شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(22)
إذن.. هذه هي كارثة العمر في حياة ((ليال)):
أن نشهد موت من أحببناهم، وهم أحياء أمامنا.. لكنهم ماتوا روحاً، وإحساساً، وعقلاً، وقيماً!
ترى.. ماذا سيعطيها شخص مثل ((حازم))، وقد ضمرت في داخله إرادته وطموحاته نحو مستقبل يحقق فيه حياة أفضل؟!
حتى الندم.. هو عاجز أن يمنحه لها، لأنه لم يعد يملك أي شيء، أي شيء إلاَّ الاستجابة لرغبته المحددة في تعاطي المخدرات: الحرب غير المعلنة من أعدائنا لتحطيم وتدمير الشباب من القادرين والنابهين لتطوير أوطانهم.. وها هم يسقطون: موتى يمشون بلا قبور.. أكفانهم: الضياع، والذهول، والانسلاخ عن الحياة الطبيعية.
وكأنَّ ((ليال)) قد عافت كل شيء، حتى الحب الذي حرضها ذات يوم على مواجهة أهلها، والحرب للفوز بحلمها.. فلما تحقق لها ما أرادت: هوى بها الحب إلى خندق أعمى.
الآن.. لن يسمع أحد نواح قلبها وخفقانه.. ولن يرحم الواقع البائس وحدتها الموحشة وإحباطها، وعليها أن تهدأ وتحاول أن تُجمِّع نثار نفسها، وأن تتصالح مع أيامها وحياتها المقبلة.
((حازم)): حب فسد في وجدانها، وصفحة طويت.. أو لا بد أن تسعى هي إلى طيِّها مهما احتملت من أنواع التشظِّي العاطفي والنفساني.
((حازم)): هو الذي خان حبهما ودمَّر خفقة القلب في مشاعر عبث بها وأهدرها.. فلا أقل من أن تعطيه ظهرها وتتوجه إلى دروب المستقبل، فهي المرأة الشابة التي لم تهنأ بأحلامها ولا بزهوة شبابها.. كأنه أراد أن يقبرها معه في خندق الإدمان الذي سقط فيه.
* * *
((ترى.. هل تعتبرني الأخلاق وواجب الالتزام أنني تخليت عن ((حازم)) عندما أطلب الطلاق في واقعه المرير هذا؟!!)).
في لجة الحيرة والتمزّق النفسي.. طرحت ((ليال)) هذا السؤال المباشر على عقلها وقلبها، وعلى كل جوارحها التي كانت تمطر لمجرد سماع اسم ((حازم))، أو حين كانت كفُّه تحتوي كفها فيصبحا الإنسان الواحد!
لم تقدر أن تكبح جماح دمعة هرولت من عينيها إلى وجنتيها.
لكنَّ ((ليال)) في هذه الحصيلة التي رماها إلى عمقها ((حازم)).. تشعر بأقصى مشاعر اليأس والإحباط!
كان مجرد التفكير في فَقْد ((حازم))، وبعاده عنها، يسبب لها الهلع.. يكاد يخلع أضلعها من صدرها ضلعاً ضلعاً.. يُحوّل السماء والمرئيات في عينيها إلى ضباب يتكثَّف حتى العتمة.
والآن.. تحتاج ((ليال)) إلى مساحة بيضاء ناصعة.. إلى نقطة كانبلاج فجر، حتى تبدأ من محورها حياتها الجديدة!
كأنها ماتت دهراً، وعادت إلى الحياة كأصحاب الكهف.
تحتاج إلى ((حلم)) جديد، نقي يرتفع فوق التلوث.
تحتاج إلى ((خفقة)) لا تنتمي إلى عائلة تلك الخفقات التي رقصت حباً لـ ((حازم))، ثم انكفأت حسرة، وإحباطاً، وأنانية من ((حازم)).
ها هي ((ليال)).. وكأنها بلا قلب، تبحث عن طريق تسلكه لإضاءة قدرها.. لبعث قلبها الذي تآكل بالأسى.
* * *
هذا -إذن- فجر جديد.. صباح أبيض كتفاؤلها بالغد.
استيقظت فيه من نومها منذ منتصف ليلة البارحة.. أفاقت فيه من إغماءتها التي استمرت طوال معاشرتها لـ ((حازم))، فلم تعد أسيرة زمن ((حازم)).
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :723  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 144 من 144

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج