شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > مشواري على البلاط > المرأة والحب.. تهمتان في حياتي!؟
 
المرأة والحب.. تهمتان في حياتي!؟
لعل البعض أراد أن يلصق بي تهمة: (كاتب المرأة)، أو الكاتب الذي حاول اقتحام عالم المرأة من كل جوانبه!!!
لكني لا أعتبر (المرأة) -الجنس العطوف كما سمَّاها أديبنا الرائد/محمد حسن عواد، رحمه الله- تهمة في حياة الرجل... فهي: (الأم) قبل كل شيء، وأثناء كل شيء، وبعد كل شيء.. وهي: (الأخت) التي تخاف على أخيها وتقف بجانبه، وتنتصر له.. وهي: (الزوجة) التي تشارك الرجل مشوار الحياة/طال أم قصر، بكل أفراحه وأحزانه.. وهي: (الابنة): قرة العين التي تضفي على الأسرة بهجة الحياة ورقة الحب.. وهي: (الحبيبة) التي تحلم بها توأماً لروحك، وتضيء لحظات (الحلم) بأرق وأعذب الهمس!
المرأة في حياتي وإبداعاتي: (لا تقف)، بل هي تتربع جالسة، متكئة على أضلعي، مدللة... حتى "الجاحدة" التي فقدت ذاكرتها.
المرأة في إحساسي: تبقى حبيبة وإن جفت، رقيقة وإن قست، رفيقة حتى وإن بعد بها المزار.
وفي حياتي (امرأتان) أساسيتان ثابتتان، وقرة أعين ثلاث.. وقد حفرت كل واحدة منهن اسمها وقيمتها في الذاكرة وكانت للوجدان جذوراً:
- الأولى: أمي/زين... ولأنني لا أذكر ملامح وجهها ولم توجد كاميرا تصوير في زمنها... فقد عشت أتخيلها بعد أن رحلت ولما أتخط السنة الأولى من عمري، فبقيت في حياتي هي: الدمعة الساخنة التي سكنت أحداقي حتى لقياها.
- الأخرى: زوجتي وعشيرة العمر/أم وجدي، التي وفرت لي وسائل الراحة، والرفقة.. فدفعت بطموحاتي إلى بوابات النجاح، ورافقتني إلى الضوء واكتوت من نار شهرتي، واحتملت جنون الفنان في أعماقي.. حتى استوينا في ثمالة العمر معاً على الجودي!
- وقرة عيني الثلاث/بناتي: زين، وعبير، والعنود.. وهن من أثرى مراحل عمري بالحنان، ومنحتني كل واحدة منهن: عطف المرأة/الابنة بكل رقتها وانتمائها لأبوتي لها... فكن الزهرات الثلاث في جفاف يقتحم مراحل من الحياة.. وكن الصديقات الأمينات على شجوني، وسأمي، وحتى على أحلامي.. وكن وما زلن يمثلن "قوس قزح" في أيامي، خاصة حين دلجت إلى بياض الشيخوخة!
- وهناك.. هناك.. هناك في الأبعد: امرأة/حلم تشكل ملامح وإضاءات شاعر في أعماقي، ونهدة عاطفة.. تلك التي فجرت إبداعات كلماتي، وبقيت كالطيف الذي يلوح في همس الليالي الوحيد فيها، وكالهمسة التي تختلط بخرير مياه الشلال، وبزقزقة العصافير في ميلاد فجر يوم جديد، وكنقر المطر على شباك الانتظار، وكالنغم الذي يشكله فرحاً وحزناً -معاً- صوت فيروز!!
* * *
أسئلة عن المرأة:
سئلت: ماذا تقول عن الشعراء الذين يصفون المرأة بالقبح.. أليس القبح هدم والجمال بناء، والمرأة دائماً جميلة لأنها هي التي تبني هذا المجتمع بيدها وعقلها وما تقدمه لوطنها؟!
- قلت: إنني أكره أن أصف "المرأة" بالقبح، ربما لسبب واحد، هو: أنها (أم).. ولا يمكن أن تكون الأم قبيحة، مهما كانت مقاييس جمالها متواضعة!
ولم ألتق قط بأنثى تستحق هذا البيت الهجاء:
"أسفرت أحقادهم عن وجهها
بومة.. تؤذي عيون الناظرين"!
ولكن... من الممكن أن أستعير لك عبارة قديمة قرأتها.. تقول:
- "أؤثر سماع صوت جميل على رؤية طلعة فتانة... فالوجه الفتان يستثير شهواتي، أما الصوت الجميل.. فيجعل روحي تصدح"!
وذات مرة سئلت الكاتبة الفرنسية العالمية "جورج صاند": لماذا اخترت اسم رجل توقعين به مقالاتك وآرائك؟!
- فأجابت: لأن الرجل يعبر عن أعماق المرأة أكثر منها، عندما يحبها وعندما يكرهها، ولأن المرأة حين تقرأ رأي "رجل" فيها: تصدقه أكثر من رأي المرأة في المرأة!
- وسئلت المبدعة العربية "غادة السمان": في رسائل غسان كنفاني إليك، كان يقرأك ويصورك من الداخل.. فكيف غاص في نفسك كل هذا العمق؟!
- فأجابت غادة: كتابة الرجل عن المرأة وإليها.. لها ذلك "التوحُّد" الذي يضفيه الرجل بعقله على المرأة بجيشان عواطفها!
- وسئلت "مي زيادة" قبل أن تجن: من هو ذلك القادر على متح ما في نفسك، ووصفك، والتعمق في أنوثتك؟!
- فأجابت: هو الرجل!!
* * *
تذكرت -هنا- عبارة الروائي العالمي الراحل/فيكتور هيجو:
- "حذار من النساء الجميلات.. فعندما تبدأ رقتهن، تبدأ عبوديتنا"!!
ولكن... لماذا قال: "النساء الجميلات" بالتخصيص ولم يقل: المرأة بالتعميم؟!
ذلك لأن الجمال في المرأة لن ينحصر في ملاحة وجهها، أو رشاقة قوامها، أو سحر عينيها... هناك جمال آخر على الرجل أن يكتشفه، وعلى المرأة أن تمنح نسبة منه للرجل بمقدار المساحة التي يحتلها من قلبها.
أما "لامارتن"، فقال: "إن المرأة هي التي توحي لنا غالباً بالأشياء العظيمة التي تمنعنا هي نفسها عن تحقيقها"!!
ويبدو أن من تلك الأشياء العظيمة: أن يواصل عشقه للمرأة بمقدار احتفاظها هي بالعشق وبالرجل معاً.
ونتوقف عند "سقراط" الذي عذبته زوجته (وما أكثر المعذبين في البيوت!) حتى جعلت منه فيلسوفاً، كما قيل!!
- لقد سألوه: من هي أعظم امرأة في نظرك؟!
- فأجابهم: التي تعلمنا الصبر على جبروتها، والتي تعلمنا كيف نحب ونحن نكره، والتي تعلمنا كيف نضحك ونحن نتألم!!
وقال رجل معاصر/معصور، بعد زواج أثمر أطفالاً، وحول الزوج إلى أبكم:
- المرأة تأخذ من زوجها فلوسه وشبابه، وتمنحه البديل عنهما: أولاده.
والرجل يأخذ من المرأة: شبابها، ونضارتها، و "يعسبتها"، ولكنه يغرس في صدرها الملل منه، والتعدي عليه!!
ولا ندري... هل المقصود من طرح الأسئلة عن (المرأة): المعادلة، أم التكامل، أم المهادنة من الرجل؟!
- أقول: إن المرأة أذكى، والرجل: أقوى.
والذكاء هو الذي يغلب في نهاية الجولات أو الصراعات.
ولأننا في عصر سيادة القوة، ولأن الذكاء مهما بلغ عند المرأة فلا بد لها أن تهرع إلى الحماية... فالقوة هي: العدوان لمن أراد، والحماية لمن لم يفرط... أما الذكاء فهو: الجمال!!
* * *
المرأة.. والمشاركة في المجتمع:
تحدث الجميع عن: ضرورة فتح آفاق للمرأة.. ولقد خضنا في هذا النقاش مطولاً، وطرحنا الكثير من الأفكار، ما كان منها ملزماً ومرتبطاً بطبيعة العصر، والتغيير.. وما كان منها (جريئاً) حسب تسمية الذين يحرصون على بقاء نصف المجتمع: معطلاً، وفيه طاقات هائلة إذا لم يستفد الوطن منها، فإن ردود فعل سلبياتها ستنعكس مع الأيام.
لكن المرأة استطاعت أن تفرض (حضور) عقلها وثقافتها في المجتمع، بالرغم من خصوصيتها الاجتماعية والأسرية... ورحب المجتمع -إلا البعض منه- بهذا الفرض من مفهوم هام جداً، وهو:
- أن المرأة السعودية حققت تقدماً علمياً ملحوظاً، وحصلت على شهادات عليا بتخصصات تهم هذا العصر، وأثبتت وجودها حتى في المحافل، والندوات، والحوارات... وذلك بالرغم من الحظر عليها!!
وكيف نخاف من امرأة: ناضجة، متعلمة، مثقفة، عالمة.. وكيف نخاف عليها وقد منحناها ثقة أكبر وأخطر وهي: أن تكون (أماً) تربي أجيالاً، وتعدهم لمعترك الحياة؟!
لا بد -إذن- أن يتخلص مجتمعنا من (متناقضاته) التي أخذت تتراكم إلى درجة التكلس!!
ولكن... هناك ارتفاع في نسبة الطلاق، خاصة بين الشباب والمتزوجين حديثاً.. فمن يتحمل المسئولية: المرأة، أم الرجل، أم المجتمع بتركيبته الجديدة ومتغيراته؟!
- ونعتقد أن لكل مجتمع ظروفه ومتغيراته وتحدياته... لكننا -هنا- في مجتمعنا، نحسب أن من أهم أسباب تفشي ظاهرة الطلاق، استخفاف كل من الرجل والمرأة بعظمة هذا الرباط المقدس الذي يجمع بينهما.
في مجتمعات أخرى: هناك أسباب للطلاق، منها: الفقر، وبالتالي انحراف السلوك.. ومنها: تفاوت المستوى الثقافي أو حتى التعليمي.
ولعلنا في مجتمعنا نحتاج إلى (تكثيف) لدراسة هذه الظاهرة... فهناك رجال/أزواج: يعتبرون الزوجة خادمة أو طباخة، ويتعاملون معها كأثاث ثابت في البيت، والرجل يمارس ما يرغب!!
وهناك نساء/زوجات: يمارسن السلطة المطلقة على الرجل.. فتريد الزوجة منهن أن تهيمن هي على إدارة دفة البيت، ولها الكلمة العليا، ولها القرار.. بينما الرجل يطيع، ولا بد أن يحقق لها كل ما تريده، بل وما تحلم به... بمعنى: أن (التفاهم) بين الطرفين غير متكافئ، وتسود شمخة الغرور واستعلاء طرف على آخر بكل أبعاد الواقع الاجتماعي المادي الحاد جداً!
وبمعنى: أن (التسامح) بين الزوجين معدوم جداً، فلا أحد يتنازل للآخر... وهو ما نسميه (الحب) المفقود، كأن العلاقة الزوجية التي ربط القرآن الكريم/التشريع/حزمتها بكلمتين رائعتين هما: المودة والرحمة... قد خسرت هاتين الميزتين!
لماذا تنتهي صلاحية البوح العاطفي للرجل مع زوجته بعد فترة الزواج؟!
- وأيضاً للمرأة مع زوجها... كلاهما: يهدأ فيهما هذا الذي سميته (البوح العاطفي)... حتى في العشق هناك الانطلاقة، ثم التعود، ثم الاحتياج... أما في الزواج فهناك: الارتباط، ثم التأقلم حتى التعود، ثم إرساء قاعدة (العشرة) التي تخلق بالمعاملة الحسنة ما أشار إليهما القرآن الكريم: (وجعلنا بينهما مودة ورحمة)... فالمودة تعمق الجذور في عاطفة الإنسان، والرحمة: تربط الوشائج والأواصر حتى نحسب لا انفكاك منها حتى الموت!!
ويذكرني هذا السؤال بعبارة قالتها الكاتبة العالمية/جورج صاند التي اختارت اسم رجل لها، ربما من شدة حساسيتها، فقالت:
- من حسن حظي أنني في عالم يحكمه الرجال (!!) ولولا هذا لكنت أول من فقد رأسه بين ألوف الرجال الذين ستقيم لهم المرأة المشانق في الميادين لإعدامهم بالجملة!!
هل يغلب على الحياة مع المرأة: طابع الحذر؟!
- ربما حاول الرجل أن يواجه "الحذر" من المرأة نحوه "بالغزل" لها... ويعتقد الماريشال الإيطالي "دو ريشيليو": أن في النساء نوعين، على الرجال ألا يخالطاهما بأي ثمن: المرأة التي تحبك، والمرأة التي لا تحبك... وبين هاتين: ابحث عن طائفة كبيرة من النساء الحسان..... لمرة واحدة!
إن التي تحبك: لا بد أن يفيض الحذر من تصرفاتها معك ومراقبتها لك من شدة (حساسيتها): أن تخطفك منها امرأة.. أما التي لا تحبك، فإنها هي الأخرى تتعامل مع الرجل بحذر من شدة حساسيتها: أن تحب امرأة أخرى غيرها (ولا تعبِّرها)!!
لذلك.. يفضل الكثير من الرجال واحدة من الحسان لمرة واحدة قبل أن تظهر حساسيتها... وأقصد: أن كل امرأة تختزن قدراً من الحساسية، وهي حساسية رغبة امتلاك الرجل، وحساسية رغبة السيطرة حتى على ذوقه... أما الرفاهية والتدليل فهما: حساسية الرجل التي (يرجوها) من المرأة التي يحبها!!
فهل المرأة الغيورة.. هي المرأة الحساسة، أم لكل منهما طريق؟!
- إن الغيرة: حساسية مشتعلة أو مفرطة، وقد قيل في دهاء المرأة حول هذه النقطة: "لا تخدع المرأة الرجل قط... لكنها تتيح له الفرصة لاستغلال مواهبه الطبيعية".. وطبيعة الإتاحة هنا: تتمثل في إبداء الغيرة من المرأة على رجلها وهذا يفجر (مواهبه الطبيعية)!!
- وأتذكر هنا عبارة قيلت على لسان أو تشريح رجل غربي يمارس الطب اسمه "ديكولي":
قال: "المرأة في سن العشرين تسير في طريقها" -فراقبها ولا تعترضها حتى تخطئ، "وفي الخامسة والعشرين: تصغي"، فتكلم معها كل ما تريد أن تشكلها منه، "وفي الثلاثين: تجيب"، فعاملها برقة واحترام حتى لا تصرخ حساسيتها، "وفي الأربعين: تمسك"، فأشعرها أنها هي كل الأمكنة، "وفي الخامسة والأربعين: تخطفك"، فدعها تفعل ذلك بلا مقاومة منك، لأن حساسيتها في هذا السن: انتقامية، "وفي الخمسين: تلاحظ خطأك فتندم وتمضي"..... وهكذا أغلب الرجال في هذا السن!!
لذلك أنصح "الرجل" أمام المرأة ذات الحساسية الزائدة أن يهرع في قمة حساسيتها إلى سماع الموسيقى والصمت أمام صراخ حساسيتها حتى تهدأ... وقد قال الصحافي الكبير "مصطفى أمين" رحمه الله: المرأة على استعداد لأن تضحي بحياتها من أجل الرجل الذي تحب، لكنها على استعداد أيضاً لأن تضحي بحياته هو لمسألة تتعلق بكرامتها وبرغبتها!
وهل الحساسية: موجودة عند الطرفين؟!
- عند المرأة.. نسمي التصرف أو الطبع إذا لازمها: حساسية، أما عند الرجل.. فنسمى ذلك: رد فعل، فالرجل المحب لامرأة: لا يمكن أن يبادر بتبكيتها قبل أن تجرحه، وربما تميز الرجل بضبط أعصابه أكثر من المرأة يمنحه فرصة التفكير أوسع من المساحة لدى المرأة بحكم عاطفيتها التي تفوق الرجل، وبحكم حساسيتها التي تستمدها من شفافيتها أكثر!
وللحساسية علامات فارقة تختلف فيها امرأة عن أخرى... فهل المرأة الحساسة هي المرأة الحالمة والرومانسية، أم القوية المستبدة؟!
- القوية المستبدة: تستمد حساسيتها من تسلطها أولاً، ومن استحواذها على رد فعل الرجل المواجه لها.. فحساسيتها مختلفة عن المرأة الحالمة الرومانسية التي تجعل رادارها: غيرتها على الرجل الذي تحبه، وخوفها من أن تفقده بتفريطه فيها... وهذه الحالمة: تحصد خسائر أكثر بسبب حساسيتها المفرطة التي تدفعها غالباً إلى تصرف مجنون!
* * *
حديث عن الحب:
وإذا تحدث الرجل عن المرأة.. فلا بد أن يتحدث عن الحب:
"الحب" عندي ليس "صنعة"، وليس "موهبة".
الحب ليس عندي، ولكنه في دمي، في تكويني، في "إنسانيتي"، وفي قدراتي، وفي عطائي وفي سلوكياتي.
إنه ليس "نكهة" بل مشاعر متدفقة لا تخون.
إنني لا أشرب الحب، ولا ألبسه، ولا آكله، ولا "أمارسه" كغريزة!
إنني أحيا "الحب" وأحيا به.. لا أطيق البغضاء.. لا أحتمل "الحرب" بين عاطفة وعاطفة.. لا أعترف بالمعارك في مشاعر الناس.
في كل يوم، وفي كل لحظة، أحب ولو كففت عن الحب: مت.
ولكني لا أحب كل يوم.. بل أحب مرة، ويستمر الحب، ويكبر، ويعشب، ويثمر.
منذ أن ولدتني "أمي" وأنا أحب.. نشأت في بيئة قوامها الحب، وربيت على مشاعر الحب.. حتى وفاة "أمي".. وفقداني لها، لم تترك في نفسي بصمات "اليتم"، بل انطلقت بمشاعري لأتعامل مع الحياة ومع الأحياء بالحب.. كأنني أواصل محبة أمي في كل الناس، وفي كل الجماليات، وفي كل كلمة رائعة، وفي كل نغمة موسيقية، وفي كل لوحة جاذبة.. في حبة المطر، وطلوع العشب، وسطوع القمر، وهمسة الحب.
أصبح "الحب": هو أمي.. وليس عندي استعداد لألاقي "اليتم" مرة أخرى.
الطفولة بغير "الأمومة" يتم مؤلم، والفرح بغير من نحبهم ويحبوننا، أيضاً: يتم مؤلم.
والحب هو: أمومة متطورة وناضجة.. أمومة شاملة لا تتنازل أبداً.
والفرح: حب عظيم، وبدون أن تحب الناس ويحبونك.. فلن تحس بذلك الفرح.
وإذن.. فلماذا هذا الحزن الذي يفرد مظلة رمادية في عصرنا؟!
لأن "الحب" يتغرب، ولأن مشاعر الناس سقطت في القلق والأنانية، فصرنا نقول: سقى الله أيام زمان.. عندما كان آباؤنا وأجدادنا يتمتعون بلحظة "تجمع" يسمونها: فرحاً وصداقة ولقاء.
إذا ابتلي عصر ما بكثافة الأقنعة.. صار الحب صعباً، وصار الفرح أصعب!
فهل أقول عن "الحزن" شيئاً في ركض الناس؟!
إنه لم يعد يجرح.. البعض أحاله إلى مناسبة، والبعض جعله "رومانسية" في المضمون الإنساني، وهي رومانسية تتعرض كثيراً للسخرية، وللقدح، ولذم مشاعر الناس.
أقول عن الحزن والفرح معاً: إنني لا أسكنهما وحدي.
من أحبهم: يدفعني الحب لأشاركهم الفرح، وأنسكب في لحظات طفولتهم العفوية والنقية، وألتحم مع أعياد أنفسهم ووجداناتهم وأصغي إلى صوت عقولهم وهمومهم ومعاناتهم.
ومن يحبني: يندفع بحبه ليشاركني الحزن، ويمسح دمعتي الدافئة، ويهدهد طفولة قلبي ونفسي حتى يدعها تهدأ، وتطمئن، وتستعيد عفويتها وبساطتها، ويحاول أن يبتكر من حزني ميراث التجربة الذي يعضد النفس ولا يدعها تخور، ويغسل القلب ولا يجعله مكدراً.
هؤلاء.. هم الذين يشاركونني الحزن والفرح والطفولة، ويعاشرونهم معي، ويتقاسمونهم معي، ويسكنونهم معي!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :617  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 37 من 39
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج