شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة البروفيسور وليام كوانت))
شكراً جزيلاً سيد حسين شبكشي، وشكراً سيد خوجه على دعوتي هذه الأمسية للالتقاء بأصدقائك وزملائك، ولفتح منزلك لي ولأصدقائي، السيد القنصل العام السيد كوين أشكرك على حضورك، وأشعر بفخر أن أكون معكم جميعاً ويسعدني أن أحظى بهذه الفرصة لمحادثة هذا الجمع المميز خاصة في جو غير رسمي في هذه المدينة الأنيقة، في الواقع أود أن أشارككم بعض الحقائق التي شكلتها حول كيفية رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة للشرق الأوسط.. وأتحدث أصالة عن نفسي فقط، ولست جزءاً من هذه الإدارة التي آمل أن أكون قد دعمتها، ولكني أتحدث بصفتي محللاً صرف الكثير من جهده الأكاديمي لمحاولة فهم كيفية تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع مشاكل الشرق الأوسط المعقدة.. لقد كتبت وما زلت أعتقد أن الرئيس يمكن أن يحدث تغييراً، يمكنهم أحياناً إحداث تغيير في اتجاه مختلف، إن تصوراتي الشخصية وفق تعاملي مع العلاقات الأمريكية مع الشرق الأوسط خلال السنوات العشر الماضية 1999-2000م، تشير إلى تدهور في العملية السلمية بين إسرائيل وجيرانها مما أدى إلى حوالي 8 سنوات من الجمود، وهذا أدى بدوره إلى تعتيم الوضع، ونحن في حاجة إلى معرفة التوقعات على كل حال.. كما أن العقد الماضي شهد تعرض الولايات المتحدة لرد فعلها على أحداث 11 سبتمبر التراجيدية وتدشينها حروباً ليس على القاعدة وطالبان التي ألقي عليها مسؤولية أحداث 11 سبتمبر بل امتدت إلى العراق مع تغيرات عميقة في الشرق الأوسط، وما زالت مرتبطة بالعراق، كما علينا التعامل مع نتائج تلك الحرب التي يعارضها الرئيس الحالي والتي أعتقد إنه يحاول الخروج منها، كما أننا نمر بـ 13 عام من العلاقة الغريبة بين الولايات المتحدة وإيران، وعليه فإن التحديات الثلاثة التي أود التحدث عنها باختصار هذه الليلة تتمحور حول الولايات المتحدة وسياستها تجاه العراق والتي أعتبرها من وجهة نظري أقرب وأسهل من السياسة المتبعة تجاه إيران أو فلسطين.
ولنبدأ ببعض انطباعاتي تجاه الرئيس الجديد، إذ ما زال علينا التعرف عليه، لكنه خلال السنتين الأخيرتين دشن حملة انتخابية مميزة لم يكن قبلها معروفاً في أمريكا وكثير من الناس اعتقدوا بأن فرصته في الفوز جداً ضعيفة على خلفية كونه من أصل أفريقي.. وكثيرون يرون أنهم غير مستعدين للتصويت لصاحب خلفية أفريقية.. وقد أثبت أنه سياسي بارع وكسب ضد هيلاري كلنتون والتي تشغل الآن منصب وزيرة الخارجية.. كما تقدم لكسب الحملة ضد واحد من الساسة المتمرسين جيداً وهو جون ماكين.. ونحن الآن إزاء رئيس نعرف عنه القليل ولديه تأثير كبير على الناخبين الأمريكيين حتى الذين صوتوا ضده يساندونه الآن، ويؤيده حوالي ثلثي الشعب الأمريكي مقارنة بنسبة 25% ممن ساندوا جورج بوش الابن خلال سنته الأخيرة في البيت الأبيض، وبالرغم من المشاكل التي تحيط بأمريكا من ناحية الأزمة المالية وغيرها من ضغوط السياسة الخارجية إلا إنه يعطي أملاً في نوع من التغيير تجاه مداخل جديدة للسياسة... وأود بالتحديد الحديث عما أعتقده بشأن توجهه الجديد نحو المسلمين والعالم العربي، حيث أعتقد أن تركيز الرئيس على هذا الجانب قد يكون مهماً بداهة نظراً لخلفيته حيث أن والده في كينيا مسلم وعليه فإن لديه أقارب مسلمون من هذه الناحية، وأمه الأمريكية تزوجت للمرة الثانية من مسلم وبالتالي فإن ما يعتبر والده بالتبني مسلم أيضاً وقد نشأ الرئيس في إندونيسيا وتعلم اللغة الإندونيسية ولديه أصدقاء مسلمون، وبالتالي أعتقد أنه بموجب هذه الخلفية والتجارب فإنه سيكون مرتاحاً في التعامل مع العالم الإسلامي، ولا ينظر إليهم كأعداء أو أناس يخشى خطرهم، وهذا توجه مهم لأن بعض الأمريكيين لا يفهمون الإسلام ويعتقدون أنه خطر كامن، وقد سمعنا جميعاً بما يسمى صراع الحضارات ولكن هذا الرجل ترفض حياته الخاصة مسألة صراع الحضارات وهذه نقطة بداية طيبة.
وقد شجعتني الحقائق التي طرحها في خطابه الرئاسي بتاريخ 28 يناير، حيث أشار إلى نقطة مهمة عن العالم الإسلامي قائلاً في المستقبل فإن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتعامل مع العالم الإسلامي بموجب المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل، وأعتقد أن تركيزه على مسألة الاحترام المتبادل مهمة لأننا افتقدنا ذلك خلال السنوات القريبة الماضية، وقد رأينا توجهاً عاماً حول سياسته تجاه الشرق الأوسط.
وخلال الأيام القليلة الماضية أثناء وجودي في المملكة أدلى الرئيس بحديث عن العراق، حيث أصبح العراق خلال السنوات الست الماضية يمثل حملاً ثقيلاً على أمريكا.. لدينا حوالي 150 ألف جندي أمريكي في العراق، وحوالي 5000 قتيل، بينما قتل وجرح مئات الآلاف من العراقيين، وملايين تم تشريدهم.. هذه حرب مروعة ومن أسوأ الحروب عبر التاريخ.. هذا الرئيس اعترض على الحرب قبل نشوبها، معترضاً على أسبابها، وقد تحدث في ولاية إلينوي ضد الحرب وواضح من اعتراضه أنه بعيد النظر ويؤسس الآن لإجراءات سوف تؤدي إلى انسحاب بعض القوات الأمريكية من العراق بحلول نهاية أغسطس عام 2010م، واستكمال الانسحاب التام بنهاية عام 2011، ووجه كلمات للشعب العراقي قائلاً إنكم سوف تستردون وطنكم، وستكون لكم السيادة على أراضيكم نحن لا نطمع في بلدكم ومواردكم ولا ننوي الإبقاء على قواعد عسكرية.. وبالرغم من أن البعض يحتج بأن الانسحاب ليس بالسرعة المطلوبة إلا أن الانسحاب السريع من العراق سوف يترك العراقيين أمام وطن محطم وآمل أن يكون بلدي كريماً في مساعدتهم في إعادة بناء دولتهم.. ولكن لا بد من إنهاء الاحتلال وإعادة البلد إلى أهله وأعتقد أن هذا هو التوجه الحالي.. وقد تضمن هذا الحديث الجيد إشارات أخرى تتضمن استمرار العلاقات مع كل دول الشرق الأوسط بما في ذلك سوريا وإيران، مما يقودني للشأن الإيراني فمن المفارقات في الحرب العراقية أننا حطمنا قوة صدام حسين بينما أظهرنا القوة الإيرانية وأصبحوا مستفيدين من الوضع بطريقة غير مباشرة وهم يعلمون ذلك وقد أشاروا إليه صراحة بقولهم أنهم يشكرون الولايات المتحدة التي قامت في العراق خلال ثلاثة أسابيع ما لم يتمكنوا من القيام به خلال ثمان سنوات من الحرب. وقد سمعت هذا من رئيس وزراء إيران السابق عندما زار جامعتي، إننا لم نقيم استراتيجيتنا تجاه إيران.. أعتقد إننا في وسط حوار مهم الآن في واشنطن فيما يتعلق بالحكومة وأجهزة التخطيط، وسمعنا أفكاراً فيها الكثير من المعقولية، وليس لي حكم قاطع حولها شخصياً، إيران دولة من الصعب فهمها فقد خرجنا منها قبل 30 سنة، ولست متخصصاً في إيران ولكن لدي شعور عميق بأن أمريكا تحاول إيجاد مدخل مختلف نحو إيران لأن التوجهات السابقة فشلت.. وعليه فإن العقوبات غير مجدية بل إن إيران أظهرت تفوقاً في برنامجها النووي، لذا يرى الرئيس انتهاج الدبلوماسية، أنا لا أؤمن بأن تضع كل أوراقك على الطاولة وتطلب من الإيرانيين اختيار ما يرون، حتى إذا كانت لعبة مختلفة فإنها تتضمن التزامات صارمة حول الاختلافات تجاه إيران، ربما لدينا اهتمامات مشتركة في العراق وربما في أفغانستان ولدينا اختلافات عميقة تجاه برنامج إيران النووي وسياستها نحو النزاع العربي -الإسرائيلي وعلاقاتها مع بعض القوى الفاعلة الأخرى في المنطقة. أستطيع القول إنه ليس على أسس غير إيجابية أن نتابع العمل الدبلوماسي حيث توجد مصالح مشتركة كبيرة والدول تنتبه لمصالحها وليس فقط لأيدلوجياتها، وقد لاحظت ما أشار إليه المرشد الأعلى لإيران بأن الرئيس الأمريكي الجديد لم يقدم شيئاً جديداً، فهو يشعر بإحباط لأن الكلمات السابقة لم يتبعها عمل لكننا في بداية مرحلة جديدة فيما أعتقد إنه قسم صعب ولكن جهوداً مهمة يجب أن تصب لفتح الأبواب مع إيران وهل يمكن أن تنجح؟ لا أعلم لكني أعتقد أن هناك سياسات خارجية تشكل تحدياً للولايات المتحدة اليوم وهي ذات أهمية بالغة فنحن إزاء صراع خطير ومحبط وهو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والذي يشمل الصراع العربي الإسرائيلي بما فيه سوريا ولبنان. وقد لاحظنا خلال الشهور الأخيرة أن الصراع قد ترك دون مناقشة فاعلة وديناميكية مما قد يؤدي إلى انفجاره بين لحظة وأخرى لأنك لا تعتقد أن الفلسطينيين سوف يستمرون تحت الاحتلال ولا تتوقع من الإسرائيليين الوقوف دون حراك في مواجهة الصدامات التي تواجههم في كل اتجاه، أحد الطرفين يقوم بتأجيج الصراع مما يؤدي إلى صدامات دامية كما حدث في الشهور الأخيرة من إدارة الرئيس بوش، فالساحة ما زالت خطيرة لكن يوجد الآن على الأقل تركيز نحو العمل الدبلوماسي، إنني لست متفائلاً جداً حول إيجاد اختراق فعلي للصراع ولكن أشير إلى نقطتين أو ثلاثة أراها مشجعة إلى حد ما... فواحدة من أوائل القرارات التي اتخذها أوباما هي اختياره للمستشار والخبير في هذا الصراع السناتور متشل الذي لديه خبرات واسعة وسبق أن شارك في مناقشات إيرلندا الشمالية كما لديه خبرة في الشرق الأوسط لعام 2000-2001م، وشارك في اللجنة الدولية التي أعدت تقريراً مهماً حول الأسباب التي أدت إلى الانتفاضة الثانية وقدم بعض المقترحات وفي نفس الوقت لديه سعة أفق تجاه الصراع وإذا عدتم لقراءة ذلك التقرير فسترون الحياد الذي يتعامل به ونحن في حاجة إلى تلك الصفة في المستشارين الأمريكيين بالنسبة لمثل هذه المسائل.. السناتور متشل أيضاً رجل تجاوز مرحلة التطلعات السياسية، فهو لا يركض خلف منصب ولا يهتم باللوبي السياسي ولا يحتاج إلى جمع أموال وبالتالي يمكن أن يكون صوتاً محايداً لنصح الرئيس وعليه فإنني سعيد باختيار الرئيس للسناتور متشل ليكون مستشاره الرئيسي، وكلنتون الآن في المنطقة لدراسة الأوضاع مع بعض القادة وتأكيد موقف الولايات المتحدة للدفع بقوة تجاه حل الدولتين وهو حل ليس بالجديد، كما يتم إشراك سوريا في التسوية بدلاً من استبعادها فالولايات المتحدة ليس لها سفير في سوريا منذ عام 2005م لكن هناك دبلوماسيين في طريقهما إلى سوريا وقد التقت هيلاري كلنتون بالسفير السوري في شرم الشيخ في محادثات ودية والتوجه الآن محاولة تحسين العلاقات مع الدول التي لم نكن في علاقات طيبة معها ولكن الاستثناء الوحيد هو حركة حماس حيث كرر وزير الخارجية اليوم عدم التعامل مع حماس إلا إذا قامت ببعض التوجهات الأمر الذي لن تقوم به حماس في ظل الظروف الراهنة، وعليه أعتقد إن هناك شوطاً طويلاً ينبغي قطعه وصولاً للمرحلة الأولى في تطور السياسة تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، وإنني في حالة من الأمل الحذر لوجود حلول نحو كل هذه المسائل: العراق، إيران، والصراع العربي الإسرائيلي بحيث يتعامل معها الرئيس بأسلوب جديد، وليس هناك ضمان للنجاح ولكن على الأقل نتوقع الانفتاح نحو آفاق جديدة، ونحو أفكار جديدة، وللمشاورات مع أصدقائنا وحلفائنا حول أفضل السبل للاستمرار، ولكن إحدى الصعاب بطبيعة الحال أن الانتخابات الإسرائيلية أتت بحكومة يصعب التعامل معها، وهذا ليس بالأمر الجديد فقد كانت هناك حكومات يصعب التعامل معها من قبل عندما كنت في إدارة كارتر، فقد تم انتخاب مناحيم بيغن وقد كان صعباً على جيمي كارتر أن يتعامل معه والتعامل مع نتنياهو من نفس الطبقة الأيدلوجية وليس من السهل زحزحته عن أفكاره ولكن الدبلوماسية ليست لمعالجة الأمور السهلة، إنها للمسائل المهمة وهي عادة صعبة.. لدينا مشكلتان صعبتان تواجهان الولايات المتحدة الآن: الشرق الأوسط وإيران وفلسطين وسوريا من السهل التعامل معها والعراق التي كانت صعبة جداً وبصورة دراماتيكية فدفعنا ثمناً باهظاً اجتماعياً تجاه سياستنا في العراق، وأحسب أننا في الاتجاه الصحيح لإيجاد الحل المناسب ويسعدني سماع أسئلتكم وتعليقاتكم حول أي من هذه المسائل خاصة حول ما تعتقدون إنه سياسة فاعلة واستراتيجية نحو إيران وحول ما ترونه من حلول للصراع العربي الإسرائيلي.
شكراً على استماعكم ويسعدني تلقي تعليقاتكم والإجابة على استفساراتكم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :718  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 215 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج