شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قصتي.. مع (الحياة)!؟
في الوقت الذي كانت تمتد يد صديق الصحافيين والكتّاب/الأمير "سلمان بن عبدالعزيز" لتصافحني وتسلمني درع صحيفة "الرياض" لتكريمي بكل هذا الوفاء من وطني... كان (الإخوة العرب) في صحيفة (الحياة) قد أبرموا -بليل- قرارهم بخلعي من الصفحة الأخيرة... ولكنهم -والحق يقال!- ترفقوا بفرحتي الكبرى وبزفاف قلمي في عرس صحيفة "الرياض"، فأجَّلوا الإعلان، لكنهم استكثروا على كاتب عمود يومي في صحيفتهم: نشر خبر هذا التكريم بإصرار، رغم حضور الأستاذ/داوود الشريان، مدير مكتب "الحياة" في الرياض والخليج وأفغانستان وما حولها، ذلك الاحتفال.. مما اضطرني -اعترافاً بفضل صحيفة الرياض عليّ- أن أكتب عن التكريم ومضمونه في عمودي اليومي!!
مثلما استكثروا على زميل رافقهم (11) عاماً أن يكتبوا خبراً عن توقف عموده!!
و.... لم أستشعر سوء الظن، وواصلت درب: (يا غافل.. لك الله)... حتى كان يوم السبت/الثاني من مارس 2002، حيث (فاجأني) الأستاذ الزميل في "الحياة"/داوود الشريان بهاتف مسائي، ولم أقل أبداً لهذا الزميل -داوود- أنني بت أستوحش من هواتفه، لأنه نادر الاتصال بي، وإذا ما اتصل فلا بد أنه يحمل لي (خبراً) لا أعتقد أنه يفرح بأن يكون ناقله!!
قال لي العم/داوود: أريد أن أنقل إليك رسالة من رئيس التحرير، بأنه تقرر من عدد يوم الاثنين: إحداث تغييرات في إخراج الجريدة، و "تقرر" نقل عمودك اليومي من مكانه في الصفحة الأخيرة إلى صفحة المنوعات (21).. وتقرر أن يعطى عمودك إجازة يوم الجمعة فلا يظهر (مثل عمود العم داوود)!!
وتذكرت -لحظتها- الحلم الذي رأيته قبل ليلتين، وهو غير قابل للرواية، لأنني لا أريد له أن يفسد... ففيه -إن شاء الله وبحوله- بشرى!!
وبعد "إصغائي" التام لقرار الأخ/داوود الذي أبلغني فحواه.. قلت لسعادته:
- من فضلك.. أرجو إبلاغ سعادة رئيس التحرير أن عمودي اليومي بدأ نشره على الأخيرة منذ أعيد إصدار "الحياة" من لندن قبل أكثر من (11) عاماً، باختيار/جهاد الخازن الذي كان يومها هو: (الكل في الكل)... وصعب أن أفرط في مكان حددته لي (بدايات) الإصدار الجديد للحياة!!
* * *
أسئلة... فقط:
ثم... لعلني ألمس -مجرد اللمس- نقطة أخرى لفت انتباهي إليها سؤال صديق من الكتاب المبدعين العرب، وهو يهاتفني بكل قلقه على صحتي أولاً، فقد ظن أن آلام قلبي عاودت مزاحها، فلما أطمأن وسمع فحوى القرار، سألني بهدوء:
- وهل بدلت أمكنة (الأعمدة) الثابتة الرصيفة لعمودك في الصحيفة؟!
- أجبته: كل شيء في مكانه... و (الإخراج) الجديد: استهدف -فقط- عمودي على الصفحة الأخيرة، لإفساح المجال لصورة مكبرة بالألوان (لنجمات) هوليود السينمائيات: جيراناً لعيون وآذان/جهاد الخازن.. واستهدف (الإخراج) أيضاً: الصفحة الأولى بوضع (صور) على عمود ملون تعلق عن موضوعات الداخل!
وفي اتصال هاتفي (دولي) آخر جاءني من شاعر ومبدع عربي كبير.. سألني وهو يضحك بعد أن أوجزت له "السبب"، فقال لي:
- ألا تعتقد يا صديقي أن إقصاءك من أخيرة (الحياة).. يرجع إلى ما يسمونه اليوم في الإعلام العربي: صراع الحضارات؟!!
وقهقه "الشاعر" الصديق، وهو يردف قائلاً:
- إنت فاهم طبعاً ما أقصده!!
* * *
اختفاء "نقطة حوار":
وفي صباح يوم الأحد/العاشر من مارس -آذار 2002- وهو الصباح الذي أعقب يوم إبلاغي بقرار رئيس التحرير، أو لعله قرار مجلس الإدارة بـ (ترحيل) عمودي اليومي -كمنتهك نظام الإقامة لدينا!- من مكانه الذي عرف به استخفافاً منذ أعيد إصدار الجريدة من لندن، واعتبار هذا العمود من جماعة الـ (بدون) إياها في الكويت... كنت أقرأ لأول رئيس تحرير لهذه الصحيفة/الحياة -بعد إعادتها للحياة في عهده/جهاد الخازن- في عموده الباقي منذ الأمس وحتى بعد أحداث (11 سبتمبر/أيلول)، فكتب بما نعبر عنه في العربية بعبارة: (عض الأصابع)!!
وكتبت إلى رئيس تحرير الحياة الأخ (جورج سمعان).. أفسر له هذا السؤال:
- لماذا لم يفاجئني قراركم -أي رئيس التحرير- أو قرار مجلس إدارتكم الموقر؟!
- السبب واحد لا غيره... لعلني أرجعه إلى محاولات (الصفعات) التي تتالت علي كمعاملة لي (كاتباً سعودياً) لعمود يومي، والتي راوحت -أي الصفعات- ما بين:
أولاً: قولهم لي -بواسطة العم داوود- أنت موقوف عن الكتابة، أو: مطرود من (الحياة)، ثم.... لا بأس.. تعال، عد لتكتب!!
وفي كل مرة: يحلف الأستاذ/داوود أنه هو وراء إعادتي للكتابة في الحياة.... وليس عندي أدنى شك في ذلك أبداً (!!).
وتكرار تلك الصفعات.. جعلني أظن: أن كرامتي -كإنسان حر- باتت مستهدفة مما سماها صديقي الشاعر العربي: "صراع الحضارات"!!
في الوقت الذي أستطيع أن أؤكد فيه: أن سمو/الأمير "خالد بن سلطان" -الناشر لصحيفة الحياة- يبقى هو الحريص جداً على بقائي في الصحيفة ككاتب (سعودي) ردد مراراً: أنه يعتز جداً بتواجد قلمي في صحيفته... وفي عدد من المناسبات ومؤتمرات الصحيفة: غمرني سموه بحفاوته واهتمامه وخصوصية معاملته لي.
آخراً: تكرار الحذف من مقالي، والإلغاء حتى بدون الرجوع إليّ... وها قد أراحهم (القرار) الذي أعترف أنه تميز بـ (حرفنة) إخراجه بأسلوب: "لم أمر بها، ولكن... لم تسؤني"!!
لقد أراد الله -جل وعلا- لي بهذه (القتلة) الكوميدية في صحيفة "الحياة" الدولية الزاهرة... لا أنسى تقدير (القراء) الذين جمعتهم "نقطة حوار" في صحيفة الحياة، فإن إيميلاتهم وفاكساتهم تجعلني على ثقة من وفائهم لي، والقبول (بترحيلهم) هم أيضاً إلى المكان الذي تحط فيه كلماتي.
وسأبقى أكتب (الكلمة) التي أشعر بها: وثبة روحية، كأنها حبات قمح في كف تحط عليه طيور أعصابنا المرهقة لتستريح!
وأحسب أن الزملاء/الأعدقاء في (الحياة) سيسألون لفترة طويلة:
- ما علاقة رضا النفس البشرية بالكلمات النابعة من القلب.. ولماذا دائماً الربط بينهما؟!!
سيبقى ذلك الجواب المؤجل على سؤال عقيم!!
* * *
العودة إلى البدء:
لقد أردت -في هذا الفصل أن أجعل بداية القصة من نهايتها التي سميتها: الكوميديا السوداء.. وقد ذكرتني الحكاية بتفاصيلها وأبعادها بيوم أتذكره في مرحلة الانعتاق من البدايات والانطلاق بحثاً عن ملامح كاتب... فقرأت لكاتبة صدمتني وقد صورت واقع (الكتاب) العرب في صورة أقرب إلى الكاريكاتير الذي يضخم النتوءات فكتبت:
- (بعضهم يكتب عن السهر والعذاب وهو ينام ملء جفنيه، أو يكتب عن النحول والذبول وهو يلتهم خروفاً، أو يكتب عن المعاناة والعذاب وهو يعيش الفرح.. أو أن شعراء المقاومة الفلسطينية -آنذاك- كانوا يكتبون قصائدهم وهم يجلسون في مقاهي باريس ولندن ويتجنون على الشعر والفن)!!
يومها.. صدمتني هذه الصورة/الحقيقية، ولكني كنت متفائلاً حينذاك وظننت أنني أعرف ما الذي أريد أن أقوله أو أكتبه، أو أخطوه في أروقة الصحافة!
ولكن.. (بعد خمسين حولاً).. تفشى مزورو الحقيقة في أرجاء العالم وارتكس العدل بأنظمة كان همها الخلود ولو ساد الظلم فتحولت الكرة الأرضية إلى غابة.
والعودة إلى البدء: ولدت بعد أن نزل ستار كثيف بعد إقالتي من مطبوعات "الشركة السعودية للأبحاث والتسويق"، لأبقى عاطلاً عن العمل في بيتي لأكثر من عامين، حتى دعاني أخي/هاشم عبده هاشم/رئيس تحرير "عكاظ" مشكوراً للكتابة في بيتي الصحافي الأول.
واعتبرت أن "عكاظ" كما يقولون: (وجهها حلو علي)... وذلك حين فوجئت بهاتف من لندن، وصوت الزميل القديم في "الشرق الأوسط" الصحافي اللبناني المعتق/جهاد الخازن: يوجه لي دعوة للحضور إلى لندن.
وفي مطعم إيطالي بلندن جلست أمام "جهاد" أستمع إلى تفاصيل دعوته التي طلب مني فيها الانضمام إلى أسرة تحرير (الحياة) العائدة من الصمت والإغلاق بعد موت مؤسسها: "كامل مروه"، وإصدارها من لندن تحت رئاسة تحرير "جهاد الخازن" وشراكته المالية.
واتفق معي على المسئولية التي حددها لي، ومن أهمها:
افتتاح مكاتب للصحيفة في المملكة، ومسئوليتي عنها داخل المملكة وأقطار الخليج العربي.
كتابة عمود يومي، سميته: (نقطة حوار)، وهو العنوان الذي اخترته من قبل لافتة لعمود يومي، كانت صحيفة (الأهرام) الدولي قد طلبت مني الالتزام بكتابته يومياً في الطبعة الدولية.
وللمرة الثانية.. أجد نافذة تطل على القارئ العربي في أنحاء الوطن العربي والعالم: أشرعتها لي صحيفة (الحياة)، وحقق العمود نجاحاً وإقبالاً من خلال ما كنت أتلقاه من فاكسات ورسائل من كل مكان.
وأنشأت للصحيفة مكتباً لها في "جدة"، واسترجعوا في لندن مهمة فتح مكاتب في الخليج العربي والرياض... ثم ما لبث الأخوة اللبنانيون في لندن أن قلصوا مسئولياتي، و (لحسوا) اتفاق/جهاد الخازن معي، فارتأوا تسليم مسئولية المكتب إلى شركة إعلامية في جدة لا تضم صحافياً في جهازها، بل جالبي إعلانات، وطلبوا أن يقتصر تعاوني مع الصحيفة على: كتابة العمود اليومي بعد أن قلصوا نصف المكافأة الشهرية... وجاءني هذا الخطاب من/جهاد الخازن بتاريخ 8 أغسطس 1989م:
سيدنا/عبدالله الجفري:
تحيات طيبات مع رجاء أن تكونوا في أحسن صحة.
هذه سطور خاصة وهي ليست مجرد رد على رسالتكم إلي في 18 يوليو، بل تعليق عام على العمل أكتبه لكم بصورة شخصية. وكما كانت علاقتي بكم أهم وأقوى وأدوم من "الشرق الأوسط"، فهي كذلك بالنسبة إلى "الحياة"... لذلك فأنا أكرر أنني أكتب لكم بصفة شخصية ومن منطلق أخوتنا القديمة والباقية، وطز في الشغل كله!!
أعتقد أنني أخطأت في تكليفكم مهام التحرير في جدة، وأنكم أخطأتم بالقبول، والسبب أنني لا أشرف على كل العمل بنفسي في لندن ومن غير المعقول أن تشرفوا أنتم في جدة بنفسكم على العمل الإخباري اليومي... إن المطلوب أن يكون المحرر السياسي في جدة (أو غيرها) مرؤوساً لمدير العمل في لندن، ومدير التحرير أو رئيس القسم المسئول يحتاج أن يتصل بمحرر يتابع له الأمور ويشكره إذا أحسن ويوبخه إذا قصر أو أساء، وربما ينطبق هذا على محرر عادي ولكن لا أنا أقبل ولا أنت تقبل مهما كان السبب أن يطالبك رؤساء أقسام لندن بالأخبار وأن يحملوك مسؤوليتها في المكتب والبيت وفي نهاية الأسبوع... إن "عبدالله الحاج" بدأ يعمل جيداً وأفضل أن تكون علاقة لندن مباشرة معه، وأقسم لك بالله العلي العظيم أن السبب الوحيد هو أنني لا أريد أن تصبح في وضع من يتلقى التعليمات والطلبات من جماعة لندن... الأخ عبدالله الحاج مهمته من هذا النوع، أما أنت فسيدنا ورئيسنا.
أعتقد أن الأفضل أن يقتصر إسهامك على الزاوية المشهورة، وأقترح أن أبلغ الموظفين في لندن أنك لست مسئولاً عن التحرير حتى يحلوا عن ظهرك وأن تقتصر علاقتهم مع المحرر السياسي المسئول.
لا تهمني "الحياة" إلى درجة أن تسيء إلى علاقتي معك، وفي كل مرة هناك تقصير أو شكوى أجدك في بوز المدفع دون وجه حق فأنت كاتب قبلنا كلنا ولم تكن يوماً مراسلاً سياسياً يومياً ولا يجوز أن تحمل مثل هذا العمل.
كتبت لك كل ما سبق من منطلق الغيرة على صداقتنا وكما أسلفت فهي سطور خاصة إذا وافقتني عليها سرت بها وإلا أبقيت كل شيء على حاله.
سأعطي هذه الرسالة وقتاً حتى تصل إليك ثم أتصل بك لأسمع رأيك... مع كل المحبة.
وبتاريخ 15 أغسطس 1989م، بعثت ردي على رسالة جهاد الأخوية حقاً:
- رسالتك بتاريخ 8/8 وصلت... ولحسن الحظ فهي تحمل تصوراً كنت أزمع أن أفاتحك فيه، فضلاً عن أن بعض ما جاء في رسالتك قد أصاب كبد الحقيقة، خاصة بعد مرور أشهر عديدة وطويلة، بح فيها الصوت، وتكررت الشكوى، وما ثم أحد!!
وبالنتيجة: انعكاس سلبي، مؤلم، مؤثر على علاقاتي بمن تعرف ومن لا تعرف من كتاب، وشخصيات هامة، ومسئولين، وآخرين... حتى أنني صرت -في نظرهم- غير موثوق العهد، والوعد!
بل... إن محرري الثقافة في "الحياة" رفضوا أن ينشروا عرضاً أدبياً لكتابي الجديد الذي أصدرته بعنوان (رسائل حب عربية).. برغم أنني أرسلت نسخة من هذا الموضوع إليك شخصياً، ولكن يبدو أن الحظر ما زال سارياً علي!!
لذلك... لا أجد غضاضة في اتخاذكم ما ترونه محققاً (لمصلحة) المكتب في جدة، والجماعة في لندن، وليكن ذلك اعتباراً من نهاية شهر أغسطس الجاري!
أما "المتنفس" اليومي، وأعني به: (نقطة حوار)، فإنني أرحب باستمرار كتابته، وأتمنى (له) ولك: طول العمر.
لكنني -كما عهدتني!- أتحرج من طرق هذه الجوانب.
ولذلك... سأترك لك أمر (تقنين) علاقتي الجديدة بـ (الحياة)، وتقييمها.. وأنت أدرى بمعاناة الكتابة (من منازلهم).. من مختلف جوانبها!!
أخي جهاد:
ثق.. أن علاقتنا الشخصية ستستمر ما شاء لها الله: قوية، وطيدة.
وسيجمعنا الحرف... إن لم تجمعنا الحرفة!!
وحفاظاً مني على النافذة التي فتحت لي مجدداً على العالم الناطق بالضاد، خضعت لهذا التقليص، ولم أمارس ما يصفونني به من: "غضب وانفعال" مع الاستقالة، فقد كان التفكير يتهدى مع الدخول إلى الأربعينات، وكنت متفهماً جداً لرأي/جهاد الخازن.
واستمر تعاوني مع (الحياة) منذ إصدارها لأكثر من (11) عاماً بمكافأة متجمدة لم يزيدوا عليها ليرة واحدة.. وقد تخللت تلك الأعوام: مواقف، ومآزق، وتحديات (ربما) وما زلت صامداً في وجهها، وفي وجه من حاول (إجلاء) عمودي عن الصفحة الأخيرة في الصحيفة... حتى حانت اللحظة الفاصلة التي اكتملت فيها حلقات ما دبره من كانوا وراء الكواليس في لندن بالتعاون مع مكتب الرياض، وفوجئت بقرار من (المسئولين) عن الصحيفة (يأمر) بنقل عمودي اليومي من الصفحة الأخيرة إلى صفحة منوعات وتسالي في داخل الصحيفة.
واتصلت برئيس تحرير (الحياة): جورج سمعان الذي خلف "جهاد الخازن" في موقعه وليس في سلطته، ولا في شخصيته، وكان في مواقف سبقت يبدو متعاطفاً معي، لكنه هذه المرة اكتفى بالتربيت على صوتي ببرود شديد، وقال لي:
- لا دخل لي -خيي- في هذا القرار، ولكنك كاتب مقروء في أية صفحة!!
شكرته على تربيته، وأنا أسأله ضاحكاً: من هو (المحظوظ) القادم الذي سيكتب في مكاني.. هل هو من المملكة العربية السعودية، أم من لبنان، أم مصر، أم من واق الواق؟!
ورفضت ذلك العبث المدبر، واعتذرت عن مواصلة الكتابة في "الحياة"، وكان انسحابي صامتاً كالجنازة التي لا أهل لميتها.. وجحدت صحيفة (الحياة) عشرتي معها وفيها وخدمتي منذ أعداد إصدارها الأولى، وبخل المسئولون فيها حتى بكتابة خبر (كريم) يبرز وفاءهم لما قدمته لصحيفتهم طيلة أحد عشر عاماً!!
* * *
إنه فراق آخر لقراء كلماتي التي كنت أقدها لهم من فؤادي وأحصدها من فكري، وأمتحها من بوح روحي ومن رسائلهم اليومية... ويبدو أن أسباب هذا الفراق تعود إلى أبعاد معنى عبارة "بول كلوديل": الخير أصعب من الشر لأنه أندر!!
لم يكن وجداني عارياً مرتعشاً بالقشعريرة، بل ظل أيضاً متزملاً بالمعرفة، مشرئباً إلى الفضيلة... ومع "فيكتور هيجو" قلت: "إنني أرى لا أكثر، وأؤمن لا أقل.. أما العواقب فشيء لا يدخل في حسابي"!
إن عقارب الزمن تصنع التجاعيد على الوجه، لكن عقارب المواقف والتجارب، هي التي تعمق تجاعيد الروح وبثور القلب!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :607  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 39
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج