شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ الدكتور جميل مغربي))
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
غرَّبت بنا هذه الاثنينية في أسبوعها الماضي واليوم تشرِّق لتحتضن جانبي الكرة الأرضية وامتداد الثقافة العربية والفضل بعد الله عز وجل للرجل الذي أرجو أن نتذكره في اجتماعنا هذا وأن ندعوا له بثوب العافية والشفاء، أعني بذلك سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، آزره الله وأمده بصحة وعافية.
أُرحب بضيفنا لهذه الليلة وأود أن أستعد لرحلة بعيدة في مدى أقترب فيه من ذلك الرجل البائس، الذي كتم حزنه في ثنايا نفسه وانطوت جوانحه على ألم، لم يجد من يبوح له بذلك الألم، مات ابنه وأخذ يبحث عن أيسر ما يمكن أن يؤازره فأخذ يبحث عمن يستمع إلى شكواه، ومن يفضي إليه بألمه، خرج بعربته وكان يعمل عليها ويقتاد مهره، ركب معه زوجان، ذهب إلى الكنيسة حاول أن ينتهز الفرصة وأن يبوح لهم بما يعانيه من ألم بفقد ابنه، لم يصغيا اليه فقد عاش في حزنه، بحث عن آخرين ليشكو إليهما ولم يفلح، آثر في نهاية المطاف أن يستوقف مهره ليبثه شجنه ويشكو إليه حزنه، أخذ يخبر هذا المهر بأنه فقد ابنه وبأن الألم يعتصره، فما كان من المهر إلا أن أشاح بعنقه ليتساقط الثلج المندوف على عرف ذلك المهر، فكأنه لا يرغب أن يستمع إلى شكواه، تلك صورة من تلك الصور التي عشناها منذ الطفولة، في كتابات الكاتب المبدع الدكتور أنطون تشيخوف، عاش جيلنا وكنت أذكر للسادة الكرام أن المكتبات ما زالت تحتضن روايات تولستوي عن الحرب والسلم، وقرّاء لرواية دوستويفسكي "الجريمة والعقاب"، بل أود أن أشير إلى الجانب الموسيقي، والكثيرون منا استمعوا إلى "بحيرة البجع"، وإلى "أغنية للقيصر"، وأود أن أقف وقفة خاصة إلى أن كثيراً من المستمعين العرب كان يستمع إلى مقطوعة "شهرزاد" دون أن يربطها بالثقافة الروسية، هذه القطعة هي لربمسكي كورساكوف وقد كانت تذاع ليلياً في ليالي رمضان المبارك حينما أبدع المبدع المصري طاهر قصص ألف ليلة وليلة، وكنتم تستمعون إلى هذه المقدمة الموسيقية وكانت لربمسكي كورساكوف، هذه الصورة من الإبداع الروسي، أيضاً في الجانب النقدي، كلنا يعرف المدرسة النقدية الروسية، نعرف مدرسة الشكلانيين الروس، هذه المدرسة أسهمت أيضاً في ميلاد مدرسة براغ اللغوية التي تأسست عام 1930م في براغ، وهذه المدرسة كانت مزيجاً من مدرسة الشكلانيين الروس وكانت أيضاً من بقايا المدرسة التي ولّدها المؤسّس الأول بعلم اللغة الحديث فرناندو لو سيسير، وبالمناسبة فإن فرناندو سيسير ألقى محاضراته أمام طلابه في جامعة جنيف، بين عامي التحقق من التاريخ لأنه غلط، وكان من وفاء طلابه أن جمعوا هذه المحاضرات، ونشرت بعنوان "محاضرات في علم اللغة العام"، وكانت هذه المحاضرات هي الأساس الذي انطلقت منه دراسات علم اللغة الحديث، والتفريق بين الكلام واللغة، وقضايا كثيرة لا أود أن أخوض فيها، لكنها أسهمت في مدرسة براغ اللغوية في جانب من جوانبها. مسألة هامة أخرى أود أن أقف عندها عندما كنت في قسم اللغة العربية، وآثرت أن أعيد تأسيس قسم وهو برنامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وقيض الله لي ذلك بأن أسست برنامجاً لتعليم اللغة العربية للناطقات بغيرها، ورغم صعوبة تأسيس ذلك وما يكتنفه من صعوبات إلا أنني أسست القسم، وقد قيل لي كيف سيتم التدريس فآثرت أن يتم ذلك في كلية الطب، لأن المدرسين من خريجي معهد الخرطوم والطالبات من خارج المملكة أيضاً، يقودنا هذا إلى مسألة بسيطة، وهي أنني جمعت سائر مناهج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في جامعة المملكة وبعض الجامعات العربية، ولكن لا أخفي إعجابي بالمقدرة الروسية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، لأني وجدت أن الأخوة الروس من أفضل من يتحدث باللغة العربية الفصحى، وقد تفوقوا على الغربيين، رغم أني عايشت كثيراً من الغربيين، وأُشير إلى أن الدكتور الذي أشرف على رسالتي للدكتواره كان رئيس تحرير دائرة المعارف الاسلامية، وعرفت أيضاً ديفيد ولز وجملة من بروفيسوريّي الغرب، ولكن إتقان المستعربين، ولا أستخدم لفظ المستشرقين إذ يحب الروس أن يطلق عليهم المستعربين الروس، للغة العربية إنما هي تجربة جديرة بالتوقف والملاحظة والدراسة، ولا يفوتني بأن أشيد بسموِّ الأمير نايف بن عبد العزيز في تأسيس كرسي لتعليم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة موسكو.
أرحب بالدكتور أوليغ وأناشد الأخوة في روسيا وفي العالم العربي لإعادة بناء هذا الجسر، للتواصل الثقافي، لأننا من خلال الجسر الثقافي نستطيع أن نبني الكثير من الجسور التي نتوق إليها في الجوانب السياسية والاقتصادية وغير ذلك. نحن ندرك أولاً وأخيراً أن الأمم الشرقية تتساوى وتتلاقى معنا في المشاعر والعواطف ولذلك استهللت لقاءَنا هذا بتلك الصورة عن الأدب الروسي، أكرر أيضاً ترحيبي وشكري لمن دعا هذا الضيف الكريم وأدعو الله أن يسبغ عليه ثوب العافية؛ وأشكر لكم هذا الإصغاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: أيها السادة قبل أن أنقل لاقط الصوت إلى ضيفنا الكريم أود أن أذكِّر حضراتكم بأنه سوف يفتح باب الحوار مع سعادة الضيف الكريم، فمن له سؤال أو استفسار نأمل أن يوافينا به وسيكون هناك أسئلة للسيدات الفاضلات، أترك لا قط الصوت لفارس الاثنينية ليلقي كلمته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :740  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 195 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء العاشر - شهادات الضيوف والمحبين: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج