن اسمها (مكوربا) وهو مشتق من الاسم السبئي مكوارابا ومعناه مقدس أو حرم.
قدم مكة
وقد عرفت مكة من أحقاب طويلة ممعنة في القدم قبل عهد إبراهيم فقد كانت الكعبة مثابة للناس قبل بناء إبراهيم كما تروي ذلك مصادر إسلامية كثيرة.
ولا نشك أنها كجزء من بلاد العرب استقبلت هجرات سابقة تعدد فيها أنواع المهاجرين من أجناس البشر تعدداً لا نستطيع تعيينه لأن المصادر التي توسعت في ذلك لا يمكن التسليم بما كتبت تسليماً قاطعاً لأن أكثر كتّابها عاشوا في العصر الإسلامي الأول متأخرين عن ذلك العهد بأحقاب طويلة المدى ولم يكن لديهم من المصادر إلاّ المنقول عن تشويش واضطراب.
خصب مكة وجفافها
أما التاريخ الذي أنتجته دراسة الآثار وأسفرت عنه كتابات الجيولجيين فقد أطال في بحوثه لا عن مكة وحدها بل عن جزيرة العرب قاطبة وكان مما ذكره أن صحاريها القفراء كانت في عهد من عهود التاريخ المجهولة مروجاً خضراء آهلة بالسكان لأن غيوم الرياح الغربية الشمالية كانت تصل إلى الجزيرة قبل أن تفقد رطوبتها فتنهال الأمطار على قممها العالية وتجري في وديانها أنهاراً، فتروي أراضيها وتسقي مروجها، ولعلّ في عمق الوديان التي نشاهدها اليوم ما يشير إلى شيء من حقيقة هذا الرأي. ويذكر تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام عن الفاكهي بسند رفعه الفاكهي إلى ابن إسحاق أن الحجاز كانت أسحر أرض الله وأكثرها ماء.
ويعلّل الجيولجيون الجدب الذي طرأ فيقولون أن عوامل الجفاف الطبيعي ما لبثت أن حالت بالتدرج على مر الأحقاب دون وصول الغيوم المرطبة فحرمت الجزيرة من أنهار جارية.
ولا أستبعد هذا لأن المشاهد أن سَوْرة الجفاف في عهودنا الحاضرة اشتدت وطأتها عن عهود سلفت فاختفت واحات كثيرة كانت معروفة في العهد الجاهلي وصدر الإسلام كما اختفى كثير من المناطق الخصبة التي كان يزرعها اليهود في المدينة وثقيف في الطائف وقريش حول مكة ونضب كثير من العيون والآبار وقلّ شأن السيول التي كان يفيض بها عقيق المدينة والطائف ووادي إبراهيم في مكة (4) .
والمعمرون في مكة وكثير من مدن الجزيرة يعلمون أن منسوب المياه ومساحة المناطق الخصبة كانت إلى قرن سابق أحسن منها اليوم وأن بساتين مكة في أطرافها وضواحيها كانت منتشرة إلى مسافات بعيدة مما لم يبق له أثر نتيجة إطراد الجفاف، ويرى بعض الجيولجيين أن الجفاف سيضطرد أمره في الجزيرة على مر العصور وأن نسلنا سيعاني منه أكثر مما نعاني إلاّ في المناطق الجنوبية القريبة من المحيط الهندي.
نشأة مكة
وسواء صحّ نقل المؤرخين الإسلاميين في شأن من هبط مكة قبل عهد إبراهيم أو لم يصح وسواء ثبت استنتاج الجيولجيين عن خصوبة هذه الأرض في عهود مجهولة من التاريخ أو لم يثبت فإن مما لا مجال للشك فيه أنه يصح اعتماد هجرة إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام إلى مكة مبدأ واضحاً لتاريخ مكة ولسنا نعني أن جميع التفاصيل التي ذكر المؤرخون أنها لازمت هذه الهجرة أو أعقبتها كانت من الوضوح والصحة بحيث لا يتسرب إلينا شك فيها ولكنها كانت منقولة وحسب كما أن بعضها أشار إليه الحديث الشريف واستكملت البعض الآخر روايات أهل الكتاب وقد بذل المؤرخون الذين جاءوا متأخرين في تصفية ما انتهى إليهم فكان بعضهم دقيقاً ما أمكنته الدقة كما أن بعضهم لم يتحرج في إيراد ما صادفه من حشو ولغو.
وإذن فسنبدأ كتابنا من عهد إسماعيل محاولين أن نقتصر على النتائج التي ترتبت عليها نشأة مكة لنربط الماضي بالحاضر تاركين الروايات المطولة التي لابست هجرة إسماعيل لمن أراد أن يستقصيها في كتب التاريخ الإسلامي.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :594  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 6 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.