شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التاريخ .. أمانة (1)
محمد سعيد عبد المقصود خوجه
أول من فكر في طباعة المصحف المكي
بقلم: أحمد ملائكة
نشر الأستاذ عبد الله رجب في جريدة ((الندوة)) بتاريخ 18/7/1402هـ عن مصحف مكة الذي قام بكتابته الخطاط المكي الأستاذ محمد طاهر الكردي رحمه الله، وقد ورد في مقاله أن الكردي أول من فكر في كتابة المصحف.. وتقريراً للحقيقة ولئلا يدخل في سجل التاريخ حدث غير حادث، تلتبس فيه الأمور، وتختلط الروايات.. ولأني، عاصرت هذا المصحف بدءاً من فكرته وحتى صدوره، رأيت من الأمانة أن أسجل معلوماتي عنه قبل أن يطويها الزمن ويغمرها النسيان، وقبل أن نلقى الله وندخل مع الطامعين في عفوه ورحمته.
إن أول من فكر في مصحف يكتب ويطبع في هذا البلد الأمين، الذي نزل فيه الوحي بدءاً، هو محمد سعيد عبد المقصود خوجه، عليه رحمة الله ورضوانه، فقد علمت هذا حين عملي معه في مطبعة أم القرى عام 1355 هجرية، وكانت أمنيته أن يرى المصحف مطبوعاً في مطبعة أم القرى التي كان يرأس جهازها، حتى يتحقق صدوره من أشرف بلد وأقدس بقعة في العالم كله، وقد شغلت الفكرة أوقاته وعطاءه، ورأى أن إمكانيات مطابع أم القرى تحول دون تنفيذ الفكرة، ولا بد من إدخال الفنيين وتحديث الأجهزة فوضع المخطط الآتي:
1- تحصل من الدولة على أرض فضاء واسعة بجانب بقالة البيبان على يسار المتجه إلى الزاهر، وقام ببناء دار حديثة، قاربت على الانتهاء واستكمال أقسامها.
2- ابتعث في نهاية عام 1957 إلى القاهرة سبعة أشخاص من موظفي المطبعة ورؤساء أقسامها حيث التحقوا بالمطبعة الأميرية للاستزادة من فنون (الصف، الطبع، التجليد) ومعرفة الحديث فيها، وكان على رأسهم الأخوة محمود أحمد حافظ، ومحمد خيري الحلفاوي.
3- ابتعث أيضاً بعد سنة واحدة بعثة أخرى مكوّنة من عشرة أشخاص للالتحاق بمصلحة المساحة أيضاً ليتعلموا ويدرسوا فن التصوير والرسم والتلوين والحفر وطباعة الخرائط وأوكل إلى الأستاذ محمد عمر رفيع رحمه الله الإشراف على البعثتين (بعد أن كانت البعثة الأولى ضمن إشراف بعثة مديرية المعارف) فاستأجر لهم داراً فسيحة كبيرة في حي المنيرة، فسكنوا بها وَرُتِّبت إعاشتهم واحتياجتهم.
4- اتصل بالأستاذ الكردي الخطاط، وبصديقه عبد الله باحمدين وكان من التجار الأذكياء العصاميين واجتمع بهما في داره، وعرض فكرة المصحف، وتناقشوا في تنفيذها، وأبدى الكردي رحمه الله استجابة فورية وحماساً، ولم يقبل المناقشة في الأجر الذي يطلبه للقيام بالكتابة، بل أشهد أنه أعلن تبرعه بالكتابة ابتغاء مرضاة الله وثوابه، وأذكر أنه بعد الإلحاح والإصرار قبل مبلغاً زهيداً جداً مقابل الانقطاع والتفرغ.
5- عقد اجتماعاً آخر حضره الكردي والباحمدين، والسيدان الجليلان إبراهيم سليمان النوري ومحمد أحمد شطا، وقرروا بدء الكتابة والرجوع إلى المشايخ الأجلاء أحمد حامد التيجي أستاذ علم القراءات في مدرسة الفلاح، وعبد الظاهر محمد أبو السمح إمام وخطيب المسجد الحرام. وكان رحمه الله شجي الصوت، عذب الترتيل، يرتل في صلاة الصبح من آيات الذكر الحكيم ما يخشع القلوب.
وأراد الله في هذه الأثناء أن تقوم الحرب العالمية الثانية، ويتأثر الوضع الاقتصادي في المملكة فأوقف الكثير من المشروعات، وتوقف معها استكمال بناية المطبعة، وعادت البعثات المطبعية قبل أن تدخل الثانية مصلحة المساحة.
واختار الله إلى جواره محمد سعيد عبد المقصود بعد مرض لازمه أكثر من ثلاث سنوات، فلقي ربه مأسوفاً عليه من الشباب والشيوخ فقد كان رحمه الله ذا عزيمة قوية صامدة، يتقدم الشباب ويشارك في الاحتفالات ويكتب مقالاته، ويحرر جريدة أم القرى، ويباشر عمل المطبعة التي كانت تؤمن مطبوعات الدوائر الرسمية.
واستمرت فكرة المصحف يحتضنها الباحمدين والنوري وشطا والمشائخ الذين بذلوا جهدهم ووقتهم للتصحيح.
وتكوّنت في عام 1966 (على ما أذكر) شركة مصحف مكة، وكان مؤسسوها، محمد سرور الصبان، والباحمدين، والنوري، ومحمد جعفر لبني (رحمهم الله جميعاً) والأستاذ محمد علي مغربي أمد الله في حياته وأمتعه بالصحة.
وتمت كتابة المصحف الشريف:
وحضر السيد نوري إلى مصر حاملاً معه المصحف المخطوط، وقام بعرضه على مشيخة المقارئ المصرية، فاعتمد تصحيحه شيخ القرّاء وقتذاك علي محمد الضباع رحمه الله.
وبعد ذلك جرى عمل الإكليشهات، وطبع الحجم الصغير في مطابع الشهرلي، كما طبعت طبعة ذات حجم كبير (جوامعي) وجلد قسم منها تجليداً فاخراً.. وصدرت نسخ الطبعات إلى مكة حيث صارت تلك النسخ الممتازة (وما زالت حتى اليوم) تهدى إلى كبار الحجاج والزعماء والشخصيات الإسلامية في المناسبات.
ثم صدرت الكليشهات واستمر الطبع في مكة حتى اليوم، ومن دواعي الاعتزاز والتقدير أن أجد الأستاذ الكاتب المؤرخ محمد علي مغربي يوالي ويتابع باهتمام أمر استمرارية الطبع وتطويره وتحسين التجليد في شركة مصحف مكة. فأصبح هذا المصحف منتشراً في المملكة وفي المساجد والمدارس، ويهدى ويوزع من رابطة العالم الإسلامي، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وشؤون الحرمين الشريفين، ودار الإفتاء والبحوث الدينية التي لها والرابطة جهد مشكور في طباعة المصحف وتصديره إلى ماليزيا وأندونيسيا وأفريقيا والسودان والصومال وأمريكا والدول الأوروبية واليابان وكثير من البلاد في أنحاء العالم.
وحكومة هذه المملكة وقيادتها الحريصة على نشر كتاب الله ليكون كما أراد الله له خيراً وبركة وهداية لمن أراد الآخرة وسعى لها، قد خصصت ما يبلغ الثمانمائة مليون ريال لإنشاء دار طباعية حديثة (في المدينة المنورة) مخصصة لطباعة القرآن الكريم وإصداره في طبعات متعددة وأحجام مختلفة، حتى يوزع في أرجاء المملكة، ويصدر إلى العالم في جميع قاراته ونحمد الله، فسنرى في القريب ثمرات هذا المشروع الجليل بمشيئة الله وتوفيقه.
ملحوظة:
أرجو من الأخوة المعاصرين للشخصيات التي ذكرتها أن يعرضوا ما لديهم من ذكريات أو تاريخ أو حدث عفى عليه السهو والنسيان، فكلمة الحق أمانة، والتاريخ سجل الحياة والأمر لله من قبل ومن بعد..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :417  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 87 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج