شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صلاح الدين الأيوبي
حديثنا الليلة يتناول سيرة بطل من عظماء الأبطال في الإسلام بدأ حياته مجنداً في خدمة إحدى دويلات الإسلام ثم ما لبث أن برز بين صفوف المجاهدين واستطاع بعد لأي أن يبني لنفسه عرشاً يسيطر على أهم عواصم الإسلام في بلاد المشرق العربي.
ذلك هو صلاح الدين الأيوبي بدأ خدمته في جيش الدولة الزنكية تحت قيادة أخيه أسد الدين. وكان الزنكيون قد أرسلوا جيشهم إلى مصر ليساعد الفاطميين على رد عدوان الصليبيين فأبلى الجيش في الدفاع عن مصر بلاءً حسناً واستطاع صلاح الدين تحت قيادة أخيه أن يترك أثراً في أعمال الدفاع.
ورأى الخليفة الفاطمي العاضد وهو آخر الخلفاء الفاطميين في مصر أن يستعين بكفاءة أسد الدين وأخيه صلاح الدين فاستوزر الأول واستفاد من خبرته وعندما عاجلته المنون وضع ثقته في صلاح الدين وأضاف إليه جميع أعمال الوزارة.
ونشط صلاح الدين لأعمال الوزارة واستطاع أن يبسط نفوذه قوياً على مهامها وأن يملك ثقة أصحاب الحل والعقد في مصر فنادوا به ملكاً على البلاد وبذلك تأسست دولته الأيوبية على أنقاض الحكم الفاطمي في مصر عام 567 الهجري.
على أثر هذا تفرغ صلاح الدين لتوطيد الحكم في مصر بعد أن أرهقته الفوضى واستطاع أن يستميل المناوئين بما أشاعه من ألوان العدل وأن يعقد القلوب على حبه في إجماع قليل النظير. ثم شرع ينظم شؤون الدفاع وينشئ الحصون ويدعم الأسطول البحري ويخدم الثقافة في سائر أنواعها.
ثم ما لبث أن تخطى نفوذه حدود مصر فأشرف على بلاد الحرمين ودانت له أكثر بقاع الشمال وشمل حكمه جزءاً كبيراً من بلاد الأرمن.
وكان الصليبيون يعيثون في بلاد الشرق فساداً ويملكون ما يستضعفون من مدنه بعد أن استغلوا فرصة تخاذل الدويلات الإسلامية في الشرق العربي فعقد صلاح الدين عزمه على التصدي لحملاتهم وإخلائهم عن الممتلكات الإسلامية التي استطاعوا احتلالها وإذلال أهليها.
وحملة الصليبيين على بلاد المشرق العربي فاجعة لا يجهل أهوالها مطلع على تاريخ الإسلام، فقد تواطأ دعاة المسيحية في أكثر ممالك الغرب على مهاجمة المسلمين واحتلال بلادهم فأبلت جيوش المسلمين في دفاعهم إلى الغاية التي تهيأ لهم فيها البلاء ولم تستطع أن تحرز النصر حتى دعم الدفاع صلاح الدين الأيوبي بما هيأ لجيوش المسلمين من أسباب الظفر.
يذكر المؤرخون في أسباب تألب دول أوروبا على الإسلام أن بعض المتنطعين من السلاجقة أساءوا بعض الإساءة إلى حجاج بيت المقدس من النصارى وكان في الإمكان علاج أمثال هذه الإساءات علاجاً فردياً ولكن المسيحيين في أوروبا رأوا أن يستغلوا الفرصة للتألب على ممالك الإسلام واحتلال أراضيها فاستنفروا بذلك راهباً فرنسياً يدعى بطرس الناسك وكلفوه أن يطوف ممالك أوروبا للدعوة إلى التألب على المسلمين في صور تلهب الحماس وأن هذا الراهب استطاع أن يجمع الممالك في أوروبا على حرب المسلمين فاندفعت جيوشهم من كل صوب تسيل إلى بلاد الشرق فعاثوا فساداً في كثير من المدن واحتلوا من أراضيه بلاداً شاسعة.
ولم يتوان المسلمون في الدفاع عن ممالكهم ولكن انقسامهم إلى طوائف ودويلات متنافرة ساعد العدو على ما أحرزه من النصر في جولاته الأولى.
وقد دامت الفتن بين الشرق والغرب من عام 489 هجرية إلى عام 669 نحواً من (180) سنة كاد الغرب فيها أن يحتل سائر بلاد الشرق العربي لولا جهود المبرزين من أبطاله.
وكانت أبرز الجهود الفعّالة في هزيمة الصليبيين وأبعدها أثراً في انكسارهم هي جهود بطلنا الشاب صلاح الدين الأيوبي في أواخر القرن السادس الهجري.
نذر صلاح الدين نفسه لصد هجمات الصليبيين فأعد قواه في جيوش عظيمة سيَّرها إلى حدود الشام فاشتبكت مع الأعداء في مواقع حامية الوطيس كان من أشهرها واقعة حطين التي أحرز فيها النصر الباهر واستطاع أن يأسر فيها قائدهم الأعلى.
ثم توالت حروبه الظافرة فاستخلص عكا والرملة ويافا وبيروت وفتح بلاد القدس بعد أن قضى على جيوش الأعداء فيها واتصلت أنباء فتوحاته بملوك أوروبا فثار ثائرهم وقام دعاتهم في كل صقع يستأنفون إثارة النفوس على ما نال جيوشهم من هزائم ومشت الرسل بين ملوك بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمبراطور الرومان فاجتمعت كلمتهم على توحيد القوى وتجنيد الجيوش فانثال المحاربون من قلب أوروبا وأطرافها في جيوش جرارة واتفق ملوكهم على البذل السخيّ الذي يهيئ المحاربين لخوض المعارك الدامية ويضمن لهم الظفر على جيوش الأيوبيين.
وقد جالد صلاح الدين في رد عدوان الغزاة واستبسلت جيوشه في جميع المواقع التي حوصرت فيها. فقد امتد الحصار في بعض البلاد إلى أكثر من عامين قاسى الجند في خلالها من أهوال الحرب ما لا يحتمله جلد ومع هذا لم يظفر الصليبيون بما يتكافأ مع القوى التي حشدوها لهزيمة الإسلام في شخص صلاح الدين الأيوبي.
وانقشع الغبار بعد أهوال كابدها المغيرون والمدافعون على السواء انقشع عن صلح أقر المسلمين في حكم بيت المقدس إلى جانب حكمهم في كثير من بلاد الساحل لقاء تأمين طريق حجاج النصارى إلى القدس.
وبذلك أضيف صلاح الدين الأيوبي إلى قائمة الأبطال في الإسلام وخلد التاريخ اسمه إلى جانب أمثاله من الأفذاذ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :505  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج